کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
بالكائن قبل كونه و ليزداد آدم ع يقينا بربه و يدعوه ذلك إلى التوفر على طاعته و التمسك بأوامره و الاجتناب لزواجره فأما الأخبار التي جاءت بأن ذرية آدم ع استنطقوا في الذر فنطقوا فأخذ عليهم العهد فأقروا فهي من أخبار التناسخية و قد خلطوا فيها و مزجوا الحق بالباطل و المعتمد من إخراج الذرية ما ذكرناه دون ما عداه مما استمر القول به على الأدلة العقلية و الحجج السمعية و إنما هو تخليط لا يثبت به أثر على ما وصفناه.
فصل
فإن تعلق متعلق بقوله تبارك اسمه وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ 3432 فظن بظاهر هذا القول تحقق ما رواه أهل التناسخ و الحشوية و العامة في إنطاق الذرية و خطابهم و أنهم كانوا أحياء ناطقين فالجواب عنه أن لهذه الآية من المجاز في اللغة كنظائرها مما هو مجاز و استعارة و المعنى فيها أن الله تبارك و تعالى أخذ من كل مكلف يخرج من ظهر آدم و ظهور ذريته العهد عليه بربوبيته من حيث أكمل عقله و دله بآثار الصنعة على حدثه و أن له محدثا أحدثه لا يشبهه يستحق العبادة منه بنعمة عليه فذلك هو أخذ العهد منهم و آثار الصنعة فيهم و الإشهاد لهم على أنفسهم بأن الله تعالى ربهم و قوله تعالى قالُوا بَلى يريد به أنهم لم يمتنعوا من لزوم آثار الصنعة فيهم و دلائل حدثهم اللازمة لهم و حجة العقل عليهم في إثبات صانعهم فكأنه سبحانه لما ألزمهم الحجة بعقولهم على حدثهم و وجود محدثهم قال لهم أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ فلما لم يقدروا على الامتناع من لزوم دلائل الحدث لهم كانوا كقائلين بَلى شَهِدْنا و قوله تعالى أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَ كُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَ فَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ أ لا ترى أنه احتج عليهم بما لا يقدرون يوم القيامة أن يتأولوا في إنكاره و لا يستطيعون و قد قال سبحانه وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَ كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ
الْعَذابُ 3433 و لم يرد أن المذكور يسجد كسجود البشر في الصلاة و إنما أراد به غير ممتنع من فعل الله فهو كالمطيع لله و هو معبر عنه بالساجد قال الشاعر.
بجمع تضل البلق في حجراته .
ترى الأكم فيها سجدا للحوافر . 3434
يريد أن الحوافر تذل الأكم بوطيها عليها.
و قوله تعالى ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ 3435 و هو سبحانه لم يخاطب السماء بكلام و لا السماء قالت قولا مسموعا و إنما أراد أنه عمد إلى السماء فخلقها و لم يتعذر عليه صنعتها فكأنه لما خلقها فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً فلما تعلقت بقدرته كانتا كالقائل أَتَيْنا طائِعِينَ و كمثل قوله تعالى يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ 3436 و الله تعالى يجل عن خطاب النار و هي مما لا يعقل و لا يتكلم و إنما الخبر عن سعتها و أنها لا تضيق بمن يحلها من المعاقبين و ذلك كله على مذهب أهل اللغة و عادتهم في المجاز أ لا ترى إلى قول شاعر.
و قالت له العينان سمعا و طاعة .
و أَسْبَلَتا 3437 كالدُّرِّ ما لم يُثَقَّب .
و العينان لم تقولا قولا مسموعا و لكنه أراد منهما البكاء فكانت كما أراد من غير تعذر عليه و مثله قول عنترة.
فازوَرّ من وقْع القَنا بلُبانه .
و شكا إليَّ بعَبْرة و تحمُّم . 3438
و الفرس لا يشتكي قولا لكنه ظهر منه علامة الخوف و الجزع فسمي ذلك قولا و منه قول الآخر.
و شكا إليَّ جَمَلِي طولَ السَّرَى 3439 .
و الجمل لا يتكلم لكنه لما ظهر منه النصب و الوصب لطول السرى عبر عن هذه العلامة بالشكوى التي تكون كالنطق و الكلام و منه قولهم أيضا.
امتلأ الحوض و قال قَطْنِي 3440 .
حسبك مني قد ملأت بطني .
و الحوض لم يقل قطني لكنه لما امتلأ بالماء عبر عنه بأنه قال حسبي و لذلك أمثال كثيرة في منثور كلام العرب و منظومة و هو من الشواهد على ما ذكرناه في تأويل الآية و الله تعالى نسأل التوفيق.
فصل
فأما الخبر بأن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فهو من أخبار الآحاد و قد روته العامة كما روته الخاصة و ليس هو مع ذلك مما يقطع على الله بصحته و إنما نقله رواته لحسن الظن به و إن ثبت القول فالمعنى فيه أن الله تعالى قدر الأرواح في علمه قبل اختراع الأجساد و اخترع الأجساد و اخترع لها الأرواح فالخلق للأرواح قبل الأجساد خلق تقدير في العلم كما قدمناه و ليس بخلق لذواتها كما وصفناه و الخلق لها بالإحداث و الاختراع بعد خلق الأجسام و الصور التي تدبرها الأرواح و لو لا أن ذلك كذلك لكانت الأرواح تقوم بأنفسها و لا تحتاج إلى آلات يعتملها و لكنا نعرف ما سلف لنا من الأحوال قبل خلق الأجساد كما نعلم أحوالنا بعد خلق الأجساد و هذا محال لا خفاء بفساده.
و أما الحديث بأن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف فالمعنى فيه أن الأرواح التي هي الجواهر البسائط تتناصر بالجنس و تتخاذل بالعوارض فما تعارف منها باتفاق الرأي و الهوى ائتلف و ما تناكر منها
بمباينة في الرأي و الهوى اختلف و هذا موجود حسا و مشاهد و ليس المراد بذلك أن ما تعارف منها في الذر ائتلف كما يذهب إليه الحشوية كما بيناه من أنه لا علم للإنسان بحال كان عليها قبل ظهوره في هذا العالم و لو ذكر بكل شيء ما ذكر ذلك فوضح بما ذكرناه أن المراد بالخبر ما شرحناه و الله الموفق للصواب انتهى.
أقول: 267 طرح ظواهر الآيات و الأخبار المستفيضة بأمثال تلك الدلائل الضعيفة و الوجوه السخيفة جرأة على الله و على أئمة الدين و لو تأملت فيما يدعوهم إلى ذلك من دلائلهم و ما يرد عليها من الاعتراضات الواردة لعرفت أن بأمثالها لا يمكن الاجتراء على طرح خبر واحد فكيف يمكن طرح تلك الأخبار الكثيرة الموافقة لظاهر الآية الكريمة بها و بأمثالها و سيأتي الأخبار الدالة على تقدم خلق الأرواح على الأجساد في كتاب السماء و العالم و سنتكلم عليها.
و منها ما ذكره السيد المرتضى رضي الله عنه في قوله تعالى وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ الآية
حيث قال و قد ظن بعض من لا بصيرة له و لا فطنة عنده أن تأويل هذه الآية أن الله سبحانه استخرج من ظهر آدم ع جميع ذريته و هم في خلق الذر فقررهم بمعرفته وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ و هذا التأويل مع أن العقل يبطله و يحيله مما يشهد ظاهر القرآن بخلافه لأن الله تعالى قال وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ و لم يقل من آدم و قال من ظُهُورِهِمْ و لم يقل من ظهوره و قال ذُرِّيَّتَهُمْ و لم يقل ذريته ثم أخبر تعالى بأنه فعل ذلك لئلا يقولوا يوم القيامة إنهم كانوا عن هذا غافلين أو يعتذروا بشرك آبائهم و أنهم نشئوا على دينهم و سنتهم و هذا يقتضي أن الآية لم تتناول ولد آدم ع لصلبه و أنها إنما تناولت من كان له آباء مشركون و هذا يدل على اختصاصها ببعض ذرية بني آدم فهذه شهادة الظاهر ببطلان تأويلهم فأما شهادة العقول فمن حيث لا تخلو هذه الذرية التي استخرجت من ظهر آدم ع و خوطبت و قررت من أن تكون كاملة العقول مستوفية بشروط التكليف أو لا تكون كذلك فإن كانت بالصفة الأولى وجب أن يذكر هؤلاء بعد خلقهم و إنشائهم و إكمال عقولهم ما كانوا عليه في تلك الحال و ما قرروا به و استشهدوا عليه لأن العاقل
لا ينسى ما جرى هذا المجرى و إن بعد العهد و طال الزمان و لهذا لا يجوز أن يتصرف أحدنا في بلد من البلدان و هو عاقل كامل فينسى مع بعد العهد جميع تصرفه المتقدم و سائر أحواله و ليس أيضا لتخلل الموت بين الحالين تأثير لأنه لو كان تخلل الموت يزيل الذكر لكان تخلل النوم و السكر و الجنون و الإغماء بين أحوال العقلاء يزيل ذكرهم لما مضى من أحوالهم لأن سائر ما عددناه مما ينفي العلوم يجري مجرى الموت في هذا الباب و ليس لهم أن يقولوا إذا جاز في العاقل الكامل أن ينسى ما كان عليه في حال الطفولية جاز ما ذكرنا و ذلك أنا إنما أوجبنا ذكر العقلاء لما ادعوه إذا كملت عقولهم من حيث جرى عليهم و هم كاملو العقل و لو كانوا بصفة الأطفال في تلك الحال لم نوجب عليهم ما أوجبناه على أن تجويز النسيان عليهم ينقض الغرض في الآية و ذلك أن الله تعالى أخبر بأنه إنما قررهم و أشهدهم لئلا يدعوا يوم القيامة الغفلة عن ذلك و سقوط الحجة عنهم فيه فإذا جاز نسيانهم له عاد الأمر إلى سقوط الحجة عنهم و زواله.
و إن كانوا على الصفة الثانية من فقد العلم و شرائط التكليف قبح خطابهم و تقريرهم و إشهادهم و صار ذلك عبثا قبيحا يتعالى الله عنه.
فإن قيل قد أبطلتم تأويل مخالفيكم فما تأويلها الصحيح عندكم.
قلنا في الآية وجهان أحدهما أن يكون تعالى إنما عنى بها جماعة من ذرية بني آدم خلقهم و بلغهم و أكمل عقولهم و قررهم على ألسن رسله ع بمعرفته و ما يجب من طاعته فأقروا بذلك وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ به لئلا يقولوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ أو يعتذروا بشرك آبائهم و إنما أتي من اشتبه عليه تأويل الآية من حيث ظن أن اسم الذرية لا يقع إلا على من لم يكن كاملا عاقلا و ليس الأمر كما ظن لأنا نسمي جميع البشر بأنهم ذرية آدم و إن دخل فيهم العقلاء الكاملون و قد قال الله تعالى رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ و لفظ الصالح لا يطلق إلا على من كان كاملا عاقلا فإن استبعدوا تأويلنا و حملنا الآية على البالغين المكلفين فهذا جوابهم.
الجواب الثاني أنه تعالى لما خلقهم و ركبهم تركيبا يدل على معرفته و يشهد بقدرته و وجوب عبادته و أراهم العبر و الآيات و الدلائل في غيرهم و في أنفسهم كان بمنزلة المشهد لهم على أنفسهم و كانوا في مشاهدة ذلك و معرفته و ظهوره فيهم على الوجه الذي أراده الله تعالى و تعذر امتناعهم منه و انفكاكهم من دلالته بمنزلة المقر المعترف و إن لم يكن هناك إشهاد و لا اعتراف على الحقيقة و يجري ذلك مجرى قوله تعالى ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ و إن لم يكن منه تعالى قول على الحقيقة و لا منهما جواب و مثله قوله تعالى شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ و نحن نعلم أن الكفار لم يعترفوا بالكفر بألسنتهم و إنما ذلك لما ظهر منهم ظهورا لا يتمكنون من دفعه كانوا بمنزلة المعترفين به و مثل هذا قولهم جوارحي تشهد بنعمتك و حالي معترفة بإحسانك.
و ما روي عن بعض الحكماء من قوله سل الأرض من شق أنهارك و غرس أشجارك و جنى ثمارك فإن لم تجبك جؤارا 3441 أجابتك اعتبارا و هذا باب كبير و له نظائر كثيرة في النظم و النثر يغني عن ذكر جميعها القدر الذي ذكرناه منها.
و منها ما ذكره الرازي في تفسير تلك الآية
حيث قال في تفسير تلك الآية قولان مشهوران.
الأول و هو مذهب المفسرين و أهل الأثر
مَا رَوَى مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ الْجُهَنِيُ أَنَّ عُمَرَ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص سُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً فَقَالَ خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ وَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَاسْتَخْرَجَ ذُرِّيَّةً فَقَالَ خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ وَ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفِيمَ الْعَمَلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ إِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَ إِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلَ النَّارَ.
وَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ
مَسَحَ ظَهْرَهُ فَسَقَطَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلُّ نَسَمَةٍ 3442 مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
و قال مقاتل إن الله مسح صفحة ظهر آدم اليمنى فخرج منه ذرية بيضاء كهيئة الذر تتحرك ثم مسح صفحة ظهره اليسرى فخرج منه ذرية سود كهيئة الذر فقال يا آدم هؤلاء ذريتك ثم قال لهم أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فقال للبيض هؤلاء في الجنة برحمتي و هم أصحاب اليمين و قال للسود هؤلاء في النار و لا أبالي و هم أصحاب الشمال و أصحاب المشأمة ثم أعادهم جميعا في صلب آدم فأهل القبور محبوسون حتى يخرج أهل الميثاق كلهم من أصلاب الرجال و أرحام النساء و قال تعالى فيمن نقض العهد الأول وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ 3443 و هذا القول قد ذهب إليه كثير من قدماء المفسرين كسعيد بن المسيب و سعيد بن جبير و الضحاك و عكرمة و الكلبي.
و أما المعتزلة فقد أطبقوا على أنه لا يجوز تفسير هذه الآية بهذه الوجه و احتجوا على فساد هذا القول بوجوه.
الأول أنه قال مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ فقوله مِنْ ظُهُورِهِمْ بدل من قوله بَنِي آدَمَ فلم يذكر الله أنه أخذ من ظهر آدم شيئا.
الثاني أنه لو كان كذلك لما قال مِنْ ظُهُورِهِمْ و لا من ذريتهم بل قال من ظهره و ذريته. الثالث أنه تعالى حكى عن أولئك الذرية أنهم قالوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ و هذا الكلام لا يليق بأولاد آدم لأنه ع ما كان مشركا.