کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
فَقَالَ إِنَّ الرُّوحَ مُتَحَرِّكٌ كَالرِّيحِ وَ إِنَّمَا سُمِّيَ رُوحاً لِأَنَّهُ اشْتُقَّ اسْمُهُ مِنَ الرِّيحِ وَ إِنَّمَا أَخْرَجَهُ عَلَى لَفْظَةِ الرُّوحِ لِأَنَّ الرُّوحَ مُجَانِسٌ لِلرِّيحِ وَ إِنَّمَا أَضَافَهُ إِلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ اصْطَفَاهُ عَلَى سَائِرِ الْأَرْوَاحِ كَمَا اصْطَفَى بَيْتاً مِنَ الْبُيُوتِ فَقَالَ بَيْتِي وَ قَالَ لِرَسُولٍ مِنَ الرُّسُلِ خَلِيلِي وَ أَشْبَاهِ ذَلِكَ وَ كُلُّ ذَلِكَ مَخْلُوقٌ مَصْنُوعٌ مُحْدَثٌ مَرْبُوبٌ مُدَبَّرٌ.
ج، الإحتجاج مرسلا عن محمد عنه ع .
4- ج، الإحتجاج حُمْرَانُ بْنُ أَعْيَنَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ وَ رُوحٌ مِنْهُ قَالَ هِيَ مَخْلُوقَةٌ خَلَقَهَا اللَّهُ بِحِكْمَتِهِ فِي آدَمَ وَ فِي عِيسَى ع.
5- مع، معاني الأخبار غَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ الْأَسَدِيِّ عَنِ الْبَرْمَكِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ عُبَيْسِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي قَالَ مِنْ قُدْرَتِي.
يد، التوحيد بالإسناد عن العباس عن ابن أسباط عن سيف بن عميرة عن أبي بصير عن أبي جعفر ع مثله.
6- يد، التوحيد الْقَطَّانُ عَنِ السُّكَّرِيِّ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الْجَرِيرِيِّ عَنْ أَبِي الْوَرْدِ بْنِ ثُمَامَةَ 2316 عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ: سَمِعَ النَّبِيُّ ص رَجُلًا يَقُولُ لِرَجُلٍ قَبَّحَ اللَّهُ وَجْهَكَ وَ وَجْهَ مَنْ يُشْبِهُكَ فَقَالَ ع مَهْ لَا تَقُلْ هَذَا فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ.
قال الصدوق رحمه الله تركت المشبه من هذا الحديث أوله و قالوا إن الله خلق آدم على صورته فضلوا في معناه و أضلوا.
7- يد، التوحيد السِّنَانِيُّ وَ الْمُكَتِّبُ وَ الدَّقَّاقُ جَمِيعاً عَنِ الْأَسَدِيِّ عَنِ الْبَرْمَكِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ عُبَيْسِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ خَلْقاً وَ خَلَقَ رُوحاً ثُمَّ أَمَرَ مَلَكاً فَنَفَخَ فِيهِ وَ لَيْسَتْ بِالَّتِي نَقَصَتْ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ شَيْئاً هِيَ مِنْ قُدْرَتِهِ.
شي، تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع مثله.
- 8- يد، التوحيد ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْأَصَمِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَنِ الرُّوحِ الَّتِي فِي آدَمَ وَ الَّتِي فِي عِيسَى مَا هُمَا قَالَ رُوحَانِ مَخْلُوقَانِ اخْتَارَهُمَا وَ اصْطَفَاهُمَا رُوحُ آدَمَ وَ رُوحُ عِيسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا.
9- يد، التوحيد أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ وَ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَحَدٌ صَمَدٌ لَيْسَ لَهُ جَوْفٌ وَ إِنَّمَا الرُّوحُ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِهِ نَصْرٌ وَ تَأْيِيدٌ وَ قُوَّةٌ يَجْعَلُهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِ الرُّسُلِ وَ الْمُؤْمِنِينَ.
10- شي، تفسير العياشي عَنْ زُرَارَةَ وَ حُمْرَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قَالا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَ ذَكَرَ مِثْلَهُ.
11- شي، تفسير العياشي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ قَالَ رُوحٌ خَلَقَهَا اللَّهُ فَنَفَخَ فِي آدَمَ مِنْهَا.
12- شي، تفسير العياشي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرُّوحِ الَّتِي فِي آدَمَ قَوْلِهِ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي قَالَ هَذِهِ رُوحٌ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ وَ الرُّوحُ الَّتِي فِي عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ.
13- شي، تفسير العياشي فِي رِوَايَةِ سَمَاعَةَ عَنْهُ ع خَلَقَ آدَمَ فَنَفَخَ فِيهِ وَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرُّوحِ قَالَ هِيَ مِنْ قُدْرَتِهِ مِنَ الْمَلَكُوتِ.
14- يد، التوحيد ابْنُ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحْرٍ 2317 عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع عَمَّا يَرْوُونَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ فَقَالَ هِيَ صُورَةٌ مُحْدَثَةٌ مَخْلُوقَةٌ اصْطَفَاهَا اللَّهُ وَ اخْتَارَهَا عَلَى سَائِرِ الصُّوَرِ الْمُخْتَلِفَةِ فَأَضَافَهَا إِلَى نَفْسِهِ كَمَا أَضَافَ الْكَعْبَةَ إِلَى نَفْسِهِ وَ الرُّوحَ إِلَى نَفْسِهِ فَقَالَ بَيْتِي وَ قَالَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي .
ج، الإحتجاج عن محمد مثله
بيان هذا الخبر لا ينافي ما سبق لأنه تأويل على تقدير عدم ذكر أوله كما يرويه من حذف منه ما حذف. تذنيب قال السيد المرتضى قدّس الله روحه في كتاب تنزيه الأنبياء فإن قيل ما معنى الخبر المرويّ
14 عَنِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ.
أ و ليس ظاهر هذا الخبر يقتضي التشبيه و أن له تعالى عن ذلك صورة قلنا قد قيل في تأويل هذا الخبر أن الهاء في صورته إذا صحّ هذا الخبر راجعة إلى آدم ع دون الله تعالى فكان المعنى أنه تعالى خلقه على الصورة التي قبض عليها فإن حاله لم يتغير في الصورة بزيادة و لا نقصان كما يتغير أحوال البشر و ذكر وجه ثان و هو على أن تكون الهاء راجعة إلى الله تعالى و يكون المعنى أنه خلقه على الصورة التي اختارها و اجتباها لأن الشيء قد يضاف على هذا الوجه إلى مختاره و مصطفاه و ذكر أيضا وجه ثالث و هو أن هذا الكلام خرج على سبب معروف
لِأَنَّ الزُّهْرِيَّ رَوَى عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ص بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَ هُوَ يَضْرِبُ وَجْهَ غُلَامٍ لَهُ وَ يَقُولُ قَبَّحَ اللَّهُ وَجْهَكَ وَ وَجْهَ مَنْ تُشْبِهُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ص بِئْسَ مَا قُلْتَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ.
يعني صورة المضروب و يمكن في الخبر وجه رابع و هو أن يكون المراد أن الله تعالى خلق آدم و خلق صورته لينتفي بذلك الشك في أن تأليفه من فعل غيره لأن التأليف من جنس مقدور البشر و الجواهر و ما شاكلها من الأجناس المخصوصة من الأعراض هي التي يتفرد القديم تعالى بالقدرة عليها فيمكن قبل النظر أن يكون الجواهر من فعله و تأليفها من فعل غيره فكأنه ع أخبر بهذه الفائدة الجليلة و هو أن جوهر آدم و تأليفه من فعل الله تعالى و يمكن وجه خامس و هو أن يكون المعنى أن الله أنشأه على هذه الصورة التي شوهد عليها على سبيل الابتداء و أنه لم ينتقل إليها و يتدرج كما جرت العادة في البشر و كل هذه الوجوه جائز في معنى الخبر و الله تعالى و رسوله أعلم بالمراد. انتهى كلامه رفع الله مقامه.
أقول و فيه وجه سادس ذكره جماعة من شرّاح الحديث و هو أن المراد بالصورة
الصفة من كونه سميعا بصيرا متكلّما و جعله قابلا للاتّصاف بصفاته الكماليّة و الجلاليّة على وجه لا يفضي إلى التشبيه و الأولى الاقتصار على ما ورد في النصوص عن الصادقين ع و قد روت العامّة الوجه الأول المرويّ عن أمير المؤمنين و عن الرضا صلوات الله عليهما بطرق متعدّدة في كتبهم.
باب 3 تأويل آية النور 2318
1- يد، التوحيد مع، معاني الأخبار أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ يَزِيدَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَقَالَ هَادٍ لِأَهْلِ السَّمَاءِ وَ هَادٍ لِأَهْلِ الْأَرْضِ.
2- وَ فِي رِوَايَةِ الْبَرْقِيِ هُدَى مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ هُدَى مَنْ فِي الْأَرْضِ.
3- ج، الإحتجاج عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَقَالَ ع هَادِي مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ هَادِي مَنْ فِي الْأَرْضِ 2319 .
4- يد، التوحيد مع، معاني الأخبار إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَارُونَ الهيستي [الْهِيتِيُ] 2320 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الثَّلْجِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ الذُّهْلِيِّ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ 2321 قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ ع اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ قُلْتُ مَثَلُ نُورِهِ قَالَ لِي مُحَمَّدٌ ص قُلْتُ كَمِشْكاةٍ قَالَ صَدْرُ مُحَمَّدٍ ص قُلْتُ فِيها مِصْباحٌ قَالَ فِيهِ نُورُ الْعِلْمِ يَعْنِي النُّبُوَّةَ قُلْتُ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ قَالَ عِلْمُ رَسُولِ اللَّهِ ص صَدَرَ إِلَى قَلْبِ عَلِيٍّ ع 2322 قُلْتُ كَأَنَّها قَالَ لِأَيِّ شَيْءٍ تَقْرَأُ كَأَنَّهَا قُلْتُ
وَ كَيْفَ جُعِلْتُ فِدَاكَ قَالَ كَأَنَّهُ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ قُلْتُ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ قَالَ ذَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع لَا يَهُودِيٌّ وَ لَا نَصْرَانِيٌّ قُلْتُ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ قَالَ يَكَادُ الْعِلْمُ يَخْرُجُ مِنْ فَمِ الْعَالِمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْطِقَ بِهِ قُلْتُ نُورٌ عَلى نُورٍ قَالَ الْإِمَامُ عَلَى أَثَرِ الْإِمَامِ.
قال الصدوق رحمه الله إن المشبّهة تفسّر هذه الآية على أنه ضياء السماوات و الأرض و لو كان لذلك لما جاز أن توجد الأرض مظلمة في وقت من الأوقات لا بالليل و لا بالنهار لأن الله هو نورها و ضياؤها على تأويلهم و هو موجود غير معدوم فوجود الأرض مظلمة بالليل و وجودنا داخلها أيضا مظلما بالنهار يدل على أن تأويل قوله اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ هو ما قاله الرضا ع دون تأويل المشبّه و أنه عز و جل هادي أهل السماوات و الأرض و المبين لأهل السماوات و الأرض أمور دينهم 2323 و مصالحهم فلما كان بالله و بهداه يهتدي أهل السماوات و الأرض إلى صلاحهم و أمور دينهم كما يهتدون بالنور الذي خلقه الله لهم في السماوات و الأرض إلى إصلاح دنياهم قال إنه نور السماوات و الأرض على هذا المعنى و أجرى على نفسه هذا الاسم توسعا و مجازا لأن العقول دالة على أن الله عز و جل لا يجوز أن يكون نورا و لا ضياء و لا من جنس الأنوار و الضياء لأنه خالق الأنوار و خالق جميع أجناس الأشياء و قد دل على ذلك أيضا قوله مَثَلُ نُورِهِ و إنما أراد به صفة نوره و هذا النور هو غيره لأنه شبهه بالمصباح و ضوئه الذي ذكره و وصفه في هذه الآية و لا يجوز أن يشبه نفسه بالمصباح لأن الله لا شبه له و لا نظير فصح أن نوره الذي شبهه بالمصباح إنما هو دلالته أهل السماوات و الأرض على مصالح دينهم و على توحيد ربهم و حكمته و عدله ثم بين وضوح دلالته هذه و سماها نورا من حيث يهتدي بها عباده إلى دينهم و صلاحهم فقال مثله مثل كوّة و هي المشكاة فيها المصباح و المصباح هو السراج في زجاجة صافية شبيهة بالكوكب الذي هو الكوكب المشبّه بالدرّ في لونه و هذا المصباح الذي في هذه الزجاجة الصافية يتوقّد 2324
من زيت زيتونة مباركة و أراد به زيتون الشام لأنه يقال إنه بورك فيه لأهله و عنى عز و جل بقوله لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ أن هذه الزيتونة ليست بشرقيّة فلا تسقط الشمس عليها في وقت الغروب و لا غربيّة و لا تسقط الشمس عليها في وقت الطلوع بل هي في أعلى شجرها و الشمس تسقط عليها في طول نهارها فهو أجود لها و أضوأ لزيتها ثم أكّد وصفه لصفاء زيتها فقال يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ لما فيها من الصفاء فبين أن دلالات الله التي بها دل عباده في السماوات و الأرض على مصالحهم و على أمور دينهم في الوضوح و البيان بمنزلة هذا المصباح الذي في هذه الزجاجة الصافية و يتوقّد بها الزيت الصافي الذي وصفه فيجتمع فيه ضوء النار مع ضوء الزجاجة و ضوء الزيت هو معنى قوله نُورٌ عَلى نُورٍ و عنى بقوله عز و جل يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يعني من عباده و هم المكلّفون ليعرفوا بذلك و يهتدوا به و يستدلوا به على توحيد ربهم و سائر أمور دينهم و قد دل الله عز و جل بهذه الآية و بما ذكره من وضوح دلالاته و آياته التي دل بها عباده على دينهم أن أحدا منهم لم يؤت فيما صار إليه من الجهل و من تضييع الدين لشبهة و لبس دخلا عليه في ذلك من قبل الله عز و جل إذ كان الله عز و جل قد بين لهم دلالاته و آياته على سبيل ما وصف و أنهم إنما أوتوا في ذلك من قبل نفوسهم 2325 بتركهم النظر في دلالات الله و الاستدلال بها على الله عز و جل و على صلاحهم في دينهم و بين أنه بكل شيء من مصالح عباده و من غير ذلك عليم
وَ قَدْ رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ فَقَالَ هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لَنَا.
فالنبي و الأئمة صلوات الله عليهم من دلالات الله و آياته التي يهتدى بها إلى التوحيد و مصالح الدين و شرائع الإسلام و السنن و الفرائض و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.
5- فس، تفسير القمي حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ 2326
عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ ع فِي هَذِهِ الْآيَةِ اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قَالَ بَدَأَ بِنُورِ نَفْسِهِ تَعَالَى مَثَلُ نُورِهِ مَثَلُ هُدَاهُ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ قَوْلُهُ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِشْكَاةُ جَوْفُ الْمُؤْمِنِ وَ الْقِنْدِيلُ قَلْبُهُ وَ الْمِصْبَاحُ النُّورُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ فِيهِ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ قَالَ الشَّجَرَةُ الْمُؤْمِنُ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَ لا غَرْبِيَّةٍ قَالَ عَلَى سَوَاءِ الْجَبَلِ لَا غَرْبِيَّةٍ أَيْ لَا شَرْقَ لَهَا وَ لَا شَرْقِيَّةٍ أَيْ لَا غَرْبَ لَهَا إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ طَلَعَتْ عَلَيْهَا وَ إِذَا غَرَبَتْ غَرَبَتْ عَلَيْهَا يَكادُ زَيْتُها يَعْنِي يَكَادُ النُّورُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ يُضِيءُ وَ إِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ نُورٌ عَلى نُورٍ فَرِيضَةٌ عَلَى فَرِيضَةٍ وَ سُنَّةٌ عَلَى سُنَّةٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ يَهْدِي اللَّهُ لِفَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ مَنْ يَشَاءُ وَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَ هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ ثُمَّ قَالَ فَالْمُؤْمِنُ مَنْ يَتَقَلَّبُ 2327 فِي خَمْسَةٍ مِنَ النُّورِ مَدْخَلُهُ نُورٌ وَ مَخْرَجُهُ نُورٌ وَ عِلْمُهُ نُورٌ وَ كَلَامُهُ نُورٌ وَ مَصِيرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ نُورٌ قُلْتُ لِجَعْفَرٍ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا سَيِّدِي إِنَّهُمْ يَقُولُونَ مَثَلُ نُورِ الرَّبِّ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ لَيْسَ لِلَّهِ بِمَثَلٍ مَا قَالَ اللَّهُ فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ .
بيان قوله ع الشجرة المؤمن لعل المراد أن نور الإيمان الذي جعله الله في قلب المؤمن يتقد من أعمال صالحة هي ثمرة شجرة مباركة هي المؤمن المهتدي و يحتمل أن يكون المراد بالمؤمن المؤمن الكامل و هو الإمام ع و لا يبعد أن يكون المؤمن تصحيف الإيمان أو القرآن أو نحن أو الإمام.