کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْصِيَ اللَّهَ وَ أُطِيعَكَ- قَالَ الشَّيْخُ لَا يَلِي قَتْلَكُمَا أَحَدٌ غَيْرِي وَ أَخَذَ السَّيْفَ وَ مَشَى أَمَامَهُمَا فَلَمَّا صَارَ إِلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ سَلَّ السَّيْفَ عَنْ جَفْنِهِ فَلَمَّا نَظَرَ الْغُلَامَانِ إِلَى السَّيْفِ مَسْلُولًا اغْرَوْرَقَتْ أَعْيُنُهُمَا وَ قَالا لَهُ يَا شَيْخُ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى السُّوقِ وَ اسْتَمْتِعْ بِأَثْمَانِنَا وَ لَا تُرِدْ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ خَصْمَكَ فِي الْقِيَامَةِ غَداً فَقَالَ لَا وَ لَكِنْ أَقْتُلُكُمَا وَ أَذْهَبُ بِرُءُوسِكُمَا إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ آخُذُ جَائِزَةَ أَلْفَيْنِ فَقَالا لَهُ يَا شَيْخُ أَ مَا تَحْفَظُ قَرَابَتَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ مَا لَكُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ قَرَابَةٌ قَالا لَهُ يَا شَيْخُ فَأْتِ بِنَا إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ حَتَّى يَحْكُمَ فِينَا بِأَمْرِهِ قَالَ مَا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ إِلَّا التَّقَرُّبُ إِلَيْهِ بِدَمِكُمَا قَالا لَهُ يَا شَيْخُ أَ مَا تَرْحَمُ صِغَرَ سِنِّنَا قَالَ مَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمَا فِي قَلْبِي مِنَ الرَّحْمَةِ شَيْئاً قَالا يَا شَيْخُ إِنْ كَانَ وَ لَا بُدَّ فَدَعْنَا نُصَلِّي رَكَعَاتٍ قَالَ فَصَلِّيَا مَا شِئْتُمَا إِنْ نَفَعَتْكُمَا الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْغُلَامَانِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ رَفَعَا طَرْفَيْهِمَا إِلَى السَّمَاءِ فَنَادَيَا يَا حَيُّ يَا حَلِيمُ 22017 يَا أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ احْكُمْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ بِالْحَقِّ فَقَامَ إِلَى الْأَكْبَرِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَ أَخَذَ بِرَأْسِهِ وَ وَضَعَهُ فِي الْمِخْلَاةِ وَ أَقْبَلَ الْغُلَامُ الصَّغِيرُ يَتَمَرَّغُ فِي دَمِ أَخِيهِ وَ هُوَ يَقُولُ حَتَّى أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ وَ أَنَا مُخْتَضِبٌ بِدَمِ أَخِي فَقَالَ لَا عَلَيْكَ سَوْفَ أُلْحِقُكَ بِأَخِيكَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الْغُلَامِ الصَّغِيرِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَ أَخَذَ رَأْسَهُ وَ وَضَعَهُ فِي الْمِخْلَاةِ وَ رَمَى بِبَدَنِهِمَا فِي الْمَاءِ وَ هُمَا يَقْطُرَانِ دَماً وَ مَرَّ حَتَّى أَتَى بِهِمَا عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ وَ هُوَ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ لَهُ وَ بِيَدِهِ قَضِيبُ خَيْزُرَانٍ فَوَضَعَ الرَّأْسَيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمَا قَامَ ثُمَّ قَعَدَ ثُمَّ قَامَ ثُمَّ قَعَدَ ثَلَاثاً ثُمَّ قَالَ الْوَيْلُ لَكَ أَيْنَ ظَفِرْتَ بِهِمَا قَالَ أَضَافَتْهُمَا عَجُوزٌ لَنَا قَالَ فَمَا عَرَفْتَ لَهُمَا حَقَّ الضِّيَافَةِ قَالَ لَا قَالَ فَأَيَّ شَيْءٍ قَالا لَكَ قَالَ قَالا يَا شَيْخُ اذْهَبْ بِنَا إِلَى السُّوقِ فَبِعْنَا فَانْتَفِعْ بِأَثْمَانِنَا وَ لَا تُرِدْ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ خَصْمَكَ فِي الْقِيَامَةِ قَالَ فَأَيَّ شَيْءٍ قُلْتَ لَهُمَا قَالَ
قُلْتُ لَا وَ لَكِنْ أَقْتُلُكُمَا وَ أَنْطَلِقُ بِرُءُوسِكُمَا إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ آخُذُ جَائِزَةَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ قَالَ فَأَيَّ شَيْءٍ قَالا لَكَ قَالَ قَالا ائْتِ بِنَا إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ حَتَّى يَحْكُمَ فِينَا بِأَمْرِهِ قَالَ فَأَيَّ شَيْءٍ قُلْتَ قَالَ قُلْتُ لَيْسَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ إِلَّا التَّقَرُّبُ إِلَيْهِ بِدَمِكُمَا قَالَ أَ فَلَا جِئْتَنِي بِهِمَا حَيَّيْنِ فَكُنْتُ أُضَعِّفُ لَكَ الْجَائِزَةَ وَ أَجْعَلُهَا أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ قَالَ مَا رَأَيْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا إِلَّا التَّقَرُّبَ إِلَيْكَ بِدَمِهِمَا قَالَ فَأَيَّ شَيْءٍ قَالا لَكَ أَيْضاً قَالَ قَالا لِي يَا شَيْخُ احْفَظْ قَرَابَتَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ فَأَيَّ شَيْءٍ قُلْتَ لَهُمَا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا لَكُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهُ قَرَابَةٌ قَالَ وَيْلَكَ فَأَيَّ شَيْءٍ قَالا لَكَ أَيْضاً قَالَ قَالا يَا شَيْخُ ارْحَمْ صِغَرَ سِنِّنَا قَالَ فَمَا رَحِمْتَهُمَا قَالَ قُلْتُ مَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمَا مِنَ الرَّحْمَةِ فِي قَلْبِي شَيْئاً قَالَ وَيْلَكَ فَأَيَّ شَيْءٍ قَالا لَكَ أَيْضاً قَالَ قَالا دَعْنَا نُصَلِّي رَكَعَاتٍ فَقُلْتُ فَصَلِّيَا مَا شِئْتُمَا إِنْ نَفَعَتْكُمَا الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْغُلَامَانِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَالَ فَأَيَّ شَيْءٍ قَالا فِي آخِرِ صَلَاتِهِمَا قَالَ رَفَعَا طَرْفَيْهِمَا إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالا يَا حَيُّ يَا حَلِيمُ يَا أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ احْكُمْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ بِالْحَقِّ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ فَإِنَّ أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَكُمْ مَنْ لِلْفَاسِقِ قَالَ فَانْتَدَبَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ أَنَا لَهُ قَالَ فَانْطَلِقْ بِهِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَتَلَ فِيهِ الْغُلَامَيْنِ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَ لَا تَتْرُكْ أَنْ يَخْتَلِطَ دَمُهُ بِدَمِهِمَا وَ عَجِّلْ بِرَأْسِهِ فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ وَ جَاءَ بِرَأْسِهِ فَنَصَبَهُ عَلَى قَنَاةٍ فَجَعَلَ الصِّبْيَانُ يَرْمُونَهُ بِالنَّبْلِ وَ الْحِجَارَةِ وَ هُمْ يَقُولُونَ هَذَا قَاتِلُ ذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ص 22018 .
بيان غطيط النائم و المخنوق نخيرهما.
أَقُولُ رَوَى فِي الْمَنَاقِبِ الْقَدِيمِ هَذِهِ الْقِصَّةَ مَعَ تَغْيِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعْدُ الْأَئِمَّةِ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ الْفُقَيْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السرختكي [السُّرْخَكَتِيِ] عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَدَّادِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ع بِكَرْبَلَاءَ هَرَبَ غُلَامَانِ مِنْ عَسْكَرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ أَحَدُهُمَا يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ وَ الْآخَرُ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ وَ كَانَا مِنْ وُلْدِ جَعْفَرٍ الطَّيَّارِ 22019 فَإِذَا هُمَا بِامْرَأَةٍ تَسْتَقِي فَنَظَرَتْ إِلَى الْغُلَامَيْنِ وَ إِلَى حُسْنِهِمَا وَ جَمَالِهِمَا فَقَالَتْ لَهُمَا مَنْ أَنْتُمَا فَقَالا نَحْنُ مِنْ وُلْدِ جَعْفَرٍ الطَّيَّارِ فِي الْجَنَّةِ هَرَبْنَا مِنْ عَسْكَرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ إِنَّ زَوْجِي فِي عَسْكَرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ لَوْ لَا أَنِّي أَخْشَى أَنْ يَجِيءَ اللَّيْلَةَ وَ إِلَّا ضَيَّفْتُكُمَا وَ أَحْسَنْتُ ضِيَافَتَكُمَا فَقَالا لَهَا أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ انْطَلِقِي بِنَا فَنَرْجُو أَنْ لَا يَأْتِيَنَا زَوْجُكِ اللَّيْلَةَ فَانْطَلَقَتِ الْمَرْأَةُ وَ الْغُلَامَانِ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى مَنْزِلِهَا فَأَتَتْهُمَا بِطَعَامٍ فَقَالا مَا لَنَا فِي الطَّعَامِ مِنْ حَاجَةٍ ائْتِنَا بِمُصَلًّى نَقْضِي فَوَائِتَنَا فَصَلَّيَا فَانْطَلَقَا إِلَى مَضْجَعِهِمَا فَقَالَ الْأَصْغَرُ لِلْأَكْبَرِ يَا أَخِي وَ يَا ابْنَ أُمِّي الْتَزِمْنِي وَ اسْتَنْشِقْ مِنْ رَائِحَتِي فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّهَا آخِرُ لَيْلَتِي لَا نُصْبِحُ بَعْدَهَا وَ سَاقَ الْحَدِيثَ نَحْواً مِمَّا مَرَّ إِلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ هَزَّ السَّيْفَ وَ ضَرَبَ عُنُقَ الْأَكْبَرِ وَ رَمَى بِبَدَنِهِ الْفُرَاتَ فَقَالَ الْأَصْغَرُ سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَتْرُكَنِي حَتَّى أَتَمَرَّغَ بِدَمِ أَخِي سَاعَةً قَالَ وَ مَا يَنْفَعُكَ ذَلِكَ قَالَ هَكَذَا أُحِبُّ فَتَمَرَّغَ بِدَمِ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ لَهُ قُمْ فَلَمْ يَقُمْ فَوَضَعَ السَّيْفَ عَلَى قَفَاهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ مِنْ قِبَلِ الْقَفَا وَ رَمَى بِبَدَنِهِ إِلَى الْفُرَاتِ فَكَانَ بَدَنُ الْأَوَّلِ عَلَى وَجْهِ الْفُرَاتِ سَاعَةً حَتَّى قَذَفَ الثَّانِيَ فَأَقْبَلَ بَدَنُ الْأَوَّلِ رَاجِعاً يَشَقُّ الْمَاءَ شَقّاً حَتَّى الْتَزَمَ بَدَنَ أَخِيهِ وَ مَضَيَا فِي الْمَاءِ وَ سَمِعَ هَذَا الْمَلْعُونُ صَوْتاً مِنْ بَيْنِهِمَا وَ هُمَا فِي الْمَاءِ رَبِّ تَعْلَمُ وَ تَرَى مَا فَعَلَ بِنَا هَذَا الْمَلْعُونُ فَاسْتَوْفِ لَنَا حَقَّنَا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَالَ فَدَعَا عُبَيْدُ اللَّهِ بِغُلَامٍ لَهُ أَسْوَدَ يُقَالُ لَهُ نَادِرٌ فَقَالَ لَهُ يَا نَادِرُ دُونَكَ هَذَا الشَّيْخَ شُدَّ كَتِفَيْهِ فَانْطَلِقْ بِهِ الْمَوْضِعَ الَّذِي قَتَلَ الْغُلَامَيْنِ فِيهِ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَ سَلَبُهُ لَكَ وَ لَكَ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ أَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ فَانْطَلَقَ الْغُلَامُ بِهِ إِلَى الْمَوْضِعِ
الَّذِي ضَرَبَ أَعْنَاقَهُمَا فِيهِ فَقَالَ لَهُ يَا نَادِرُ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ قَتْلِي قَالَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ فَرَمَى بِجِيفَتِهِ إِلَى الْمَاءِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ الْمَاءُ وَ رَمَى بِهِ إِلَى الشَّطِّ وَ أَمَرَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ أَنْ يُحْرَقَ بِالنَّارِ فَفُعِلَ بِهِ ذَلِكَ وَ صَارَ إِلَى عَذَابِ اللَّهِ.
باب 39 الوقائع المتأخرة عن قتله صلوات الله عليه إلى رجوع أهل البيت ع إلى المدينة و ما ظهر من إعجازه صلوات الله عليه في تلك الأحوال
1- قَالَ السَّيِّدُ ابْنُ طَاوُسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ الْمَلْهُوفِ عَلَى أَهْلِ الطُّفُوفِ وَ الشَّيْخُ ابْنُ نَمَا رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مُثِيرِ الْأَحْزَانِ وَ اللَّفْظُ لِلسَّيِّدِ إِنَّ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ بَعَثَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَ السَّلَامُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَ هُوَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ مَعَ خَوْلِيِّ بْنِ يَزِيدَ الْأَصْبَحِيِّ وَ حُمَيْدِ بْنِ مُسْلِمٍ الْأَزْدِيِّ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَ أَمَرَ بِرُءُوسِ الْبَاقِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ فَنُظِّفَتْ وَ سُرِّحَ بِهَا مَعَ شِمْرِ بْنِ ذِي الْجَوْشَنِ وَ قَيْسِ بْنِ الْأَشْعَثِ وَ عَمْرِو بْنِ الْحَجَّاجِ فَأَقْبَلُوا بِهَا حَتَّى قَدِمُوا الْكُوفَةَ وَ أَقَامَ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَ الْيَوْمَ الثَّانِيَ إِلَى زَوَالِ الشَّمْسِ ثُمَّ رَحَلَ بِمَنْ تَخَلَّفَ مِنْ عِيَالِ الْحُسَيْنِ ع وَ حَمَلَ نِسَاءَهُ عَلَى أَحْلَاسِ أَقْتَابٍ بِغَيْرِ وِطَاءٍ مُكَشَّفَاتِ الْوُجُوهِ بَيْنَ الْأَعْدَاءِ وَ هُنَّ وَدَائِعُ خَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَ سَاقُوهُنَّ كَمَا يُسَاقُ سَبْيُ التُّرْكِ وَ الرُّومِ فِي أَسْرِ الْمَصَائِبِ وَ الْهُمُومِ وَ لِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ-
يُصَلَّى عَلَى الْمَبْعُوثِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ -
وَ يُغْزَى بَنُوهُ إِنَّ ذَا لَعَجِيبٌ -
قَالَ وَ لَمَّا انْفَصَلَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ كَرْبَلَاءَ خَرَجَ قَوْمٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ فَصَلَّوْا عَلَى تِلْكَ الْجُثَثِ الطَّوَاهِرِ الْمُرَمَّلَةِ بِالدِّمَاءِ وَ دَفَنُوهَا عَلَى مَا هِيَ الْآنَ عَلَيْهِ 22020 .
وَ قَالَ الْمُفِيدُ رَحِمَهُ اللَّهُ دَفَنُوا الْحُسَيْنَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَيْثُ قَبْرُهُ الْآنَ وَ دَفَنُوا ابْنَهُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ الْأَصْغَرَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَ حَفَرُوا لِلشُّهَدَاءِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ صُرِعُوا حَوْلَهُ مِمَّا يَلِي رِجْلَيِ الْحُسَيْنِ ع وَ جَمَعُوهُمْ وَ دَفَنُوهُمْ جَمِيعاً مَعاً وَ دَفَنُوا الْعَبَّاسَ بْنَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ عَلَى طَرِيقِ الْغَاضِرِيَّةِ حَيْثُ قَبْرُهُ الْآنَ 22021 .
وَ قَالَ السَّيِّدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ سَارَ ابْنُ سَعْدٍ بِالسَّبْيِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فَلَمَّا قَارَبُوا الْكُوفَةَ اجْتَمَعَ أَهْلُهَا لِلنَّظَرِ إِلَيْهِنَّ قَالَ فَأَشْرَفَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْكُوفِيَّاتِ فَقَالَتْ مِنْ أَيِّ الْأُسَارَى أَنْتُنَّ فَقُلْنَ نَحْنُ أُسَارَى آلِ مُحَمَّدٍ فَنَزَلَتْ مِنْ سَطْحِهَا وَ جَمَعَتْ مُلَاءً وَ أُزُراً وَ مَقَانِعَ 22022 فَأَعْطَتْهُنَّ فَتَغَطَّيْنَ قَالَ وَ كَانَ مَعَ النِّسَاءِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع قَدْ نَهَكَتْهُ الْعِلَّةُ وَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُثَنَّى وَ كَانَ قَدْ وَاسَى عَمَّهُ وَ إِمَامَهُ فِي الصَّبْرِ عَلَى الرِّمَاحِ 22023 وَ إِنَّمَا ارْتُثَّ وَ قَدْ أُثْخِنَ بِالْجِرَاحِ وَ كَانَ مَعَهُمْ أَيْضاً زَيْدٌ وَ عَمْرٌو وَلَدَا الْحَسَنِ السِّبْطِ ع فَجَعَلَ أَهْلُ الْكُوفَةِ يَنُوحُونَ وَ يَبْكُونَ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع أَ تَنُوحُونَ وَ تَبْكُونَ مِنْ أَجْلِنَا فَمَنْ قَتَلَنَا قَالَ بَشِيرُ بْنُ خُزَيْمٍ الْأَسَدِيُّ وَ نَظَرْتُ إِلَى زَيْنَبَ بِنْتِ عَلِيٍّ ع يَوْمَئِذٍ وَ لَمْ أَرَ وَ اللَّهِ خَفِرَةً قَطُّ أَنْطَقَ مِنْهَا كَأَنَّمَا تُفَرِّعُ عَنْ لِسَانِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع وَ قَدْ أَوْمَأَتْ إِلَى النَّاسِ أَنِ اسْكُتُوا فَارْتَدَّتِ الْأَنْفَاسُ وَ سَكَنَتِ اْلْأَجْرَاسُ ثُمَّ قَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ الصَّلَاةُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الْأَخْيَارِ
أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ يَا أَهْلَ الْخَتْلِ وَ الْغَدْرِ أَ تَبْكُونَ فَلَا رَقَأَتِ الدَّمْعَةُ وَ لَا هَدَأَتِ الرَّنَّةُ إِنَّمَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ الَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَلَا وَ هَلْ فِيكُمْ إِلَّا الصَّلَفُ وَ النَّطَفُ وَ مَلَقُ الْإِمَاءِ وَ غَمْزُ الْأَعْدَاءِ أَوْ كَمَرْعًى عَلَى دِمْنَةٍ أَوْ كَفِضَّةٍ عَلَى مَلْحُودَةٍ 22024 أَلَا سَاءَ مَا قَدَّمَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَ فِي الْعَذَابِ أَنْتُمْ خَالِدُونَ أَ تَبْكُونَ وَ تَنْتَحِبُونَ إِي وَ اللَّهِ فَابْكُوا كَثِيراً وَ اضْحَكُوا قَلِيلًا فَلَقَدْ ذَهَبْتُمْ بِعَارِهَا وَ شَنَآنِهَا 22025 وَ لَنْ تَرْحَضُوهَا بِغَسْلٍ بَعْدَهَا أَبَداً وَ أَنَّى تَرْحَضُونَ قَتْلَ سَلِيلِ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَ سَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مَلَاذِ خِيَرَتِكُمْ وَ مَفْزَعِ نَازِلَتِكُمْ وَ مَنَارِ حُجَّتِكُمْ وَ مَدَرَةِ سُنَّتِكُمْ أَلَا سَاءَ مَا تَزِرُونَ وَ بُعْداً لَكُمْ وَ سُحْقاً فَلَقَدْ خَابَ السَّعْيُ وَ تَبَّتِ الْأَيْدِي وَ خَسِرَتِ الصَّفْقَةُ وَ بُؤْتُمْ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ* وَ ضُرِبَتْ عَلَيْكُمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ وَيْلَكُمْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَيَّ كَبِدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ فَرَيْتُمْ وَ أَيَّ كَرِيمَةٍ لَهُ أَبْرَزْتُمْ وَ أَيَّ دَمٍ لَهُ سَفَكْتُمْ وَ أَيَّ حُرْمَةٍ لَهُ انْتَهَكْتُمْ لَقَدْ جِئْتُمْ بِهِمْ صَلْعَاءَ عَنْقَاءَ سَوْءَاءَ فَقْمَاءَ وَ فِي بَعْضِهَا خَرْقَاءَ شَوْهَاءَ كَطِلَاعِ الْأَرْضِ وَ ملاء [مِلْءِ] السَّمَاءِ أَ فَعَجِبْتُمْ أَنْ قَطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَ أَنْتُمْ لَا تُنْصَرُونَ فَلَا يَسْتَخِفَّنَّكُمُ الْمَهَلُ فَإِنَّهُ لَا تَحْفِزُهُ الْبِدَارُ وَ لَا يُخَافُ فَوْتُ الثَّأْرِ وَ إِنَّ رَبَّكُمْ لَبِالْمِرْصَادِ 22026 قَالَ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ حَيَارَى يَبْكُونَ وَ قَدْ وَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ فِي
أَفْوَاهِهِمْ وَ رَأَيْتُ شَيْخاً وَاقِفاً إِلَى جَنْبِي يَبْكِي حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ وَ هُوَ يَقُولُ بِأَبِي أَنْتُمْ وَ أُمِّي كُهُولُكُمْ خَيْرُ الْكُهُولِ وَ شَبَابُكُمْ خَيْرُ الشَّبَابِ وَ نِسَاؤُكُمْ خَيْرُ النِّسَاءِ وَ نَسْلُكُمْ خَيْرُ نَسْلٍ لَا يُخْزَى وَ لَا يُبْزَى.