کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
الثَّانِيَةِ، وَ الرَّعَابِيبُ 29421 تَرْعَبُ، وَ الْأَوْدَاجُ تَشْخُبُ، وَ الصُّدُورُ تُخْضَبُ 29422 ؟ أَمْ هَلَّا بَادَرَا يَوْمَ ذَاتِ اللُّيُوثِ، وَ قَدْ أُبِيحَ المتولب [التَّوْلَبُ] 29423 ، وَ اصْطَلَمَ الشَّوْقَبُ، وَ ادْلَهَمَّ الْكَوْكَبُ؟! وَ لِمَ لَا كَانَتْ شَفَقَتُهُمَا عَلَى الْإِسْلَامِ يَوْمَ الْكَدِرِ 29424 ، وَ الْعُيُونُ تَدْمَعُ، وَ الْمَنِيَّةُ تَلْمَعُ، وَ الصَّفَائِحُ تَنْزِعُ ..
ثُمَّ عَدَّدَ وَقَائِعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كُلَّهَا عَلَى هَذَا النَّسَقِ، وَ قَرَعَهُمَا بِأَنَّهُمَا فِي هَذِهِ الْمَوَاقِفِ كُلِّهَا كَانَا مَعَ النَّظَّارَةِ وَ الْخَوَالِفِ وَ الْقَاعِدِينَ، فَكَيْفَ بَادَرَا الْفِتْنَةَ بِزَعْمِهِمَا يَوْمَ السَّقِيفَةِ وَ قَدْ تَوَطَّأَ الْإِسْلَامُ بِسَيْفِهِ، وَ اسْتَقَرَّ قَرَارَهُ، وَ زَالَ حِذَارُهُ 29425 .
ثُمَّ قَالَ- بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ 29426 -: مَا هَذِهِ الدَّهْمَاءُ وَ الدَّهْيَاءُ الَّتِي وَرَدَتْ عَلَيْنَا مِنْ قُرَيْشٍ؟! أَنَا صَاحِبُ هَذِهِ الْمَشَاهِدِ، وَ أَبُو هَذِهِ الْمَوَاقِفِ، وَ ابْنُ هَذِهِ الْأَفْعَالِ. يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ! إِنِّي عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِي، وَ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ دِينِي، الْيَوْمَ أَنْطَقْتُ الْخَرْسَاءَ الْبَيَانَ، وَ فَهَّمْتُ الْعَجْمَاءَ الْفَصَاحَةَ، وَ أَتَيْتُ الْعَمْيَاءَ بِالْبُرْهَانِ، هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ 29427 قَدْ تَوَافَقْنَا عَلَى حُدُودِ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ، وَ أَخْرَجْتُكُمْ مِنَ الشُّبْهَةِ إِلَى الْحَقِّ، وَ مِنَ الشَّكِّ إِلَى الْيَقِينِ، فَتَبَرَّءُوا 29428 - رَحِمَكُمُ اللَّهُ مِمَّنْ نَكَثَ 29429 الْبَيْعَتَيْنِ، وَ غَلَبَ الْهَوَى بِهِ 29430 فَضَلَّ، وَ أَبْعِدُوا- رَحِمَكُمُ اللَّهُ- مِمَّنْ
أَخْفَى الْغَدْرَ 29431 وَ طَلَبَ الْحَقَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ فَتَاهَ، وَ 29432 الْعَنُوا- رَحِمَكُمُ اللَّهُ- مَنِ انْهَزَمَ الْهَزِيمَتَيْنِ إِذْ يَقُولُ اللَّهُ: إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ 29433 ، وَ قَالَ: وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَ ضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ 29434 . وَ اغْضِبُوا 29435 - رَحِمَكُمُ اللَّهُ- عَلَى مَنْ غَضَبَ اللَّهُ 29436 عَلَيْهِمْ، وَ تَبَرَّءُوا- رَحِمَكُمُ اللَّهُ- مِمَّنْ يَقُولُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: يَرْتَفِعُ 29437 يَوْمَ الْقِيَامَةِ رِيحٌ سَوْدَاءُ تَخْتَطِفُ 29438 مِنْ دُونِي قَوْماً مِنْ أَصْحَابِي مِنْ عُظَمَاءِ الْمُهَاجِرِينَ، فَأَقُولُ: أُصَيْحَابِي. فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. وَ تَبَرَّءُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ مِنَ النَّفْسِ الضَّالِّ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ: يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَ لا خِلالٌ 29439 فَيَقُولُوا: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ 29440 وَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقُولُوا: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ 29441 أَوْ يَقُولُوا: وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ 29442 أَوْ يَقُولُوا: رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا
السَّبِيلَا 29443 ، إِنَّ قُرَيْشاً طَلَبَتِ السَّعَادَةَ فَشَقِيَتْ 29444 ، وَ طَلَبَتِ النَّجَاةَ فَهَلَكَتْ، وَ طَلَبَتِ الْهِدَايَةَ فَضَلَّتْ. إِنَّ قُرَيْشاً قَدْ أَضَلَّتْ أَهْلَ دَهْرِهَا وَ مَنْ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهَا مِنَ الْقُرُونِ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَضَعَ إِمَامَتِي فِي قُرْآنِهِ فَقَالَ: وَ الَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَ قِياماً 29445 وَ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً 29446 ، وَ قَالَ: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ نَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ لِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ 29447 ..
وَ هَذِهِ خُطْبَةٌ طَوِيلَةٌ 29448 .
وَ قَدْ قَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ مَقَامَاتِهِ كَلَاماً لَوْ لَمْ يَقُلْ غَيْرَهُ لَكَفَى قَوْلُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أَنَا وَلِيُّ هَذَا الْأَمْرِ دُونَ قُرَيْشٍ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ: الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِعِتْقِ الرِّقَابِ مِنَ النَّارِ، وَ بِعِتْقِهَا مِنَ السَّيْفِ، وَ هَذَانِ لَمَّا اجْتَمَعَا كَانَا أَفْضَلَ مِنْ عِتْقِ الرِّقَابِ مِنَ الرِّقِّ، فَمَا كَانَ لِقُرَيْشٍ عَلَى الْعَرَبِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ لِبَنِي هَاشِمٍ عَلَى قُرَيْشٍ، وَ مَا كَانَ لِبَنِي هَاشِمٍ عَلَى قُرَيْشٍ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ لِي عَلَى بَنِي هَاشِمٍ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ».
بيان:
ديّنّاهم- على بناء التفعيل- .. أي جعلنا الإسلام دينهم و قرّرناهم 29449 عليه.
قال الفيروزآبادي: دان 29450 فلانا: حمله على ما يكره و أذلّه، و ديّنه تديينا 29451 :
وكله إلى دينه 29452 .
و في المناقب 29453 : و علّمناهم الفرائض و السنن، و حفّظناهم الصدق و اللين، و ورّثناهم الدين 29454 .
قوله عليه السلام: و ألتونا .. أي نقصونا 29455 و منعونا ما هو من أسباب قوّتنا و اقتدارنا.
و أعلامنا- بالفتح- .. أي ما هو علامة لإمامتنا و دولتنا، أو بالكسر .. أي ما هو سبب تعليمنا، كما قال تعالى: وَ ما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ 29456 .
و في المناقب 29457 : و التوونا .. من التوى عن الأمر .. أي تثاقل 29458 .
و لَيُّ الْغَرِيمِ معروف 29459 ، و يقال: استعديت على فلان الأمير فأعداني ..
أي استعنت به عليه فأعانني عليه 29460 .
قوله: و وتروا 29461 .. أي ألقوا الجنايات و الدخول 29462 بيني و بين العرب و العجم، فإنّهم غصبوا خلافتي و أجروا الناس على الباطل، فصار ذلك سببا للحروب و سفك الدماء، و الوتر- بالكسر-: الجناية، و الموتور: الّذي له قتيل فلم يدرك بدمه 29463 . و المتاه: اسم مكان، أو مصدر ميميّ من التّيه 29464 : و هو الحيرة و الضّلالة 29465 .
و قال في النهاية: 29466 : فيه .. «الفتنة الصّمّاء العمياء» .. أي 29467 الّتي لا سبيل إلى تسكينها لتناهيها في رهانها 29468 ، لأنّ الأصمّ لا يسمع الاستغاثة و لا 29469 يقلع عمّا يفعله، و قيل: هي كالحيّة الصّمّاء الّتي لا تقبل الرّقى.
قوله عليه السلام: و وطأة الأسد .. قال الجزري: الوطء- في الأصل-:
الدّوس بالقدم فسمّي به الغزو و القتل، لأنّ من يطأ على الشّيء برجله فقد استقصى في هلاكه و إهانته .. و منه الحديث 29470 : «
اللّهمّ اشدد وطأتك على
مضر» ..
أي خذهم أخذا شديدا 29471 .
و الطّمطام: معظم ماء البحر، و قد يستعار لمعظم النّار 29472 ، و استعير هنا لعظماء أهل الشرّ و الفساد.
و قال الجوهري: المحك: اللّجاج .. و المماحكة: الملاجّة 29473 .
و القمقام: البحر و الأمر الشّديد و السّيّد و العدد الكثير 29474 .
قوله عليه السلام: و عجم العرب .. أي كانوا من العرب بمنزلة الحيوانات العجم 29475 .
قوله عليه السلام: و غنم الحرب .. أي أهل غنم الحرب الذين لهم غنائمها أو يغتنمونها، و يمكن أن يقرأ الحرب- بالتحريك- و هو سلب المال 29476 ، و في بعض النسخ الحروب.
قوله عليه السلام: و قطب الإقدام .. لعلّه بكسر الهمزة .. أي كانوا كالقطب للإقدام على الحروب، أو بالفتح أي بهم كانت الأقدام تستقرّ في الحروب، أو كانت أقدامهم بمنزلة القطب لرحا الحرب، و القطب أيضا: سيّد
القوم و ملاك الشّيء و مداره، ذكره الفيروزآبادي 29477 .
قوله عليه السلام: و سلّ السيوف 29478 .. الحمل على المبالغة أي سلّال السّيوف، و لعلّه تصحيف، و في بعض النسخ: سيل السيوف.
و الدلاص- بالكسر-: الليّن 29479 البرّاق، يقال: درع دلاص و أدرع دلاص 29480 .
قوله عليه السلام: يفري جماجم البهم .. و في بعض النسخ: يبرئ بالباء- الفري: الشّقّ 29481 و البري: النّحت 29482 ، و البهم- كصرد-: جمع بهمة، و هو الفارس الّذي لا يدرى من أين يؤتى من شدّة بأسه 29483 ، و الجمجمة- بالضم-: