کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
عَفَتِ الدِّيَارُ وَ مُحِيَتِ الْآثَارُ وَ قَلَّ الِاصْطِبَارُ فَلَا قَرَارَ عَلَى هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَ حُكْمِ الْخَائِنِينَ السَّاعَةَ وَ اللَّهِ صَحَّتِ الْبَرَاهِينُ وَ فُصِّلَتِ الْآيَاتُ وَ بَانَتِ الْمُشْكِلَاتُ وَ لَقَدْ كُنَّا نَتَوَقَّعُ تَمَامَ هَذِهِ الْآيَةِ تَأْوِيلَهَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ 21383 فَلَقَدْ مَاتَ وَ اللَّهِ جَدِّي رَسُولُ اللَّهِ ص وَ قُتِلَ أَبِي ع وَ صَاحَ الْوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ فِي قُلُوبِ النَّاسِ وَ نَعَقَ نَاعِقُ الْفِتْنَةِ وَ خَالَفْتُمُ السُّنَّةَ فَيَا لَهَا مِنْ فِتْنَةٍ صَمَّاءَ عَمْيَاءَ لَا يُسْمَعُ لِدَاعِيهَا وَ لَا يُجَابُ مُنَادِيهَا وَ لَا يُخَالَفُ وَالِيهَا ظَهَرَتْ كَلِمَةُ النِّفَاقِ وَ سُيِّرَتْ رَايَاتُ أَهْلِ الشِّقَاقِ وَ تَكَالَبَتْ جُيُوشُ أَهْلِ الْمَرَاقِّ مِنَ الشَّامِ وَ الْعِرَاقِ هَلُمُّوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ إِلَى الِافْتِتَاحِ وَ النُّورِ الْوَضَّاحِ وَ الْعِلْمِ الْجَحْجَاحِ وَ النُّورِ الَّذِي لَا يُطْفَى وَ الْحَقِّ الَّذِي لَا يَخْفَى أَيُّهَا النَّاسُ تَيَقَّظُوا مِنْ رَقْدَةِ الْغَفْلَةِ وَ مِنْ تَكَاثُفِ الظُّلْمَةِ فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ وَ تَرَدَّى بِالْعَظَمَةِ لَئِنْ قَامَ إِلَيَّ مِنْكُمْ عَصَبَةٌ بِقُلُوبٍ صَافِيَةٍ وَ نِيَّاتٍ مُخْلِصَةٍ- لَا يَكُونُ فِيهَا شَوْبُ نِفَاقٍ وَ لَا نِيَّةُ افْتِرَاقٍ لَأُجَاهِدَنَّ بِالسَّيْفِ قُدُماً قُدُماً وَ لَأُضِيقَنَّ مِنَ السُّيُوفِ جَوَانِبَهَا وَ مِنَ الرِّمَاحِ أَطْرَافَهَا وَ مِنَ الْخَيْلِ سَنَابِكَهَا فَتَكَلَّمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَكَأَنَّمَا أُلْجِمُوا بِلِجَامِ الصَّمْتِ عَنْ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ إِلَّا عِشْرُونَ رَجُلًا فَإِنَّهُمْ قَامُوا إِلَيَّ فَقَالُوا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا نَمْلِكُ إِلَّا أَنْفُسَنَا وَ سُيُوفَنَا فَهَا نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ لِأَمْرِكَ طَائِعُونَ وَ عَنْ رَأْيِكَ صَادِرُونَ فَمُرْنَا بِمَا شِئْتَ فَنَظَرْتُ يَمْنَةً وَ يَسْرَةً فَلَمْ أَرَ أَحَداً غَيْرَهُمْ فَقُلْتُ لِي أُسْوَةٌ بِجَدِّي رَسُولِ اللَّهِ ص حِينَ عَبَدَ اللَّهَ سِرّاً وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ فِي تِسْعَةٍ وَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا فَلَمَّا أَكْمَلَ اللَّهُ لَهُ الْأَرْبَعِينَ صَارَ فِي عِدَّةٍ وَ أَظْهَرَ أَمْرَ اللَّهِ فَلَوْ كَانَ مَعِي عِدَّتُهُمْ جَاهَدْتُ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ
ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي نَحْوَ السَّمَاءِ فَقُلْتُ اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ دَعَوْتُ وَ أَنْذَرْتُ وَ أَمَرْتُ وَ نَهَيْتُ وَ كَانُوا عَنْ إِجَابَةِ الدَّاعِي غَافِلِينَ وَ عَنْ نُصْرَتِهِ قَاعِدِينَ وَ فِي طَاعَتِهِ مُقَصِّرِينَ وَ لِأَعْدَائِهِ نَاصِرِينَ اللَّهُمَّ فَأَنْزِلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَ بَأْسَكَ وَ عَذَابَكَ الَّذِي لَا يُرَدُّ عَنِ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَ نَزَلْتُ ثُمَّ خَرَجْتُ مِنَ الْكُوفَةِ دَاخِلًا إِلَى الْمَدِينَةِ فَجَاءُونِي يَقُولُونَ إِنَّ مُعَاوِيَةَ أَسْرَى سَرَايَاهُ إِلَى الْأَنْبَارِ وَ الْكُوفَةِ وَ شَنَّ غَارَاتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَ قَتَلَ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْهُ وَ قَتَلَ النِّسَاءَ وَ الْأَطْفَالَ فَأَعْلَمْتُهُمْ أَنَّهُ لَا وَفَاءَ لَهُمْ فَأَنْفَذْتُ مَعَهُمْ رِجَالًا وَ جُيُوشاً وَ عَرَّفْتُهُمْ أَنَّهُمْ يَسْتَجِيبُونَ لِمُعَاوِيَةَ وَ يَنْقُضُونَ عَهْدِي وَ بَيْعَتِي فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا مَا قُلْتُ لَهُمْ وَ أَخْبَرْتُهُمْ.
أقول: أوردت الخبر بتمامه و شرحه في كتاب الغيبة.
وَ قَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ رُوِيَ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ ع قَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ يَا فُلَانُ مَا لَقِينَا مِنْ ظُلْمِ قُرَيْشٍ إِيَّانَا وَ تَظَاهُرِهِمْ عَلَيْنَا وَ مَا لَقِيَ شِيعَتُنَا وَ مُحِبُّونَا مِنَ النَّاسِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قُبِضَ وَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّا أَوْلَى النَّاسِ بِالنَّاسِ فَتَمَالَأَتْ عَلَيْنَا قُرَيْشٌ حَتَّى أَخْرَجَتِ الْأَمْرَ عَنْ مَعْدِنِهِ وَ احْتَجَّتْ عَلَى الْأَنْصَارِ بِحَقِّنَا وَ حُجَّتِنَا تَدَاوَلَتْهَا قُرَيْشٌ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى رَجَعَتْ إِلَيْنَا فَنَكَثَتْ بَيْعَتَنَا وَ نَصَبَتِ الْحَرْبَ لَنَا وَ لَمْ يَزَلْ صَاحِبُ الْأَمْرِ فِي صَعُودٍ كَئُودٍ حَتَّى قُتِلَ فَبُويِعَ الْحَسَنُ ابْنُهُ وَ عُوهِدَ ثُمَّ غُدِرَ بِهِ وَ أُسْلِمَ وَ وَثَبَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ حَتَّى طُعِنَ بِخَنْجَرٍ فِي جَنْبِهِ وَ انْتُهِبَ عَسْكَرُهُ وَ عُولِجَتْ خَلَاخِيلُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ فَوَادَعَ مُعَاوِيَةَ وَ حَقَنَ دَمَهُ وَ دِمَاءَ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ هُمْ قَلِيلٌ حَقَّ قَلِيلٍ ثُمَّ بَايَعَ الْحُسَيْنَ ع مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عِشْرُونَ أَلْفاً ثُمَّ غَدَرُوا بِهِ وَ خَرَجُوا عَلَيْهِ وَ بَيْعَتُهُ فِي أَعْنَاقِهِمْ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ لَمْ نَزَلْ أَهْلَ الْبَيْتِ نُسْتَذَلُّ وَ نُسْتَضَامُ وَ نُقْصَى وَ نُمْتَهَنُ وَ نُحْرَمُ وَ نُقْتَلُ وَ نَخَافُ وَ لَا نَأْمَنُ عَلَى دِمَائِنَا وَ دِمَاءِ أَوْلِيَائِنَا وَ وَجَدَ الْكَاذِبُونَ الْجَاحِدُونَ لِكَذِبِهِمْ-
وَ جُحُودِهِمْ مَوْضِعاً يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ وَ قُضَاةِ السَّوْءِ وَ عُمَّالِ السَّوْءِ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ فَحَدَّثُوهُمْ بِالْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ الْمَكْذُوبَةِ وَ رَوَوْا عَنَّا مَا لَمْ نَقُلْهُ وَ لَمْ نَفْعَلْهُ لِيُبَغِّضُونَا إِلَى النَّاسِ وَ كَانَ عِظَمُ ذَلِكَ وَ كِبَرُهُ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ بَعْدَ مَوْتِ الْحَسَنِ ع فَقُتِلَتْ شِيعَتُنَا بِكُلِّ بَلْدَةٍ وَ قُطِّعَتِ الْأَيْدِي وَ الْأَرْجُلُ عَلَى الظِّنَّةِ وَ كَانَ مَنْ ذُكِرَ بِحُبِّنَا وَ الِانْقِطَاعِ إِلَيْنَا سُجِنَ أَوْ نُهِبَ مَالُهُ أَوْ هُدِمَتْ دَارُهُ ثُمَّ لَمْ يَزَلِ الْبَلَاءُ يَشْتَدُّ وَ يَزْدَادُ إِلَى زَمَانِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ قَاتِلِ الْحُسَيْنِ ع ثُمَّ جَاءَ الْحَجَّاجُ فَقَتَلَهُمْ كُلَّ قَتْلَةٍ وَ أَخَذَهُمْ بِكُلِّ ظِنَّةٍ وَ تُهَمَةٍ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُقَالُ لَهُ زِنْدِيقٌ أَوْ كَافِرٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُقَالَ شِيعَةُ عَلِيٍّ وَ حَتَّى صَارَ الرَّجُلُ الَّذِي يُذْكَرُ بِالْخَيْرِ وَ لَعَلَّهُ يَكُونُ وَرِعاً صَدُوقاً يُحَدِّثُ بِأَحَادِيثَ عَظِيمَةٍ عَجِيبَةٍ مِنْ تَفْضِيلِ مَنْ قَدْ سَلَفَ مِنَ الْوُلَاةِ وَ لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ تَعَالَى شَيْئاً مِنْهَا وَ لَا كَانَتْ وَ لَا وَقَعَتْ وَ هُوَ يَحْسَبُ أَنَّهَا حَقٌّ لِكَثْرَةِ مَنْ قَدْ رَوَاهَا مِمَّنْ لَمْ يُعْرَفْ بِكَذِبٍ وَ لَا بِقِلَّةِ وَرَعٍ.
باب 20 سائر ما جرى بينه صلوات الله عليه و بين معاوية و أصحابه
1- ج، الإحتجاج رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَ أَبِي مِخْنَفٍ وَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ الْمِصْرِيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا لَمْ يَكُنْ فِي الْإِسْلَامِ يَوْمٌ فِي مُشَاجَرَةِ قَوْمٍ اجْتَمَعُوا فِي مَحْفِلٍ أَكْثَرَ ضَجِيجاً وَ لَا أَعْلَى كَلَاماً وَ لَا أَشَدَّ مُبَالَغَةً فِي قَوْلٍ مِنْ يَوْمٍ اجْتَمَعَ فِيهِ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ- عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَ الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ وَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَ قَدْ تَوَاطَئُوا عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِيَةَ أَ لَا تَبْعَثُ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَتُحْضِرَهُ فَقَدْ أَحْيَا سِيرَةَ أَبِيهِ وَ خَفَقَتِ النِّعَالُ خَلْفَهُ إِنْ أَمَرَ فَأُطِيعَ وَ إِنْ قَالَ فَصُدِّقَ وَ هَذَانِ يَرْفَعَانِ بِهِ إِلَى مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُمَا فَلَوْ بَعَثْتَ إِلَيْهِ فَقَصَرْنَا بِهِ 21384 وَ بِأَبِيهِ وَ سَبَبْنَاهُ وَ سَبَبْنَا أَبَاهُ وَ صَعَّرْنَا بِقَدْرِهِ وَ قَدْرِ أَبِيهِ وَ قَعَدْنَا لِذَلِكَ حَتَّى صُدِقَ لَكَ فِيهِ فَقَالَ لَهُمْ مُعَاوِيَةُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُقَلِّدَكُمْ قَلَائِدَ يَبْقَى عَلَيْكُمْ عَارُهَا حَتَّى تدخلكم [يُدْخِلَكُمْ] قُبُورَكُمْ وَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ إِلَّا كَرِهْتُ جَنَابَهُ وَ هِبْتُ عِتَابَهُ وَ إِنِّي إِنْ بَعَثْتُ إِلَيْهِ لَأَنْصَفْتُهُ مِنْكُمْ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَ تَخَافُ أَنْ يَتَسَامَى بَاطِلُهُ عَلَى حَقِّنَا وَ مَرَضُهُ عَلَى صِحَّتِنَا قَالَ لَا قَالَ فَابْعَثْ إِذاً إِلَيْهِ فَقَالَ عُتْبَةُ هَذَا رَأْيٌ لَا أَعْرِفُهُ وَ اللَّهِ مَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَلْقَوْهُ بِأَكْثَرَ وَ لَا أَعْظَمَ مِمَّا فِي أَنْفُسِكُمْ عَلَيْهِ وَ لَا يَلْقَاكُمْ إِلَّا بِأَعْظَمَ مِمَّا فِي نَفْسِهِ عَلَيْكُمْ وَ إِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ بَيْتٍ خَصِمٍ جَدِلٍ 21385
فَبَعَثُوا إِلَى الْحَسَنِ ع فَلَمَّا أَتَاهُ الرَّسُولُ قَالَ لَهُ يَدْعُوكَ مُعَاوِيَةُ قَالَ وَ مَنْ عِنْدَهُ قَالَ الرَّسُولُ عِنْدَهُ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ سَمَّى كُلًّا مِنْهُمْ بِاسْمِهِ فَقَالَ الْحَسَنُ ع مَا لَهُمْ خَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ أَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ثُمَّ قَالَ يَا جَارِيَةُ أَبْلِغِينِي ثِيَابِي ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَدْرَأُ بِكَ فِي نُحُورِهِمْ وَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ وَ أَسْتَعِينُ بِكَ عَلَيْهِمْ فَاكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ وَ أَنَّى شِئْتَ مِنْ حَوْلِكَ وَ قُوَّتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَ قَالَ لِلرَّسُولِ هَذَا كَلَامُ الْفَرَجِ فَلَمَّا أَتَى مُعَاوِيَةَ رَحَّبَ بِهِ وَ حَيَّاهُ وَ صَافَحَهُ فَقَالَ الْحَسَنُ ع إِنَّ الَّذِي حُيِّيتُ بِهِ سَلَامَةٌ وَ الْمُصَافَحَةَ أَمَنَةٌ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ أَجَلْ إِنَّ هَؤُلَاءِ بَعَثُوا إِلَيْكَ وَ عَصَوْنِي لِيُقَرِّرُوكَ أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً وَ أَنَّ أَبَاكَ قَتَلَهُ فَاسْمَعْ مِنْهُمْ ثُمَّ أَجِبْهُمْ بِمِثْلِ مَا يُكَلِّمُونَكَ وَ لَا يَمْنَعْكَ مَكَانِي مِنْ جَوَابِهِمْ فَقَالَ الْحَسَنُ ع سُبْحَانَ اللَّهِ الْبَيْتُ بَيْتُكَ وَ الْإِذْنُ فِيهِ إِلَيْكَ وَ اللَّهِ لَئِنْ أَجَبْتَهُمْ إِلَى مَا أَرَادُوا إِنِّي لَأَسْتَحْيِي لَكَ مِنَ الْفُحْشِ وَ لَئِنْ كَانُوا غَلَبُوكَ إِنِّي لَأَسْتَحْيِي لَكَ مِنَ الضَّعْفِ فَبِأَيِّهِمَا تُقِرُّ وَ مِنْ أَيِّهِمَا تَعْتَذِرُ أَمَا إِنِّي لَوْ عَلِمْتُ بِمَكَانِهِمْ وَ اجْتِمَاعِهِمْ لَجِئْتُ بِعِدَّتِهِمْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَ مَعَ وَحْدَتِي هُمْ أَوْحَشُ مِنِّي مَعَ جَمْعِهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَوَلِيِّيَ الْيَوْمَ وَ فِيمَا بَعْدَ الْيَوْمِ فَلْيَقُولُوا فَأَسْمَعُ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فَتَكَلَّمَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ مَا سَمِعْتُ كَالْيَوْمِ أَنْ بَقِيَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ أَحَدٍ بَعْدَ قَتْلِ الْخَلِيفَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَ كَانَ مِنِ ابْنِ أُخْتِهِمْ وَ الْفَاضِلَ فِي الْإِسْلَامِ مَنْزِلَةً وَ الْخَاصَّ بِرَسُولِ اللَّهِ ص أَثَرَةً فَبِئْسَ كَرَامَةُ اللَّهِ حَتَّى سَفَكُوا دَمَهُ اعْتِدَاءً وَ طَلَباً لِلْفِتْنَةِ وَ حَسَداً وَ نَفَاسَةً وَ طَلَبَ مَا لَيْسُوا بِآهِلِينَ لِذَلِكَ مَعَ سَوَابِقِهِ وَ مَنْزِلَتِهِ مِنَ اللَّهِ وَ مِنْ رَسُولِهِ وَ مِنَ الْإِسْلَامِ فَيَا ذُلَّاهْ أَنْ يَكُونَ حَسَنٌ وَ سَائِرُ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَتَلَةُ عُثْمَانَ أَحْيَاءً يَمْشُونَ عَلَى مَنَاكِبِ الْأَرْضِ وَ عُثْمَانُ مُضَرَّجٌ بِدَمِهِ مَعَ أَنَّ لَنَا فِيكُمْ تِسْعَةَ عَشَرَ دَماً بِقَتْلَى بَنِي أُمَيَّةَ بِبَدْرٍ-
ثُمَّ تَكَلَّمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِي يَا ابْنَ أَبِي تُرَابٍ بَعَثْنَا إِلَيْكَ لِنُقَرِّرَكَ أَنَّ أَبَاكَ سَمَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَ اشْتَرَكَ فِي قَتْلِ عُمَرَ الْفَارُوقِ وَ قَتْلِ عُثْمَانَ ذَا النُّورَيْنِ مَظْلُوماً فَادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ بِحَقٍّ وَ وَقَعَ فِيهِ وَ ذَكَرَ الْفِتْنَةَ وَ عَيَّرَهُ بِشَأْنِهَا ثُمَّ قَالَ إِنَّكُمْ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيُعْطِيَكُمُ الْمُلْكَ فَتَرْتَكِبُونَ فِيهِ مَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ ثُمَّ أَنْتَ يَا حَسَنُ تُحَدِّثُ نَفْسَكَ بِأَنَّكَ كَائِنٌ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ لَيْسَ عِنْدَكَ عَقْلُ ذَلِكَ وَ لَا رَأْيُهُ فَكَيْفَ وَ قَدْ سُلِبْتَهُ وَ تُرِكْتَ أَحْمَقَ فِي قُرَيْشٍ وَ ذَلِكَ لِسُوءِ عَمَلِ أَبِيكَ وَ إِنَّمَا دَعَوْنَاكَ لِنَسُبَّكَ وَ أَبَاكَ ثُمَّ أَنْتَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُعَتِّبَ عَلَيْنَا وَ لَا أَنْ تُكَذِّبَنَا فِي شَيْءٍ بِهِ فَإِنْ كُنْتَ تَرَى أَنَّا كَذَبْنَاكَ فِي شَيْءٍ وَ تَقَوَّلْنَا عَلَيْكَ بِالْبَاطِلِ وَ ادَّعَيْنَا خِلَافَ الْحَقِّ فَتَكَلَّمْ وَ إِلَّا فَاعْلَمْ أَنَّكَ وَ أَبَاكَ مِنْ شَرِّ خَلْقِ اللَّهِ أَمَّا أَبُوكَ فَقَدْ كَفَانَا اللَّهُ قَتْلَهُ وَ تَفَرَّدَ بِهِ وَ أَمَّا أَنْتَ فَإِنَّكَ فِي أَيْدِينَا نَتَخَيَّرُ فِيكَ وَ اللَّهِ أَنْ لَوْ قَتَلْنَاكَ مَا كَانَ فِي قَتْلِكَ إِثْمٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ لَا عَيْبٌ عِنْدَ النَّاسِ ثُمَّ تَكَلَّمَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَكَانَ أَوَّلُ مَا ابْتَدَأَ بِهِ أَنْ قَالَ يَا حَسَنُ إِنَّ أَبَاكَ كَانَ شَرَّ قُرَيْشٍ لِقُرَيْشٍ أَقْطَعَهُ لِأَرْحَامِهَا وَ أَسْفَكَهُ لِدِمَائِهَا وَ إِنَّكَ لَمِنْ قَتَلَةِ- عُثْمَانَ وَ إِنَّ فِي الْحَقِّ أَنْ نَقْتُلَكَ بِهِ وَ إِنَّ عَلَيْكَ الْقَوَدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنَّا قَاتِلُوكَ بِهِ فَأَمَّا أَبُوكَ فَقَدْ تَفَرَّدَ اللَّهُ بِقَتْلِهِ فَكَفَانَاهُ وَ أَمَّا رَجَاؤُكَ لِلْخِلَافَةِ فَلَسْتَ مِنْهَا لَا فِي قَدْحَةِ زَنْدِكَ وَ لَا فِي رَجْحَةِ مِيزَانِكَ ثُمَّ تَكَلَّمَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ بِنَحْوٍ مِنْ كَلَامِ أَصْحَابِهِ وَ قَالَ يَا مَعَاشِرَ بَنِي هَاشِمٍ كُنْتُمْ أَوَّلَ مَنْ دَبَّ بِعَيْبِ عُثْمَانَ وَ جَمَعَ النَّاسَ عَلَيْهِ حَتَّى قَتَلْتُمُوهُ حِرْصاً عَلَى الْمُلْكِ وَ قَطِيعَةً لِلرَّحِمِ وَ اسْتِهْلَاكَ الْأُمَّةِ 21386 وَ سَفْكَ دِمَائِهَا حِرْصاً عَلَى الْمُلْكِ وَ طَلَباً لِلدُّنْيَا الْخَسِيسَةِ وَ حُبّاً لَهَا وَ كَانَ عُثْمَانُ خَالَكُمْ فَنِعْمَ الْخَالُ كَانَ