کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
بِاللَّيْلِ وَ يَخْرُجُ بِالنَّهَارِ وَ شَرِّ مَا يَخْرُجُ بِاللَّيْلِ وَ يُكَنُّ بِالنَّهَارِ وَ مِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ .
16 دُعَاءٌ آخَرُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلَ مِنْهُ 3581 اللَّهُمَّ اجْعَلْ صِيَامِي صِيَامَ الصَّائِمِينَ وَ قِيَامِي قِيَامَ الْقَائِمِينَ وَ نَبِّهْنِي فِيهِ عَنْ نَوْمَةِ الْغَافِلِينَ وَ هَبْ لِي جُرْمِي يَا إِلَهَ الْعَالَمِينَ. 3582
قد قدمنا في عمل الشهر روايتين كل واحدة بثلاثين فصلا لسائر الشهور 3583 فادع بدعاء كل يوم منها في يومه فإنه باب سعادة فتح لك فاغتنمه قبل أن تصير من أهل القبور.
فصل فيما نذكره من فضل الاعتكاف في شهر رمضان
اعلم أن الاعتكاف حقيقته عكوف العبد على طاعة الله جل جلاله و مراقبته و تفصيل ذلك مذكور في الكتب المتعلقة بتفصيل الأحكام 3584 و جملته و إنما نذكر هاهنا حديثا واحدا بفضل الاعتكاف مطلقا في شهر الصيام لئلا يخلو كتابنا من الإشارة إلى هذه العبادة و ما فيها من سعادة و إنعام
6، 14 رَوَيْنَا ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ 3585 مِنْ كِتَابِ الْكَافِي وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ مِنْ كِتَابِ الصِّيَامِ وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ بَابَوَيْهِ مِنْ كِتَابِ مَنْ لَا يَحْضُرُهُ الْفَقِيهُ 3586 عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي أَوَّلِ مَا فُرِضَ شَهْرُ رَمَضَانَ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ وَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ وَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى مَضَى.
و سنذكر في العشر الأواخر منه فضل الاعتكاف فيه و ما لا غنى لمن يحتاج إليه عنه.
فصل فيما نذكره من أن القرآن أنزل في شهر رمضان
و الحث على
تلاوته فيه أما نزول القرآن في شهر رمضان فيكفي في البرهان قول الله جل جلاله شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ و إنما ورد في الحديث أن نزوله كان في شهر الصيام إلى السماء الدنيا ثم نزل منها إلى النبي ص كما شاء جل جلاله في الأوقات و الأزمان و أما الحث على تلاوته فيه فذلك كثير في الأخبار و لكنا نورد حديثا واحدا فيه تنبيها لأهل الاعتبار
4، 5، 7 عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنَّ أَبِي سَأَلَ جَدَّكَ ع عَنْ خَتْمِ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فَقَالَ لَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ افْعَلْ فِيهِ مَا اسْتَطَعْتَ فَكَانَ أَبِي يَخْتِمُهُ أَرْبَعِينَ خَتْمَةً فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ خَتَمْتُهُ بَعْدَ أَبِي فَرُبَّمَا زِدْتُ وَ رُبَّمَا نَقَصْتُ وَ إِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ فَرَاغِي وَ شُغُلِي وَ نَشَاطِي وَ كَسَلِي فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ جَعَلْتُ لِ رَسُولِ اللَّهِ ص خَتْمَةً وَ لِفَاطِمَةَ ع خَتْمَةً وَ لِلْأَئِمَّةِ ع خَتْمَةً حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فَصَيَّرْتُ لَكَ وَاحِدَةً مُنْذُ صِرْتُ فِي هَذِهِ الْحَالِ فَأَيُّ شَيْءٍ لِي بِذَلِكَ قَالَ لَكَ بِذَلِكَ أَنْ تَكُونَ مَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَلِي بِذَلِكَ قَالَ نَعَمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
فصل فيما نذكره مما يدعى به عند نشر المصحف لقراءة القرآن
6 رَوَيْنَا ذَلِكَ بِإِسْنَادِنَا إِلَى يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ الصَّائِغِ أَبِي الْأَكْرَادِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ كَانَ مِنْ دُعَائِهِ إِذَا أَخَذَ مُصْحَفَ الْقُرْآنِ وَ الْجَامِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَ قَبْلَ أَنْ يَنْشُرَهُ يَقُولُ حِينَ يَأْخُذُهُ بِيَمِينِهِ- بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا كِتَابُكَ الْمُنْزَلُ مِنْ عِنْدِكَ عَلَى رَسُولِكَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ص وَ كِتَابُكَ النَّاطِقُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِكَ وَ فِيهِ حُكْمُكَ وَ شَرَائِعُ دِينِكَ أَنْزَلْتَهُ عَلَى نَبِيِّكَ وَ جَعَلْتَهُ عَهْداً مِنْكَ إِلَى خَلْقِكَ وَ حَبْلًا مُتَّصِلًا فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ عِبَادِكَ اللَّهُمَّ إِنِّي نَشَرْتُ عَهْدَكَ وَ كِتَابَكَ اللَّهُمَّ فَاجْعَلْ نَظَرِي فِيهِ عِبَادَةً وَ قِرَاءَتِي تَفَكُّراً وَ فِكْرِي اعْتِبَاراً وَ اجْعَلْنِي مِمَّنْ أَتَّعِظُ بِبَيَانِ مَوَاعِظِكَ فِيهِ وَ أَجْتَنِبُ مَعَاصِيَكَ وَ لَا تَطْبَعْ عِنْدَ قِرَاءَتِي كِتَابَكَ عَلَى قَلْبِي وَ لَا عَلَى سَمْعِي وَ لَا تَجْعَلْ عَلَى بَصَرِي غِشَاوَةً-
وَ لَا تَجْعَلْ قِرَاءَتِي قِرَاءَةً لَا تَدَبُّرَ فِيهَا بَلِ اجْعَلْنِي أَتَدَبَّرُ آيَاتِهِ وَ أَحْكَامَهُ آخِذاً بِشَرَائِعِ دِينِكَ وَ لَا تَجْعَلْ نَظَرِي فِيهِ غَفْلَةً وَ لَا قِرَاءَتِي هَذْرَمَةً 3587 إِنَّكَ أَنْتَ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ.
فصل فيما نذكره مما ينبغي أن يقرأ في مدة الشهر كله
اعلم أنه من بلغ فضل الله عليه إلى أن يكون متصرفا في العبادات المندوبات بأمر يعرفه في سره فيعتمد عليه فإنه يكون مقدار قراءته في شهر رمضان بقدر ذلك البيان و أما من كان متصرفا في القراءة بحسب الأمر الظاهر في الأخبار فإنه بحسب ما يتفق له من التفرغ و الأعذار فإذا لم يكن له عائق عن استمرار القراءة في شهر الصيام فليعمل
6 مَا رُوِيَ عَنْ وَهْبِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ فِي كَمْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ فِي سِتٍّ فَصَاعِداً قُلْتُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ فِي ثَلَاثٍ فَصَاعِداً.
6 وَ رَوَيْتُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ قُولَوَيْهِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُقْرَأَ الْقُرْآنُ فِي أَقَلَّ مِنَ الشَّهْرِ.
و اعلم أن المراد من قراءتك القرآن أن تستحضر في عقلك و قلبك أن الله جل جلاله يقرأ عليك كلامه بلسانك فتستمع مقدس كلامه و تعترف بقدر إنعامه و تستفهم المراد من آدابه و مواعظه و أحكامه.
فإن قلت لا يقوم ضعف البشرية و الأجزاء الترابية بقدر معرفة حرمة الجلالة الإلهية فليكن أدبك في الاستماع و الانتفاع على قدر أنه لو قرأ عليك بعض ملوك الدنيا كلاما قد نظمه و أراد منك أن تفهم معانيه و تعمل بها و تعظمه فلا ترض لنفسك و أنت مقر بالإسلام أن يكون الله جل جلاله دون مقام ملك في الدنيا يزول ملكه لبعض الأحلام.
و إن قلت لا أقدر على بلوغ هذه المرتبة الشريفة فلا أقل أن يكون استماعك و انتفاعك بالقراءة المقدسة المنيفة كما لو جاءك كتاب من والدك أو ولدك
القريب إليك أو من صديقك العزيز عليك فإنك إن أنزلت الله جل جلاله و كلامه المعظم دون هذه المراتب فقد عرضت نفسك الضعيف لصفقة خاسر أو خائب.
فصل فيما نذكره من دعاء إذا فرغ من قراءة بعض القرآن
6 رَوَيْتُهُ بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ عِنْدَ ذِكْرِ نَشْرِ الْمُصْحَفِ الْكَرِيمِ فَيَقُولُ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ قِرَاءَةِ بَعْضِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ اللَّهُمَّ إِنِّي قَرَأْتُ مَا قَضَيْتَ لِي مِنْ كِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَهُ عَلَى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَ رَحْمَتُكَ فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا وَ لَكَ الشُّكْرُ وَ الْمِنَّةُ عَلَى مَا قَدَّرْتَ وَ وَفَّقْتَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِمَّنْ يُحِلُّ حَلَالَكَ وَ يُحَرِّمُ حَرَامَكَ وَ يَجْتَنِبُ مَعَاصِيَكَ وَ يُؤْمِنُ بِمُحْكَمِهِ وَ مُتَشَابِهِهِ وَ نَاسِخِهِ وَ مَنْسُوخِهِ وَ اجْعَلْهُ لِي شِفَاءً وَ رَحْمَةً وَ حِرْزاً وَ ذُخْراً اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لِي أُنْساً فِي قَبْرِي وَ أُنْساً فِي حَشْرِي وَ اجْعَلْ لِي بَرَكَةً بِكُلِّ آيَةٍ قَرَأْتُهَا وَ ارْفَعْ لِي بِكُلِّ حَرْفٍ دَرَسْتُهُ دَرَجَةً فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ آمِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَ صَفِيِّكَ وَ نَجِيِّكَ وَ دَلِيلِكَ وَ الدَّاعِي إِلَى سَبِيلِكَ وَ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيِّكَ وَ خَلِيفَتِكَ مِنْ بَعْدِ رَسُولِكَ وَ عَلَى أَوْصِيَائِهِمَا الْمُسْتَحْفَظِينَ دِينَكَ الْمُسْتَوْدَعِينَ حَقَّكَ وَ الْمُسْتَرْعَيْنَ خَلْقَكَ وَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ.
أقول: و ليختم صوم نهاره بنحو ما قدمناه في خاتمة ليله و ذكرنا من أسراره.
الباب السادس فيما نذكره من وظائف الليلة الثانية من شهر رمضان و يومها و فيه فصول.
فصل فيما نذكره من كيفية خروج الصائم من صومه و دخوله في حكم الإفطار.
اعلم أن للصائم معاملة كلف باستمرارها قبل صومه و مع صومه فهي مطلوبة منه قبل الإفطار و معه و بعده في الليل و النهار و هي طهارة قلبه مما يكرهه مولاه و استعمال جوارحه فيما يقربه من رضاه فهذا أمر مراد من العبد مدة مقامه في دنياه و أما المعاملة المختصة بزيادة شهر رمضان فإن العبد إذا
كان مع الله جل جلاله يتصرف بأمره في الصوم و الإفطار في السر و الإعلان فصومه طاعة سعيدة و إفطاره بأمر الله جل جلاله عبادة أيضا جديدة فيكون خروجه من الصوم إلى حكم الإفطار خروج متمثل أمر الله جل جلاله و تابع لما يريده من الاختيار متشرفا و متلذذا كيف ارتضاه سلطان الدنيا و الآخرة أن يكون في بابه و متعلقا على خدمته و منسوبا إلى دولته القاهرة و كيف وفقه للقبول منه و سلمه من خطر الإعراض عنه.
و إياه و أن يعتقد أنه بدخول وقت الإفطار قد تشمر من حضرة المطالبة بطهارة الأسرار و صلاح الأعمال في الليل و النهار و هو أن يعلم أن الله جل جلاله ما شمره إلا مزيد دوام إحسانه إليه و إقباله بالرحمة عليه و كيف يكون العبد مهونا بإقبال مالك حاضر محسن إليه و يهون من ذلك ما لم يهون أ لم يسمع مولاه يقول وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ .
3588
فصل فيما نذكره من الوقت الذي يستحب فيه الإفطار.
أقول: قد وردت الروايات متناصرة عن الأئمة عليهم أفضل الصلوات أن إفطار الإنسان في شهر رمضان بعد تأدية صلاته أفضل له و أقرب إلى قبول عبادته
6 فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَيْنَاهُ بِإِسْنَادِنَا إِلَى عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ مِنْ كِتَابِ الصَّوْمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: يُسْتَحَبُّ لِلصَّائِمِ إِنْ قَوِيَ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ.
أقول و أما إن حضره قوم لا يصبرون إلى أن يفطر معهم بعد صلاته و يكونون ممن يقدمون الإفطار فليفطر معهم رضا لله جل جلاله و تعظيما لمراسمه و تماما لعبادته و مراد ذلك لمالك حياته و مماته فليقدم الإفطار معهم على هذه النية محافظا به على تعظيم الجلالة الإلهية و إن كان القوم الذين حضروه يشغله إفطاره معهم عن مالكه و يفرق بينه و بين ما يريد من شريف مسالكه فيرضيهم بالإكرام في الطعام و يعتذر إليهم في المشاركة لهم في الإفطار ببعض الأعذار التي يكون فيها مراقبا للمطلع على الأسرار و إن كان الحاضرون ممن يخافهم إن
لم يفطر معهم قبل الصلوات و كانت التقية لهم رضا لمالك الأحياء و الأموات فليعمل ما يكون فيه رضاه و لا يغالط نفسه و لا يتأول لأجل طاعة شيطانه و هواه.
فصل 3589 فيما نذكره من الوقت الذي يجوز فيه الإفطار
اعلم أنه إذا دخل وقت صلاة المغرب على اليقين فقد جاز إفطار الصائمين ما لم يشغل الإفطار عما هو أهم منه من عبادات رب العالمين فإن اجتمعت مراسم الله جل جلاله على العبد عند دخول وقت العشاء فليبدأ بالأهم فالأهم متابعة لمالك الأشياء و لئلا يكون المملوك متصرفا في ملك مالكه بغير رضاه فكأنه يكون قد غصب الوقت و ما يعمله فيه من يد صاحبه و تصرف فيما لم يعطه إياه فإياه أن يهون بهذا و أمثاله ثم إياه.
فصل فيما نذكره من آداب أو دعاء و قراءة يعملها و يقولها قبل الإفطار
2 فَمِنَ الْآدَابِ عِنْدَ الطَّعَامِ مَا رَوَيْنَاهُ بِإِسْنَادِنَا إِلَى أَبِي عَلِيٍّ الْفَضْلِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْفَضْلِ الطَّبْرِسِيِّ مِنْ كِتَابِ الْآدَابِ الدِّينِيَّةِ فِيمَا رَوَاهُ مِنْ جَدِّنَا الْحَسَنِ السِّبْطِ الْمُمْتَحَنِ بِمُقَاسَاةِ الدَّوْلَةِ الْأُمَوِيَّةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى رُوحِهِ الْعَظِيمَةِ الْعَلِيَّةِ فَقَالَ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فِي الْمَائِدَةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ خَصْلَةً يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَعْرِفَهَا أَرْبَعٌ مِنْهَا فَرْضٌ وَ أَرْبَعٌ مِنْهَا سُنَّةٌ وَ أَرْبَعٌ مِنْهَا تَأْدِيبٌ فَأَمَّا الْفَرْضُ فَالْمَعْرِفَةُ وَ الرِّضَا وَ التَّسْمِيَةُ وَ الشُّكْرُ وَ أَمَّا السُّنَّةُ فَالْوُضُوءُ قَبْلَ الطَّعَامِ وَ الْجُلُوسُ عَلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ وَ الْأَكْلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَ لَعْقُ الْأَصَابِعِ وَ أَمَّا التَّأْدِيبُ فَالْأَكْلُ مِمَّا يَلِيكَ وَ تَصْغِيرُ اللُّقْمَةِ وَ الْمَضْغُ الشَّدِيدُ وَ قِلَّةُ النَّظَرِ فِي وُجُوهِ النَّاسِ.
أقول: و من آداب شرب الذي يريد الشراب و أكل الطعام أن يستحضر المنة لله جل جلاله عليه كيف أكرمه أو أزاحه عن استخدامه في كل ما احتاج إلى الطعام و الشراب إليه مذ يوم خلق ذلك إلى حين يتقدم بين يديه فإنه جل جلاله استخدم فيما يحتاج الإنسان إليه الملائكة الموكلين بتدبير الأفلاك و الأرضين و الأنبياء و الأوصياء و نوابهم الموكلين بتدبير مصالح الآدميين و
الملوك و السلاطين و نوابهم و جنودهم الذين يحفظون بيضة الإسلام حتى يتهيأ الوصول إلى الطعام و استخدام كل من تعب في طعامه من أكار و نجار و حدادين و حطابين و خبازين و طباخين و من يقصر عن حصرهم بيان الأقلام و لسان حال الأفهام و كيف يحسن من عبد يريحه سيده من جميع هذا التعب و العناء و يحمل إليه طعامه و هو مستريح من هذا الشقاء فلا يرى له في ذلك منة كبيرة و لا صغيرة أ فما يكون كأنه ميت العقل و القلب أعمى عن نظر هذه النعم الكثيرة.
16 وَ مِنَ الدُّعَاءِ عِنْدَ أَكْلِ الطَّعَامِ مَا رَوَيْنَاهُ بِإِسْنَادِنَا إِلَى الطَّبْرِسِيِّ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنِ الْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَ السَّلَامِ قَالَ: يَقُولُ عِنْدَ تَنَاوُلِ الطَّعَامِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُطْعِمُ وَ لَا يُطْعَمُ وَ يُجِيرُ وَ لَا يُجَارُ عَلَيْهِ وَ يَسْتَغْنِي وَ يُفْتَقَرُ إِلَيْهِ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا رَزَقْتَنِي مِنَ الطَّعَامِ وَ الْإِدَامِ فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَ عَافِيَةٍ مِنْ غَيْرِ كَدٍّ مِنِّي وَ مَشَقَّةٍ بِسْمِ اللَّهِ خَيْرِ الْأَسْمَاءِ بِسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْأَرْضِ وَ السَّمَاءِ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَ لَا فِي السَّمَاءِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ اللَّهُمَّ أَسْعِدْنِي مِنْ مَطْعَمِي هَذَا بِخَيْرِهِ وَ أَعِذْنِي مِنْ شَرِّهِ وَ أَمْتِعْنِي بِنَفْعِهِ وَ سَلِّمْنِي مِنْ ضَرِّهِ.