کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
25- وَ مِنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِنِ اشْتَكَى شَيْئاً مِنْهُ وَجَدَ أَلَمَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ جَسَدِهِ وَ أَرْوَاحُهُمَا مِنْ رُوحٍ وَاحِدَةٍ وَ إِنَّ رُوحَ الْمُؤْمِنِ لَأَشَدُّ اتِّصَالًا بِرُوحِ اللَّهِ مِنِ اتِّصَالِ شُعَاعِ الشَّمْسِ بِهَا 10739 .
الإختصاص، عنه ع مرسلا مثله 10740 تبيين قوله ع كالجسد الواحد كأنه ع ترقى عن الأخوة إلى الاتحاد أو بين أن إخوتهم ليست مثل سائر الأخوات بل هم بمنزلة أعضاء جسد واحد تعلق بها روح واحد فكما أنه بتألم عضو واحد تتألم و تتعطل سائر الأعضاء فكذا بتألم واحد من المؤمنين يحزن و يتألم سائرهم كما مر فقوله ع كالجسد الواحد تقديره كعضوي جسد واحد و قوله إن اشتكى ظاهره أنه بيان لحال المشبه به و الضميران المستتران فيه و في وجد راجعان إلى المرء و الإنسان أو الروح الذي يدل عليه الجسد و ضمير منه للجسد و ضمير أرواحهما لشيء و سائر الجسد و الجمعية باعتبار جمعية السائر أو من إطلاق الجمع على التثنية مجازا و في الإختصاص و أن روحهما و هو أظهر و المراد بالروح الواحد إن كان الروح الحيوانية فمن للتبعيض و إن كان النفس الناطقة فمن للتعليل فإن روحهما الروح الحيوانية هذا إذا كان قوله و أرواحهما من تتمة بيان المشبه به و يحتمل تعلقه بالمشبه فالضمير للأخوين المذكورين في أول الخبر و الغرض إما بيان شدة اتصال الروحين كأنهما روح واحدة أو أن روحيهما من روح واحدة هي روح الأئمة ع و هو نور الله كما مر في خبر أبي بصير الذي هو كالشرح لهذا الخبر و يحتمل أن يكون إن اشتكى أيضا لبيان حال المشبه لاتضاح وجه الشبه و على التقادير المراد بروح الله أيضا الروح التي اصطفاها الله و جعلها في الأئمة ع كما مر في قوله تعالى
وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي و يحتمل أن يكون المراد بروحه ذاته سبحانه إشارة إلى شدة ارتباط أرواح المقربين و المحبين من الشيعة المخلصين بجناب الحق تعالى حيث لا يغفلون عن ربهم ساعة و يفيض عليهم منه سبحانه آنا فآنا و ساعة فساعة العلم و الحكم و الكمالات و الهدايات بل الإرادة 10741 أيضا لتخليهم عن إرادتهم و تفويضهم جميع أمورهم إلى ربهم كما قال فيهم وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ 10742
وَ قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ وَ بَصَرَهُ وَ يَدَهُ وَ رِجْلَهُ وَ لِسَانَهُ.
و سيأتي تمام القول فيه في محله إن شاء الله تعالى بحسب فهمي و الله الموفق.
26- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ جَعْفَراً ع وَ سُئِلَ هَلْ يَكُونُ أَنْ يُحِبَّ الرَّجُلُ الشَّيْءَ وَ لَمْ يَرَهُ قَالَ نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ مِثْلُ أَيِّ شَيْءٍ فَقَالَ مِثْلُ اللَّوْنِ مِنَ الطَّعَامِ يُوصَفُ لِلْإِنْسَانِ وَ لَمْ يَأْكُلْهُ فَيُحِبُّهُ وَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِثْلُ الرَّجُلِ يُحِبُّ الشَّيْءَ يَذْكُرُ لِأَصْحَابِهِ وَ مَا لَكَ أَكْثَرُ مِمَّا تَدَعُ.
بيان لعل المعنى إذا تفكرت في أمثلة ذلك كان ما لك منها أكثر مما تتركه كناية عن كثرة أمثلة ذلك و ظهورها و يمكن أن يكون تصحيف تسمع و يمكن أن يكون غرض السائل السؤال عن حب المؤمن أخاه من غير سابقة كما في سائر الأخبار.
27- مَجَالِسُ الشَّيْخِ، عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع جَمَعَ بَنِيهِ فَأَوْصَاهُمْ ثُمَّ قَالَ يَا بَنِيَّ إِنَّ الْقُلُوبَ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ تَتَلَاحَظُ بِالْمَوَدَّةِ وَ تَتَنَاجَى بِهَا وَ كَذَلِكَ هِيَ فِي الْبُغْضِ فَإِذَا أَحْبَبْتُمُ الرَّجُلَ مِنْ غَيْرِ خَيْرٍ سَبَقَ مِنْهُ إِلَيْكُمْ فَارْجُوهُ وَ إِذَا أَبْغَضْتُمُ الرَّجُلَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ سَبَقَ مِنْهُ إِلَيْكُمْ فَاحْذَرُوهُ.
28- مَجَالِسُ ابْنِ الشَّيْخِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَنَانِ
بْنِ سَدِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنِّي لَأَلْقَى الرَّجُلَ لَمْ أَرَهُ وَ لَمْ يَرَنِي فِيمَا مَضَى قَبْلَ يَوْمِهِ ذَلِكَ فَأُحِبُّهُ حُبّاً شَدِيداً فَإِذَا كَلَّمْتُهُ وَجَدْتُهُ لِي مِثْلَ مَا أَنَا عَلَيْهِ لَهُ وَ يُخْبِرُنِي أَنَّهُ يَجِدُ لِي مِثْلَ الَّذِي أَجِدُ لَهُ فَقَالَ صَدَقْتَ يَا سَدِيرُ إِنَّ ائْتِلَافَ قُلُوبِ الْأَبْرَارِ إِذَا الْتَقَوْا وَ إِنْ لَمْ يُظْهِرُوا التَّوَدُّدَ بِأَلْسِنَتِهِمْ كَسُرْعَةِ اخْتِلَاطِ قَطْرِ الْمَاءِ عَلَى مِيَاهِ الْأَنْهَارِ وَ إِنَّ بُعْدَ ائْتِلَافِ قُلُوبِ الْفُجَّارِ إِذَا الْتَقَوْا وَ إِنْ أَظْهَرُوا التَّوَدُّدَ بِأَلْسِنَتِهِمْ كَبُعْدِ الْبَهَائِمِ مِنَ التَّعَاطُفِ وَ إِنْ طَالَ اعْتِلَافُهَا عَلَى مِزْوَدٍ وَاحِدٍ.
بيان: المزود كمنبر وعاء الزاد.
29- الشِّهَابُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَثَلُ الْمُؤْمِنِ فِي تَوَادِّهِمْ وَ تَرَاحُمِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى بَعْضُهُ تَدَاعَى سَائِرُهُ بِالسَّهَرِ وَ الْحُمَّى.
30- وَ قَالَ ص مَثَلُ الْقَلْبِ مَثَلُ رِيشَةٍ بِأَرْضٍ تُقَلِّبُهَا الرِّيَاحُ.
الضوء يقال تداعت الحيطان إذا تهادمت أو تهيأت للسقوط بأن تميل أو تتهور
يَقُولُ ص الْمُؤْمِنُونَ مُتَّحِدُونَ مُتَآزِرُونَ مُتَضَافِرُونَ كَأَنَّهُمْ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ.
وَ لِذَلِكَ قَالَ ص الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ بِمَنْزِلَةِ الْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً.
وَ قَالَ ص الْمُؤْمِنُونَ يَدٌ وَاحِدَةٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ.
شبه ع المؤمنين في اتحادهم و موازرتهم بالجسد المجتمع من آلات و أعضاء إذا اشتكى بعضه كانت الجملة ألمة سقيمة مساهرة محمومة لاتصال بعضه ببعض و لأن الألم هو الجملة و هو في حكم الجزء الواحد بسبب الحياة التي هي كالمسمار يضم أجزاءها و ينتظمها و لفظ الحديث خبر و تشبيه و المعنى أمر يأمرهم به أن يتوادوا و يتحابوا و يرحم بعضهم بعضا و فائدة الحديث الأمر بالتناصر و التعاون و راوي الحديث النعمان بن بشير و قال ره في الحديث الثاني و روي بأرض فلاة شبه ع القلب بريشة ساقطة بأرض عراء لا حاجز بها و لا مانع فالريح تطيرها هنا و ثم و ذلك للاعتقادات و الأحوال التي يتقلب لها و لسرعة انقلابه و قلة ثبوته و دوامه على حالة واحدة و قد قيل إنما سمي قلبا لتقلبه و فائدة الحديث إعلام أن القلب سريع الانقلاب لا يبقى على وجه واحد و راوي الحديث أنس بن مالك.
باب 44 حقيقة الرؤيا و تعبيرها و فضل الرؤيا الصادقة و علتها و علة الكاذبة
الآيات يونس الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ 10743 يوسف إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ إلى قوله تعالى وَ كَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَ يُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ 10744 و قال تعالى وَ لِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ 10745 و قال تعالى وَ دَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَ قالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إلى قوله يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَ أَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ إلى قوله تعالى قالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَ سَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَ أُخَرَ يابِساتٍ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَ ما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ وَ قالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَ ادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَ سَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَ أُخَرَ يابِساتٍ
لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ 10746 الإسراء وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ 10747 الروم وَ مِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ ابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ 10748 الصافات قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ 10749 الفتح لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ 10750 المجادلة إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ 10751 النبأ وَ جَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً 10752 تفسير الَّذِينَ آمَنُوا أي بجميع ما يجب الإيمان به وَ كانُوا يَتَّقُونَ مع ذلك معاصيه لَهُمُ الْبُشْرى قال الطبرسي رحمه الله قيل فيه أقوال أحدها أن البشرى في الحياة الدنيا هي ما بشرهم الله تعالى به في القرآن على الأعمال الصالحة و ثانيها أن البشارة في الحياة الدنيا بشارة الملائكة للمؤمنين عند موتهم ب أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ و ثالثها أنها في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها المؤمن لنفسه أو ترى له و في القيامة إلى أن يدخلوا الجنة يبشرونهم بها حالا بعد حال و هو المروي عن أبي جعفر ع و روي ذلك في حديث مرفوعا عن النبي ص 10753 .
لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ قال البيضاوي الرؤيا كالرؤية غير أنها مختصة بما يكون في
النوم و فرق بينهما بحرف التأنيث كالقربة و القربى و هي انطباع الصورة المنحدرة من أفق المتخيلة إلى الحس المشترك و الصادقة منها إنما تكون باتصال النفس بالملكوت لما بينهما من التناسب عند فراغها 10754 من تدبير البدن أدنى فراغ فتتصور بما فيها مما يليق من المعاني الحاصلة هناك ثم إن المتخيلة تحاكيه بصورة تناسبه فترسلها إلى الحس المشترك فتصير مشاهدة ثم إن كانت شديدة المناسبة لذلك المعنى بحيث لا يكون التفاوت إلا بالكلية و الجزئية استغنت الرؤيا عن التعبير و إلا احتاجت إليه.
مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ أي من تعبير الرؤيا لأنها أحاديث الملك إن كانت صادقة و أحاديث النفس و الشيطان إن كانت كاذبة أو من تأويل غوامض كتب الله و سنن الأنبياء و كلمات الحكماء 10755 .
و قال الطبرسي رحمه الله قيل إنه كان بين رؤياه و بين مصير أبيه و إخوته إلى مصر أربعون سنة عن ابن عباس و أكثر المفسرين و قيل ثمانون عن الحسن 10756 و قال النيسابوري قال علماء التعبير إن الرؤيا الردية يظهر أثرها عن قريب لكيلا يبقى المؤمن في الحزن و الغم و الرؤيا الجيدة يبطئ تأثيرها لتكون بهجة المؤمن أدوم.
قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً قال الطبرسي رحمه الله هو من رؤيا المنام كان يوسف ع لما دخل السجن قال لأهله إني أعبر الرؤيا فقال أحد العبدين و هو الساقي رأيت أصل حبلة عليها ثلاثة عناقيد من عنب فجنيتها و عصرتها في كأس الملك و سقيته إياها و قال صاحب الطعام إني رأيت كأن فوق رأسي ثلاث سلال فيها الخبز و أنواع الأطعمة و سباع الطير تنهش منه نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ أي أخبرنا بتعبيره و ما يئول إليه أمره قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ في منامكما إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ في اليقظة قبل أن يأتيكما التأويل أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً روي أنه قال
أما العناقيد الثلاثة فإنها ثلاثة أيام تبقى في السجن ثم يخرجك الملك في يوم الرابع و تعود إلى ما كنت عليه و الرب المالك وَ أَمَّا الْآخَرُ أي صاحب الطعام روي أنه قال بئس ما رأيت أما السلاسل الثلاث فإنها ثلاثة أيام تبقى في السجن فيخرجك الملك فيصلبك فتأكل الطير من رأسك فقال عند ذلك ما رأيت شيئا و كنت ألعب فقال يوسف قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ أي فرغ من الأمر الذي تسألان و تطلبان معرفته و ما قلته لكما فإنه نازل بكما و هو كائن لا محالة 10757 .
وَ قالَ الْمَلِكُ قال النيسابوري لما دنا فرج يوسف أراه الله في المنام سبع بقرات سمان خرجن من نهر يابس و سبع بقرات عجاف فابتلعت العجاف السمان و رأى سبع سنبلات خضر قد انعقد حبها و سبعا أخر يابسات قد استحصدت و أدركت فالتوت اليابسات على الخضر حتى غلبن عليها فاضطرب الملك بسببه لأن فطرته قد شهدت بأن استيلاء الضعيف على القوي منذر بنوع من أنواع الشر إلا أنه لم يعرف تفصيله فجمع الكهنة و المعبرين و قال يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ ثم إنه تعالى إذا أراد أمرا هيأ أسبابه فأعجز الله أولئك الملأ عن جواب المسألة و عماه عليهم حتى قالوا إنها أَضْغاثُ أَحْلامٍ و نفوا عن أنفسهم كونهم عالمين بتأويلها.