کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
و أقول ما أشبه هذه المزخرفات بالخرافات و الخيالات الواهية و الأوهام الفاسدة و لا يتوقف تصحيح شيء مما ذكروه على القول بهذا المذهب السخيف و بسط القول فيه يؤدي إلى الإطناب و أما الأجساد المثالية التي قلنا بها فليس من هذا القبيل كما عرفت تحقيقه في المجلد الثالث و أكثر أخبار هذا الباب يمكن حملها على ظواهرها إذ لم يدر أحد سوى الأنبياء و الأوصياء ما حول جميع العوالم حتى يحكم بعدمها و ما قاله الحكماء و الرياضيون في ذلك فهو على الخرص و التخمين و الله الهادي إلى الحق المبين
تنبيه
قد يستدل على ثبوت عالم المثال
بِمَا رَوَاهُ الشَّيْخُ الْبَهَائِيُّ ره فِي كِتَابِ مِفْتَاحِ الْفَلَاحِ عِنْدَ تَأْوِيلِ مَا وَرَدَ فِي دُعَاءِ التَّعْقِيبِ يَا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ وَ سَتَرَ الْقَبِيحَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَ لَهُ مِثَالٌ فِي الْعَرْشِ فَإِذَا اشْتَغَلَ بِالرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ وَ نَحْوِهِمَا فَعَلَ مِثَالُهُ مِثْلَ فِعْلِهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَرَاهُ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ الْعَرْشِ وَ يُصَلُّونَ 6969 وَ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَ إِذَا اشْتَغَلَ الْعَبْدُ بِمَعْصِيَةٍ أَرْخَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مِثَالِهِ سِتْراً لِئَلَّا تَطَّلِعَ الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهَا فَهَذَا تَأْوِيلُ يَا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ وَ سَتَرَ الْقَبِيحَ.
انتهى.
و أقول و إن أمكن تأويله 6970 على ما ذكروه لكن ليس فيه دلالة على الخصوصيات التي أثبتوها و لا على عمومها في كل شيء و كذا الكلام فيما ورد من كون صورة أمير المؤمنين و الحسنين ع و رؤية الرسول ص و آدم ع أشباح الأئمة ع عن يمين العرش و أمثال ذلك كثيرة و الكلام في الجميع واحد و نحن لا ننكر وجود الأجسام المثالية و تعلق الأرواح بها بعد الموت بل نثبتها لدلالة الأحاديث المعتبرة الصريحة عليها بل لا يبعد عندي وجودها قبل الموت أيضا فتتعلق
بها الأرواح في حال النوم و شبهه من الأحوال التي يضعف تعلقها بالأجساد الأصلية فيسير بها في عوالم الملك و الملكوت و لا أستبعد في الأرواح القوية تعلقها بالأجساد المثالية الكثيرة و تصرفها في جميعها في حالة واحدة فلا يستبعد حضورهم في آن واحد عند جمع كثير من المحتضرين و غيرهم لكن على وجه لا ينافي القواعد العقلية و القوانين الشرعية و هذا المقام لا يسع لبسط القول فيها و بعض العقول القاصرة عن درك الحقائق الخفية ربما لم يحتملها فلذا طويناها على غرها و الله الموفق لنيل غوامض الدقائق و سرها
باب 3 أنه لم سميت الدنيا دنيا و الآخرة آخرة
1- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ 6971 مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ قَالَ: أَتَى عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع يَهُودِيٌّ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِيمَا يَسْأَلُهُ 6972 لِمَ سُمِّيَتِ الدُّنْيَا دُنْيَا وَ لِمَ سُمِّيَتِ الْآخِرَةُ آخِرَةً فَقَالَ ع إِنَّمَا سُمِّيَتِ الدُّنْيَا دُنْيَا لِأَنَّهَا أَدْنَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَ سُمِّيَتِ الْآخِرَةُ آخِرَةً لِأَنَّ فِيهَا الْجَزَاءَ وَ الثَّوَابَ 6973 .
2- وَ مِنْهُ، فِيمَا سَأَلَ يَزِيدُ بْنُ سَلَّامٍ النَّبِيَّ ص سَأَلَهُ عَنِ الدُّنْيَا لِمَ سُمِّيَتِ الدُّنْيَا قَالَ لِأَنَّ الدُّنْيَا دَنِيَّةٌ خُلِقَتْ مِنْ دُونِ الْآخِرَةِ وَ لَوْ خُلِقَتْ مَعَ الْآخِرَةِ لَمْ يَفْنَ أَهْلُهَا كَمَا لَا يَفْنَى أَهْلُ الْآخِرَةِ قَالَ فَأَخْبِرْنِي لِمَ سُمِّيَتِ الْآخِرَةُ آخِرَةً قَالَ لِأَنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ تَجِيءُ مِنْ بَعْدِ الدُّنْيَا لَا تُوصَفُ سِنِينُهَا وَ لَا تُحْصَى أَيَّامُهَا وَ لَا يَمُوتُ سُكَّانُهَا 6974 الْخَبَرَ.
بيان قوله في الخبر الأول لأنها أدنى من كل شيء أي أقرب بحسب المكان أو بحسب الزمان أو أخس و أرذل على وفق الخبر الثاني و قوله لأن فيها الجزاء لعله بيان لملزوم العلة أي لما كان فيها الجزاء و الجزاء متأخر عن العمل فلذا جعلت بعد الدنيا و سميت بذلك قال الله عز و جل يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى 6975 يعني الدنيا من الدنو بمعنى القرب و قال سبحانه وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى 6976 و بالجملة الأدنى و الدنيا يصرفان على وجوه فتارة يعبر به عن الأقل فيقابل بالأكثر و الأكبر و تارة عن الأرذل و الأحقر فيقابل بالأعلى و الأفضل و تارة عن الأقرب فيقابل بالأقصى و تارة عن الأولى فيقابل بالآخرة و بجميع ذلك ورد التنزيل على بعض الوجوه و قال الجزري الدنيا اسم لهذه الحياة لبعد الآخرة عنها.
باب 4 القلم و اللوح المحفوظ و الكتاب المبين و الإمام المبين و أم الكتاب
الآيات هود وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَ مُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ 6977 طه قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَ لا يَنْسى 6978 الحج أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ 6979 النمل وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ 6980 سبأ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ وَ لا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ 6981 فاطر وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ 6982 يس وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ 6983 الزخرف وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ 6984
ق وَ عِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ 6985 الطور وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ 6986 الحديد 22 ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ 6987 القلم ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ 6988 النبأ وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً 6989 البروج بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ 6990 تفسير قال الطبرسي ره كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ هذا إخبار منه سبحانه أن جميع ذلك مكتوب في كتاب ظاهر و هو اللوح المحفوظ و إنما أثبت ذلك مع أنه عالم لذاته لا يعزب عن علمه شيء من مخلوقاته لما فيه من اللطف للملائكة أو لمن يخبر بذلك 6991 .
و قال ره في قوله سبحانه عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي أي أعمالهم محفوظة عند الله يجازيهم بها و التقدير علم أعمالهم عند ربي فِي كِتابٍ يعني اللوح المحفوظ و المعنى أن أعمالهم مكتوبة مثبتة عليهم و قيل المراد بالكتاب ما تكتبه الملائكة لا يَضِلُّ رَبِّي أي لا يذهب عليه شيء و قيل أي لا يخطئ ربي وَ لا يَنْسى من النسيان أو بمعنى الترك 6992 .
و قال الرازي في قوله تعالى إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ في الكتاب قولان أحدهما و هو قول أبي مسلم إن معنى الكتاب الحفظ و الضبط و الشد يقال كتبت
المزادة 6993 إذا خرزتها فحفظت بذلك ما فيها و معنى الكتاب بين الناس حفظ ما يتعاملون به فالمراد من قوله إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ أنه محفوظ عنده.
و الثاني و هو قول الجمهور إن كل ما يحدثه الله في السماوات و الأرض كتبه 6994 في اللوح المحفوظ و هذا أولى لأن القول الأول و إن كان صحيحا نظرا إلى الاشتقاق و لكن الواجب حمل اللفظ على المتعارف و معلوم أن الكتاب هو ما تكتب فيه الأمور فكان حمله عليه أولى فإن قيل يوهم ذلك أن علمه مستفاد من الكتاب و أيضا فأي فائدة في ذلك الكتاب فالجواب عن الأول أن كتبه تلك الأشياء في ذلك الكتاب مع كونها مطابقة للموجودات من أدل الدلائل على أنه سبحانه غني في علمه عن ذلك الكتاب و عن الثاني أن الملائكة ينظرون فيه ثم يرون الحوادث داخلة في الوجود على وفقه فصار ذلك دليلا لهم زائدا على كونه سبحانه عالما بكل المعلومات و أما قوله إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ فمعناه أن كتبه جملة الحوادث مع أنها من الغيب مما يتعذر على الخلق لكنها بحيث متى أرادها الله تعالى كانت يعبر عن ذلك بأنه يسير و إن كان هذا الوصف لا يستعمل إلا فينا من حيث تسهل و تصعب علينا الأمور و يتعالى 6995 الله عن ذلك 6996 .
و قال الطبرسي ره في قوله سبحانه وَ ما مِنْ غائِبَةٍ أي خصلة غائبة فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ يعني جميع ما أخفاه عن خلقه و غيبه عنهم إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ أي إلا و هو مبين في اللوح المحفوظ 6997 .
لا يَعْزُبُ عَنْهُ أي لا يفوته إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ يعني اللوح المحفوظ 6998
و في قوله وَ ما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ أي لا يمد في عمر معمر وَ لا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ أي من عمر ذلك المعمر بانقضاء الأوقات عليه و قيل معناه و لا ينقص من عمر غير ذلك المعمر و قيل هو ما يعلمه الله إن فلانا لو أطاع لبقي إلى وقت كذا و إذا عصى نقص عمره فلا يبقى إِلَّا فِي كِتابٍ أي إلا و ذلك مثبت في اللوح المحفوظ 6999 و قال وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ أي أحصينا و عددنا كل شيء من الحوادث في كتاب ظاهر و هو اللوح المحفوظ و قيل أراد به صحائف الأعمال 7000 .
أقول و قد ورد في كثير من الأخبار أن المراد بالإمام المبين أمير المؤمنين ع كما مر. وَ إِنَّهُ أي القرآن فِي أُمِّ الْكِتابِ في اللوح المحفوظ فإنه أصل الكتب السماوية لَدَيْنا لَعَلِيٌ رفيع الشأن حَكِيمٌ ذو حكمة بالغة كذا قيل و في كثير من الأخبار أن الضمير راجع إلى أمير المؤمنين ع و المراد بأم الكتاب السورة الفاتحة فإنه ع مكتوب فيها في قوله تعالى اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ قالوا الصراط المستقيم هو أمير المؤمنين ع و معرفته و طريقته.
وَ عِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ قال الطبرسي ره أي حافظ لعدتهم و أسمائهم و هو اللوح المحفوظ و قيل أي محفوظ عن البلى و الدروس و هو كتاب الحفظة 7001 .