کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
التاسع:
أنّه عطّل الحدود الواجبة كالحدّ في عبيد اللّه بن عمر، فإنّه قتل الهرمزان بعد إسلامه 1672 فلم يقد به، و قد كان أمير المؤمنين عليه السلام يطلبه 1673 .
رَوَى السَّيِّدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الشَّافِي 1674 ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ: أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَى عُثْمَانَ بَعْدَ مَا اسْتُخْلِفَ، فَكَلَّمَهُ فِي عُبَيْدِ اللَّهِ وَ لَمْ يُكَلِّمْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ، فَقَالَ: اقْتُلْ هَذَا الْفَاسِقَ الْخَبِيثَ الَّذِي قَتَلَ امْرَأً مُسْلِماً. فَقَالَ عُثْمَانُ: قَتَلُوا 1675 أَبَاهُ 1676 بِالْأَمْسِ وَ أَقْتُلُهُ الْيَوْمَ؟!، وَ إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَلَمَّا أَبَى عَلَيْهِ مَرَّ عُبَيْدُ اللَّهِ عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ لَهُ: يَا فَاسِقُ! إِيهِ! أَمَا وَ اللَّهِ لَئِنْ ظَفِرْتُ بِكَ يَوْماً مِنَ الدَّهْرِ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ، فَلِذَلِكَ خَرَجَ مَعَ مُعَاوِيَةَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ 1677 .
وَ رَوَى الْقُبَادُ 1678 ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى، عَنْ 1679 زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمَّا قَالَ عُثْمَانُ: إِنِّي قَدْ عَفَوْتُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالُوا: لَيْسَ لَكَ أَنْ تَعْفُوَ عَنْهُ.
قَالَ: بَلَى، إِنَّهُ لَيْسَ لِجُفَيْتَةَ 1680 وَ الْهُرْمُزَانِ قَرَابَةٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَ أَنَا 1681 أَوْلَى بِهِمَا لِأَنِّي وَلِيُّ الْمُسْلِمِينَ فَقَدْ عَفَوْتُ.
فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّهُ لَيْسَ كَمَا تَقُولُ، إِنَّمَا أَنْتَ فِي أَمْرِهِمَا بِمَنْزِلَةِ أَقْصَى الْمُسْلِمِينَ، وَ إِنَّمَا قَتْلُهُمَا فِي إِمْرَةِ غَيْرِكَ، وَ قَدْ حَكَمَ الْوَالِي الَّذِي قَبْلَكَ الَّذِي قُتِلَا فِي إِمَارَتِهِ بِقَتْلِهِ، وَ لَوْ كَانَ قَتْلُهُمَا فِي إِمَارَتِكَ لَمْ يَكُنْ لَكَ الْعَفْوُ عَنْهُ، فَاتَّقِ اللَّهَ! فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُكَ عَنْ هَذَا. وَ لَمَّا 1682 رَأَى عُثْمَانُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَبَوْا إِلَّا قَتْلَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَمَرَهُ فَارْتَحَلَ إِلَى الْكُوفَةِ وَ أَقْطَعَهُ بِهَا دَاراً وَ أَرْضاً 1683 ، وَ هِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: كُوَيْفَةُ ابْنِ عُمَرَ، فَعَظُمَ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ وَ أَكْبَرُوهُ وَ كَثُرَ كَلَامُهُمْ فِيهِ.
وَ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيِ 1684 بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَمْسَى عُثْمَانُ يَوْمَ وُلِّيَ حَتَّى نَقَمُوا عَلَيْهِ فِي أَمْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، حَيْثُ لَمْ يَقْتُلْهُ بِالْهُرْمُزَانِ. انتهى ما رواه السيّد رضي اللّه عنه.
وَ رَوَى الشَّيْخُ فِي مَجَالِسِهِ 1685 ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنِ ابْنِ
عُقْدَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ 1686 الْعَلَوِيِّ، عَنْ عَمِّهِ الْقَاسِمِ بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ 1687 ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ: أَنَّ النَّاسَ كَلَّمُوا عُثْمَانَ فِي أَمْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ قَتْلِهِ الْهُرْمُزَانَ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! قَدْ أَكْثَرْتُمْ فِي أَمْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَ الْهُرْمُزَانِ وَ إِنَّمَا قَتَلَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ تُهَمَةً بِدَمِ أَبِيهِ، وَ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِدَمِ الْهُرْمُزَانِ اللَّهُ ثُمَّ الْخَلِيفَةُ، أَلَا وَ إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ دَمَهُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ!.
فَقَامَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! مَا كَانَ لِلَّهِ كَانَ اللَّهُ أَمْلَكَ بِهِ مِنْكَ، وَ لَيْسَ لَكَ أَنْ تَهَبَ مَا اللَّهُ 1688 أَمْلَكُ بِهِ مِنْكَ، فَقَالَ: نَنْظُرُ 1689 وَ تَنْظُرُونَ، فَبَلَغَ قَوْلُ عُثْمَانَ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَئِنْ مَلَكْتُ لَأَقْتُلُ عُبَيْدَ اللَّهِ بِالْهُرْمُزَانِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُبَيْدَ اللَّهِ فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَئِنْ مَلَكَ لَفَعَلَ.
وَ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي الْكَامِلِ 1690 وَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْإِسْتِيعَابِ 1691 وَ صَاحِبُ رَوْضَةِ الْأَحْبَابِ 1692 وَ كَثِيرٌ مِنْ أَرْبَابِ السِّيَرِ: قَتَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بِأَبِيهِ ابْنَةَ أَبِي لُؤْلُؤَةَ وَ قَتَلَ جُفَيْتَةَ وَ الْهُرْمُزَانَ وَ أَشَارَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى عُثْمَانَ بِقَتْلِهِ بِهِمْ فَأَبَى، ثم ذكر في الكامل 1693 رواية يتضمّن 1694 عفو ابن هرمزان عن عبيد اللّه، و أنّ عثمان مكّنه من
قتله، ثم قال: و الأول أصحّ، لأنّ عليّا عليه السلام لّما ولي الخلافة أراد قتله فهرب منه إلى معاوية بالشام، و لو كان إطلاقه بأمر وليّ الدم لم يتعرّض له عليّ عليه السلام. انتهى 1695 .
و إذا تأمّلت فيما نقلنا لا يبقى لك ريب في بطلان ما أجاب به المتعصّبون من المتأخّرين، و كفى في طعنه معارضته أمير المؤمنين عليه السلام الذي لا يفارق الحقّ باتّفاقهم معه في ذلك، و اللّه العاصم عن الفتن و المهالك.
العاشر:
أنّه حمى الحمى 1696 عن المسلمين، مع أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
جعلهم شرعا سواء في الماء و الكلإ 1697 .
و أجاب قاضي القضاة 1698 و غيره بأنّه حماه لإبل الصدقة، و قد روى عنه هذا الكلام بعينه، و أنّه قال: إنّما فعلت ذلك لإبل الصدقة، و قد أطلقته الآن، و أنا أستغفر اللّه.
و ردّ عليهم السيد رضي اللّه عنه 1699 بأنّ المرويّ بخلاف ما ذكر 1700 ، لأنّ الواقدي روى بإسناده، قال: كان عثمان يحمي الرَّبَذة 1701 و السَّرِف 1702 و النَّقِيع 1703 فكان لا يدخل الحمى بعير له و لا فرس و لا لبني أميّة، حتّى كان آخر الزمان،
فكان يحمي السرف 1704 لإبله، و كانت ألف بعير و لإبل الحكم بن أبي العاص، و يحمي الربذة لإبل الصدقة، و يحمي النقيع 1705 لخيل المسلمين و خيله و خيل بني أميّة 1706 .
على أنّه لو كان إنّما حماه لإبل الصدقة لم يكن بذلك مصيبا، لأنّ اللّه تعالى و رسوله (ص) أباحا الكلأ 1707 و جعلاه مشتركا فليس لأحد أن يغيّر هذه الإباحة.
و لو كان في هذا الفعل مصيبا، و إنّما حماه لمصلحة تعود على المسلمين لما جاز أن يستغفر اللّه 1708 منه 1709 و يعتذر، لأنّ الاعتذار إنّما يكون من الخطإ دون الصواب. انتهى.
و قد رَوَى الْبُخَارِيُ 1710 فِي صَحِيحِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ] قَالَ: لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ 1711 وَ لِرَسُولِهِ 1712 .
فَجَعَلَ الْحِمَى مُخْتَصّاً بِإِبِلِهِ وَ إِبِلِ الْحَكَمِ وَ خَيْلِ بَنِي أُمَيَّةَ مُنَاقَضَةً لِنَصِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ.
وَ قَالَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ 1713 فِي شَرْحِ الْخُطْبَةِ الشِّقْشِقِيَّةِ: أَنَّ عُثْمَانَ ... حَمَى
الْمَرَاعِيَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ كُلَّهَا مِنْ مَوَاشِي الْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ إِلَّا عَنْ بَنِي أُمَيَّةَ.
الحادي عشر:
أنّه أعطى من بيت المال الصدقة المقاتلة و غيرها، و ذلك ممّا لا يحلّ في الدين، و دفع الاعتراضات الواردة عليه مذكور في الشافي 1714 .
الثاني عشر: