کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
فما كان منها موضوعا إلى خلف يسمى شوكا و سناسن 11254 و ما كان يمنة و يسرة يسمى أجنحة و لكل جناح مما يلي الأضلاع نقرتان و لكل ضلع زائدتان محدبتان تتهندم الزائدة في النقرة و ترتبط برباطات قوية و للفقرات غير الثقبة المتوسطة ثقب أخرى تخرج منها الأعصاب و تدخل فيها العروق.
و العنق و فقراته وقاية للمريء و قصبة الرئة و لما كانت فقراته محمولة على ما تحتها من الصلب وجب أن يكون أصغر و لما كانت مسلكا لأصل النخاع و أوله الذي يجب أن يكون أغلظ و أعظم مثل أول النهر وجب أن يكون الثقب الوسطاني منها أوسع و الصغر و سعة التجويف مما يرفق جرمها و يوهنه فالخالق سبحانه تدارك ذلك بأن خصها بزيادة صلابة و حرز ليس لما تحتها و جعل سناسنها أصغر ليكون أخف عليها ثم تدارك صغر سناسنها بكبر أجنحتها و جعلها ذوات رأسين.
و لما كان أكثر منافع العنق في حركاته جعل مفاصله سلسة و لم يجعل زوائدها المفصلية كثيرة كزوائد ما تحتها لتكون حركاته أسرع و تدارك تلك السلاسة بأعصاب و عضلات كثيرة محيطة به و جعل أيضا مسالك الأعصاب التي تتفرع عن النخاع مشتركة من فقرتين لئلا يقع ثقبة تامة من فقرة واحدة فتوهنها.
و الصلب و فقراته وقاية و جنة للأعضاء الشريفة الموضوعة قدامه و لذلك خلق له شوك و سناسن و هو مبني لجملة عظام البدن مثل الخشبة التي تهيأ في نجر السفينة أولا ثم يركز فيها و يربط بها سائر الخشب و لذلك خلق صلبا و هو كشيء واحد مخصوص بأفضل الأشكال و هو المستدير إذ هذا الشكل أبعد الأشكال عن قبول آفات الصادمات و لما كان الصلب قد يحتاج إلى حركة الانثناء و الانحناء نحو الجانبين و ذلك بأن يزول الوسط إلى ضد الجهة و يميل ما فوقه و ما تحته عن نحو تلك الجهة و كان طرفي 11255 الصلب يميلان إلى الالتقاء لم يخلق للفقرة التي هي الوسط في الطول و هي
العاشرة لقم بل نقر ثم جعلت اللقم السفلانية و الفوقانية متجهة إليها أما الفوقانية فنازلة و أما السفلانية فصاعدة ليسهل زوالها إلى ضد جهة الميل و يكون للفوقانية أن تنجذب إلى أسفل و للسفلانية أن تنجذب إلى فوق.
و أما النخاع فهو جسم أبيض لين دسم دماغي منشؤه مؤخر الدماغ كما أشرنا إليه و هو خليفته ليتوزع منه الأعصاب و العضلات على الأعضاء ليفيدها الحس و الحركة فجملة ما ينشأ منه أحد و ثلاثون زوجا من العصب و فرد لا مقابل له فالزوج الأول يخرج من الثقب الذي في الفقرة الأولى من فقار العنق و يصعد حتى يتفرق في عضل الرأس و الثاني يخرج مما بين الثقب الملتئم فيما بين الفقرة الأولى و الثانية و يتصل بجلدة الرأس فيعطيها حس اللمس و بعضل العنق و عضل الخد فيعطيهما الحركة.
و الزوج الثالث مخرجه من الثقب الملتئمة فيما بين الفقرة الثانية و الثالثة و ينقسم قسمين فبعضه يصير إلى العضل المحرك للخد و بعضه يتفرق في العضل الذي بين الكتفين.
و الرابع منشؤه ما بين الفقرة الثالثة و الرابعة و ينقسم قسمين أحدهما في العضل الذي في الظهر و الآخر يأخذ إلى قدام و يتفرق في العضل الموضوع بحذائه و فوقه.
و الخامس يخرج فيما بين الفقرة الرابعة و الخامسة و ينقسم أقساما بعضها يصير إلى الحجاب و بعضها إلى العضل الذي يحرك الرأس و الرقبة و بعضها إلى عضل الكتف.
و السادس و السابع و الثامن تخرج ما بين الخامسة و السادسة و السابعة و الثامنة و ينقسم بعضها في عضل الرأس و الرقبة و بعضها في عضل الصلب و الحجاب ما خلا الثامن فإنه لا يأتي بالحجاب منه شيء و بعضها يصير إلى العضد و إلى الذراع و إلى الكتف فيتصل من السادس بعضه بعضل الكتف و يحرك العضد و بعضه بعضل أعالي العضد و ينيله الحس و من السابع بعضه يصير إلى العضل الذي من العضد و به حركة الذراع و بعضه تفرق في جلد العضد الباقي و ينيله الحس و بعض من الثامن ينبت
في جلدة الذراع فيعطيها الحس و بعضه يصير في عضل الذراع و يحرك الكف.
و الزوج التاسع يخرج ما بين الفقرة الثامنة و التاسعة و هما أول فقار الظهر و ينقسم بعضه في العضل الذي فيما بين الأضلاع و بعضه في عضل الصلب و بعضه ينزل إلى الكعب و ينبث فيه فينيله الحس و بعض الحركة.
و العاشر يخرج ما بين الفقرة التاسعة و العاشرة و يصير منه جزء إلى جلد العضد فيعطيه الحس و باقيه ينقسم فيأخذ منه قسم إلى قدام فيتفرق في العضل الذي على البطن و بعضها يتفرق في عضل الظهر و الكتف و على نحو هذا يكون خروج العصب و تفرقه إلى الزوج التاسع عشر.
و الزوج العشرون يخرج مما بين الفقرة التاسع عشر و العشرين و هي أول فقرات القطن و على هذا القياس إلى أن تخرج خمسة أزواج من بين هذه الفقار و يصير بعضها في القدام فيتفرق في العضل الذي على القطن و يتفرق بعضها في العضل الذي على المتن و يخالط الثلاثة الأزواج العليائية عصب ينحدر من الدماغ و الزوجان اللذان تحت هذه الثلاثة الأزواج ينحدر منها شعب كبار إلى الساق حتى يبلغ طرف القدم و ثلاثة أزواج تخرج من فقرات العجز و تخالط القطنية و تنحدر منها إلى الساق و تتفرق في العضلات التي هناك و ثلاثة تخرج من نخاع العصعص مشتركة المخارج كالعنقية و فرد من آخره إذ الفقرة الأخيرة منه لا ثقبة فيها غير الوسطانية و كلها ينبث في القضيب و في عضل المقعدة و المثانة و الرحم و في غشاء البطن أو في العضل الموضوع بقرب هذه المواضع.
و أما الأضلاع فهي أربعة و عشرون عظما من كل جانب اثنا عشر كلها محدبة أطولها أوسطها سبع منها يتصل أحد طرفيها من خلف بفقار الظهر بزوائد منها و نقرات من الفقرات و ارتباط برباطات و حدوث مفاصل مضاعفة و من قدام بعظام القص 11256 برءوس غضروفية و تسمى أضلاع الصدر لاتصالها بالقص و اشتمالها على أحشاء الصدر و خمس منها يقطع دون الاتصال بالقص متقاصرة و رءوسها متصلة
بغضاريف و تسمى ضلوع الخلف.
و إنما خلقت لتكون وقاية لما يحيط به من آلات التنفس و أعالي آلات الغذاء و لهذا جعل ما يحيط منها بالعضو الرئيس متصلا بالقص ليكون متحصنا به من جميع جهاته و ما يلي آلات الغذاء جعل كالمحرزة من خلف حيث لا تدركه حراسة البصر و لم يتصل من قدام بل درجت يسيرا يسيرا في الانقطاع و جعل أعلاها أقرب مسافة ما بين أطرافها البارزة و أسفلها أبعد مسافة ليجمع إلى وقاية أعضاء الغذاء من الكبد و الطحال و غير ذلك توسيعا لمكان المعدة فلا ينضغط عند امتلائها من الأغذية و من النفخ.
و هذا هو السبب في تعددها كلها و كونها ذا فرج في الكل مع إعانة ذلك على جذب الهواء الكثير و تخلل العضلات المعينة في أفعال التنفس و غير ذلك.
الفصل الخامس في تشريح الصدر و البطن و ما اشتمل عليه من الأحشاء و اليدين.
أما القص فهو سبعة عظام على عدد أضلاع الصدر متصلة بها و هي عظام هشة 11257 موثوقة و قد اتصل بآخرها غضروف عريض يشبه الخنجر يسمى خنجريا و إنما جعلت هشة لتكون أخف و الحركات الخفيفة التي بها أسهل و ليتحلل منها البخار و لا يحتقن فيها و وثاقة مفاصلها لئلا ينضغط عن ضاغط أو مصادم فينضغط القلب و الخنجري جنة لفم المعدة.
و أما الترقوة فعظم موضوع على كل واحد من جانبي أعلى القص فيه طول و انحداب إلى الجانب الوحشي و تقعير إلى الجانب الإنسي يتصل أحد رأسيه بالقس و الآخر برأس الكتف فيرتبط به الكتف و بهما جميعا العضد و رأسه الآخر عريض و ينفذ في مقعره العروق الصاعدة إلى الدماغ و العصب النازل منه و هو وقاية لهما.
و أما الكتف فعظم طرفه الوحشي إلى الاستدارة يستدق من ذلك الطرف و يغلظ فيحدث عليه نقرة غير غائرة يدخل فيها طرف العضد للدور و لها زائدتان تمنعان العضد عن الانخلاع إحداهما إلى فوق و من خلف و يسمى منقار الغراب و بها رباط الكتف مع الترقوة و الأخرى إلى أسفل و من داخل ثم لا يزال يستعرض كلما أمعنت في الجهة الإنسية ليكون اشتمالها الوافي أكثر حتى ينتهي إلى غضروف مستدير الطرف يتصل بها و على ظهره زائدة كالمثلث يسمى عير 11258 الكتف قاعدته إلى الجانب الوحشي و زاويته إلى الإنسي حتى لا يختل سطح الظهر بإشالة الجلد و تألمه عن المصادمات و هي بمنزلة السنسنة للفقرات مخلوقة للوقاية.
و إنما خلق الكتف لأن يتعلق به العضد فلا يكون ملتزقا بالصدر و لأن يسلس به حركات اليدين و لا يضيق مجالهما و أن يكون جنة و وقاية ثانية للأعضاء المحصورة في الصدر و يقوم بدل سناسن الفقرات و أجنحتها.
و أما العضد فهو عظم مستدير مثل أنبوبة قصب مدور مجوف مملوء مخا محدب إلى الوحشي مقعر إلى الإنسي ليكن بذلك ما ينتضد عليه من العضل و العصب و العروق و ليجود تأبط ما يتأبطه الإنسان و إقبال إحدى اليدين على الأخرى و طرفه الأعلى المحدب يدخل في نقرة الكتف بمفصل رخو غير وثيق جدا تضمه رباطات أربعة و بسبب الرخاوة يعرض له الخلع كثيرا و إنما جعل رخوا لتسلس الحركة في الجهات كلها مع عدم الاحتياج إلى دوام هذه الحركة و كثرتها ليخاف انتهاك الأربطة أو تخلعها بل العضد في أكثر الأحوال ساكن و سائر اليد متحركة و أما طرفه السافل فإنه قد ركب عليه زائدتان متلاصقتان فالتي تلي الجانب الإنسي منهما أطول و أدق و لا مفصل لها مع عظم آخر و ليس يرتبط بها شيء لكنها وقاية للعروق و العصب التي تأتي اليد و الأخرى التي تلي الجانب الوحشي يتم بها مفصل المرفق و فيما بين هاتين الزائدتين حز 11259 شبيه
بحز البكرة عند نهايته نقرتان من قدام و من خلف تسميان عتبتين فالتي إلى قدام مسواة مملسة لا حاجز عليها و الأخرى و هي الكبرى أنزل إلى تحت و غير مستدير الحز لكنه كالجدار المستقيم إذا تحرك فيها رأس عظم الساعد إلى الجانب الوحشي و وصل إليه وقف.
و أما الساعد فهو مؤلف من عظمين متلاصقين طولا و يسميان الزندين و الفوقاني الذي يلي الإبهام منها أدق لأنه محمول و يسمى الزند الأعلى و السفلاني الذي يلي الخنصر أغلظ لأنه حامل و يسمى الزند الأسفل و جملتها تسمى ذراعا و بالأعلى تكون حركة الساعد على الالتواء و الانبطاح 11260 و لهذا خلق معوجا كأنه يأخذ من الجهة الإنسية و يتحرف يسيرا إلى الوحشية ليحسن استعداده للحركة الالتوائية.
و بالأسفل تكون حركة الساعد إلى الانقباض و الانبساط و لهذا خلق مستقيما ليكون أصلح لهما و دقق الوسط من كل منهما لاستغنائه بما يحفه من العضل الغليظة عن الغلظ المثقل و غلظ طرفاهما لحاجتهما إلى كثرة نبات الروابط عنهما لكثرة ما يلحقهما من المصاكات و المصادمات العنيفة عند حركات المفاصل و تقربهما عن اللحم و العضل.
و الزند الأعلى في طرفه نقرة مهندمة فيها لقمة من أطراف الوحشي من العضد و يرتبط فيها برباطات و بدورانها في تلك النقرة تحت الحركة المنبطحة و الملتوية.
و أما الزند الأسفل فله زائدتان بينهما حز يتهندم في الحز الذي على طرف العضد و منهما يلتئم مفصل المرفق فإذا تحرك الحز إلى خلف و تحت انبسط اليد و إذا اعترض الحز الجداري من النقرة الحابسة للقمة حبسها و منعها عن زيادة انبساط فوقف العضد و الساعد على الاستقامة و إذا تحرك أحد الحزين على الآخر إلى قدام و فوق انقبضت اليد حتى يماس الساعد العضد من الجانب الإنسي و القدام و طرفا الزندين من أسفل يجتمعان معا كشيء واحد و يحدث فيهما نقرة واسعة مشتركة
أكثرها في الزند الأسفل و ما يفصل عن الانتقار يبقى محدبا مملسا ليبعد عن منال الآفات.
و أما الرسغ و المشط فالرسغ مؤلفة من ثمانية أعظم مدورة منضودة في صفين و هي عظام صلبة عديمة المخ مقببة الشكل تقبيبا تلتئم من اجتماعها هيئة موافقة لما ينبغي أن يكون الرسغ عليه.
و المشط مؤلف من أربعة أعظم متصلة بأعظم الرسغ بأربطة موثقة و الصف الأعلى من الرسغ و هو الذي يلي الساعد ثلاثة عظام موثوقة المفاصل و عظامه أدق ثم رءوسها التي تلي الساعد أدق و أشد تهندما و اتصالا كأنها واحدة و رءوسها التي تلي الصف الأسفل أعرض و أقل تهندما و اتصالا و الصف الأسفل أربعة عظام بعدد عظام المشط لاتصالها بها و أما العظم الثامن فليس مما يقوم صفي الرسغ بل خلق لوقاية عصبة تلي الكف و عظام المشط متقاربة من الجهة التي تلي الرسغ ليحسن اتصالها بعظام كالمتصلة المتلاصقة و تنفرج يسيرا في جهة الأصابع ليحسن اتصالها بعظام منفرجة متبائنة و للرسغ مع الساعد مفصلان أحدهما للانبساط و الانقباض و هو أكبرهما يحدث من تهندم عظام الرسغ في النقرة المشتركة بين طرفي الزندين و الآخر للالتواء و يحدث من تهندم زائدة تنبت على طرف الزند الأسفل على الخنصر في نقرة وقعت في طرف عظم الرسغ محاذية لها فتدور النقرة على الزائدة و يلتوي الرسغ و ما يتصل بها.