کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
قَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ: جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَائِداً صَعْصَعَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: يَا صَعْصَعَةُ لَا تَجْعَلَنَّ عِيَادَتِي إِلَيْكَ أُبَّهَةً عَلَى قَوْمِكَ. فَقَالَ: لَا وَ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ لَكِنَّ نِعْمَةً وَ شُكْراً. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنْ كُنْتَ مَا عَلِمْتُ لَخَفِيفَ الْمَئُونَةِ عَظِيمَ الْمَعُونَةِ. فَقَالَ صَعْصَعَةُ: وَ أَنْتَ وَ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا عَلِمْتُ بِكِتَابِ اللَّهِ لَعَلِيمٌ، وَ إِنَّ اللَّهَ فِي صَدْرِكَ لَعَظِيمٌ، وَ إِنَّكَ بِالْمُؤْمِنِينَ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ 5695 .
و منهم يزيد بن حجيّة.
أقول: و ذكر أحواله و أحوال جماعة من الفارّين الخاذلين، أوردنا [سابقا] أحوالهم برواية ابن أبي الحديد عنه و عن غيره 5696 .
ثمّ قال [صاحب الغارات] و منهم الهجنّع عبد اللّه بن عبد الرحمن بن مسعود الثقفي شهد مع علي عليه السلام صفّين، و كان في أوّل أمره مع معاوية ثمّ صار إلى علي ثم رجع بعد إلى معاوية سمّاه علي عليه السلام الهجنّع. و الهجنّع:
الطويل.
و منهم القعقاع بن شور.،
حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ [أَبِي] إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: تَسْأَلُونِّي الْمَالَ وَ قَدِ اسْتَعْمَلْتُ الْقَعْقَاعَ بْنَ شَوْرٍ عَلَى كَسْكَرَ، فَأَصْدَقَ امْرَأَتَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ؟! وَ ايْمُ اللَّهِ لَوْ كَانَ كُفْواً [لَهَا] مَا أَصْدَقَهَا ذَلِكَ!.
وَ عَنْ مَيْسَرَةَ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَاتَلُوا أَهْلَ الشَّامِ مَعَ كُلِّ إِمَامٍ بَعْدِي.
و عن الواقدي قال : إنّ عمرو بن ثابت الذي روى عن أبي أيّوب حديث «ستة أيّام من شوّال» كان يركب بالشام في القرى، فإذا دخل قرية جمع أهلها ثمّ يقول: أيّها الناس إنّ عليّ بن أبي طالب كان رجلا منافقا، أراد أن ينفّر برسول اللّه صلّى اللّه عليه ليلة العقبة فالعنوه. قال فيلعنه أهل تلك القرى ثم يسير إلى الأخرى، فيأمرهم بمثل ذلك.
و عن الحسن بن الحرّ قال : لقيت مكحولا فإذا هو مملوء بغضا لعلي عليه السلام، فلم أزل به حتّى لان أو سكن.
و عن محمد بن عبد اللّه بن قارب قال : إنّي عند معاوية لجالس إذ جاء أبو موسى فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين. قال [معاوية]: و عليك السلام.
فلمّا تولّى قال: و اللّه لا يلي على اثنين حتّى يموت.
و كان أبو بكرة [نفيع بن الحارث] لمّا قدم علي عليه السلام البصرة لقي الحسن بن أبي الحسن، و هو متوجّه نحو علي عليه السلام فقال [له]: إلى أين؟
قال: إلى عليّ عليه السلام. قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول:
ستكون بعدي فتنة النائم فيها خير من القاعد، و القاعد فيها خير من القائم.
[قال الحسن:] فلزمت بيتي، فلمّا كان بعد لقيت جابر بن عبد اللّه و أبا سعيد 5697 فقالوا: أين كنت. فحدّثتهم بما قال أبو بكرة فقالوا: لعن اللّه أبا بكرة إنّما قال النبي صلّى اللّه عليه و آله [ذلك] لأبي موسى: «تكون بعدي فتنة أنت فيها نائم خير منك قاعد، و أنت فيها قاعد خير منك ساع».
و قال: لمّا دخل معاوية الكوفة دخل أبو هريرة المسجد، فكان يحدّث
و يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و قال أبو القاسم و قال خليلي.
فجاءه شابّ من الأنصار يتخطّى الناس حتّى دنا منه، فقال: يا أبا هريرة حديث أسألك عنه فإن كنت سمعته من النّبي صلّى اللّه عليه و آله حدّثنيه، أنشدك باللّه [أ] سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ لِعَلِيٍّ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ». قال أبو هريرة:
نعم و الذي لا إله إلّا هو لسمعته من النبي صلّى اللّه عليه يقول لعليّ: «من كنت مولاه فعليّ مولاه اللّهم وال من والاه و عاد من عاداه». فقال له الفتى:
لقد و اللّه واليت عدوّه و عاديت وليّه! [قال:] فتناول بعض الناس الشّابّ بالحصى، و خرج أبو هريرة فلم يعد إلى المسجد حتّى خرج من الكوفة.
[الباب الخامس و الثّلاثون] باب النّوادر
[1118] 5698 - كَنْزُ الْفَوَائِدِ لِلْكَرَاجُكِيِّ [قَالَ:] حَدَّثَنِي الشَّرِيفُ أَبُو الْحَسَنِ طَاهِرُ بْنُ مُوسَى الْحُسَيْنِيُّ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ الْمَعْمَرَ الْمَغْرِبِيَّ، وَ قَدْ أُتِيَ بِهِ إِلَى الشَّرِيفِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ سَنَةَ عَشْرٍ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ وَ أُدْخِلَ إِلَى دَارِهِ وَ مَعَهُ خَمْسَةُ رِجَالٍ أُغْلِقَتِ الدَّارُ وَ ازْدَحَمَ النَّاسُ، وَ حَرَصْتُ فِي الْوُصُولِ إِلَى الْبَابِ فَمَا قَدَرْتُ لِكَثْرَةِ الزِّحَامِ فَرَأَيْتُ بَعْضَ غِلْمَانِ الشَّرِيفِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَ هُمَا قَنْبَرُ وَ فَرْخٌ وَ عَرَّفْتُهُمَا أَنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَنْظُرَهُ فَقَالا لِي: دُرْ إِلَى بَابِ الْحَمَّامِ بِحَيْثُ لَا يُدْرَى بِكَ. فَصِرْتُ إِلَيْهِ فَفَتَحَا لِي سِرّاً وَ دَخَلْتُ وَ أَغْلَقْتُ الْبَابَ، وَ حَصَلْتُ فِي مَسْلَخِ الْحَمَّامِ فَإِذَا قَدْ فُرِشَ لَهُ لِيَدْخُلَ الْحَمَّامَ فَجَلَسْتُ يَسِيراً فَإِذَا بِهِ قَدْ دَخَلَ، وَ هُوَ رَجُلٌ نَحِيفُ الْجِسْمِ، رَبْعٌ مِنَ الرِّجَالِ، خَفِيفُ الْعَارِضَيْنِ، آدَمُ اللَّوْنِ، إِلَى الْقَصْرِ [أَقْرَبُ] مَا هُوَ، أَسْوَدُ الشَّعْرِ يُقَدِّرُ الْإِنْسَانُ أَنَّ لَهُ نَحْواً مِنَ الْأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَ فِي صُدْغَيْهِ أَثَرٌ كَأَنَّهُ [أَثَرُ]
ضَرْبَةٍ، فَلَمَّا تَمَكَّنَ مِنَ الْجُلُوسِ وَ النَّفَرُ مَعَهُ وَ أَرَادَ خَلْعَ ثِيَابِهِ قُلْتُ لَهُ: مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ؟ فَقَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُنَاوِلَ مَوْلَايَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ السَّوْطَ يَوْمَ النَّهْرَوَانِ فَقَصَّ الْفَرَسُ رَأْسَهُ فَضَرَبَنِي بِاللِّجَامِ وَ كَانَ حَدِيداً فَشَجَّنِي.
فَقُلْتُ لَهُ: أَ دَخَلْتَ هَذِهِ الْبَلْدَةَ قَدِيماً؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَ كَانَ مَوْضِعَ جَامِعِكُمُ السُّفْلَانِيِّ مَبْصَلَةً وَ فِيهِ بِئْرٌ. فَقُلْتُ هَؤُلَاءِ أَصْحَابُكَ؟ فَقَالَ: [هُمْ] وُلْدِي وَ وُلْدُ وُلْدِي. ثُمَّ دَخَلَ الْحَمَّامَ فَجَلَسْتُ حَتَّى خَرَجَ وَ لَبِسَ ثِيَابَهُ، فَرَأَيْتُ عَنْفَقَتَهُ قَدِ ابْيَضَّتْ، فَقُلْتُ لَهُ: [أَ] كَانَ بِهَا صِبَاغٌ؟ قَالَ: لَا وَ لَكِنْ إِذَا جُعْتُ ابْيَضَّتْ وَ إِذَا شَبِعْتُ اسْوَدَّتْ! فَقُلْتُ: قُمْ [وَ] ادْخُلِ الدَّارَ حَتَّى تَأْكُلَ. فَدَخَلَ الْبَابَ.
1119- وَ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّهُ حَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَ فِيهَا حَجَّ نَصْرٌ الْقَشُورِيُّ صَاحِبُ الْمُقْتَدِرِ قَالَ: فَدَخَلْتُ مَدِينَةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَصَبْتُ فِيهَا قَافِلَةَ الْبَصْرِيِّينَ وَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَادَرَانِيُّ، وَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ يَذْكُرُ أَنَّهُ رَأَى أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ ازْدَحَمَ عَلَيْهِ النَّاسُ وَ جَعَلُوا يَتَمَسَّحُونَ بِهِ وَ كَادُوا يَقْتُلُونَهُ. قَالَ: فَأَمَرَ عَمِّي أَبُو الْقَاسِمِ طَاهِرُ بْنُ يَحْيَى فِتْيَانَهُ وَ غِلْمَانَهُ أَنْ يُفَرِّجُوا عَنْهُ فَفَعَلُوا، وَ دَخَلُوا بِهِ إِلَى دَارِ ابْنِ سَهْلٍ اللُّطْفِيِّ، وَ كَانَ طَاهِرٌ يَسْكُنُهَا، وَ أَذِنَ لِلنَّاسِ فَدَخَلُوا، وَ كَانَ مَعَهُ خَمْسَةُ رِجَالٍ ذَكَرَ أَنَّهُمْ أَوْلَادُهُ وَ أَوْلَادُهُ فِيهِمْ شَيْخٌ لَهُ نَيِّفٌ وَ ثَمَانُونَ سَنَةً، فَسَأَلْنَاهُ عَنْهُ؟ فَقَالَ: هَذَا ابْنِي. وَ [كَانَ فِيهِمْ] اثْنَانِ [آخَرَانِ] لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتُّونَ سَنَةً أَوْ خَمْسُونَ سَنَةً، وَ آخَرُ لَهُ سَبْعُونَ سَنَةً فَقَالَ: هَذَا ابْنُ ابْنِي. وَ [فِيهِمْ] آخَرُ لَهُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَالَ: هَذَا ابْنُ ابْنِ ابْنِي، وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَصْغَرُ مِنْهُ، وَ كَانَ إِذَا رَأَيْتُهُ قُلْتُ هَذَا ابْنُ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، أَسْوَدُ الرَّأْسِ وَ اللِّحْيَةِ، شَابٌّ نَحِيفُ الْجِسْمِ، آدَمُ، رَبْعُ الْقَامَةِ وَ خَفِيفُ الْعَارِضَيْنِ، هُوَ إِلَى الْقَصْرِ أَقْرَبُ، وَ اسْمُهُ عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الْخَطَّابِ.
فَمِمَّا سَمِعْتُ مِنْ حَدِيثِهِ الَّذِي حَدَّثَ النَّاسَ بِهِ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مِنْ بَلَدِي أَنَا وَ أَبِي وَ عَمِّي نُرِيدُ الْوُفُودَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ كُنَّا مُشَاةً فِي قَافِلَةٍ، فَانْقَطَعْنَا عَنِ النَّاسِ، وَ اشْتَدَّ بِنَا الْعَطَشُ وَ عَدِمْنَا الْمَاءَ، وَ زَادَ بِأَبِي وَ عَمِّي الضَّعْفُ فَأَقْعَدْتُهُمَا إِلَى جَانِبِ شَجَرَةٍ وَ مَضَيْتُ أَلْتَمِسُ لَهُمَا مَاءً فَوَجَدْتُ عَيْناً حَسَنَةً وَ فِيهَا مَاءٌ صَافٍ فِي غَايَةِ الْبَرْدِ وَ الطِّيبَةِ، فَشَرِبْتُ حَتَّى ارْتَوَيْتُ، ثُمَّ نَهَضْتُ لِآتِيَ بِأَبِي وَ عَمِّي إِلَى الْعَيْنِ فَوَجَدْتُ أَحَدَهُمَا قَدْ مَاتَ فَتَرَكْتُهُ بِحَالِهِ، وَ أَخَذْتُ الْآخَرَ وَ مَضَيْتُ فِي طَلَبِ الْعَيْنِ، فَاجْتَهَدْتُ إِلَى أَنْ أَرَاهَا فَلَمْ أَرَهَا وَ لَا عَرَفْتُ مَوْضِعَهَا، وَ زَادَ الْعَطَشُ بِهِ حَتَّى مَاتَ، فَحَرَصْتُ فِي أَمْرِهِ حَتَّى وَارَيْتُهُ، وَ عُدْتُ إِلَى الْآخَرِ فَوَارَيْتُهُ أَيْضاً. وَ سِرْتُ وَحْدِي إِلَى أَنِ انْتَهَيْتُ إِلَى الطَّرِيقِ وَ لَحِقْتُ بِالنَّاسِ وَ دَخَلْتُ الْمَدِينَةَ، وَ كَانَ دُخُولِي إِلَيْهَا فِي الْيَوْمِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، فَرَأَيْتُ النَّاسَ مُنْصَرِفِينَ مِنْ دَفْنِهِ فَكَانَتْ أَعْظَمُ الْحَسَرَاتِ دَخَلَتْ بِقَلْبِي، وَ وافى [رَآنِي] أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثِي فَأَخَذَنِي وَ أَقَمْتُ مَعَهُ مُدَّةَ خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ، وَ فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ حَتَّى قَتَلَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ بِالْكُوفَةِ.
قَالَ: وَ لَمَّا حُوصِرَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِي دَارِهِ، دَعَانِي وَ دَفَعَ إِلَيَّ كِتَاباً وَ نَجِيباً وَ أَمَرَنِي بِالْخُرُوجِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ كَانَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ غَائِباً بِ «يَنْبُعَ» فِي ضِيَاعِهِ وَ أَمْوَالِهِ، فَأَخَذْتُ الْكِتَابَ وَ رَكِبْتُ النَّجِيبَ وَ سِرْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ: جِنَانُ أَبِي عَبَايَةَ، سَمِعْتُ قُرْآناً فَإِذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] يَقْرَأُ: أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ قَالَ: فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ: يَا أَبَا الدُّنْيَا مَا وَرَاءَكَ؟
قُلْتُ: هَذَا كِتَابُ عُثْمَانَ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ:
فَإِنْ كُنْتَ مَأْكُولًا فَكُنْ خَيْرَ آكِلٍ
وَ إِلَّا فَأَدْرِكْنِي وَ لَمَّا أُمَزَّقْ
فَلَمَّا قَرَأَهُ قَالَ: سِرْ سِرْ. فَدَخَلْنَا الْمَدِينَةَ سَاعَةَ قَتْلِ عُثْمَانَ، فَمَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى حَدِيقَةِ بَنِي النَّجَّارِ، وَ عَلِمَ النَّاسُ بِمَكَانِهِ فَجَاءُوا إِلَيْهِ
رَكْضاً وَ قَدْ كَانُوا عَازِمِينَ عَلَى أَنْ يُبَايِعُوا طَلْحَةَ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ ارْفَضُّوا مِنْ طَلْحَةَ ارْفِضَاضَ الْغَنَمِ يَشُدُّ عَلَيْهَا السَّبُعُ. فَبَايَعَهُ طَلْحَةُ وَ الزُّبَيْرُ فَتَابَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ يُبَايِعُونَهُ، فَأَقَمْتُ مَعَهُ أَخْدُمُهُ.
وَ حَضَرْتُ مَعَهُ صِفِّينَ أَوْ قَالَ: النَّهْرَوَانَ فَكُنْتُ عَنْ يَمِينِهِ إِذْ سَقَطَ السَّوْطُ مِنْ يَدِهِ، فَانْكَبَبْتُ لِآخُذَهُ وَ أَرْفَعَهُ إِلَيْهِ، وَ كَانَ لِجَامُ دَابَّتِهِ حَدِيداً مُدْمَجاً فَشَجَّنِي هَذِهِ الشَّجَّةَ فَدَعَانِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَتَفَلَ فِيهَا وَ أَخَذَ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ فَتَرَكَهَا عَلَيْهَا، فَوَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ أَلَماً وَ لَا وَجَعاً، ثُمَّ أَقَمْتُ مَعَهُ حَتَّى قُتِلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَ صَحِبْتُ الْحَسَنَ [بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ] حَتَّى ضُرِبَ بِالسَّابَاطِ وَ حُمِلَ إِلَى الْمَدَائِنِ، وَ لَمْ أَزَلْ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى مَاتَ مَسْمُوماً، سَمَّتْهُ جَعْدَةُ بِنْتُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ (لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا).
ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِكَرْبَلَاءَ، وَ قُتِلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهَرَبْتُ بِدِينِي، وَ أَنَا مُقِيمٌ بِالْمَغْرِبِ أَنْتَظِرُ خُرُوجَ الْمَهْدِيِّ، وَ ظُهُورَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.