کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ هَذَا عَدُوُّكُمُ الَّذِي جِئْتُمْ تَطْلُبُونَهُ هَذَا مُحَمَّدٌ وَ أَصْحَابُهُ قَالَ فَخَرَجَ غُلَامٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَشَدِّهِمْ بَأْساً وَ أَكْفَرِهِمْ كُفْراً 10557 فَنَادَى أَصْحَابَ النَّبِيِّ يَا أَصْحَابَ السَّاحِرِ الْكَذَّابِ أَيُّكُمْ مُحَمَّدٌ فَلْيَبْرُزْ إِلَيَّ فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ هُوَ يَقُولُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَنْتَ السَّاحِرُ الْكَذَّابُ مُحَمَّدٌ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ الْحَقِّ قَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَخُو رَسُولِ اللَّهِ وَ ابْنُ عَمِّهِ وَ زَوْجُ ابْنَتِهِ قَالَ لَكَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةُ مِنْ مُحَمَّدٍ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ نَعَمْ قَالَ فَأَنْتَ وَ مُحَمَّدٌ شَرَعٌ وَاحِدٌ مَا كُنْتُ أُبَالِي لَقِيتُكَ أَوْ لَقِيتُ مُحَمَّداً ثُمَّ شَدَّ عَلَى عَلِيٍّ وَ هُوَ يَقُولُ
لَاقَيْتَ [لَيْثاً] يَا عَلِيُّ ضَيْغَماً
قرم [قَرْماً] كريم [كَرِيماً] فِي الْوَغَى 10558 [ مُشَرِّماً ]
لَيْثٌ شَدِيدٌ مِنْ رِجَالِ خَثْعَمَا 10559
يَنْصُرُ دِيناً مُعْلَماً وَ مُحْكَماً
فَأَجَابَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ هُوَ يَقُولُ
لَاقَيْتَ قِرْناً حَدَثاً وَ ضَيْغَماً 10560
لَيْثاً شَدِيداً فِي الْوَغَى غَشَمْشَماً
أَنَا عَلِيٌّ سَأُبِيرُ 10561 خَثْعَمَا
بِكُلِّ خَطِّيٍّ يُرِي النَّقْعَ دَماً
وَ كُلِّ صَارِمٍ يُثْبِتُ الضَّرْبَ فَيَنْعَمَا 10562 [ وَ كُلِّ صَارِمٍ ضَرُوبٍ قِمَماً ]
ثُمَّ حَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَاخْتَلَفَ بَيْنَهُمَا ضَرْبَتَانِ فَضَرَبَهُ عَلِيٌّ ع ضَرْبَةً فَقَتَلَهُ وَ عَجَّلَ اللَّهُ بِرُوحِهِ إِلَى النَّارِ ثُمَّ نَادَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ فَبَرَزَ أَخٌ لِلْمَقْتُولِ وَ حَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَضَرَبَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع ضَرْبَةً فَقَتَلَهُ وَ عَجَّلَ اللَّهُ بِرُوحِهِ إِلَى النَّارِ ثُمَّ نَادَى عَلِيٌّ ع هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ فَبَرَزَ لَهُ الْحَارِثُ بْنُ مَكِيدَةَ وَ كَانَ صَاحِبَ الْجَمْعِ وَ هُوَ يُعَدُّ بِخَمْسِمِائَةِ فَارِسٍ وَ هُوَ
الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ قَالَ كَفَوْرٌ وَ إِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ قَالَ شَهِيدٌ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع يَعْنِي بِاتِّبَاعِهِ مُحَمَّداً فَلَمَّا بَرَزَ 10563 الْحَارِثُ حَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَضَرَبَهُ عَلِيٌّ ضَرْبَةً فَقَتَلَهُ وَ عَجَّلَ اللَّهُ بِرُوحِهِ إِلَى النَّارِ ثُمَّ نَادَى عَلِيٌّ ع هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ فَبَرَزَ إِلَيْهِ ابْنُ عَمِّهِ يُقَالُ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْفَتَّاكِ 10564 وَ هُوَ يَقُولُ
أَنَا عَمْرٌو وَ أَبِي الْفَتَّاكُ 10565
وَ [بيدي] نَصْلُ سَيْفٍ [بِيَدِي] هَتَّاكٌ
أَقْطَعُ بِهِ الرُّءُوسَ لِمَنْ أَرَى كَذَاكَ
فَأَجَابَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ هُوَ يَقُولُ
هاكها [فَهَاكَهَا] مُتْرَعَةً دِهَاقَا
كَأْسٌ دِهَاقٌ مُزِجَتْ زُعَاقَا
أَبِي امْرُؤٌ إِذَا مَا لَاقَا
أَقُدُّ الهام [هَاماً] وَ أَجُدُّ سَاقَا 10566
ثُمَّ حَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَضَرَبَهُ عَلِيٌّ ع ضَرْبَةً فَقَتَلَهُ وَ عَجَّلَ اللَّهُ بِرُوحِهِ إِلَى النَّارِ ثُمَّ نَادَى عَلِيٌّ ع هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ فَلَمْ يَبْرُزْ إِلَيْهِ أَحَدٌ فَشَدَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع عَلَيْهِمْ حَتَّى تَوَسَّطَ جَمْعَهُمْ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً
فَقَتَلَ عَلِيٌّ ع مُقَاتِلِيهِمْ وَ سَبَى ذَرَارِيَّهُمْ وَ أَخَذَ أَمْوَالَهُمْ وَ أَقْبَلَ بِسَبْيِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ص فَخَرَجَ وَ جَمِيعَ أَصْحَابِهِ حَتَّى اسْتَقْبَلَ علي [عَلِيّاً] ع 10567 عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ وَ أَقْبَلَ النَّبِيُّ ص يَمْسَحُ الْغُبَارَ عَنْ وَجْهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع بِرِدَائِهِ وَ يُقَبِّلُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَ يَبْكِي وَ هُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ يَا عَلِيُّ الَّذِي شَدَّ بِكَ أَزْرِي وَ قَوَّى بِكَ ظَهْرِي يَا عَلِيُّ إِنَّنِي سَأَلْتُ اللَّهَ فِيكَ كَمَا سَأَلَ أَخِي مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ عَلَيْهِ أَنْ يُشْرِكَ هَارُونَ فِي أَمْرِهِ وَ قَدْ سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يَشُدَّ بِكَ أَزْرِي ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَ هُوَ يَقُولُ مَعَاشِرَ أَصْحَابِي لَا تَلُومُونِي فِي حُبِ 10568 عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَإِنَّمَا حُبِّي عَلِيّاً مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَ اللَّهُ أَمَرَنِي أَنْ أُحِبَّ عَلِيّاً وَ أُدْنِيهِ يَا عَلِيُّ مَنْ أَحَبَّكَ فَقَدْ أَحَبَّنِي وَ مَنْ أَحَبَّنِي فَقَدْ أَحَبَّ اللَّهَ وَ مَنْ أَحَبَّ اللَّهَ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَ حَقِيقٌ 10569 عَلَى اللَّهِ أَنْ يُسْكِنَ مُحِبِّيهِ الْجَنَّةَ يَا عَلِيُّ مَنْ أَبْغَضَكَ فَقَدْ أَبْغَضَنِي وَ مَنْ أَبْغَضَنِي فَقَدْ أَبْغَضَ اللَّهَ وَ مَنْ أَبْغَضَ اللَّهَ أَبْغَضَهُ وَ لَعَنَهُ وَ حَقِيقٌ 10570 عَلَى اللَّهِ أَنْ يَقِفَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَوْقِفَ الْبَغْضَاءِ وَ لَا يَقْبَلَ مِنْهُ صَرْفاً وَ لَا عَدْلًا 10571 .
بيان: خفقت الراية تخفق بالضم و الكسر اضطربت و آلى و تألى أي حلف و الجمان بالضم جمع الجمانة و هي حبة تعمل من الفضة كالدرة و الملاط بالكسر الطين الذي يجعل بين سافتي البناء و قال الفيروزآبادي أنجد عرق و أعان و ارتفع و الدعوة أجابها و النجدة القتال و الشجاعة و الشدة و الضيغم الأسد و القرم بالفتح الفحل و السيد و الغشمشم من يركب رأسه فلا يثنيه عن مراده شيء.
أقول إنما أوردت تلك الغزوة في هذا الموضع تبعا للمؤرخين و قد مر أن المفيد رحمه الله ذكرها في موضعين غير هذا و الله أعلم.
باب 26 فتح مكة
الآيات الأسرى وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَ اجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً القصص إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ التنزيل وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ الفتح إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ وَ يُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَ يَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً وَ يَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً الممتحنة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَ قَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَ إِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَ أَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَ ما أَعْلَنْتُمْ وَ مَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَ الَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَ مِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَ بَدا بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَ الْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَ ما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَ إِلَيْكَ أَنَبْنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَ اغْفِرْ
لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ مَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَ اللَّهُ قَدِيرٌ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَ لَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَ تُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَ أَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَ ظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ إلى قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَ لا يَسْرِقْنَ وَ لا يَزْنِينَ وَ لا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ النصر إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ وَ رَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً تفسير قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ قيل معناه أدخلني المدينة و أخرجني منها إلى مكة للفتح
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ غَيْرِهِ 10572 قَالَ وَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ ص مَكَّةَ وَ حَوْلَ الْبَيْتِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَ سِتُّونَ صَنَماً فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا وَ يَقُولُ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً - أورده البخاري في الصحيح .
و قال الكلبي فجعل ينكب 10573 لوجهه إذا قال ذلك و أهل مكة يقولون ما رأينا رجلا أسحر من محمد 10574 . 10575
له تعالى لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ روي عن ابن عباس و غيره أنه وعد بفتح مكة و عوده ص إليها.
قوله تعالى قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ قال البيضاوي هو يوم القيامة فإنه يوم نصر المسلمين على الكفرة و الفصل بينهم و قيل يوم بدر أو يوم فتح مكة و المراد بالذين كفروا المقتولون منهم فيه فإنه لا ينفعهم إيمانهم حال القتل و لا
يمهلون و انطباقه جوابا عن سؤالهم من حيث المعنى باعتبار ما عرف من غرضهم 10576 فإنهم لما أرادوا به الاستعجال تكذيبا و استهزاء أجيبوا بما يمنع الاستعجال فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ و لا تبال بتكذيبهم و قيل هو منسوخ بآية السيف وَ انْتَظِرْ النصرة عليهم إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ الغلبة عليك 10577 .
قوله تعالى إِنَّا فَتَحْنا قال الطبرسي رضي الله عنه أي قضينا عليك قضاء ظاهرا أو يسرنا لك يسرا بينا أو أعلمناك علما ظاهرا فيما أنزلنا عليك من القرآن و أخبرناك به من الدين أو أرشدناك إلى الإسلام و فتحنا لك أمر الدين ثم اختلف في هذا الفتح على وجوه أحدها أن المراد به فتح مكة وعده الله ذلك عام الحديبية عند انصرافه منها 10578 و تقديره قضينا لك بالنصر على أهلها و عن جابر قال ما كنا نعلم فتح مكة إلا يوم الحديبية. و ثانيها أنه صلح الحديبية و ثالثها أنه فتح خيبر و رابعها أن الفتح الظفر على الأعداء كلهم بالحجج و المعجزات الظاهرة و إعلاء كلمة الإسلام 10579 .
و قال في قوله تعالى لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ نزلت في حاطب بن أبي بلتعة و ذلك أن سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي بن هشام أتت رسول الله ص من مكة إلى المدينة بعد بدر بسنتين فقال لها رسول الله ص أ مسلمة جئت قالت لا قال أ مهاجرة جئت قالت لا قال فما جاء بك قالت كنتم الأصل و العشيرة و الموالي و قد ذهبت موالي و احتجت حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطوني و تكسوني و تحملوني قال فأين أنت من شبان 10580 مكة و كانت مغنية نائحة قالت ما طلب مني بعد وقعة بدر فحث رسول الله ص عليها بني عبد المطلب فكسوها و حملوها و أعطوها نفقة و كان رسول الله ص يتجهز 10581 لفتح مكة
فأتاها حاطب بن أبي بلتعة فكتب معها كتابا إلى أهل مكة و أعطاها عشرة دنانير عن ابن عباس و عشرة دراهم عن مقاتل و كساها بردا على أن توصل الكتاب إلى أهل مكة و كتب في الكتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة أن رسول الله يريدكم فخذوا حذركم.