کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
بأجمعها قد تلقته بالقبول و لم يروا أن أحدا رده على أنس و لا أنكر صحته عند روايته فصار الإجماع عليه هو الحجة في صوابه 14300 مع أن التواتر قد ورد بأن
أمير المؤمنين ع احتج به في مناقبه يوم الدار فقال أنشدكم الله 14301 هل فيكم أحد قال له رسول الله ص اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر فجاء أحد غيري قالوا اللهم لا قال اللهم اشهد.
فاعترف الجميع بصحته و لم يكن أمير المؤمنين ع ليحتج بباطل 14302 لا سيما و هو في مقام المنازعة و التوصل بفضائله 14303 إلى أعلى الرتب التي هي الإمامة و الخلافة للرسول ص و إحاطة علمه بأن الحاضرين معه في الشورى يريدون الأمر دونه مع
قول النبي ص علي مع الحق و الحق مع علي يدور حيثما دار 14304 .
وَ رَوَى الْعَلَّامَةُ مِنْ كِتَابِ الْمَنَاقِبِ لِابْنِ مَرْدَوَيْهِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقُلْنَا مَنْ أَحَبُّ أَصْحَابِكَ إِلَيْكَ وَ إِنْ كَانَ أَمْرٌ كُنَّا مَعَهُ وَ إِنْ كَانَ نَائِبَةٌ كُنَّا دُونَهُ 14305 قَالَ هَذَا عَلِيٌّ أَقْدَمُكُمْ سِلْماً وَ إِسْلَاماً انْتَهَى 14306 .
وَ رَوَى ابْنُ الْأَثِيرِ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ مِنْ صَحِيحِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص طَيْرٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلْ مَعِي هَذَا الطَّيْرَ فَجَاءَ عَلِيٌّ ع فَأَكَلَ مَعَهُ.
وَ قَالَ رَزِينٌ قَالَ أَبُو عِيسَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ قِصَّةً وَ فِي آخِرِهَا أَنَّ أَنَساً قَالَ لِعَلِيٍّ ع اسْتَغْفِرْ لِي وَ لَكَ عِنْدِي بِشَارَةٌ فَفَعَلَ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص 14307 .
تنقيح اعلم أن تلك الأخبار مع تواترها و اتفاق الفريقين على صحتها تدل على كونه صلوات الله عليه أفضل الخلق و أحق بالخلافة بعد الرسول ص أما دلالتها على
كونه أفضل فلأن حب الله تعالى ليس إلا كثرة الثواب و التوفيق و الهداية المترتبة على كثرة الطاعة و الاتصاف بالصفات الحسنة كما برهن في محله أنه تعالى منزه عن الانفعالات و التغيرات و إنما اتصافه بالحب و البغض و أمثالهما باعتبار الغايات و قد مر تحقيق ذلك في كتاب التوحيد و أنه ليس إثباته تعالى و إكرامه بدون فضيلة و خصلة كريمة و أعمال حسنة توجب ذلك لحكم العقل بقبح تفضيل الناقص على الكامل و العاصي على المطيع و الجاهل على العالم و الفائق في الكمالات على القاصر فيها و قد قال تعالى قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ 14308 فظهر أن حبه تعالى إنما يترتب على متابعة الرسول ص فثبت أنه ص أفضل من جميع الخلق و إنما خص الرسول بالإجماع و بقرينة أنه كان هو القائل لذلك فالظاهر أن مراده أحب سائر الخلق إليه تعالى.
و أما كونه أحق بالخلافة فلأن من كان أفضل من جميع الصحابة بل من سائر الأنبياء و الأوصياء لا يجوز العقل تقدم غيره عليه لا سيما تقدم من لا يثبت له فضيلة واحدة إلا بروايات المعاندين التي تظهر عليها أمارات الوضع و الافتراء و اختيار رضى سلاطين الجور على طاعة رب الأرض و السماء.
و قد نوقش في دلالة الخبر على أفضليته ص بوجهين الأول أنه يحتمل أن يكون أراد ص أحب خلق الله إليه في أكل هذا الطير لا أحب الخلق إليه مطلقا و الجواب عنه و إن كان لوهنه و ركاكته لا يحتاج إلى الجواب و قائله لا يستحق الخطاب هو أن قوله ص يأكل جواب للأمر و لا يفهم أحد له أدنى أنس بكلام العرب منه سوى هذا المعنى فلو خصص الحب بذلك 14309 لكان تخصيصا من غير قرينة تدل عليه و برهان يدعو إليه و لو جعل يأكل قيدا للحب فمع بعده محتاج إلى تقدير في أن يأكل و هو خلاف الأصل لا يصار إليه إلا بدليل على أن في بعض الروايات ليس يأكل أصلا و في بعضها حتى يأكل و هما لا يحتملان ذلك.
و أجاب الشيخ المفيد عن ذلك بوجه آخر و هو أنه لو كان الكلام يحتمل ذلك لما كان فيه فضل فلم يكن أنس يرده مرتين ليكون ذلك الفضل للأنصار و لما قرره الرسول ص على ذلك و أيضا لو كان محتملا لذلك لم يكن أمير المؤمنين ع يحتج بذلك يوم الدار و لا قبل الحاضرون ذلك منه و لقالوا إن ذلك لا يدل على فضيلة توجب الإمامة و الخلافة 14310 .
الثاني أنه يحتمل أن يكون في ذلك الوقت أحب الخلق و أفضلهم فلم لا يجوز أن يصير بعض الصحابة بعد ذلك أفضل منه و الجواب أن ذلك أيضا خلاف عموم اللفظ و إطلاقه فإن الظاهر من اللفظ أحب جميع الخلق في جميع الأحوال و الأزمنة و لو كان مراده غير ذلك لقيده بشيء منها و لم يدل دليل من خارج الكلام على التخصيص.
و أجاب الشيخ بوجهين أيضا الأول أن هذا خرق للإجماع المركب لأن الأمة بأسرها بين قولين إما تفضيله في جميع الأحوال و الأوقات أو تفضيل غيره عليه كذلك فما ذكرت قول لم يقل به أحد و الثاني أن احتجاجه صلوات الله عليه بعد الرسول ص بذلك و تسليم القوم له ذلك مما يدفع هذا الاحتمال 14311 .
[مراجع التصحيح و التخريج و التعليق]
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه ربّ العالمين و الصلاة و السلام على سيّدنا محمّد و آله الطاهرين و لعنة اللّه على أعدائهم أجمعين.
و بعد : فإنّ اللّه المنّان قد وفّقنا لتصحيح هذا الجزء و هو الجزء الرابع من أجزاء المجلّد التاسع من الأصل و الجزء الثامن و الثلاثون حسب تجزءتنا من كتاب بحار الأنوار و تخريج أحاديثه و مقابلتها على ما بأيدينا من المصادر و بذلنا في ذلك غاية جهدنا على ما يراه المطالع البصير و قد راجعنا في تصحيح الكتاب و تحقيقه و مقابلته نسخاً مطبوعة و مخطوطة إليك تفصيلها:
1- النسخة المطبوعة بطهران في سنة 1307 بأمر الواصل إلى رحمة اللّه و غفرانه الحاجّ محمّد حسن الشهير ب «كمپانيّ» و رمزنا إلى هذه النسخة ب (ك) و هي تزيد على جميع النسخ التي عندنا كما أشار إليه العلّامة الفقيد الحاجّ ميرزا محمّد القميّ المتصدّي لتصحيحها في خاتمة الكتاب، فجعلنا الزيادات التي وقفنا عليها بين معقوفين هكذا [...] و ربّما أشرنا إليها في ذيل الصفحات.
2- النسخة المطبوعة بتبريز في سنة 1297 بأمر الفقيد السعيد الحاجّ إبراهيم التبريزيّ و رمزنا إليها ب (ت).
3- نسخة كاملة مخطوطة بخطّ النسخ الجيّد على قطع كبير تاريخ كتابتها 1280 و رمزنا إليها ب (م).
4- نسخة مخطوطة أخرى بخطّ النسخ أيضاً على قطع كبير و قد سقط منها من أواسط الباب 99: «باب زهده عليه السلام و تقواه» و رمزنا إليها ب (ح).
5- نسخة مخطوطة أخرى بخطّ النسخ أيضاً على قطع متوسط و هذه الأخيرة أصحّها و أتقنها و في هامش صحيفة منها خطّ المؤلّف قدسّ سرّه و تصريحه بسماعه إيّاها في سنة 1109 و لكنّها أيضاً ناقصة من أواسط الباب 97: «باب ما علّمه الرسول صّلى الّله عليه و آله عند وفاته» و رمزنا إليها ب (د).
و هذه النسخ الثلاث المخطوطة لمكتبة العالم البارع الأستاذ السيّد جلال الدين الأرمويّ الشهير بالمحدّث لا زال موفّقاً لمرضاة اللّه.
و قد اعتمدنا في تخريج أحاديث الكتاب و ما نقلناه المصنّف في بياناته أو ما علّقناه و ذيّلناه في فهم غرائب ألفاظه و مشكلاته على كتب أوعزنا إليها في المجلّد السابع و الثلاثون لا نطيل الكلام بذكرها هنا فمن أرادها فليرجع هناك.
فنسأل الله التوفيق لإنجاز هذا المشروع و نرجو من فضله أن يجعله ذخرا لنا ليوم تشخص فيه الأبصار. جمادي الثانية 1380
يحيى العابديّ الزنجانيّ السيّد كاظم الموسوي الميامويّ
[كلمة المصحّح]
بسمه تعالى و له الحمد
إلى هنا انتهى الجزء الثامن و الثلاثون من كتاب بحار الأنوار من هذه الطبعة النفيسة و هو الجزء الرابع من المجلّد التاسع في تاريخ أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه حسب تجزءة المصنّف أعلى اللّه مقامه يحوي زهاء أربعمائة حديث في أربعة عشر باباً غير ما حوي من المباحث العلميّة و الكلاميّة.
و لقد بذلنا الجهد عند طبعها في التصحيح مقابلة و بالغنا في التحقيق مطالعة فخرج بعون اللّه و مشيّته نقيّاً من الأغلاط إلّا نزراً زهيداً زاغ عنه البصر و حسر عنه النظر.
اللّهم ما بنا من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك فأتمم علينا نعمتك و آتنا ما وعدتنا على رسلك إنّك لا تخلف الميعاد.
محمد باقر البهبودي.
فهرس ما في هذا الجزءمن الأبواب
الموضوع/ الصفحه
الباب 56 في أنّه صلوات اللّه عليه الوصيّ و سيّد الأوصياء و خير الخلق بعد النبي صّلى الّله عليه و آله و أنّ من أبى ذلك أو شكّ فيه فهو كافر 1- 26
الباب 57 في أنّه عليه السلام مع الحقّ و الحقّ معه و أنّه يجب طاعته على الخلق و أنّ ولايته ولاية اللّه عزّ وجلّ 26- 40
الباب 58 في ذكره في الكتب السماوية و ما بشّر السابقون به و بأولاده المعصومين عليهم السلام 41- 62
الباب 59 في طهارته و عصمته عليه السلام 62- 70
الباب 60 في الاستدلال بولايته و استنابته في الأمور على إمامته و خلافته و فيه أخبار كثيرة من الأبواب السابقة و اللاحقة و فيه ذكر صعوده على ظهر الرسول صّلى الّله عليه و آله لحطّ الأصنام و جعل أمر نسائه إليه في حياته و بعد وفاته صّلى الّله عليه و آله 70- 89
الباب 61 في جوامع الأخبار الدالّة على إمامته عليه السلام من طرق الخاصّة و العامّة 90- 166
الباب 62 باب نادر فيما امتحن اللّه به أمير المؤمنين صلوات الله عليه في حياة النبي صّلى الّله عليه و آله و بعد وفاته 167- 186
الباب 63 في النوادر 186- 194
أبواب فضائله و مناقبه صلوات الله عليه و هي مشحونة بالنصوص