کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
غاية الاضطراب و نهاية الالتهاب و صعدت سطح الدار و ليس لي قرار و توسلت به ع خاشعا و انتدبت خاضعا و ناديته متواضعا و أقول يا صاحب الزمان أغثني يا صاحب الزمان أدركني متمرغا في الأرض و متدحرجا في الطول و العرض ثم نزلت و دخلت عليه و جلست بين يديه فرأيته مستقر الأنفاس مطمئن الحواس قد بله العرق لا بل أصابه الغرق فحمدت الله و شكرت نعماءه التي تتوالى فألبسه الله تعالى لباس العافية ببركته ع.
الحكاية الثانية و الخمسون [تشرّف رجل آخر بلقائه عليه السّلام عند ما أيس عن اللحوق بالقافلة]
العالم الفاضل السيد عليخان الحويزاوي في كتاب خير المقال عند ذكر من رأى القائم ع قال فمن ذلك ما حدثني به رجل من أهل الإيمان ممن أثق به أنه حج مع جماعة على طريق الأحساء في ركب قليل فلما رجعوا كان معهم رجل يمشي تارة و يركب أخرى فاتفق أنهم أولجوا في بعض المنازل أكثر من غيره و لم يتفق لذلك الرجل الركوب فلما نزلوا للنوم و استراحوا ثم رحلوا من هناك لم يتنبه ذلك الرجل من شدة التعب الذي أصابه و لم يفتقدوه هم و بقي نائما إلى أن أيقظه حر الشمس.
فلما انتبه لم ير أحدا فقام يمشي و هو موقن بالهلاك فاستغاث بالمهدي ع فبينما هو كذلك فإذا هو برجل في زي أهل البادية راكب ناقته قال فقال يا هذا أنت منقطع بك قال فقلت نعم قال فقال أ تحب أن ألحقك برفقائك قال قلت هذا و الله مطلوبي لا سواه فقرب مني و أناخ ناقته و أردفني خلفه و مشى فما مشينا خطا يسيرة إلا و قد أدركنا الركب فلما قربنا منهم أنزلني و قال هؤلاء رفقاؤك ثم تركني و ذهب.
الحكاية الثالثة و الخمسون [تشرّف الشيخ قاسم الحويزاوي بلقائه عليه السّلام عند ما انقطع عن الحاجّ]
و فيه و من ذلك ما حدثني به رجل من أهل الإيمان من أهل بلادنا يقال له الشيخ قاسم و كان كثير السفر إلى الحج قال تعبت يوما من المشي فنمت تحت شجرة فطال نومي و مضى عني الحاج كثيرا فلما انتبهت علمت من الوقت أن نومي قد طال و أن الحاج بعد عني و صرت لا أدري إلى أين أتوجه فمشيت على الجهة و أنا أصيح بأعلى صوتي يا أبا صالح قاصدا بذلك صاحب الأمر ع كما ذكره ابن طاوس في كتاب الأمان فيما يقال عند إضلال الطريق.
فبينا أنا أصيح كذلك و إذا براكب على ناقة و هو على زي البدو فلما رآني قال لي أنت منقطع عن الحاج فقلت نعم فقال اركب خلفي لألحقك بهم فركبت خلفه فلم يكن إلا ساعة و إذا قد أدركنا الحاج فلما قربنا أنزلني و قال لي امض لشأنك فقلت له إن العطش قد أضر بي فأخرج من شداده ركوة فيها ماء و سقاني منه فو الله إنه ألذ و أعذب ماء شربته.
ثم إني مشيت حتى دخلت الحاج و التفت إليه فلم أره و لا رأيته في الحاج قبل ذلك و لا بعده حتى رجعنا.
قلت إن الأصحاب ذكروا أمثال هذه الوقائع في باب من رآه ع بناء منهم على أن إغاثة الملهوف كذلك في الفلوات و صدور هذه المعجزات و الكرامات لا يتيسر لأحد إلا لخليفة الله في البريات بل هو من مناصبه الإلهية كما يأتي في الفائدة الأولى و أبو صالح كنيته عند عامة العرب يكنونه به في أشعارهم و مراثيهم و ندبهم و الظاهر أنهم أخذوه من الخبر المذكور و أنه ع المراد من أبي صالح الذي هو مرشد الضال في الطريق و لو نوقش في ذلك و ادعي إمكان صدورها من بعض الصلحاء و الأولياء فهو أيضا يدل على المطلوب إذ لا يستغيث شيعته و مواليه ع إلا من هو منهم و واسطة بينهم و بين إمامهم الغائب عنهم بل هو من رجاله و خاصته و حواشيه و أهل خدمته فالمضطر رأى من رآه ع.
و قال الشيخ الكفعمي رحمه الله في هامش جنته عند ذكر دعاء أم داود قيل إن الأرض لا يخلو من القطب و أربعة أوتاد و أربعين أبدالا و سبعين نجيبا و ثلاثمائة و ستين صالحا فالقطب هو المهدي ع و لا يكون الأوتاد أقل من أربعة لأن الدنيا كالخيمة و المهدي كالعمود و تلك الأربعة أطنابها و قد يكون الأوتاد أكثر من أربعة و الأبدال أكثر من أربعين و النجباء أكثر من سبعين و الصلحاء أكثر من ثلاث مائة و ستين و الظاهر أن الخضر و إلياس من الأوتاد فهما ملاصقان لدائرة القطب.
و أما صفة الأوتاد فهم قوم لا يغفلون عن ربهم طرفة عين و لا يجمعون من الدنيا إلا البلاغ و لا تصدر منهم هفوات الشر و لا يشترط فيهم العصمة من السهو و النسيان بل من فعل القبيح و يشترط ذلك في القطب.
و أما الأبدال فدون هؤلاء في المراقبة و قد تصدر منهم الغفلة فيتداركونها بالتذكر و لا يتعمدون ذنبا.
و أما النجباء فهم دون الأبدال.
و أما الصلحاء فهم المتقون الموفون بالعدالة و قد يصدر منهم الذنب فيتداركونه بالاستغفار و الندم قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ 5944 جعلنا الله من قسم الأخير لأنا لسنا من الأقسام الأول لكن ندين الله بحبهم و ولايتهم و من أحب قوما حشر معهم.
و قيل إذا نقص أحد من الأوتاد الأربعة وضع بدله من الأربعين و إذا نقص أحد من الأربعين وضع بدله من السبعين و إذا نقص أحد من السبعين وضع بدله من الثلاثمائة و ستين و إذا نقص أحد من الثلاثمائة و ستين وضع بدله من سائر الناس.
الحكاية الرابعة و الخمسون [تشرّف السيد مهدي بحر العلوم بلقائه عليه السّلام في حرم أمير المؤمنين عليه السّلام]
حدثني العالم الفاضل الصالح الورع في الدين الآميرزا حسين اللاهيجي المجاور للمشهد الغروي أيده الله و هو من الصلحاء الأتقياء و الثقة الثبت عند العلماء قال حدثني العالم الصفي المولى زين العابدين السلماسي المتقدم ذكره قدس الله روحه أن السيد الجليل بحر العلوم أعلى الله مقامه ورد يوما في حرم أمير المؤمنين عليه آلاف التحية و السلام فجعل يترنم بهذا المصرع.
چه خوش است صوت قرآن
ز تو دل ربا شنيدن .
فسئل رحمه الله عن سبب قراءته هذا المصرع فقال لما وردت في الحرم المطهر رأيت الحجة ع جالسا عند الرأس يقرأ القرآن بصوت عال فلما سمعت صوته قرأت المصرع المزبور و لما وردت الحرم ترك قراءة القرآن و خرج من الحرم الشريف.
الحكاية الخامسة و الخمسون [تشرّف السيّد عليّ بن طاووس رحمه اللّه في السرداب الشريف سحرا يسمع دعاءه عليه السّلام]
رأيت في ملحقات كتاب أنيس العابدين و هو كتاب كبير في الأدعية و الأوراد ينقل عنه العلامة المجلسي في المجلد التاسع عشر من البحار و الآميرزا عبد الله تلميذه في الصحيفة الثالثة ما لفظه نُقِلَ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ سَمِعَ سَحَراً فِي السِّرْدَابِ عَنْ صَاحِبِ الْأَمْرِ ع أَنَّهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنَّ شِيعَتَنَا خُلِقَتْ مِنْ شُعَاعِ أَنْوَارِنَا وَ بَقِيَّةِ طِينَتِنَا وَ قَدْ فَعَلُوا ذُنُوباً كَثِيرَةً اتِّكَالًا عَلَى حُبِّنَا وَ وَلَايَتِنَا فَإِنْ كَانَتْ ذُنُوبُهُمْ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمْ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ فَقَدْ رَضِينَا وَ مَا كَانَ مِنْهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ فَأَصْلِحْ بَيْنَهُمْ وَ قَاصَّ بِهَا عَنْ خُمُسِنَا وَ أَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ وَ زَحْزِحْهُمْ عَنِ النَّارِ وَ لَا تَجْمَعْ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ أَعْدَائِنَا فِي سَخَطِكَ قلت و يوجد في غير واحد من مؤلفات جملة من المتأخرين الذين قاربنا عصرهم و المعاصرين هذه الحكاية بعبارة تخالف العبارة الأولى و هي هكذا
اللهم إن شيعتنا منا خلقوا من فاضل طينتنا و عجنوا بماء ولايتنا اللهم اغفر لهم من الذنوب ما فعلوه اتكالا على حبنا و ولائنا يوم القيامة و لا تؤاخذهم بما اقترفوه من السيئات إكراما لنا و لا تقاصهم يوم القيامة مقابل أعدائنا فإن خففت موازينهم فثقلها بفاضل حسناتنا.
و لم نجد أحدا منهم إلى الآن أسند هذه الحكاية إلى أحد رواها عن السيد أو رآها في واحد من كتبه و لا نقله العلامة المجلسي و معاصروه و من تقدم عليه إلى عهد السيد و لا يوجد في شيء من كتبه الموجودة التي لم يكن عندهم أزيد منها نعم الموجود في أواخر المهج و قد نقله في البحار أيضا هكذا كنت أنا بسرمنرأى فسمعت سحرا دعاء القائم ع فحفظت منه من الدعاء لمن ذكره الأحياء و الأموات 5945 و أبقهم أو قال و أحيهم في عزنا و ملكنا و سلطاننا و دولتنا و كان ذلك في ليلة الأربعاء ثالث عشر ذي القعدة سنة ثمان و ثلاثين و ستمائة.
و أظن و إن كان بعض الظن إثما أن ما نقلناه أولا مأخوذ من كلام الحافظ الشيخ رجب البرسي و نقل كلماته بالمعنى فإنه قال في أواخر مشارق الأنوار بعد نقل كلام المهج إلى قوله ملكنا ما لفظه و مملكتنا و إن كان شيعتهم منهم و إليهم و عنايتهم مصروفة إليهم فكأنه ع يقول.
اللهم إن شيعتنا منا و مضافين إلينا و إنهم قد أساءوا و قد قصروا و أخطئوا
رأونا صاحبا لهم رضا منهم و قد تقبلنا عنهم بذنوبهم و تحملنا خطاياهم لأن معولهم علينا و رجوعهم إلينا فصرنا لاختصاصهم بنا و اتكالهم علينا كانا أصحاب الذنوب إذ العبد مضاف إلى سيده و معول المماليك إلى مواليهم.
اللهم اغفر لهم من الذنوب ما فعلوه اتكالا على حبنا و طمعا في ولايتنا و تعويلا على شفاعتنا و لا تفضحهم بالسيئات عند أعدائنا و ولنا أمرهم في آخره كما وليتنا أمرهم في الدنيا و إن أحبطت أعمالهم فثقل موازينهم بولايتنا و ارفع درجاتهم بمحبتنا انتهى.
و هذه الكلمات كما ترى من تلفيقاته شرحا لكلمات الإمام ع تقارب العبارة الشائعة و عصره قريب من عصر السيد و حرصه على ضبط مثل هذه الكلمات أشد من غيره فهو أحق بنقلها من غيره لو صحت الرواية و صدقت النسبة و إن لم يكن بعيدا من مقام السيد بعد كلام مهجه بل له في كتاب كشف المحجة كلمات تنبئ عن أمر عظيم و مقام كريم.
منها قوله و اعلم يا ولدي محمد ألهمك الله ما يريده منك و يرضى به عنك أن غيبة مولانا المهدي صلوات الله عليه التي تحيرت المخالف و بعض المؤالف هي من جملة الحجج على ثبوت إمامته و إمامة آبائه الطاهرين صلوات الله على جده محمد و عليهم أجمعين لأنك إذا وقفت على كتب الشيعة و غيرهم مثل كتاب الغيبة لابن بابويه و كتاب الغيبة للنعماني و مثل كتاب الشفاء و الجلاء و مثل كتاب أبي نعيم الحافظ في أخبار المهدي و نعوته و حقيقة مخرجه و ثبوته و الكتب التي أشرت إليها في الطوائف وجدتها أو أكثرها تضمنت قبل ولادته أنه يغيب ع غيبة طويلة حتى يرجع عن إمامته بعض من كان يقول بها فلو لم يغب هذه الغيبة كان طعنا في إمامة آبائه و فيه فصارت الغيبة حجة لهم ع و حجة له على مخالفيه في ثبوت إمامته و صحة غيبته مع أنه ع حاضر مع الله على اليقين و إنما غاب من لم يلقه عنهم لغيبتهم عن حضرة المتابعة له و لرب العالمين.
و منها قوله فيه و إن أدركت يا ولدي موافقة توفيقك لكشف الأسرار عليك
عرفتك من حديث المهدي صلوات الله عليه ما لا يشتبه عليك و تستغني بذلك عن الحجج المعقولات و من الروايات فإنه ص حي موجود على التحقيق و معذور عن كشف أمره إلى أن يأذن له تدبير الله الرحيم الشفيق كما جرت عليه عادة كثير من الأنبياء و الأوصياء فاعلم ذلك يقينا و اجعله عقيدة و دينا فإن أباك عرفه أبلغ من معرفة ضياء شمس السماء.
و منها قوله و اعلم يا ولدي محمد زين الله جل جلاله سرائرك و ظواهرك بموالاة أوليائه و معاداة أعدائه أنني كنت لما بلغتني ولادتك بمشهد الحسين ع في زيارة عاشوراء قمت بين يدي الله جل جلاله مقام الذل و الانكسار و الشكر لما رأفني به من ولادتك من المسار و المبار و جعلتك بأمر الله جل جلاله عبد مولانا المهدي ع و متعلقا عليه و قد احتجنا كم مرة عند حوادث حدث لك إليه و رأيناه في عدة مقامات في مناجات و قد تولى قضاء حوائجك بإنعام عظيم في حقنا و حقك لا يبلغ وصفي إليه.
فكن في موالاته و الوفاء له و تعلق الخاطر به على قدر مراد الله جل جلاله و مراد رسوله و مراد آبائه ع و مراده ع منك و قدم حوائجه على حوائجك عند صلاة الحاجات و الصدقة عنه قبل الصدقة عنك و عمن يعز عليك و الدعاء له قبل الدعاء لك و قدمه ع في كل خير يكون وفاء له و مقتضيا لإقباله عليك و إحسانه إليك و اعرض حاجاتك عليه كل يوم الإثنين و يوم الخميس من كل أسبوع بما يجب له من أدب الخضوع.
و منها قوله بعد تعليم ولده كيفية عرض الحاجة إليه ع و اذكر له أن أباك قد ذكر لك أنه أوصى به إليك و جعلك بإذن الله جل جلاله عبده و أنني علقتك عليه فإنه يأتيك جوابه صلوات الله و سلامه عليه.