کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
تحقيق و توفيق
ذهب أكثر الأصحاب إلى كراهة فعل النوافل المبتدئات التي لا سبب لها عند طلوع الشمس إلى أن ترفع و يذهب شعاعها و عند ميلها إلى الغروب و اصفرارها إلى أن يكمل الغروب بذهاب الحمرة المشرقية و عند قيامها في وسط السماء إلى أن يزول إلا يوم الجمعة فإنه لا يكره فيها الصلاة في هذا الوقت و بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس و بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس و هذا مختار الشيخ في المبسوط.
و قال في الخلاف الأوقات التي تكره فيها الصلاة خمسة وقتان تكره الصلاة لأجل الفعل و ثلاثة لأجل الوقت فما كره لأجل الفعل بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس و بعد العصر إلى غروبها و ما كره لأجل الوقت ثلاثة عند طلوع الشمس و عند قيامها و عند غروبها و الأول إنما يكره ابتداء الصلاة فيه نافلة فأما كل صلاة لها سبب من قضاء فريضة أو نافلة أو تحية مسجد أو صلاة زيارة أو صلاة إحرام أو صلاة طواف أو نذر أو صلاة كسوف أو جنازة فإنه لا بأس به و لا يكره و أما ما نهي فيه لأجل الوقت فالأيام و البلاد و الصلوات فيها سواء إلا يوم الجمعة فإن له أن يصلي عند قيامها النوافل.
ثم قال و من أصحابنا من قال التي لها سبب مثل ذلك و قال في النهاية من فاته شيء من صلاة النوافل فليقضها أي وقت شاء من الليل أو نهار ما لم يكن وقت فريضة أو عند طلوع الشمس و غروبها فإنه تكره صلاة النوافل في هذين الوقتين و قد وردت رواية بجواز النوافل في الوقتين اللذين ذكرناهما فمن عمل بها لم يكن مخطئا لكن الأحوط ما ذكرناه و صرح بكراهة النوافل أداء و قضاء في الوقتين من غير استثناء.
و كذا المفيد جزم بكراهة النوافل المبتدأة و ذات السبب عند الطلوع و الغروب و قال إن من زار أحد المشاهد عند طلوع الشمس أو غروبها أخر الصلاة حتى تذهب حمرة الشمس عند طلوعها و صفرتها عند غروبها و قال ابن الجنيد
ورد النهي عن رسول الله ص عن الابتداء بالصلاة عند طلوع الشمس و غروبها و قيامها نصف النهار إلا يوم الجمعة في قيامها و عن الجعفي كراهة الصلاة في الأوقات الثلاثة إلا القضاء و عن المرتضى و مما انفردت الإمامية به كراهية صلاة الضحى فإن التنفل بالصلاة بعد طلوع الشمس إلى الزوال محرمة إلا يوم الجمعة خاصة قال في الذكرى و كأنه عنى به يعني بالتنفل صلاة الضحى لذكرها من قبل و جوز في الناصرية أن يصلي في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها كل صلاة لها سبب متقدم.
و ظاهر الصدوق التوقف في أصل هذه المسألة 4601 فإنه قال و قد روي نهي عن الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها لأن الشمس تطلع بين قرني شيطان و تغرب بين قرني شيطان إلا أنه روى لي جماعة من مشايخنا عن أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي رضي الله عنه ثم أورد الرواية التي أثبتناها في أول الباب.
و قال الشيخ في التهذيب 4602 بعد أن أورد الأخبار المتضمنة للكراهة و قد روي رخصة في الصلاة عند طلوع الشمس و عند غروبها و نقل الرواية بعينها و الظاهر صحة الرواية لأن قول الصدوق ره روى لي جماعة من مشايخنا يدل على استفاضتها عنده و المشايخ الأربعة الذين ذكرهم في إكمال الدين و إن لم يوثقوا في كتب الرجال لكنهم من مشايخ الصدوق و يروي عنهم كثيرا و يقول غالبا بعد ذكر كل منهم رضي الله عنه و اتفاق هذا العدد من المشايخ على النقل لا يقصر عن نقل واحد قال فيه بعض أصحاب الرجال ثقة فلا يبعد حمل أخبار النهي مطلقا على التقية أو الاتقاء لاشتهار الحكم بين المخالفين و اتفاقهم على إضرار من صلى في هذه الأوقات.
و قد أكثر الشيخ الأجل السعيد المفيد قدس الله روحه في كتابه المسمى بإفعل لا تفعل من التشنيع على العامة في روايتهم ذلك عن النبي ص و قال إنهم كثيرا ما يخبرون عن النبي ص بتحريم شيء و بعلة تحريمه و تلك العلة خطاء لا يجوز أن يتكلم بها النبي ص و لا يحرم الله من قبلها شيئا فمن ذلك ما أجمعوا عليه من النهي عن الصلاة في وقتين عند طلوع الشمس حتى يلتام طلوعها و عند غروبها فلو لا أن علة النهي أنها تطلع بين قرني الشيطان، و تغرب بين قرني شيطان لكان ذلك جائزا فإذا كان آخر الحديث موصولا بأوله و آخره فاسد أفسد الجميع و هذا جهل من قائله و الأنبياء لا تجهل فلما بطلت هذه الرواية بفساد آخر الحديث ثبت أن التطوع جائز فيهما.
باب 12 صلاة الضحى
1- ختص، الإختصاص عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَطَّارِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْخَزَّازِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: دَخَلَ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيُّ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لِخَادِمِهِ ادْعُهُ فَانْصَرَفَ إِلَيْهِ فَأَوْصَاهُ بِأَشْيَاءَ ثُمَّ قَالَ يَا عِيسَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ 4603 وَ إِنَّكَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ فَإِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ مِنْ هَاهُنَا مِقْدَارَهَا مِنْ هَاهُنَا مِنَ الْعَصْرِ فَصَلِّ سِتَّ رَكَعَاتٍ قَالَ ثُمَّ وَدَّعَهُ وَ قَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْ عِيسَى وَ انْصَرَفَ قَالَ يُونُسُ بْنُ يَعْقُوبَ فَمَا تَرَكَتُ السِّتَّ رَكَعَاتٍ مُنْذُ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ ذَلِكَ لِعِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ 4604 .
6- 2- رِجَالُ الْكَشِّيِّ، عَنْ حَمْدَوَيْهِ بْنِ نُصَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْبَزَنْطِيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ وَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ مِثْلَهُ 4605 .
3- الْعُيُونُ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ تَمِيمٍ الْقُرَشِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي الضَّحَّاكِ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ: مَا رَأَيْتُهُ صَلَّى الضُّحَى فِي سَفَرٍ وَ لَا حَضَرٍ 4606 .
4- التَّوْحِيدُ، لِلصَّدُوقِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْفَضْلِ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْجَعْفَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ شُجَاعٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْجَلِيلِ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنِ الصَّادِقِ ع عَنْ أَبِيهِ فِي حَدِيثٍ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي صِفِّينَ نَزَلَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الزَّوَالِ الْحَدِيثَ 4607 .
5- الْعَيَّاشِيُّ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ ع فَتَوَسَّطَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا نَاسٌ يَتَنَفَّلُونَ حِينَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ نَحَرُوا صَلَاةَ الْأَوَّابِينَ نَحَرَهُمُ اللَّهُ قَالَ قُلْتُ فَمَا نَحَرُوهَا قَالَ عَجَّلُوهَا قَالَ قُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ قَالَ رَكْعَتَانِ 4608 .
توضيح و تنقيح النحر الطعن في منحر الإبل أي ضيعوا صلاة الأوابين و هي نافلة الزوال بتقديمها على وقتها فإنهم تركوا بعض الثمان ركعات من نافلة الزوال و أبدعوا مكانها صلاة الضحى فكأنهم نحروها و قتلوها أو قدموها نحرهم الله أي قتلهم الله قال في النهاية في حديث علي ع إنه خرج و قد بكروا بصلاة الضحى فقال نحروها نحرهم الله أي صلوها في أول وقتها من نحر الشهر و هو أوله و قوله نحرهم الله يحتمل أن يكون دعاء لهم أي بكرهم الله بالخير كما بكروا بالصلاة أول وقتها و يحتمل أن يكون دعاء عليهم بالنحر و الذبح لأنهم غيروا وقتها انتهى.
قوله ركعتان أي التي قدموها ركعتان فإنهما أقل صلاة الضحى أو صلاة الأوابين هي نافلة وقت الزوال و هي ركعتان و ست ركعات أخر نافلة الظهر كما يظهر من بعض الأخبار أو المعنى أن صلاة الأوابين هي التي يكتفي المخالفون منها بركعتين فإن نافلة الزوال عند بعضهم ركعتان أو قال ذلك تقية.
وَ رَوَى الْكُلَيْنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْقُمِّيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ رَفَعَهُ قَالَ: مَرَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بِرَجُلٍ يُصَلِّي الضُّحَى فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فَغَمَزَ جَنْبَهُ بِالدِّرَّةِ وَ قَالَ نَحَرْتَ صَلَاةَ الْأَوَّابِينَ نَحَرَكَ اللَّهُ قَالَ فَأَتْرُكُهَا قَالَ فَقَالَ أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى- عَبْداً 4609 إِذا صَلَّى فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع وَ كَفَى بِإِنْكَارِ عَلِيٍّ ع نَهْياً 4610 .
قوله ع أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى الظاهر أنه قال ع ذلك تقية فإنه قد ورد في الأخبار أنهم كانوا يعارضونه ع عند نهيه عنها بهذه الآية أو المعنى أني إذا قلت لا تفعل لا تقبل مني و تعارضني بالآية و على التقديرين أزال الصادق ع ما يتوهم منه من التجويز بأن إنكار أمير المؤمنين ع أولا كان كافيا في انزجاره و علمه بحرمة الفعل إذا الضرب و الزجر و الإهانة لا تكون إلا على الحرام لكن السائل لما كان غبيا أو مخاصما شقيا و أعاد السؤال لم ير ع المصلحة في التصريح و إعادة النهي.
و أما جواب معارضتهم فهو أنه لا ينافي ما دلت الآية عليه من استحباب الصلاة في كل وقت أن يكون تعين عدد مخصوص في وقت معين بغير نص و حجة بدعة محرمة كما إذا هلل رجل عند الضحى عشر مرات مثلا من غير قصد تعيين يكون مثابا مأجورا و إذا فعلها معتقدا أنها بهذا العدد المعين في هذا الوقت المخصوص مستحبة مطلوبة يكون مبتدعا ضالا سبيله إلى النار كما مر تحقيقه مفصلا في باب البدعة.
و أما حديث عيسى بن عبد الله فالظاهر أنه ع أمره بذلك تقية أو اتقاء و إبقاء عليه لئلا يتضرر بترك التقية و كذا فعل أمير المؤمنين ع يوم صفين إما للتقية أو لغرض آخر يتعلق بخصوص هذا اليوم من صلاة حاجة أو مثلها إذ كون صلاة الضحى بدعة من المتواترات عند الإمامية لا خلاف بينهم فيه.
قال الشيخ في الخلاف صلاة الضحى بدعة لا يجوز فعلها و خالف جميع الفقهاء في ذلك و قالوا إنها سنة و قال الشافعي أقل ما يكون فيها ركعتان و أفضله اثنتا عشرة ركعة و المختار ثمان ركعات ثم قال دليلنا إجماع الفرقة و أيضا
رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ: صَلَاةُ الضُّحَى بِدْعَةٌ.
و قال العلامة في المنتهى صلاة الضحى بدعة عند علمائنا خلافا للجمهور فإنهم أطبقوا على استحبابها لنا
ما رواه الجمهور عن عائشة قالت ما رأيت النبي ص يصلي الضحى قط و سألها عبد الله بن شقيق أ كان رسول الله ص يصلي الضحى قالت لا إلا أن يجيء من مغيبة.
و عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى قال ما حدثني أحد قط أنه رأى النبي ص يصلي الضحى إلا أم هانئ فإنها حدثت أن النبي ص دخل بيتها يوم فتح مكة فصلى ثمان ركعات ما رأيته قط صلى صلاة أخف منها.
و
روى أحمد في مسنده قال رأى أبو بكر ناسا يصلون الضحى فقال إنهم ليصلون صلاة ما صلاها رسول الله ص و لا عامة أصحابه.
ثم قال لا يقال الصلاة مستحبة في نفسها فكيف حكمتم هاهنا بكونها غير مستحبة لأنا نقول إذا أتى بالصلاة من حيث إنها نافلة مشروعة في هذا الوقت كان بدعة أما إذا أوقعها على أنها نافلة مبتدأة فلا يمنع و هي عندهم ركعتان و أكثرها ثمان و فعلها وقت اشتداد الحر انتهى.
و العامة رووا عن أم هانئ ثماني ركعات و عن عائشة أربع ركعات فما زاد و عن أنس اثنتي عشرة ركعة و قال الآبي في شرح صحيح مسلم الأحاديث كلها متفقة و حاصلها أن الضحى سنة و أقلها ركعتان و أكملها ثمان ركعات و بينهما أربع و ست.
وَ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى أَهْلِ قُبَاءَ وَ هُمْ يُصَلُّونَ الضُّحَى فَقَالَ صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ إِذَا رَمِضَتِ الْفِصَالُ.