کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
المأمومين مع تحقق رابطة بين الشكين فالمشهور حينئذ رجوعهما إلى تلك الرابطة كما إذا شك الإمام بين الاثنتين و الثلاث و شك المأموم بين الثلاث و الأربع فهما متفقان في تجويز الثلاث و الإمام موقن بعدم احتمال الأربع و المأموم موقن بعدم احتمال الاثنتين فإذا رجع كل منهما إلى يقين الآخر تعين اختيار الثلاث فيبنون عليها و يتمون الصلاة من غير احتياط.
و ربما قيل بانفراد كل منهما حينئذ بشكه و ربما يستأنس له بما يظهر من مرسلة يونس من عدم رجوع أحدهما إلى الآخر مع شك الآخر و إن أمكن أن يقال أنه ليس الرجوع هنا فيما شكا فيه بل فيما أيقنا فيه و لعل اختيار الرابطة و الإتمام و الإعادة أيضا أحوط.
الخامس عشر الصورة المتقدمة مع عدم تحقق الرابطة كما إذا شك أحدهما بين الاثنتين و الثلاث و الآخر بين الأربع و الخمس فالمشهور أنه ينفرد كل منها بشكه و يعمل بحكم شكه و هو قوي لعدم دخوله ظاهرا في عموم نصوص رجوع أحدهما إلى الآخر كما عرفت و لعموم النصوص الدالة على حكم شك كل منهما.
ثم اعلم أنه على المشهور لا فرق في الصورتين بين كون الشك في الركعات أو في الأفعال و كذا لا فرق في صورة تحقق الرابطة بين أن يكون شك أحدهما مبطلا أم لا فالأول كما إذا شك أحدهما بين الاثنين و الثلاث و الآخر بين الثلاث و الخمس فإنهما يرجعان إلى الثلاث و إن كان الشك بين الثلاث و الخمس مبطلا لو انفرد.
و كذا لا فرق بين ما إذا انفرد كل منهما بحكم أم لا فالأول كما إذا شك أحدهما بين الثلاث و الأربع و الآخر بين الأربع و الخمس فإن حكم الأول صلاة الاحتياط و حكم الثاني سجدة السهو فإنه يسقطان عنهما و يرجعان إلى الأربع و كما إذا شك أحدهما بين الاثنتين و الثلاث و الأربع و الآخر بين الثلاث و الأربع و الخمس و حكم الأول ركعتان من قيام و ركعتان من جلوس و حكم الثاني ركعتان من جلوس مع سجدة السهو
فيرجعان إلى الشك بين الثلاث و الأربع فيسقط عن الأول حكمه المختص به و هو الركعتان من قيام و عن الثاني حكمه المختص به و هو سجدة السهو. السادس عشر اشتراك الشك بين الإمام و المأمومين مع تعدد المأمومين و اختلافهم أيضا في الشك فالمشهور في هذه الصورة أيضا التفصيل المتقدم بأنه إن كان بينهم رابطة يرجعون إليها كما إذا شك أحدهم بين الاثنتين و الأربع و الثاني بين الثلاث و الأربع و الثالث بين الأربع و الخمس فيبنون على الأربع لعلم الأول بعدم الثلاث و الخمس و الثاني بعدم الاثنتين و الخمس فهما متفقان في نفي الخمس و الثاني و الثالث متفقان في نفي الاثنتين و الأول و الثالث متفقان في نفي الثلاث.
و إن لم يكن بينهما رابطة فينفرد كل منهم و يعمل بحكم شكه بما مر من التقريب كما إذا شك أحدهم بين الاثنتين و الثلاث و الثاني بين الثلاث و الأربع و الثالث بين الأربع و الخمس و قال الشهيد الثاني قدس الله روحه في شرح الإرشاد بعد الحكم في تلك الصورة بالانفراد لكن هذا الفرض لا يتفق إلا مع ظن كل منهم انتفاء ما خرج عن شكه لا مع يقينه فإن تيقن الأولين عدم الخمس ينفيها و تيقن الأول عدم الأربع ينفيها فلا يمكن فرض شك الثالث على هذا الوجه انتهى.
أقول لا أعرف لهذا الكلام معنى محصلا إذ لو كان غرضه عدم إمكان تحقق شك الثالث مع يقين الآخرين بنفي ما شك فيه فلا يخفى وهنه إذ لا تنافي بين يقين إنسان و شك آخر مع أنه لا اختصاص له بالثالث إذا الثالث جازم بنفي ما يشك فيه الأول فلا يتصور شكه على هذا.
و لو كان الغرض عدم الاعتناء بشكه و لزوم الرجوع إلى الآخرين فهو ره لم يفرق في رجوع كل من المأموم و الإمام إلى الآخر بين الظن و اليقين و قال سابقا الظن في باب الشك في حكم اليقين.
و تحقيق المقام أنه لو كان الثاني أي الشاك بين الثلاث و الأربع الإمام فلا يتصور
له الرجوع إلى المأمومين لعدم اتفاقهم و عدم تحقق جامع بينهم و الرجوع إلى بعضهم دون بعض ترجيح من غير مرجح إلا أن يحصل له ظن بقول بعضهم فيخرج عن الصورة المفروضة و يحمل بظنه و في رجوع المأمومين إليه ما مر و أما رجوع بعض المأمومين إلى بعض فلا وجه له فلا بد من انفرادهم و يحتمل عدم انفراد الثالث عن الإمام لأنه أيضا يبني على الأربع.
و يحتمل في تلك الصورة وجه آخر بأن يقال يرجع الثالث في نفي الخمس إلى الإمام و في نفي الثلاث إلى علمه فيبني على الأربع من غير سجدة للسهو و الأول يرجع إلى الإمام في نفي الاثنين و في نفي الأربع إلى علمه فيبني على الثلاث من غير احتياط و هذا وجه قريب بالنظر إلى عمومات الأدلة كما لا يخفى.
و لو كان الثالث الإمام فله مع بعض المأمومين رابطة و لا يبعد عمل الثاني و الثالث بالرابطة و ينفرد الأول عملا بظواهر بعض النصوص المعتبرة و لو كان الأول الإمام فله مع الثاني رابطة هي الثلاث فيعملان بها و يبنيان عليها و ينفرد الثالث و الأحوط في الجميع الإعادة مع العمل بما ذكرناه لدلالة المرسلة المتقدمة عليها على بعض المحتملات و لتعارض تلك الوجوه المتقدمة و الله تعالى يعلم حقائق أحكامه و حججه ع.
الفصل الثاني في بيان حكم سهو الإمام و المأموم
اعلم أنه لا يخلو من أن يكون السهو مشتركا بين الإمام و المأموم أو مختصا بالإمام أو بالمأموم و لنورد الأخبار الواردة في ذلك سوى ما تقدم ذكره ثم نبين حكم كل من الصور.
فَمِنْهَا مَا رَوَاهُ الشَّيْخُ فِي الْمُوَثَّقِ 9705 عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَنْسَى وَ هُوَ خَلْفَ الْإِمَامِ أَنْ يُسَبِّحَ فِي السُّجُودِ أَوْ فِي الرُّكُوعِ أَوْ نَسِيَ أَنْ يَقُولَ شَيْئاً بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ 9706 عَنْ عَمَّارٍ عَنْهُ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ سَهَا خَلْفَ الْإِمَامِ بَعْدَ مَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئاً وَ لَمْ يُكَبِّرْ وَ لَمْ يُسَبِّحْ وَ لَمْ يَتَشَهَّدْ حَتَّى يُسَلِّمَ فَقَالَ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَ لَيْسَ عَلَيْهِ إِذَا سَهَا خَلْفَ الْإِمَامِ سَجْدَتَا السَّهْوِ لِأَنَّ الْإِمَامَ ضَامِنٌ لِصَلَاةِ مَنْ خَلْفَهُ.
وَ رُوِيَ أَيْضاً فِي الْمُوَثَّقِ عَنْ عَمَّارٍ 9707 عَنْهُ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ وَ قَدْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِرَكْعَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَسَهَا الْإِمَامُ كَيْفَ يَصْنَعُ فَقَالَ إِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ فَلَا يَسْجُدُ الرَّجُلُ الَّذِي دَخَلَ مَعَهُ وَ إِذَا قَامَ وَ بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ وَ أَتَمَّهَا وَ سَلَّمَ سَجَدَ الرَّجُلُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ إِلَى أَنْ قَالَ وَ عَنْ رَجُلٍ سَهَا خَلْفَ الْإِمَامِ فَلَمْ يَفْتَتِحِ الصَّلَاةَ قَالَ يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَ لَا صَلَاةَ بِغَيْرِ افْتِتَاحٍ.
وَ رُوِيَ أَيْضاً فِي الصَّحِيحِ 9708 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَتَكَلَّمُ نَاسِياً فِي الصَّلَاةِ يَقُولُ أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ قَالَ يُتِمُ
صَلَاتَهُ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ فَقُلْتُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ هُمَا أَوْ بَعْدُ قَالَ بَعْدُ.
وَ رُوِيَ أَيْضاً بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مِنْهَالٍ الْقَصَّابِ 9709 وَ هُوَ مَجْهُولٌ 9710 قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَسْهُو فِي الصَّلَاةِ وَ أَنَا خَلْفَ الْإِمَامِ قَالَ فَقَالَ إِذَا سَلَّمَ فَاسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَ لَا تَهُبَّ.
قوله ع لا تهب يحتمل أن يكون من المضاعف أي لا تقم من مكانك حتى تأتي بهما و قال في النهاية فيه لقد رأيت أصحاب رسول الله ص يهبون إليها كما يهبون إلى المكتوبة يعني ركعتي المغرب أي ينهضون إليها و في القاموس الهب انتباه من النوم و نشاط كل سائر و سرعته و يحتمل أن يكون على بناء الأجوف فالمراد به إما عدم الخوف من تشنيع الناس عليه بالسهو في الصلاة أو عدم الخوف من المخالفين للخلاف بينهم في ذلك كما ستطلع عليه.
وَ رَوَى الشَّيْخُ 9711 وَ الْكُلَيْنِيُ 9712 بِسَنَدٍ مَرْفُوعٍ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ: الْإِمَامُ يَحْمِلُ أَوْهَامَ مَنْ خَلْفَهُ إِلَّا تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ.
أقول قد مر مثله عنه ع 9713 بسند آخر و هو يحتمل وجوها الأول أن يكون المراد بالوهم الشك أو ما يشمله و الظن فإن المأموم الشاك يرجع إلى يقين الإمام اتفاقا و إلى ظنه على الأشهر و الظان إلى يقينه على الأشهر كما عرفت فيصدق أنه يحمل أوهام من خلفه و أما استثناء التكبير فلأنه مع الشك فيه لم يتحقق المأمومية بعد فلا يرجع إليه و لأنه ليس تابعا
للإمام فيه حتى يعلم بفعل الإمام فعله.
و يرد على الأخير أن هذا الوجه مشترك بينه و بين سائر الأذكار إلا أن يقال ذكره على سبيل المثال أو يقال إن في سائر الأذكار لما تحقق القدوة في الحالة التي تقع الذكر فيها فالظاهر وقوع الذكر منه مع إيقاع الإمام كالركوع و السجود بخلاف التكبير و فيه بعد كلام.
الثاني أن يكون المراد بالوهم الأعم من الشك و السهو و يكون المقصود بيان فضيلة الجماعة و فوائدها و أنه لا يقع من المأموم سهو و شك غالبا في الركعات و الأفعال لتذكير الإمام له و لا يخفى بعده.
الثالث أن يكون المراد بالوهم ما يشمل الشك و الظن و السهو أو يخص بالسهو كما فهمه جماعة فيدل على عدم ترتب حكم السهو على سهو المأموم و منه عدم بطلان صلاة المأموم بزيادة الركن سهوا فيما إذا ركع أو سجد قبل الإمام أو رفع رأسه عنهما قبله فإنه يرجع في تلك الصور و لا تضره زيادة الركن.
الرابع أن يكون المراد ما يسهو عنه من الأذكار إذ ليس فيها ركن غيرها قلت لعل المراد أنه يثاب عليها لقراءة إمامه بخلاف المنفرد فإنه إنما لا يعاقب على تركها.
ثُمَّ إِنَّهُ رَوَى الشَّيْخُ بِسَنَدٍ فِيهِ ضَعْفٌ عَنْ زُرَارَةَ 9714 قَالَ: سَأَلْتُ أَحَدَهُمَا ع عَنْ رَجُلٍ صَلَّى بِقَوْمٍ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى وُضُوءٍ قَالَ يُتِمُّ الْقَوْمُ صَلَاتَهُمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ ضَمَانٌ وَ رَوَاهُ الصَّدُوقُ 9715 بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
وَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ 9716 قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَ يَضْمَنُ الْإِمَامُ صَلَاةَ الْفَرِيضَةِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يَضْمَنُ قَالَ لَا يَضْمَنُ أَيَّ شَيْءٍ يَضْمَنُ
إِلَّا أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ جُنُباً أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ.
وَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ 9717 عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَ يَضْمَنُ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ فَقَالَ لَيْسَ بِضَامِنٍ.
وَ رُوِيَ مُرْسَلًا عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ بَشِيرٍ 9718 عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فَقَالَ لَا إِنَّ الْإِمَامَ ضَامِنٌ لِلْقِرَاءَةِ وَ لَيْسَ يَضْمَنُ الْإِمَامُ صَلَاةَ الَّذِينَ خَلْفَهُ وَ إِنَّمَا يَضْمَنُ الْقِرَاءَةَ.
و رواه في الفقيه 9719 مرسلا عن الحسين بن كثير و هو أصوب و هما مجهولان 9720 .
أقول يمكن الجمع بين أخبار إثبات الضمان و عدمه بوجوه الأول ما ذكره الصدوق حيث قال بعد إيراد رواية أبي بصير 9721 ليس هذا بخلاف خبر عمار و خبر الرضا ع لأن الإمام ضامن لصلاة من خلفه متى سها عن شيء منها غير تكبيرة الافتتاح و ليس بضامن لما يتركه المأموم متعمدا.
و الثاني ما ذكره أيضا حيث قال و وجه آخر و هو أنه ليس على الإمام ضمان لإتمام الصلاة بالقوم فربما حدث به حدث قبل أن يتمها أو يذكر أنه على غير طهر ثم استشهد برواية زرارة المتقدمة.