کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
لأنه من قسم الظن المنهي عنه في القرآن.
لكن لما كان إمام كل عصر لا يخلو من غيبة و استتار و غربة و بعد ديار لاستيلاء أهل النفاق و تغلب أهل الشقاق خصوصا إمام الزمان و ناموس العصر و الأوان الذي انقطع خبره و كاد أن ينسى ذكره فنفسي لنفسه الفداء و مهجتي لأقدامه الوقاء.
يا حسرة تقلع الأحشاء زفرتها
على بعاد إمام العصر و الزمن
تكاد تنشق نفسي لوعة و أسى
أن خانني فيك دهري و القوى زمني
ها نور شخصك في عيني يقدمني
و حسن ذكرك يحييني و يلزمني .
أذن القائمون مقام النبي ص لشيعتهم في العمل بما يرويه عنهم أهل مودتهم و أمروا بتفريع الأحكام عن أصولها فتعاطى ذلك الشيعة للضرورة فإذا حضر الأصل فليس لفرع صورة و أجمعوا على بطلان العمل بقول من يموت بل يرجع العاقل إلى غيره من ورثة الذكر المنزل من حضرة الجبروت لئلا ينقطع الآثار النبوية و يترك العمل بالكتاب و السنة المروية و لئلا يبقى الباطل الذي أخطأ فيه الناظر إلى أن يظهر إمام الزمان في أواخر الدهور و الأعاصر فاطردت عادتهم بذلك حتى أن مثل بحر العلوم الحقيقية و علم الكنوز العقلية و سماء شمس الشريعة المحمدية جمال المحققين الحسن بن يوسف بن المطهر قدس الله نفسه الزكية لم يلتفت إلى نقله لما مات و عمل بفتوى ابنه السعيد أو تلميذه العميد و تلك عادة السلف ممن كان منهم سار على سيرتهم و عليه مع ما أشرنا إليه أدلة صريحة في الأصول لا يجهلها إلا من ليس بذي معقول.
و العمل المذكور يتوقف على شرائط يضبطها معرفة أصول العقائد و شرائط الحد و البرهان و الأصول و الآداب و اللغة على وجه يمكن معه استخراج المسائل الفرعية عن أدلتها التفصيلية لقوة قدسية من واهب العقل و السداد الملك الماجد الجواد و لا يتيسر مع ذلك إلا بطريق متصل بأهل البيت ع إذ أكثر فروع المسائل فضلا عن أصولها لها في أحاديثهم أصل يعتمد عليه و يعلم الإسناد إليه و الطرق إلى
ذلك كثيرة أعمها نفعا و أسهلها تناولا الإجازة تعانى أهل الفضل بها و حثوا في طلبها الركائب فهنا فوائد.
الأولى الإجازة إذن في نقل حديث أو فتوى و نحوهما من شخص من نفسه أو عمن نقل عنه بواسطة أو وسائط إلى غيره و قولنا من نفسه لتدخل الإذن في فتوى نفسه المختصة به و باقي القيود ظاهرة.
الثانية فائدتها تسلط المجاز له على إضافة ما أجيز له و إسناده إلى مصنفه و راوي الحديث إلى راويه و روايتها عنه بالسند المذكور على حد ما نقله في الطريق الصحيح أو الموثق أو الحسن أو غيرها.
الثالثة ما كان من الحديث خاليا عن المعارض أو راجحا على ما يعارضه وجب العمل به و الاعتماد عليه إن كان أحد الثلاثة و إن كان ضعيفا أو مرسلا أو مقطوعا فإن اعتضد بعموم الكتاب أو السنة أو الشهرة بين الأصحاب أو دليل عقلي أو غير ذلك من أسباب الرجحان عمل به و ما خلا عن ذلك لم يجز العمل به.
الرابعة إذا تعارضت الأمارتان و لا ترجيح ففيه الوقف لعدم العلم فيدخل في قوله وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ و لأنه لا ترجيح من غير مرجح و التخيير إن وقع للإنسان في حق نفسه و هو أرجح فكذا للمستفتي في حق نفسه لأن الوقف ينفي العمل و هو تأكيد و التأسيس خير منه لما تقرر في الأصول و لوقوع التعبد به كما في جهة القبلة و إن كان بين الخصمين أشار بالصلح فإن قبلاه و إلا رفعهما إلى غيره إن وجد و إلا يوقف حتى يظهر الرجحان.
الخامسة لا يقال ما فائدة الإجازة فإن الكتاب يصح نسبته إلى قائله و مؤلفه و كذا الحديث لأنه مستفيض أو متواتر و أيضا فالإجازة لا بد فيها من معرفة ذلك و إلا لم يجز النقل إذ ليس كل مجيز يعين الكتب و ينسبها بل يذكر أن ما صح أنه من كتب الإمامية و نحو هذه العبارة.
لأنا نقول نسبة الكتاب إلى مؤلفه لا إشكال في جوازها لكن ليس من أقسام الرواية و العمل و النقل للمذاهب توقف على الرواية و أدناها الإجازة فما لم يحصل
لم تكن مروية فلا يصح نقلها و لا العمل بها كما لو وجد كتابا كتبه آخر فإنه و إن عرف أنه كتبه لا يصح أن يرويه عنه فقد ظهرت الفائدة.
فهذه نبذة أشرنا إليها لينتفع بها و لدفع توهم أن الإجازة تجيز العمل كيف و المجاز تشتمل على راجح و مرجوح و العمل بالراجح واجب و بالمرجوح حرام و مما يؤيد أن الإجازة من أقسام الرواية إجازة كل عالم كتب جميع العلماء و من كتبهم مخالف لفتواه فلو أجاز العمل به لكان مجيزا لما ثبت عنده بطلانه و يخرج بذلك عن الأمانة و العدالة و كيف يجيز ابن إدريس كتب الشيخ للعمل لا يتوهم هذا محصل و أيضا فالإجازة يجيزها المجتهد لمثله و ليس المجاز له ممن يقله المجيز في شيء بل جميع الإجازات كذلك لاتصالها بالمجتهدين كما لا يخفى.
و مما يزيد ذلك بيانا أنهم يجيزون المعقول و المنقول و ليس المعقول صالحا لأن يعمل به بالإجازة و بعد المقدمة أقول.
أجزت له دامت أيامه العمل بما نقله و قرأه من الشرائع و حواشيها و أكثر النافع و الألفية و حواشيها و رسالتي النجفية و أن ينقله إلى غيره و يعمل به ذلك الغير و هلم جرا ما دمت حيا فإذا مت ففي الرواية خاصة إلا فيما لا خلاف فيه فإنه لا يتعلق بموت و لا يختص براو.
و أجزت له أيده الله بمعونته رواية كتب جميع الفتاوي للشيعة عني عن مشايخي عن مؤلفيها فمنها كتاب قواعد الأحكام لجمال الدين رحمه الله و التذكرة و النهاية و المختلف و المنتهى له إلى غير ذلك من كتبه كالتحرير و التلخيص و الإرشاد.
و منها كتب الشيخ و هي كثيرة أنفعها التهذيب و الإستبصار و التبيان و النهاية و المبسوط و الخلاف فالأولان عن مشايخي رضوان الله عليهم من مشايخي متصلا بأئمة الهدى و الثاني عن مشايخي متصلا إليه.
و منها كتب سائر أصحابنا كالمرتضى و كالمحقق من المعتبر و النكت و غيرهما و السعيد من الإيضاح و غيره و السعيد من شرح القواعد و غيره و جميع كتب أصحابنا
القدماء كابن قولويه و ابن بابويه من المقنع و الفقيه و غيرهما و الشيخ المفيد من المقنعة و الإرشاد و غيرهما و كتاب محمد بن يعقوب الكليني فإنه كاسمه كاف شاف واف و كتب جميع المتأخرين كالشهيد من الذكرى و البيان و الدروس و غير ذلك كحاشية القواعد و شرح الإرشاد.
و أجزت له رواية ما للرواية فيه مدخل و أجزت له أن يجيز ذلك لغيره ممن شاء و أحب فهو أهل لذلك محتاطا لي و له بشرائط الإجازة و الرواية.
تتمة
طرق فقهائنا رضوان الله عليهم مشهورة منها ما هو مذكور للعلامة في خلاصة الأقوال و للشيخ في آخر الإستبصار و لابن بابويه في آخر من لا يحضره الفقيه إلى غير ذلك كلها هي طرقنا إجازة و طرقنا إليهم متعددة منها ما أجازه لي عدة من الفضلاء أوثقهم الشيخ إبراهيم بن الحسن الشهير بالذراق عن الشيخ علي بن هلال الجزائري عن الشيخ أحمد بن فهد عن الشيخ زين الدين علي بن الحسن الخازن الحائري عن الشيخ أبي عبد الله محمد بن مكي فهذا طريق إلى الشهيد و سائر طرق الشهيد طرق لنا.
و عنه قدس الله روحه أيضا عن الشيخ علي بن هلال عن الشيخ عز الدين بن العشرة عن الشيخ أحمد بن فهد عن الشيخ علي بن يوسف النيلي و ظهير الدين علي بن عبد الجليل النيلي عن شيخهما السعيد عن أبيه العلامة عن المحقق نجم الدين بن فهد بطرقه إلى السعيد و العلامة و المحقق فطرقهم طرق لنا.
و عنه أيضا عن علي بن هلال عمن يثق به عن عبد المطلب بن الأعرج الحسيني عن جمال الدين الحسن بن يوسف عن محمد بن نما عن محمد بن منصور العجلي بن إدريس عن عربي بن مسافر العبادي عن إلياس بن هشام الحائري عن أبي علي ابن الشيخ أبي جعفر الطوسي عن الطوسي رحمه الله عن السيد المرتضى علي بن الحسين.
و عن الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان و عنه عن أبي جعفر محمد بن علي بن موسى بن بابويه القمي الملقب بالصدوق و عن المفيد عن محمد بن يعقوب الكليني فهذا إلى أجلاء فقهائنا و طرقهم أشهر من أن يذكر إلى الأئمة ع متصلة إلى سيد المرسلين ص فما كان من فتاويهم فإليهم خاصة و ما كان من الأحاديث فإلى خاتم النبيين ص عن جبرئيل ع عن رب العالمين.
و كتب الفقير الحقير غريق الخطايا و أسير الحدثان إبراهيم بن سليمان القطيفي المجاور بحرم مولاه أمير المؤمنين علي صلوات الله و سلامه عليه جعله الله به من الآمنين في الدنيا و الآخرة آمين حادي عشرين من شهر عاشوراء مفتتح سنة عشرين و تسعمائة و صلى الله على محمد و آله وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و أسأل من عموم كرم أخلاقه أن لا ينساني من الدعاء في خلواته و دبر صلواته كما لا أنساه حتى أوسد رميما في التراب و إلى الله المرجع و المآب و كتب الفقير إلى الله إبراهيم بن محمد الحرفوشي عفا الله عنهما و عن جميع المؤمنين و صلى الله على محمد و آله الطاهرين.
صورة إجازة 47 الشيخ المدقق إبراهيم 12627 بن سليمان القطيفي المذكور للسيد الشريف جمال الدين بن نور الله بن السيد شمس الدين محمد شاه الحسيني التستري قدس الله روحهما و لعل المجاز له جد القاضي نور الله التستري
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا من شرف السادة و جعلهم لنا شرفا و قادة و أوجب لنا شكره على إنعامه علينا بهم الزيادة و أوصل إلينا بإرشادهم ما شرعه لنا من الدين و العبادة و أصلح للمتمسك منا بهم دينه و دنياه و معاده كما أوجب عليهم أن يتبعوا ملة إبراهيم على من به اصطفيت آدم و نوحا و آل عمران و آل إبراهيم هو سيد المرسلين و غاية المخلوقين كان بحقيقته نبيا و آدم بين الماء و الطين و بظاهر نشأته مكمل معالم الدين و خاتم النبيين الباقي شرعه و دينه ببقاء العالمين إلى يوم الدين.
إذا انفردت و ما شوركت في صفة
فحسبنا الوصف إيضاحا و تبيينا .
لكن نتشرف و نشرف بذكر اسمه الطروس و الأقلام و نضع إجلالا له الرءوس موضع الأقدام هو محمد المصطفى من خاصة أهل الصدق و الصفاء و على نفسه في كتاب الله لاستقامته في مقام الوفاء الذي ولايته ركن للإيمان و سلامة من الغي و أمن و شفاء هو علي العلي الشأن عند العلي الشأن حسبي بذلك و كفى.
يقولون لي فضل عليا عليهم
فلست أقول التبر أعلى من الحصا
إذا أنا فضلت الإمام عليهم
أكن بالذي فضلته متنقصا
أ لم تر أن السيف يزري بحده
مقالة هذا السيف أمضى من العصا .
هو مظهر العجائب هو ليث بني غالب هو سهم الله الصائب هو الإمام لأهل السماء و الأرض علي بن أبي طالب صلوات الله و سلامه عليه.
يجل عن الأذهان كنه صفاته
و يرجع عنه الطرف رجعة أخيب
و ليس بيان القول عنه بكاشف
غطاء و لا فصل الخطاب بمعرب
و لم يغل فيك المسلمون بزعمهم
و لكن لسر في علاك مغيب .
و صل على آلهما الذين اخترتهم حفظة للدين أن يسقم و للعلم أن يعدم الذين استودعتهم أسرار علمك العظيم و ألهمتهم دقائق الخفايا في الذكر الحكيم فلم ينطقوا إلا بالصواب و لم يقفوا عن مسألة في جواب.
إذا شئت أن ترضى لنفسك مذهبا
ينجيك يوم البعث من ألم النار
فدع عنك قول الشافعي و مالك
و أحمد و النعمان أو كعب الأحبار
و وال أناسا قولهم و حديثهم
روى جدنا عن جبرئيل عن الباري .
و كما صليت على إبراهيم و آل إبراهيم فصل على محمد و آل محمد و على ذريتهم الطاهرين الفهاميم.
و بعد فيقول أخفض الخلائق عملا و أكثرهم زللا فقير عفو ربه المنان إبراهيم بن سليمان لما قضى الله سبحانه و تعالى بفقد العلماء و أهل الفضل من الحكماء كما أشار إليه الحق في كتابه المكنون في اللوح المخزون بقوله أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها فلم يبق من يعول عليه و لا من يشار بالفضل إليه و كان تعالى قد أفاض على مواهبه السنية و حسن ألطافه الخفية برشحة من المعارف الإلهية و الأحكام الشرعية.