کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
ثم ساق الحديث إلى آخره ثم قال فإن قيل ففي هذا الخبر دليل على التوبة و هي قولها عقيب بكائها لئن لم يغفر الله لنا لنهلكن.
قلنا قد كشف الأمر ما عقبت هذا الكلام به من اعترافها ببغض أمير المؤمنين ع و بغض أصحابه المؤمنين و قد أوجب الله عليها محبتهم و تعظيمهم و هذا دليل على الإصرار و أن بكائها إنما كان للخيبة لا للتوبة و ما كان في قولها لئن لم يغفر الله لنا لنهلكن من دليل التوبة و قد يقول المصرّ مثل ذلك إذا كان عارفا بخطائه فيما ارتكبه و ليس كل من ارتكب ذنبا يعتقد أنه حسن حتى لا يكون خائفا من العقاب عليه و أكثر مرتكبي الذنوب يخافون العقاب مع الإصرار و يظهر منهم مثل ما حكي عن عائشة و لا يكون توبة.
وَ رَوَى الْوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ عَمَّاراً رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ اسْتَأْذَنَ عَلَى عَائِشَةَ بِالْبَصْرَةِ بَعْدَ الْفَتْحِ فَأَذِنَتْ لَهُ فَدَخَلَ فَقَالَ يَا أُمَّهْ كَيْفَ رَأَيْتِ صُنْعَ اللَّهِ حِينَ جَمَعَ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ أَ لَمْ يُظْهِرِ اللَّهُ الْحَقَّ عَلَى الْبَاطِلِ وَ يُزْهِقِ الْبَاطِلَ فَقَالَتْ إِنَّ الْحُرُوبَ دُوَلٌ وَ سِجَالٌ وَ قَدْ أُدِيلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ لَكِنِ انْظُرْ يَا عَمَّارُ كَيْفَ تَكُونُ فِي عَاقِبَةِ أَمْرِكَ.
وَ رَوَى الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ 4551 أَنَّهُ لَمَّا انْتَهَى إِلَى عَائِشَةَ قَتْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَتْ
فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَ اسْتَقَرَّتْ بِهَا النَّوَى
كَمَا قَرَّ عَيْناً بِالْإِيَابِ الْمُسَافِرُ -
فَمَنْ قَتَلَهُ فَقِيلَ رَجُلٌ مِنْ مُرَادٍ فَقَالَتْ
فَإِنْ يَكُ نَائِياً فَلَقَدْ نَعَاهُ
نَعْيٌ لَيْسَ فِي فِيهِ التُّرَابُ 4552
فَقَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ أَ لِعَلِيٍّ تَقُولِينَ هَذَا فَقَالَتْ إِنِّي أَنْسَى فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي.
و هذه سخرية منها بزينب و تمويه خوفا من شناعتها و معلوم أن الناسي و الساهي لا يتمثل بالشعر في الأغراض المطابقة و لم يكن ذلك منها إلا عن قصد و معرفة.
325- وَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع لَمَّا أَبَتْ عَائِشَةُ الرُّجُوعَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَرَى أَنْ تَدَعَهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْبَصْرَةِ وَ لَا تُرَحِّلَهَا فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِنَّهَا لَا تَأْلُو شَرّاً وَ لَكِنِّي أَرُدُّهَا إِلَى بَيْتِهَا الَّذِي تَرَكَهَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ص فَ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ .
326- و روى محمد بن إسحاق عن جنادة أن عائشة لما وصلت إلى المدينة راجعة من البصرة لم تزل تحرض الناس على أمير المؤمنين ع و كتبت إلى معاوية و أهل الشام مع الأسود بن أبي البختري تحرضهم عليه صلوات الله عليه.
وَ رُوِيَ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَجَلَسْتُ إِلَيْهَا فَحَدَّثَتْنِي وَ اسْتَدْعَتْ غُلَاماً لَهَا أَسْوَدَ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَجَاءَ حَتَّى وَقَفَ فَقَالَتْ يَا
مَسْرُوقُ أَ تَدْرِي لِمَ سَمَّيْتُهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ لَا فَقَالَتْ حُبّاً مِنِّي لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَمٍ.
فأما قصتها في دفن الحسن ع فمشهورة حتى قال لها عبد الله بن عباس يوما على بغل و يوما على جمل فقالت أ و ما نسيتم يوم الجمل يا ابن عباس إنكم لذووا أحقاد.
و لو ذهبنا إلى تقصّي ما روي عنها من الكلام الغليظ الشديد الدال على بقاء العداوة و استمرار الحقد و الضغينة لأطلنا و أكثرنا.
و أما ما روي عنها من التلهف و التحسر على ما صدر عنها فلا يدل على التوبة إذ يجوز أن يكون ذلك من حيث خابت عن طلبتها و لم تظفر ببغيتها مع الذل الذي لحقها و ألحقها العار في الدنيا و الإثم في الآخرة.
بيان قال الجوهري عرد الرجل تعريدا فر.
و قال كُسَع حي من اليمن و منه قولهم ندامة الكُسَعِي و هو رجل ربّى نبعة حتى أخذ منه قوسا فرمى الوحش عنها ليلا فأصابت و ظن أنه أخطأ فكسر القوس فلما أصبح رأى ما أصمى من الصيد 4553 فندم قال الشاعر
ندمت ندامة الكسعي لما
رأت عيناه ما صنعت يداه .
باب 9 باب احتجاجات الأئمة ع و أصحابهم على الذين أنكروا على أمير المؤمنين صلوات الله عليه حروبه
327 4554 - ج، الإحتجاج جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع فَقَالَ يَا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ إِنَّ جَدَّكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَتَلَ الْمُؤْمِنِينَ فَهَمَلَتْ عَيْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ دُمُوعاً حَتَّى امْتَلَأَتْ كَفُّهُ مِنْهَا ثُمَّ ضَرَبَ بِهَا عَلَى الْحَصَى ثُمَّ قَالَ يَا أَخَا أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَا وَ اللَّهِ مَا قَتَلَ عَلِيٌّ مُؤْمِناً وَ لَا قَتَلَ مُسْلِماً وَ مَا أَسْلَمَ الْقَوْمُ وَ لَكِنِ اسْتَسْلَمُوا وَ كَتَمُوا الْكُفْرَ وَ أَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ فَلَمَّا وَجَدُوا عَلَى الْكُفْرِ أَعْوَاناً أَظْهَرُوهُ وَ قَدْ عَلِمَتْ صَاحِبَةُ الْجَمَلِ وَ الْمُسْتَحْفَظُونَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ أَصْحَابَ الْجَمَلِ وَ أَصْحَابَ صِفِّينَ وَ أَصْحَابَ النَّهْرَوَانِ لُعِنُوا عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ ص وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَرى فَقَالَ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ إِنَّ جَدَّكَ كَانَ يَقُولُ
إِخْوَانُنَا بَغَوْا عَلَيْنَا فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَ مَا تَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ وَ إِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً فَهُمْ مِثْلُهُمْ أَنْجَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ هُوداً وَ الَّذِينَ مَعَهُ وَ أَهْلَكَ عَاداً بِالرِّيحِ الْعَقِيمِ.
328 4555 - ج، الإحتجاج رُوِيَ أَنَّ سَالِماً دَخَلَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فَقَالَ جِئْتُ أُكَلِّمُكَ فِي أَمْرِ هَذَا الرَّجُلِ قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فِي أَيِّ أُمُورِهِ قَالَ فِي أَحْدَاثِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع انْظُرْ مَا اسْتَقَرَّ عِنْدَكَ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الرُّوَاةُ عَنْ آبَائِهِمْ قَالَ ثُمَّ نَسَبَهُمْ ثُمَّ قَالَ يَا سَالِمُ أَ بَلَغَكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص بَعَثَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ بِرَايَةِ الْأَنْصَارِ إِلَى خَيْبَرَ فَرَجَعَ مُنْهَزِماً ثُمَّ بَعَثَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِرَايَةِ الْمُهَاجِرِينَ فَأُتِيَ بِسَعْدٍ جَرِيحاً وَ جَاءَ عُمَرُ يُجَبِّنُ أَصْحَابَهُ وَ يُجَبِّنُونَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص هَكَذَا تَفْعَلُ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثاً ثُمَّ قَالَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا لَيْسَ بِفَرَّارٍ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ قَالَ نَعَمْ وَ قَالَ الْقَوْمُ جَمِيعاً أَيْضاً فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ يَا سَالِمُ إِنْ قُلْتَ إِنَّ اللَّهَ أَحَبَّهُ وَ هُوَ لَا يَعْلَمُ مَا هُوَ صَانِعٌ فَقَدْ كَفَرْتَ وَ إِنْ قُلْتَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَحَبَّهُ وَ هُوَ يَعْلَمُ مَا هُوَ صَانِعٌ فَأَيَّ حَدَثٍ تَرَى فَقَالَ فَأَعِدْ عَلَيَّ فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا سَالِمُ عَبَدْتَ اللَّهَ عَلَى ضَلَالَةٍ سَبْعِينَ سَنَةً.
بيان: قوله فقال يا سالم أي فقال سالم مخاطبا لنفسه أو قال الإمام مخاطبا له و الأول أظهر و يؤيده أن في بعض النسخ فقال سالم.
329 4556 - شي، تفسير العياشي عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُسَاوِرِ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَقَالَ أَنْتَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَبُوكَ الَّذِي قَتَلَ الْمُؤْمِنِينَ فَبَكَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ثُمَّ مَسَحَ عَيْنَيْهِ فَقَالَ وَيْلَكَ كَيْفَ قَطَعْتَ عَلَى أَبِي أَنَّهُ قَتَلَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ لِقَوْلِهِ إِخْوَانُنَا قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا فَقَاتَلْنَاهُمْ عَلَى بَغْيِهِمْ فَقَالَ وَيْلَكَ أَ مَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ بَلَى قَالَ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَ إِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً 4557 وَ إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً 4558 أَ فَكَانُوا إِخْوَانَهُمْ فِي دِينِهِمْ أَوْ فِي عَشِيرَتِهِمْ قَالَ لَهُ الرَّجُلُ لَا بَلْ فِي عَشِيرَتِهِمْ قَالَ ع فَهَؤُلَاءِ إِخْوَانُهُمْ فِي عَشِيرَتِهِمْ وَ لَيْسُوا إِخْوَانَهُمْ فِي دِينِهِمْ قَالَ فَرَّجْتَ عَنِّي فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ.
330 4559 - ع، علل الشرائع ابْنُ الْوَلِيدِ عَنِ الصَّفَّارِ عَنِ ابْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبَايَةَ الْأَسَدِيِّ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ جَالِساً عَلَى شَفِيرِ زَمْزَمَ يُحَدِّثُ النَّاسَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حَدِيثِهِ أَتَاهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَقَالَ أَعْوَانُ كُلِّ ظَالِمٍ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ مِنْكُمْ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ فَقَالَ يَا