کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
الحكاية الرابعة عشرة
12 حدث الشيخ الصالح الصفي الشيخ أحمد الصدتوماني و كان ثقة تقيا ورعا قال قد استفاض عن جدنا المولى محمد سعيد الصدتوماني و كان من تلامذة السيد رحمه الله أنه جرى في مجلسه ذكر قضايا مصادفة رؤية المهدي ع حتى تكلم هو في جملة من تكلم في ذلك فقال أحببت ذات يوم أن أصل إلى مسجد السهلة في وقت ظننته فيه فارغا من الناس فلما انتهيت إليه وجدته غاصا بالناس و لهم دوي و لا أعهد أن يكون في ذلك الوقت فيه أحد.
فدخلت فوجدت صفوفا صافين للصلاة جامعة فوقفت إلى جنب الحائط على موضع فيه رمل فعلوته لأنظر هل أجد خللا في الصفوف فاسدة فرأيت موضع رجل واحد في صف من تلك الصفوف فذهبت إليه و وقفت فيه.
فقال رجل من الحاضرين هل رأيت المهدي ع فعند ذلك سكت السيد و كأنه كان نائما ثم انتبه فكلما طلب منه إتمام المطلب لم يتمه.
الحكاية الخامسة عشرة
12 حدث الشيخ الفاضل العالم الثقة الشيخ باقر الكاظمي المجاور في النجف الأشرف آل الشيخ طالب نجل العالم العابد الشيخ هادي الكاظمي قال كان في النجف الأشرف رجل مؤمن يسمى الشيخ محمد حسن السريرة و كان في سلك أهل العلم ذا نية صادقة و كان معه مرض السعال إذا سعل يخرج من صدره مع الأخلاط دم و كان مع ذلك في غاية الفقر و الاحتياج لا يملك قوت يومه و كان يخرج في أغلب أوقاته إلى البادية إلى الأعراب الذين في أطراف النجف الأشرف ليحصل له قوت و لو شعير و ما كان يتيسر ذلك على وجه يكفيه مع شدة رجائه و كان مع ذلك قد تعلق قلبه بتزويج امرأة من أهل النجف و كان يطلبها من أهلها و ما أجابوه إلى ذلك لقلة ذات يده و كان في هم و غم شديد من جهة ابتلائه بذلك
فلما اشتد به الفقر و المرض و أيس من تزويج البنت عزم على ما هو معروف عند أهل النجف من أنه من أصابه أمر فواظب الرواح إلى مسجد الكوفة أربعين ليلة الأربعاء فلا بد أن يرى صاحب الأمر عجل الله فرجه من حيث لا يعلم و يقضي له مراده.
قال الشيخ باقر قدس سره قال الشيخ محمد فواظبت على ذلك أربعين ليلة بالأربعاء فلما كانت الليلة الأخيرة و كانت ليلة شتاء مظلمة و قد هبت ريح عاصفة فيها قليل من المطر و أنا جالس في الدكة التي هي داخل في باب المسجد و كانت الدكة الشرقية المقابلة للباب الأول تكون على الطرف الأيسر عند دخول المسجد و لا أتمكن الدخول في المسجد من جهة سعال الدم و لا يمكن قذفه في المسجد و ليس معي شيء أتقي فيه عن البرد و قد ضاق صدري و اشتد علي همي و غمي و ضاقت الدنيا في عيني و أفكر أن الليالي قد انقضت و هذه آخرها و ما رأيت أحدا و لا ظهر لي شيء و قد تعبت هذا التعب العظيم و تحملت المشاق و الخوف في أربعين ليلة أجيء فيها من النجف إلى مسجد الكوفة و يكون لي الإياس من ذلك.
فبينما أنا أفكر في ذلك و ليس في المسجد أحد أبدا و قد أوقدت نارا لأسخن عليها قهوة جئت بها من النجف لا أتمكن من تركها لتعودي بها و كانت قليلة جدا إذا بشخص من جهة الباب الأول متوجها إلي فلما نظرته من بعيد تكدرت و قلت في نفسي هذا أعرابي من أطراف المسجد قد جاء إلي ليشرب من القهوة و أبقى بلا قهوة في هذا الليل المظلم و يزيد علي همي و غمي.
فبينما أنا أفكر إذا به قد وصل إلي و سلم علي باسمي و جلس في مقابلي فتعجبت من معرفته باسمي و ظننته من الذين أخرج إليهم في بعض الأوقات من أطراف النجف الأشرف فصرت أسأله من أي العرب يكون قال من بعض العرب فصرت أذكر له الطوائف التي في أطراف النجف فيقول لا لا و كلما ذكرت له طائفة قال لا لست منها.
فأغضبني و قلت له أجل أنت من طريطرة مستهزئا و هو لفظ بلا معنى فتبسم من قولي ذلك و قال لا عليك من أينما كنت ما الذي جاء بك إلى هنا فقلت و أنت ما عليك السؤال عن هذه الأمور فقال ما ضرك لو أخبرتني فتعجبت من حسن أخلاقه و عذوبة منطقه فمال قلبي إليه و صار كلما تكلم ازداد حبي له فعملت له السبيل من التتن و أعطيته فقال أنت اشرب فأنا ما أشرب و صببت له في الفنجان قهوة و أعطيته فأخذه و شرب شيئا قليلا منه ثم ناولني الباقي و قال أنت اشربه فأخذته و شربته و لم ألتفت إلى عدم شربه تمام الفنجان و لكن يزداد حبي له آنا فآنا.
فقلت له يا أخي أنت قد أرسلك الله إلي في هذه الليلة تأنسني أ فلا تروح معي إلى أن نجلس في حضرة مسلم ع و نتحدث فقال أروح معك فحدث حديثك.
فقلت له أحكي لك الواقع أنا في غاية الفقر و الحاجة مذ شعرت على نفسي و مع ذلك معي سعال أتنخع الدم و أقذفه من صدري منذ سنين و لا أعرف علاجه و ما عندي زوجة و قد علق قلبي بامرأة من أهل محلتنا في النجف الأشرف و من جهة قلة ما في اليد ما تيسر لي أخذها.
و قد غرني هؤلاء الملائية 5920 و قالوا لي اقصد في حوائجك صاحب الزمان و بت أربعين ليلة الأربعاء في مسجد الكوفة فإنك تراه و يقضي لك حاجتك و هذه آخر ليلة من الأربعين و ما رأيت فيها شيئا و قد تحملت هذه المشاق في هذه الليالي فهذا الذي جاء بي هنا و هذه حوائجي.
فقال لي و أنا غافل غير ملتفت أما صدرك فقد برأ و أما الامرأة فتأخذها عن قريب و أما فقرك فيبقى على حالة حتى تموت و أنا غير ملتفت إلى هذا البيان أبدا.
فقلت أ لا تروح إلى حضرة مسلم قال قم فقمت و توجه أمامي فلما
وردنا أرض المسجد فقال أ لا تصلي صلاة تحية المسجد فقلت أفعل فوقف هو قريبا من الشاخص الموضوع في المسجد و أنا خلفه بفاصلة فأحرمت الصلاة و صرت أقرأ الفاتحة.
فبينما أنا أقرأ و إذا يقرأ الفاتحة قراءة ما سمعت أحدا يقرأ مثلها أبدا فمن حسن قراءته قلت في نفسي لعله هذا هو صاحب الزمان و ذكرت بعض كلمات له تدل على ذلك ثم نظرت إليه بعد ما خطر في قلبي ذلك و هو في الصلاة و إذا به قد أحاطه نور عظيم منعني من تشخيص شخصه الشريف و هو مع ذلك يصلي و أنا أسمع قراءته و قد ارتعدت فرائصي و لا أستطيع قطع الصلاة خوفا منه فأكملتها على أي وجه كان و قد علا النور من وجه الأرض فصرت أندبه و أبكي و أتضجر و أعتذر من سوء أدبي معه في باب المسجد و قلت له أنت صادق الوعد و قد وعدتني الرواح معي إلى مسلم.
فبينما أنا أكلم النور و إذا بالنور قد توجه إلى جهة المسلم فتبعته فدخل النور الحضرة و صار في جو القبة و لم يزل على ذلك و لم أزل أندبه و أبكي حتى إذا طلع الفجر عرج النور.
فلما كان الصباح التفت إلى قوله أما صدرك فقد برأ و إذا أنا صحيح الصدر و ليس معي سعال أبدا و ما مضى أسبوع إلا و سهل الله على أخذ البنت من حيث لا أحتسب و بقي فقري على ما كان كما أخبر صلوات الله و سلامه عليه و على آبائه الطاهرين.
الحكاية السادسة عشرة
12 حدثني العالم الجليل و الفاضل النبيل مصباح المتقين و زين المجاهدين السيد الأيد مولانا السيد محمد بن العالم السيد هاشم بن مير شجاعت علي الموسوي الرضوي النجفي المعروف بالهندي سلمه الله تعالى و هو من العلماء المتقين و كان يؤم الجماعة في داخل حرم أمير المؤمنين ع و له خبرة و بصيرة بأغلب العلوم
المتداولة و هو الآن من مجاوري بلدتنا الشريفة عمرها الله تعالى بوجود الأبرار و الصلحاء.
قال كان رجل صالح يسمى الحاج عبد الواعظ كان كثير التردد إلى مسجد السهلة و الكوفة فنقل لي الثقة الشيخ باقر بن الشيخ هادي المقدم ذكره قال و كان عالما بالمقدمات و علم القراءة و بعض علم الجفر و عنده ملكة الاجتهاد المطلق إلا أنه مشغول عن الاستنباط لأكثر من قدر حاجته بمعيشة العيال و كان يقرأ المراثي و يؤم الجماعة و كان صدوقا خيرا معتمدا عن الشيخ مهدي الزربجاوي قال كنت في مسجد الكوفة فوجدت هذا العبد الصالح خرج إلى النجف بعد نصف الليل ليصل إليه أول النهار فخرجت معه لأجل ذلك أيضا فلما انتهينا إلى قريب من البئر التي في نصف الطريق لاح لي أسد على قارعة الطريق و البرية خالية من الناس ليس فيها إلا أنا و هذا الرجل فوقفت عن المشي فقال ما بالك فقلت هذا الأسد فقال امش و لا تبال به فقلت كيف يكون ذلك فأصر علي فأبيت فقال لي إذا رأيتني وصلت إليه و وقفت بحذائه و لم يضرني أ فتجوز الطريق و تمشي فقلت نعم فتقدمني إلى الأسد حتى وضع يده على ناصيته فلما رأيت ذلك أسرعت في مشيي حتى جزتهما و أنا مرعوب ثم لحق بي و بقي الأسد في مكانه.
قال نور الله قلبه قال الشيخ باقر و كنت في أيام شبابي خرجت مع خالي الشيخ محمد علي القارئ مصنف الكتب الثلاثة الكبير و المتوسط و الصغير و مؤلف كتاب التعزية جمع فيه تفصيل قضية كربلاء من بدئها إلى ختامها بترتيب حسن و أحاديث منتخبة إلى مسجد السهلة و كان في تلك الأوقات موحشا في الليل ليس فيه هذه العمارة الجديدة و الطريق بينه و بين مسجد الكوفة كان صعبا أيضا ليس بهذه السهولة الحاصلة بعد الإصلاح.
فلما صلينا تحية مقام المهدي ع نسي خالي سبيله و تتنه فذكر ذلك بعد ما خرجنا و صرنا في باب المسجد فبعثني إليها.
فلما دخلت وقت العشاء إلى المقام فتناولت ذلك وجدت جمرة نار كبيرة تلهب في وسط المقام فخرجت مرعوبا منها فرآني خالي على هيئة الرعب فقال لي ما بالك فأخبرته بالجمرة فقال لي سنصل إلى مسجد الكوفة و نسأل العبد الصالح عنها فإنه كثير التردد إلى هذا المقام و لا يخلو من أن يكون له علم بها.
فلما سأله خالي عنها قال كثيرا ما رأيتها في خصوص مقام المهدي ع من بين المقامات و الزوايا.
الحكاية السابعة عشرة
12 قال نضر الله وجهه و أخبرني الشيخ باقر المزبور عن السيد جعفر بن السيد الجليل السيد باقر القزويني الآتي ذكره قال كنت أسير مع أبي إلى مسجد السهلة فلما قاربناها قلت له هذه الكلمات التي أسمعها من الناس أن من جاء إلى مسجد السهلة في أربعين أربعاء فإنه يرى المهدي ع أرى أنها لا أصل لها فالتفت إلي مغضبا و قال لي و لم ذلك لمحض أنك لم تره أو كل شيء لم تره عيناك فلا أصل له و أكثر من الكلام علي حتى ندمت على ما قلت.
ثم دخلنا معه المسجد و كان خاليا من الناس فلما قام في وسط المسجد ليصلي ركعتين للاستجارة أقبل رجل من ناحية مقام الحجة ع و مر بالسيد فسلم عليه و صافحه و التفت إلى السيد والدي و قال فمن هذا فقلت أ هو المهدي ع فقال فمن فركضت أطلبه فلم أجده في داخل المسجد و لا في خارجه.
الحكاية الثامنة عشرة
12 و قال أصلح الله باله و أخبر الشيخ باقر المزبور عن رجل صادق اللهجة كان حلاقا و له أب كبير مسن و هو لا يقصر في خدمته حتى أنه يحمل له الإبريق إلى الخلاء و يقف ينتظره حتى يخرج فيأخذه منه و لا يفارق خدمته إلا ليلة
الأربعاء فإنه يمضي إلى مسجد السهلة ثم ترك الرواح إلى المسجد فسألته عن سبب ذلك فقال خرجت أربعين أربعاء فلما كانت الأخيرة لم يتيسر لي أن أخرج إلى قريب المغرب فمشيت وحدي و صار الليل و بقيت أمشي حتى بقي ثلث الطريق و كانت الليلة مقمرة.
فرأيت أعرابيا على فرس قد قصدني فقلت في نفسي هذا سيسلبني ثيابي فلما انتهى إلي كلمني بلسان البدو من العرب و سألني عن مقصدي فقلت مسجد السهلة فقال معك شيء من المأكول فقلت لا فقال أدخل يدك في جيبك هذا نقل بالمعنى و أما اللفظ دورك يدك لجيبك فقلت ليس فيه شيء فكرر علي القول بزجر حتى أدخلت يدي في جيبي فوجدت فيه زبيبا كنت اشتريته لطفل عندي و نسيته فبقي في جيبي.
ثم قال لي الأعرابي أوصيك بالعود أوصيك بالعود أوصيك بالعود و العود في لسانهم اسم للأب المسن ثم غاب عن بصري فعلمت أنه المهدي ع و أنه لا يرضى بمفارقتي لأبي حتى في ليلة الأربعاء فلم أعد.
الحكاية التاسعة عشرة [تشرّف السيّد محمّد ابن السيّد هاشم الموسويّ النجفيّ المعروف بالهنديّ بزيارته عليه السلام في الحرم العلويّ ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان]
و قال أدام الله إكرامه رأيت في رواية ما يدل على أنك إذا أردت أن تعرف ليلة القدر فاقرأ حم الدخان كل ليلة في شهر رمضان مائة مرة إلى ليلة ثلاث و عشرين فعملت ذلك و بدأت في ليلة الثلاث و العشرين أقرأ على حفظي بعد الفطور إلى أن خرجت إلى الحرم العلوي في أثناء الليل فلم أجد لي موضعا أستقر فيه إلا أن أجلس مقابلا للوجه مستدبرا للقبلة بقرب الشمع المعلق لكثرة الناس في تلك الليلة.