کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
و التفّت .. أي انضمّت و اختلطت 3455 .
و هم خلالكم .. أي بينكم 3456 .
يسومونكم .. أي يكلّفونكم 3457 .
قوله عليه السلام: إنّ هذا الأمر ..
أي أمر المجلبين عليه، كما قال ابن ميثم، و المعنى أنّ قتلهم لعثمان كان عن تعصّب و حميّة لا لطاعة أمر اللّه و إن كان في الواقع مطابقا له.
و يمكن أن يكون المراد أنّ ما 3458 تريدون من معاقبة القوم أمر جاهليّة نشأ عن تعصّبكم و حميّتكم و أغراضكم الباطلة، و فيه إثارة للفتنة و تهييج للشرّ، و الأول أنسب بسياق الكلام 3459 ، إذ ظاهر أنّ إيراد تلك الوجوه للمصلحة و إسكات الخصم، و عدم تقوية شبه المخالفين الطالبين لدم عثمان.
قوله: مسمحة ... أي منقادة بسهولة 3460 .
و يقال: ضعضعه .. أي هدمه حتّى الأرض 3461 .
و المنّة بالضّم-: القوّة 3462 .
قوله عليه السلام: فآخر الدواء الكيّ.
كذا في أكثر النسخ المصحّحة،
و لعلّ المعنى بعد الداء الكيّ إذا اشتدّ الداء و لم يزل بأنواع المعالجات فيزول بالكيّ و ينتهي أمره إليه 3463 .
و قال ابن أبي الحديد 3464 : آخر الدواء الكيّ مثل مشهور، و يقال: آخر الطبّ 3465 ، و يغلط فيه العامّة فتقول: آخر الداء الكيّ، ثم قال: ليس معناه:
و سأصبر عن معاقبة هؤلاء ما أمكن فإذا لم أجد بدّا عاقبتهم، و لكنّه كلام قاله عليه السلام أوّل مسير طلحة و الزبير إلى البصرة، فإنّه حينئذ أشار عليه قوم بمعاقبة المجلبين فاعتذر عليه السلام بما ذكر، ثم قال: سأمسك نفسي عن محاربة هؤلاء الناكثين و أقنع بمراسلتهم و تخويفهم، فإذا لم أجد بدّا فآخر الدواء الحرب.
أقول: و يحتمل أن يكون ذلك تورية منه عليه السلام ليفهم بعض المخاطبين المعنى الأول 3466 ، و مراده المعنى الثاني.
4- مَا 3467 : أَبُو عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: إِنْ شَاءَ النَّاسُ قُمْتُ لَهُمْ خَلْفَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فَحَلَفْتُ لَهُمْ بِاللَّهِ مَا قَتَلْتُ عُثْمَانَ وَ لَا أَمَرْتُ بِقَتْلِهِ، وَ لَقَدْ نَهَيْتُهُمْ فَعَصَوْنِي.
قب 3468 : رُوِيَ أَنَّ أَصْحَابَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ 3469 كَانُوا فِرْقَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا:
اعْتَقَدُوا أَنَّ عُثْمَانَ 3470 قُتِلَ مَظْلُوماً وَ يَتَوَالاهُ وَ يَتَبَرَّأُ 3471 مِنْ أَعْدَائِهِ، وَ الْأُخْرَى وَ هُمْ جُمْهُورُ أَهْلِ 3472 الْحَرْبِ وَ أَهْلِ الْغَنَاءِ 3473 وَ الْبَأْسِ اعْتَقَدُوا 3474 أَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ لِأَحْدَاثٍ أَوْجَبَتْ عَلَيْهِ الْقَتْلَ، وَ مِنْهُمْ مَنْ يُصَرِّحُ بِتَكْفِيرِهِ، وَ كُلٌّ مِنْ هَاتَيْنِ الْفِرْقَتَيْنِ تَزْعُمُ أَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ مُوَافِقٌ لَهُ عَلَى رَأْيِهِ، وَ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَتَى وَافَقَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ بَايَنَتْهُ 3475 الْأُخْرَى وَ أَسْلَمَتْهُ، وَ تَوَلَّتْ عَنْهُ وَ خَذَلَتْهُ، فَكَانَ يَسْتَعْمِلُ فِي كَلَامِهِ مَا يُوَافِقُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ.
أقول: : قد مرّ القول في ذلك في سياق مطاعنه، و لا يخفى على أحد أنّ أقواله و أفعاله عليه السلام في تلك الواقعة تدلّ على أنّه عليه السلام كان منكرا لأفعاله و خلافته راضيا بدفعه، لكن لم يأمر صريحا بقتله لعلمه بما يترتّب عليه من المفاسد أو تقيّة، و لم ينه القاتلين أيضا لأنّهم كانوا محقّين، و كان عليه السلام يتكلّم في الإحتجاج على الخصوم على وجه لا يخالف الواقع و لا يكون للجهّال و أهل الضلال أيضا عليه حجّة، و كان هذا ممّا يخصّه من فصل الخطاب و ممّا يدلّ على وفور علمه في كلّ باب.
[31] باب ما ورد في لعن بني أميّة و بني العبّاس و كفرهم
الآيات:
إبراهيم: (وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ) 3476 .
و قال تعالى: (أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَ بِئْسَ الْقَرارُ) 3477 .
تفسير: (مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ .) 3479 .
قال في مجمع البيان 3480 : و 3481 هي كلمة الشرك و الكفر 3482 .، و قيل: 3483 كلّ كلام في معصية اللّه ... (كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) غير زاكية، و هي شجرة الحنظل ...
و قيل: إنّها شجرة هذه صفتها، و هو أنّه لا قرار لها في الأرض ... و قيل: إنّها الكشوث. 3484 ..
وَ رَوَى أَبُو الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّ هَذَا مَثَلُ بَنِي أُمَيَّةَ (اجْتُثَّتْ) . أَيْ قُطِعَتْ وَ اسْتُؤْصِلَتْ وَ اقْتَلَعْتَ جُثَّتَهَا مِنَ الْأَرْضِ (ما لَها مِنْ قَرارٍ) . أَيْ مَا لِتِلْكَ الشَّجَرَةِ مِنْ ثَبَاتٍ، فَإِنَّ الرِّيحَ تَنْسِفُهَا وَ تَذْهَبُ بِهَا ..
وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهَا شَجَرَةٌ لَمْ يَخْلُقْهَا اللَّهُ بَعْدُ وَ إِنَّمَا هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ.
(أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ .) 3485 .. أي 3486 أ لم تر إلى هؤلاء الكفّار عرفوا نعمة اللّه بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله .. أي عرفوا محمّدا ثم كفروا به فبدّلوا مكان الشكر كفرا.
وَ عَنِ الصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: نَحْنُ وَ اللَّهِ نِعْمَةُ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى عِبَادِهِ، وَ بِنَا يَفُوزُ مَنْ فَازَ.
أو المراد جميع نعم اللّه على العموم بدّلوها أقبح التبديل، إذ جعلوا مكان شكرها الكفر بها، و اختلف في المعني بالآية ..
فَرُوِيَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ ابْنِ جُبَيْرٍ وَ مُجَاهِدٍ
وَ الضَّحَّاكِ، أَنَّهُمْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ كَذَّبُوا نَبِيَّهُمْ وَ نَصَبُوا لَهُ 3487 الْحَرْبَ وَ الْعَدَاوَةَ.
وَ سَأَلَ رَجُلٌ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ: هُمَا الْأَفْجَرَانِ مِنْ قُرَيْشٍ بَنُو أُمَيَّةَ وَ بَنُو الْمُغِيرَةِ، فَأَمَّا بَنُو أُمَيَّةَ فَمُتِّعُوا إِلَى حِينٍ، وَ أَمَّا بَنُو الْمُغِيرَةِ فَكَفَيْتُمُوهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ.
و قيل: إنّهم جبلة بن الأبهم و من تبعه 3488 من العرب تنصّروا و لحقوا بالروم.
(و دارَ الْبَوارِ) 3489 : دار الهلاك 3490 .
(وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا) 3491 فيه أقوال 3492 :
أحدها: أنّ المراد بالرؤيا رؤية العين، و هي الإسراء 3493 ، و سمّاها فتنة للامتحان و شدّة التكليف ..
و ثانيها: أنّها رؤيا نوم رآها أنّه سيدخل مكة و هو بالمدينة، فقصدها قصده 3494 المشركون حتى 3495 دخلت على قوم منهم الشبهة ...، ثم رجع فدخل في القابل و ظهر صدق الرؤيا.
و ثالثها:
أنّ ذلك رؤيا رآها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله 3496 أنّ قرودا تصعد منبره و تنزل، فساءه ذلك و اغتمّ به،- رواه سهل بن سعيد، عن أبيه ... و هو المرويّ
عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام .
، و قالوا: على هذا التأويل أنّ الشجرة الملعونة 3497 هي بنو أميّة، أخبره اللّه بتغلّبهم على مقامه و قتلهم ذريّته ...
و قيل: هي شجرة الزقّوم ...
و قيل: هي اليهود ...
و تقدير الآية: و ما جعلنا الرؤيا التي أريناك و الشجرة الملعونة إلّا فتنة للناس.
الأخبار
1- نَهْجٌ 3498 : قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ لِبَنِي أُمَيَّةَ مِرْوَداً يَجْرُونَ فِيهِ، وَ لَوْ قَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ ثُمَّ كَادَتْهُمُ الضِّبَاعُ لَغَلَبَتْهُمْ.