کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
من حرير الجنة تفوح منه رائحة المسك الأذفر قال عبد المطلب كنت في الساعة التي ولد فيها رسول الله ص أطوف بالكعبة و إذا بالأصنام قد تساقطت و تناثرت و الصنم الكبير سقط على وجهه و سمعت قائلا يقول الآن 17478 آمنة قد ولدت رسول الله ص فلما رأيت ما حل بالأصنام تلجلج لساني و تحير عقلي و خفق فؤادي حتى صرت لم أستطع الكلام فخرجت مسرعا أريد باب بني شيبة و إذا الصفا و المروة يركضان بالنور فرحا و لم أزل مسرعا إلى أن قربت من منزل آمنة و إذا بغمامة بيضاء قد عمت منزلها فقربت من الباب و إذا روائح المسك الأذفر و الند و العنبر قد عبقت 17479 بكل مكان حتى عمتني الرائحة فدخلت على آمنة و إذا بها قاعدة و ليس عليها أثر النفاس فقلت أين مولودك أريد أن أنظر إليه قالت قد حيل بيني و بينه و لقد سمعت مناديا ينادي لا تخافي على مولودك و سيرد عليك بعد ثلاثة أيام 17480 فسل عبد المطلب سيفه و قال أخرجي لي ولدي هذه الساعة و إلا علوتك به فقالت إنهم قد دخلوا به هذه الدار قال عبد المطلب فهممت بالدخول إلى الدار إذ برز لي شخص من داخل الدار كأنه النخلة السحوق لم أر أهول منه و بيده سيف و قال لي ارجع ليس لك إلى ذلك من سبيل و لا لغيرك حتى تنقضي زيارة الملائكة فخرجت خائفا مما رأيت من الأهوال.
قال صاحب الحديث بلغنا أن الساعة التي ولد فيها رسول الله ص طردت الشياطين و المردة هاربين و منهم من غمي عليه 17481 و منهم من مات و أما سطيح و وشق 17482 فماتا في تلك الليلة و أما زرقاء اليمامة فإنها كانت جالسة مع خدمها و جواريها إذ صرخت
صرخة عظيمة و غشي عليها فلما أفاقت أنشأت تقول.
أما المحال فقد مضى لسبيله .
و مضت كهانة معشر الكهان .
جاء البشير فكيف لي بهلاكه .
هيهات جاء الوحي 17483 بالإعلان .
فلما تمت له ثلاثة أيام دخل عليه جده عبد المطلب فلما نظر إليه قبله و قال الحمد لله الذي أخرجك إلينا حيث وعدنا 17484 بقدومك فبعد هذا اليوم لا أبالي أصابني الموت أم لا ثم دفعه إلى آمنة فجعل يهش 17485 و يضحك لجده و أمه كأنه ابن سنة قال عبد المطلب يا آمنة احفظي ولدي هذا فسوف يكون له شأن عظيم و أقبل الناس من كل فج عميق يهنئون عبد المطلب و جاءت جملة النساء إلى آمنة و قلن لها لم لم ترسلي إلينا فهنأنها بالمولود و قد عبقت بهن جمع رائحة المسك فكان يقول الرجل لزوجته من أين لك هذا فتقول هذا من طيب مولود آمنة فأقبلت القوابل ليقطعن سرته فوجدنه مقطوع السرة فقلن لآمنة ما كفاك أنك وضعت به حتى قطعت سرته بنفسك فقالت لهن و الله لم أره إلا على هذه الحالة 17486 فتعجبت القوابل من ذلك و كانت تأتيها القوابل بعد ذلك و إذا به مكحولا مقموطا 17487 فيتعجبن منه فلما مضى له من الوضع سبعة أيام أولم عبد المطلب وليمة عظيمة و ذبح الأغنام و نحر الإبل و أكل الناس ثلاثة أيام ثم التمس له مرضعة تربيه 17488 على عادة أهل مكة 17489 .
إيضاح الأطلال جمع الطلل بالتحريك و هو ما شخص من آثار الدار و الهمام
بالضم و تخفيف الميم الملك العظيم الهمة و الضرغام بالكسر الأسد و القمقام بالفتح السيد و المقدام بالكسر الرجل الكثير الإقدام على العدو و الحمام بالكسر الموت و المناكب لعله من النكبة بمعنى المصيبة و يقال كافحوهم إذا استقبلوهم في الحرب بوجوههم ليس دونها ترس و لا غيره و الكمي الشجاع و ذباب السيف بالضم طرفه الذي يضرب به و القصم الكسر و الهزبر بكسر الهاء و فتح الزاء الأسد و الجلاميد جمع الجلمود و هو الصخر و السراة بالضم جمع سري و هو الشريف قولها من يحظى هو على بناء المجهول من الحظوة و هي القدر و المنزلة و قال الجوهري لخن السقاء بالكسر أي أنتن و منه قولهم أمة لخناء و يقال اللخناء التي لم تختن انتهى و الورق بالضم جمع الأورق و هو الذي في لونه بياض إلى سواد و في القاموس الند طيب معروف أو العنبر و السحوق من النخل الطويلة و غمي على المريض و أغمي مضمومتين غشي عليه ثم أفاق.
تتمة مفيدة اعلم أن ظاهر أخبار المولد السعيد أن الشهب لم تكن قبله و إنما حدثت في هذا الوقت و هو خلاف المشهور و يمكن أن تكون كثرتها إنما حدثت عند ذلك و كانت قبل ذلك نادرة.
قال الرازي في تفسير قوله سبحانه فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً ما ملخصه فإن قيل هذه الشهب كانت موجودة قبل المبعث لأن جميع الفلاسفة تكلموا في أسباب انقضاضها و قد جاء وصفها في شعر الجاهلية و قد روي عن ابن عباس أيضا ما يدل على كونها في الجاهلية فما معنى تخصيصها بمبعثه ص ثم أجاب بوجهين الأول أنها ما كانت قبل المبعث و هذا قول ابن عباس و أبي بن كعب و جماعة و هؤلاء زعموا أن كتب الأوائل قد توالت عليها التحريفات فلعل المتأخرين ألحقوا هذه المسألة طعنا منهم في هذه المعجزة و كذا الأشعار المنسوبة إلى أهل الجاهلية لعلها مختلقة عليهم و منحولة و الخبر غير ثابت. و الثاني و هو الأقرب إلى الصواب أنها كانت موجودة إلا أنها زيدت بعد المبعث
و جعلت أكبر و أقوى انتهى 17490 .
و أقول يحتمل وجه ثالث و هو أن تكون هذه موجود قبل الإسلام بمدة ثم ارتفعت و زالت مدة مديدة ثم حدثت بعد الولادة أو البعثة و يؤيده ما روي عن أبي بن كعب أنه قال لم يرم بنجم منذ رفع عيسى ع حتى بعث رسول الله ص و سيأتي مزيد تحقيق في كتاب السماء و العالم إن شاء الله تعالى.
باب 4 منشئه و رضاعه و ما ظهر من إعجازه عند ذلك إلى نبوته ص
1- يج، الخرائج و الجرائح رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا وُلِدَ النَّبِيُّ ص قَدِمَتْ حَلِيمَةُ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ فِي نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ تَلْتَمِسُ الرُّضَعَاءَ بِمَكَّةَ قَالَتْ فَخَرَجْتُ مَعَهُنَّ عَلَى أَتَانٍ وَ مَعِي زَوْجِي وَ مَعَنَا شَارِفٌ لَنَا مَا بَيَّضَ 17491 بِقَطْرَةٍ مِنْ لَبَنٍ وَ مَعَنَا وَلَدٌ مَا نَجِدُ فِي ثَدْيَيَّ مَا نُعَلِّلُهُ بِهِ وَ مَا نَامَ لَيْلَنَا جُوعاً فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ لَمْ تَبْقَ مِنَّا امْرَأَةٌ إِلَّا عُرِضَ عَلَيْهَا مُحَمَّدٌ فَكَرِهْنَاهُ فَقُلْنَا يَتِيمٌ وَ إِنَّمَا يُكْرِمُ الظِّئْرَ 17492 الْوَالِدُ فَكُلُّ صَوَاحِبِي أَخَذْنَ رَضِيعاً وَ لَمْ آخُذْ شَيْئاً فَلَمَّا لَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ رَجَعْتُ إِلَيْهِ فَأَخَذْتُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ الرَّحْلَ 17493 فَأَمْسَيْتُ وَ أَقْبَلَ ثَدْيَايَ بِاللَّبَنِ حَتَّى أَرْوَيْتُهُ وَ أَرْوَيْتُ وَلَدِي أَيْضاً وَ قَامَ زَوْجِي إِلَى شَارِفِنَا تِلْكَ يَلْمِسُهَا بِيَدِهِ فَإِذَا هِيَ حَافِلٌ فَحَلَبَهَا وَ أَرْوَانِي مِنْ لَبَنِهَا وَ رَوَّى الْغِلْمَانَ فَقَالَ يَا حَلِيمَةُ لَقَدْ أَصَبْنَا نَسَمَةً مُبَارَكَةً فَبِتْنَا بِخَيْرٍ وَ رَجَعْنَا فَرَكِبْتُ أَتَانِي 17494 ثُمَّ حَمَلْتُ مُحَمَّداً مَعِي فَوَ الَّذِي نَفْسُ حَلِيمَةَ بِيَدِهِ لَقَدْ طُفْتُ بِالرَّكْبِ حَتَّى إِنَّ النِّسْوَةَ يَقُلْنَ يَا حَلِيمَةُ أَمْسِكِي عَلَيْنَا أَ هَذِهِ أَتَانُكِ الَّتِي خَرَجْتِ عَلَيْهَا قُلْتُ نَعَمْ مَا شَأْنُهَا قُلْنَ حَمَلْتِ غُلَاماً مُبَارَكاً وَ يَزِيدُنَا اللَّهُ كُلَّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ خَيْراً وَ الْبِلَادُ
قَحْطٌ وَ الرُّعَاةُ يَسْرَحُونَ ثُمَّ يُرِيحُونَ فَتَرُوحُ أَغْنَامُ بَنِي سَعْدٍ جِيَاعاً وَ تَرُوحُ غَنَمِي شِبَاعاً بِطَاناً حُفَلَاءَ فَتُحْلَبُ وَ تُشْرَبُ 17495 .
بيان: الشارف المسنة من النوق قوله ما بيض أي الإناء قال الجوهري بيضت الإناء أي ملأته من الماء أو اللبن و الأصوب أنه ما تبضّ بالتاء ثم الباء التحتانية الموحدة المكسورة ثم الضاد المشددة قال الجزري فيه ما تبض ببلال أي ما يقطر منها لبن يقال بض الماء إذا قطر و سال و قال الجوهري ضرع حافل أي ممتلئ لبنا.
2- قب، المناقب لابن شهرآشوب ذَكَرَتْ حَلِيمَةُ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ 17496 مِنْ مُضَرَ زَوْجَةُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى 17497 الْمُضَرِيِّ أَنَّ الْبَوَادِيَ أَجْدَبَتْ وَ حَمَلَنَا الْجَهْدُ عَلَى دُخُولِ الْبَلَدِ فَدَخَلْتُ مَكَّةَ وَ نِسَاءُ بَنِي سَعْدٍ قَدْ سَبَقْنَ إِلَى مَرَاضِعِهِنَّ فَسَأَلْتُ مُرْضَعاً فَدَلُّونِي عَلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَ ذُكِرَ أَنَّ لَهُ مَوْلُوداً يَحْتَاجُ إِلَى مُرْضِعٍ لَهُ فَأَتَيْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا هَذِهِ عِنْدِي بُنَيٌّ لِي يَتِيمٌ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَحَمَلْتُهُ فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ لِيَنْظُرَ إِلَيَّ بِهِمَا فَسَطَعَ مِنْهُمَا نُورٌ فَشَرِبَ مِنْ ثَدْيِيَ الْأَيْمَنِ سَاعَةً وَ لَمْ يَرْغَبْ فِي الْأَيْسَرِ أَصْلًا وَ اسْتَعْمَلَ فِي رَضَاعِهِ عَدْلًا فَنَاصَفَ فِيهِ شَرِيكَهُ وَ اخْتَارَ الْيَمِينُ الْيَمِينَ وَ كَانَ ابْنِي لَا يَشْرَبُ حَتَّى يَشْرَبَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَحَمَلْتُهُ عَلَى الْأَتَانِ وَ كَانَتْ قَدْ ضَعُفَتْ عِنْدَ قُدُومِي مَكَّةَ فَجَعَلَتْ تُبَادِرُ سَائِرَ الْحُمُرِ إِسْرَاعاً قُوَّةً وَ نَشَاطاً وَ اسْتَقْبَلْتُ الْكَعْبَةَ وَ سَجَدْتُ لَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ قَالَتْ بَرَأْتُ مِنْ مَرَضِي وَ سَلِمْتُ مِنْ غَثِّي وَ عَلَيَّ سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ وَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَ خَيْرُ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ فَكَانَ النَّاسُ يَتَعَجَّبُونَ مِنْهَا وَ مِنْ سِمَنِي وَ بَرْئِي وَ دَرِّ لَبَنِي فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى غَارٍ خَرَجَ رَجُلٌ يَتَلَأْلَأُ نُورُهُ إِلَى عَنَانِ السَّمَاءِ وَ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَكَّلَنِي بِرِعَايَتِهِ وَ قَابَلَنَا ظِبَاءٌ وَ قُلْنَ يَا حَلِيمَةُ
لَا تَعْرِفِينَ مَنْ تُرَبِّينَ هُوَ أَطْيَبُ الطَّيِّبِينَ وَ أَطْهَرُ الطَّاهِرِينَ وَ مَا عَلَوْنَا تَلْعَةً 17498 وَ لَا هَبَطْنَا وَادِياً إِلَّا سَلَّمُوا عَلَيْهِ فَعَرَفْتُ 17499 الْبَرَكَةَ وَ الزِّيَادَةَ فِي مَعَاشِنَا وَ رِيَاشِنَا حَتَّى أَثْرَيْنَا وَ كَثُرَتْ مَوَاشِينَا وَ أَمْوَالُنَا وَ لَمْ يُحْدِثْ فِي ثِيَابِهِ وَ لَمْ تَبْدُ عَوْرَتُهُ وَ لَمْ يَحْتَجْ فِي يَوْمٍ إِلَّا مَرَّةً وَ كَانَ مَسْرُوراً مَخْتُوناً وَ كُنْتُ أَرَى شَابّاً عَلَى فِرَاشِهِ يَعْدِلُهُ ثِيَابَهُ فَرَبَّيْتُهُ خَمْسَ سِنِينَ وَ يَوْمَيْنِ فَقَالَ لِي يَوْماً أَيْنَ يَذْهَبُ إِخْوَانِي كُلَّ يَوْمٍ قُلْتُ يَرْعَوْنَ غَنَماً فَقَالَ إِنَّنِي الْيَوْمَ أُوَافِقُهُمْ 17500 فَلَمَّا ذَهَبَ مَعَهُمْ أَخَذَهُ مَلَائِكَةٌ وَ عَلَوْهُ عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ وَ قَامُوا بِغَسْلِهِ وَ تَنْظِيفِهِ فَأَتَانِيَ ابْنِي وَ قَالَ أَدْرِكِي مُحَمَّداً فَإِنَّهُ قَدْ سُلِبَ فَأَتَيْتُهُ فَإِذَا هُوَ بِنُورٍ يَسْطَعُ فِي السَّمَاءِ فَقَبَّلْتُهُ فَقُلْتُ مَا أَصَابَكَ قَالَ لَا تَحْزَنِي إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا وَ قَصَّ عَلَيْهَا قِصَّتَهُ فَانْتَشَرَ مِنْهُ فَوْحُ مِسْكٍ أَذْفَرَ وَ قَالَ النَّاسُ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ وَ هُوَ يَقُولُ مَا أَصَابَنِي شَيْءٌ وَ مَا عَلَيَّ مِنْ بَأْسٍ فَرَآهُ كَاهِنٌ وَ صَاحَ وَ قَالَ هَذَا الَّذِي يَقْهَرُ الْمُلُوكَ وَ يُفَرِّقُ الْعَرَبَ 17501 .
إيضاح قوله و اختار اليمين أي صاحب اليمن و البركة و الغث المهزول و المراد هنا المصدر و يقال أثرى الرجل إذا كثرت أمواله.
3- قب، المناقب لابن شهرآشوب رُوِيَ عَنْ حَلِيمَةَ أَنَّهُ جَلَسَ مُحَمَّدٌ وَ هُوَ ابْنُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَ لَعِبَ مَعَ الصِّبْيَانِ وَ هُوَ ابْنُ تِسْعَةٍ وَ طَلَبَ مِنِّي أَنْ يَسِيرَ مَعَ الْغَنَمِ يَرْعَى وَ هُوَ ابْنُ عَشَرَةٍ وَ نَاضَلَ 17502 الْغِلْمَانَ بِالنَّبَلِ وَ هُوَ ابْنُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَ صَارَعَ الْغِلْمَانَ وَ هُوَ ابْنُ ثَلَاثِينَ ثُمَّ رَدَدْتُهُ إِلَى جَدِّهِ.
ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يُقَرَّبُ إِلَى الصِّبْيَانِ تَصْبِيحُهُمْ فَيَخْلِسُونَ 17503 وَ يَكُفُّ وَ يُصْبِحُ الصِّبْيَانُ غُمْصاً رُمْصاً وَ يُصْبِحُ صَقِيلًا دَهِيناً وَ نَادَى شَيْخٌ عَلَى الْكَعْبَةِ يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ إِنَّ حَلِيمَةَ امْرَأَةٌ عَرَبِيَّةٌ وَ قَدْ فَقَدَتِ ابْناً 17504 اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَغَضِبَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَ كَانَ إِذَا غَضِبَ خَافَ
النَّاسُ مِنْهُ فَنَادَى يَا بَنِي هَاشِمٍ وَ يَا بَنِي غَالِبٍ ارْكَبُوا فُقِدَ مُحَمَّدٌ وَ حَلَفَ أَنْ لَا أَنْزِلَ حَتَّى أَجِدَ مُحَمَّداً أَوْ أَقْتُلَ أَلْفَ أَعْرَابِيٍّ وَ مِائَةَ قُرَشِيٍّ وَ كَانَ يَطُوفُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَ يُنْشِدُ أَشْعَاراً مِنْهَا
يَا رَبِّ رُدَّ رَاكِبِي مُحَمَّداً
رُدَّ إِلَيَّ وَ اتَّخِذْ 17505 عِنْدِي يَداً
يَا رَبِّ إِنَّ مُحَمَّداً لَنْ يُوجَدَا
تُصْبِحُ قُرَيْشٌ كُلُّهُمْ مُبَدَّداً
فَسَمِعَ نِدَاءً أَنَّ اللَّهَ لَا يُضَيِّعُ مُحَمَّداً فَقَالَ أَيْنَ هُوَ قَالَ فِي وَادِي فُلَانٍ تَحْتَ شَجَرَةِ أُمِّ غَيْلَانَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ 17506 فَأَتَيْنَا الْوَادِيَ فَرَأَيْنَاهُ يَأْكُلُ الرُّطَبَ مِنْ أُمِّ غَيْلَانَ وَ حَوْلَهُ شَابَّانِ فَلَمَّا قَرُبْنَا مِنْهُ ذَهَبَ الشَّابَّانِ وَ كَانَا جَبْرَئِيلَ وَ مِيكَائِيلَ ع فَسَأَلْنَاهُ مَنْ أَنْتَ وَ مَا ذَا تَصْنَعُ قَالَ أَنَا ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَحَمَلَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ عَلَى عُنُقِهِ وَ طَافَ بِهِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَ كَانَتِ النِّسَاءُ اجْتَمَعْنَ عِنْدَ آمِنَةَ عَلَى مُصِيبَتِهِ فَلَمَّا رَآهَا تَمَسَّكَ بِهَا وَ مَا الْتَفَتَ إِلَى أَحَدٍ وَ كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَرْسَلَ رَسُولَ اللَّهِ ص إِلَى رُعَاتِهِ فِي إِبِلٍ قَدْ نَدَّتْ لَهُ 17507 يَجْمَعُهَا فَلَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ نَفَذَ وَرَاءَهُ فِي كُلِّ طَرِيقٍ وَ كُلِّ شِعْبٍ وَ أَخَذَ بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ وَ هُوَ يَقُولُ يَا رَبِّ إِنْ تَهْلِكْ 17508 آلَكَ إِنْ تَفْعَلْ فَأَمْرٌ مَا بَدَا لَكَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِالْإِبِلِ فَلَمَّا رَآهُ أَخَذَهُ فَقَبَّلَهُ فَقَالَ بِأَبِي لَا وَجَّهْتُكَ بَعْدَ هَذَا فِي شَيْءٍ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تُغْتَالَ فَتُقْتَلَ 17509 .