کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
قال في الذكرى و أطلق الأصحاب الإعادة و لم نقف له على رواية تدل على ما ذكره في التفصيل انتهى. أقول ما ذكره مأخوذ من فقه الرضا ع كما ستعرف و على كل حال العمل بالمشهور أولى لصحة أخباره و كثرتها و بعدها عن أقوال المخالفين و الظاهر أن الأخبار الدالة على البناء على الأقل محمولة على التقية و ربما تحمل على النافلة.
الثالث أن الشك في عدد الجمعة مبطل و الكلام فيه كالكلام في الفجر ثم الظاهر من الروايات أن الثنائية و الثلاثية من جميع صلوات الواجبة الشك في أعدادها يوجب البطلان كصلاة السفر و الجمعة و العيدين و الكسوف و الصلاة المنذورة الثنائية و الثلاثية و الآيات و الطواف.
و لو كان الشك في صلاة الكسوف في عدد الركوع فإن تضمن الشك في الركعتين كما لو شك هل هو في الركوع الخامس أو السادس بطلت و إن لم يكن كذلك فالأقرب البناء على الأقل لما مر في ركوع اليومية.
و هنا قولان آخران غريبان لقطب الدين الراوندي و السيد جمال الدين أحمد بن طاوس ره تركناهما لطولهما و قلة الجدوى فيهما و ذكرهما الشهيد ره في الذكرى فمن أراد الاطلاع عليهما فليرجع إليه الرابع يدل الخبران على أن الشك في الوتر يوجب البطلان و هو مخالف للمشهور من التخيير في النافلة مطلقا بين البناء على الأقل أو الأكثر و يمكن الحمل على صلاة الوتر المنذورة أو على أنه لما كان الوتر يطلق غالبا على الثلاث فيحمل على الشك بين الاثنتين و الثلاث إذ الشك بين الواحد و الاثنتين شك في الشفع حقيقة و الشك بين الثلاث و الأربع نادر فيعود شكه إلى أنه علم إيقاع الشفع و شك في أنه هل أوقع الوتر أم لا و لما كانت الوتر صلاة برأسها فإذا شك في إيقاعها يلزمه الإتيان بها و ليس من قبيل الشك في الركعات.
على أنه يمكن تخصيص عموم حكم النافلة بالخبرين كما فعله بعض المتأخرين
أو على الفضل و الاستحباب و لعله أصوب.
12- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَقُومُ فِي صَلَاتِهِ فَلَا يَدْرِي صَلَّى شَيْئاً أَمْ لَا كَيْفَ يَصْنَعُ قَالَ يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ 9531 .
توضيح اعلم أن المشهور بين الأصحاب أن من لم يدر كم صلى يعيد الصلاة مع أنهم ذكروا حكم السهو بين أعداد الركعات جميعا فكلامهم يحتمل وجهين الأول أن يكون مرادهم كثرة أجزاء الشك بحيث يدخل فيه الواحد و الاثنين أيضا و هو الظاهر من كلام الأكثر.
الثاني ما ذكره والدي قدس سره نقلا عن مشايخه و هو أن الشك في الركعات إنما يكون إذا علم إتمام ركعة لا محالة و هذا هو الشك الذي لا يعلم إتمام الركعة أيضا كأن يشك قائما بين الواحدة و الاثنتين فلما لم يتيقن الواحدة فكأنه شك هل صلى شيئا أم لا و هو الظاهر من هذا الخبر و يحتمل وجها آخر و هو أن يكون الشك في أنه هل شرع في الصلاة و كبر أم لا و بطلانه ظاهر و أما الأوليين فلتعلق الشك بالأوليين فالصلاة باطلة على المشهور.
و الشيخ في التهذيب 9532 أحسن و أجاد حيث جمع بين المعنيين الأولين فقال و من شك فلم يعلم صلى واحدة أم ثنتين أو ثلاثا أو أربعا وجب عليه إعادة الصلاة ثم أورد الأخبار الدالة على ذلك ثم قال و من كان في صلاته و لم يدر ما صلى وجب عليه إعادة الصلاة ثم أورد هذا الخبر بسند صحيح 9533 .
و بالجملة الحكم ببطلان صلاة من لم يدر كم صلى هو المشهور بين الأصحاب حتى قال في المنتهى و عليه علماؤنا و مقتضى كلام الصدوق في الفقيه جواز البناء على الأقل فيه أيضا و قال والده فإن شككت فلم تدر أ واحدة صليت أم اثنتين أم ثلاثا
أم أربعا صليت ركعة من قيام و ركعتين من جلوس.
و يدل على المشهور أخبار صحيحة كثيرة
وَ عَلَى الْبِنَاءِ عَلَى الْأَقَلِّ صَحِيحَةُ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ 9534 قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع عَنِ الرَّجُلِ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ أَمْ ثَلَاثاً قَالَ ع يَبْنِي عَلَى الْجَزْمِ وَ يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَ يَتَشَهَّدُ تَشَهُّداً خَفِيفاً.
و لعلها محمولة على التقية أو الاتقاء على الراوي لكونه من الوزراء و اختلاطه مع المخالفين و هذا الحكم على هذا الوجه مشهور بين المخالفين و رواياتهم واردة به و حملها الشيخ على أن المراد بالجزم استئناف الصلاة و حمل الأمر بالسجود على الاستحباب و لا يخفى بعده و حملها العلامة على كثير السهو و هو أيضا بعيد مع أن البناء على الجزم لا يطابق حكم كثير السهو و يدل عليه أخبار أخر محمولة على التقية و لو قيل بالتخيير أيضا فلا ريب أن العمل بالمشهور أحوط و أولى.
13- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الطَّيَالِسِيِّ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع رَجُلٌ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَ شَكَّ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ إِذَا فَرَغَ تَشَهَّدَ وَ قَامَ قَائِماً وَ صَلَّى رَكْعَةً بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ 9535 .
14- مَعَانِي الْأَخْبَارِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَّانِ عَنِ ابْنِ عُقْدَةَ عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ لَمْ يَدْرِ وَاحِدَةً صَلَّى أَوِ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ فَقَالَ لَهُ فَأَيْنَ مَا رُوِيَ أَنَّ الْفَقِيهَ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ قَالَ إِنَّمَا ذَاكَ فِي الثَّلَاثِ وَ الْأَرْبَعِ 9536 .
15- الْهِدَايَةُ، قَالَ الصَّادِقُ ع لِعَمَّارِ بْنِ مُوسَى يَا عَمَّارُ أَجْمَعُ لَكَ
السَّهْوَ كُلَّهُ فِي كَلِمَتَيْنِ مَتَى مَا شَكَكْتَ فَخُذْ بِالْأَكْثَرِ فَإِذَا سَلَّمْتَ فَأَتِمَّ مَا ظَنَنْتَ أَنَّكَ نَقَصْتَ 9537 .
بيان و تفصيل
أقول: هذا الخبر مروي في الفقيه 9538 بسند موثق و في التهذيب بأسانيد عن عمار 9539 و عليه عمل أكثر الأصحاب بعد التخصيص بما سوى الثنائية و الثلاثية و الأوليين من الرباعية و لنورد تفاصيل الأحكام المستنبطة منها في مباحث ليسهل عليك فهم ما سيأتي من الأخبار المفصلة.
الأول الشك بين الاثنتين و الثلاث و المشهور بين الأصحاب أنه يبني على الثلاث و يتم ثم يأتي بصلاة الاحتياط 9540 و في المسألة أقوال أخر
منها البناء على الأقل و هو المنقول عن السيد المرتضى.
و منها تجويز البناء على الأقل و هو الظاهر من الصدوق في الفقيه.
و منها قول علي بن بابويه حيث قال كما نقل عنه و إذا شككت بين الاثنتين و الثلاث و ذهب وهمك إلى الثلاثة فأضف إليها رابعة فإذا سلمت صليت ركعة بالحمد وحدها و إن ذهب وهمك إلى الأقل فابن عليه و تشهد في كل ركعة ثم اسجد للسهو و إن اعتدل وهمك فأنت بالخيار إن شئت بنيت على الأقل و تشهدت في كل ركعة و إن شئت بنيت على الأكثر و عملت ما وصفناه.
و منها ما نقل عن الصدوق في المقنع من بطلان الصلاة بذلك الشك و سيأتي
كلامه فيه و قد نقل الفاضلان الإجماع على عدم الإعادة في صورة الشك في الأخيرتين.
أما القول الأول فقد قال في الذكرى لم نقف فيه على رواية صريحة و نقل فيه ابن أبي عقيل تواتر الأخبار
وَ اسْتَدَلَّ الشَّيْخُ عَلَيْهِ بِمَا رَوَاهُ فِي الْحَسَنِ عَنْ زُرَارَةَ 9541 عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: قُلْتُ لَهُ رَجُلٌ لَا يَدْرِي أَ وَاحِدَةً صَلَّى أَمِ اثْنَتَيْنِ قَالَ يُعِيدُ قُلْتُ رَجُلٌ لَا يَدْرِي أَ ثِنْتَيْنِ صَلَّى أَمْ ثَلَاثاً قَالَ إِنْ دَخَلَهُ الشَّكُّ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الثَّالِثَةِ يَمْضِي فِي الثَّالِثَةِ ثُمَّ صَلَّى الْأُخْرَى وَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَ يُسَلِّمُ.
و يرد عليه أنه غير دال على المطلوب و إنما يدل على البناء على الأقل إذا وقع الشك بعد دخوله في الثالثة و هي الركعة المترددة بين كونها ثالثة أو رابعة لا المترددة بين كونها ثانية أو ثالثة لأن ذلك شك في الأوليين و هو مبطل كما مر.
و إنما قال ع مضى في الثالثة إشعارا بأنه يجعلها ثالثة و يضم إليها الرابعة و يحتمل أن يكون المراد بقوله ثم صلى الأخرى صلاة الاحتياط و يكون عدم ذكر التسليم أولا إما لعدم وجوبه أو ظهوره إلا أن الاستدلال بهذا الاحتمال البعيد مشكل.
و يمكن أن يقال القول ببطلان الصلاة بالشك بعد إكمال الركعتين يدفعه أخبار صحيحة كثيرة دالة على أن الإعادة في الأوليين و السهو في الأخيرتين فبقي الكلام في البناء على الأقل أو الأكثر فعموم رواية عمار مع تأيده بالشهرة بين الأصحاب و مخالفة العامة و ادعاء ابن أبي عقيل و هو من أعاظم العلماء تواتر الأخبار في ذلك يكفي لترجيح البناء على الأكثر و إن كان القول بالتخيير أيضا لا يخلو من قوة.
وَ أَمَّا مَا رَوَاهُ الشَّيْخُ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ 9542 عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ:
سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ لَمْ يَدْرِ رَكْعَتَيْنِ صَلَّى أَمْ ثَلَاثاً قَالَ يُعِيدُ قُلْتُ أَ لَيْسَ يُقَالُ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ فَقِيهٌ فَقَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الثَّلَاثِ وَ الْأَرْبَعِ.
فيمكن الجمع بينها و بين حسنة زرارة بوجهين أحدهما أن يقال إنما يعيد إذا دخل الشك قبل الدخول في الركعة المترددة بين الثالثة و الرابعة فيخصص هذه الرواية بغير الصورة المذكورة و مقتضى هذا الجمع إعادة الصلاة إذا كان الشك بعد إتمام الركعتين و قبل الدخول في الركعة المذكورة و هو خلاف المشهور و المختار.
إلا أن يقال إذا رفع رأسه من السجود يحصل لدخول في الركعة الأخرى بأن يقال رفع الرأس من الثانية من مقدمات القيام لا أنه واجب مستقل خلافا للمشهور و الدخول في مقدمة الشيء في قوة الدخول فيه.
و ثانيهما التخيير بين الإعادة و الإتمام إذا كان الشك بعد الدخول في الركعة المذكورة كما قيل.
و الشيخ حمل صحيحة عبيد على الشك في المغرب و الأظهر حملها على ما إذا كان الشك قبل إكمال السجدتين و كذا حمل مفهوم رواية زرارة على ذلك إذ يكفي في فائدة التقييد أن يكون لمخالفة أفراد شائعة ظاهرة مخالفة في الحكم للمنطوق و لا يلزم مخالفة جميع الأفراد و الحصر المذكور في صحيحة عبيد إضافي لا محالة إذ الشك بين الاثنين و الأربع أيضا غير مبطل.
و يمكن حمل الثلاث و الأربع على الأعم من أن يكون شرع في الثالثة أو أراد الشروع فيها إذ يصدق عليه أنه يشك في أن الركعة التي يريد الشروع فيها ثالثة أم رابعة.