کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
وردنا أرض المسجد فقال أ لا تصلي صلاة تحية المسجد فقلت أفعل فوقف هو قريبا من الشاخص الموضوع في المسجد و أنا خلفه بفاصلة فأحرمت الصلاة و صرت أقرأ الفاتحة.
فبينما أنا أقرأ و إذا يقرأ الفاتحة قراءة ما سمعت أحدا يقرأ مثلها أبدا فمن حسن قراءته قلت في نفسي لعله هذا هو صاحب الزمان و ذكرت بعض كلمات له تدل على ذلك ثم نظرت إليه بعد ما خطر في قلبي ذلك و هو في الصلاة و إذا به قد أحاطه نور عظيم منعني من تشخيص شخصه الشريف و هو مع ذلك يصلي و أنا أسمع قراءته و قد ارتعدت فرائصي و لا أستطيع قطع الصلاة خوفا منه فأكملتها على أي وجه كان و قد علا النور من وجه الأرض فصرت أندبه و أبكي و أتضجر و أعتذر من سوء أدبي معه في باب المسجد و قلت له أنت صادق الوعد و قد وعدتني الرواح معي إلى مسلم.
فبينما أنا أكلم النور و إذا بالنور قد توجه إلى جهة المسلم فتبعته فدخل النور الحضرة و صار في جو القبة و لم يزل على ذلك و لم أزل أندبه و أبكي حتى إذا طلع الفجر عرج النور.
فلما كان الصباح التفت إلى قوله أما صدرك فقد برأ و إذا أنا صحيح الصدر و ليس معي سعال أبدا و ما مضى أسبوع إلا و سهل الله على أخذ البنت من حيث لا أحتسب و بقي فقري على ما كان كما أخبر صلوات الله و سلامه عليه و على آبائه الطاهرين.
الحكاية السادسة عشرة
12 حدثني العالم الجليل و الفاضل النبيل مصباح المتقين و زين المجاهدين السيد الأيد مولانا السيد محمد بن العالم السيد هاشم بن مير شجاعت علي الموسوي الرضوي النجفي المعروف بالهندي سلمه الله تعالى و هو من العلماء المتقين و كان يؤم الجماعة في داخل حرم أمير المؤمنين ع و له خبرة و بصيرة بأغلب العلوم
المتداولة و هو الآن من مجاوري بلدتنا الشريفة عمرها الله تعالى بوجود الأبرار و الصلحاء.
قال كان رجل صالح يسمى الحاج عبد الواعظ كان كثير التردد إلى مسجد السهلة و الكوفة فنقل لي الثقة الشيخ باقر بن الشيخ هادي المقدم ذكره قال و كان عالما بالمقدمات و علم القراءة و بعض علم الجفر و عنده ملكة الاجتهاد المطلق إلا أنه مشغول عن الاستنباط لأكثر من قدر حاجته بمعيشة العيال و كان يقرأ المراثي و يؤم الجماعة و كان صدوقا خيرا معتمدا عن الشيخ مهدي الزربجاوي قال كنت في مسجد الكوفة فوجدت هذا العبد الصالح خرج إلى النجف بعد نصف الليل ليصل إليه أول النهار فخرجت معه لأجل ذلك أيضا فلما انتهينا إلى قريب من البئر التي في نصف الطريق لاح لي أسد على قارعة الطريق و البرية خالية من الناس ليس فيها إلا أنا و هذا الرجل فوقفت عن المشي فقال ما بالك فقلت هذا الأسد فقال امش و لا تبال به فقلت كيف يكون ذلك فأصر علي فأبيت فقال لي إذا رأيتني وصلت إليه و وقفت بحذائه و لم يضرني أ فتجوز الطريق و تمشي فقلت نعم فتقدمني إلى الأسد حتى وضع يده على ناصيته فلما رأيت ذلك أسرعت في مشيي حتى جزتهما و أنا مرعوب ثم لحق بي و بقي الأسد في مكانه.
قال نور الله قلبه قال الشيخ باقر و كنت في أيام شبابي خرجت مع خالي الشيخ محمد علي القارئ مصنف الكتب الثلاثة الكبير و المتوسط و الصغير و مؤلف كتاب التعزية جمع فيه تفصيل قضية كربلاء من بدئها إلى ختامها بترتيب حسن و أحاديث منتخبة إلى مسجد السهلة و كان في تلك الأوقات موحشا في الليل ليس فيه هذه العمارة الجديدة و الطريق بينه و بين مسجد الكوفة كان صعبا أيضا ليس بهذه السهولة الحاصلة بعد الإصلاح.
فلما صلينا تحية مقام المهدي ع نسي خالي سبيله و تتنه فذكر ذلك بعد ما خرجنا و صرنا في باب المسجد فبعثني إليها.
فلما دخلت وقت العشاء إلى المقام فتناولت ذلك وجدت جمرة نار كبيرة تلهب في وسط المقام فخرجت مرعوبا منها فرآني خالي على هيئة الرعب فقال لي ما بالك فأخبرته بالجمرة فقال لي سنصل إلى مسجد الكوفة و نسأل العبد الصالح عنها فإنه كثير التردد إلى هذا المقام و لا يخلو من أن يكون له علم بها.
فلما سأله خالي عنها قال كثيرا ما رأيتها في خصوص مقام المهدي ع من بين المقامات و الزوايا.
الحكاية السابعة عشرة
12 قال نضر الله وجهه و أخبرني الشيخ باقر المزبور عن السيد جعفر بن السيد الجليل السيد باقر القزويني الآتي ذكره قال كنت أسير مع أبي إلى مسجد السهلة فلما قاربناها قلت له هذه الكلمات التي أسمعها من الناس أن من جاء إلى مسجد السهلة في أربعين أربعاء فإنه يرى المهدي ع أرى أنها لا أصل لها فالتفت إلي مغضبا و قال لي و لم ذلك لمحض أنك لم تره أو كل شيء لم تره عيناك فلا أصل له و أكثر من الكلام علي حتى ندمت على ما قلت.
ثم دخلنا معه المسجد و كان خاليا من الناس فلما قام في وسط المسجد ليصلي ركعتين للاستجارة أقبل رجل من ناحية مقام الحجة ع و مر بالسيد فسلم عليه و صافحه و التفت إلى السيد والدي و قال فمن هذا فقلت أ هو المهدي ع فقال فمن فركضت أطلبه فلم أجده في داخل المسجد و لا في خارجه.
الحكاية الثامنة عشرة
12 و قال أصلح الله باله و أخبر الشيخ باقر المزبور عن رجل صادق اللهجة كان حلاقا و له أب كبير مسن و هو لا يقصر في خدمته حتى أنه يحمل له الإبريق إلى الخلاء و يقف ينتظره حتى يخرج فيأخذه منه و لا يفارق خدمته إلا ليلة
الأربعاء فإنه يمضي إلى مسجد السهلة ثم ترك الرواح إلى المسجد فسألته عن سبب ذلك فقال خرجت أربعين أربعاء فلما كانت الأخيرة لم يتيسر لي أن أخرج إلى قريب المغرب فمشيت وحدي و صار الليل و بقيت أمشي حتى بقي ثلث الطريق و كانت الليلة مقمرة.
فرأيت أعرابيا على فرس قد قصدني فقلت في نفسي هذا سيسلبني ثيابي فلما انتهى إلي كلمني بلسان البدو من العرب و سألني عن مقصدي فقلت مسجد السهلة فقال معك شيء من المأكول فقلت لا فقال أدخل يدك في جيبك هذا نقل بالمعنى و أما اللفظ دورك يدك لجيبك فقلت ليس فيه شيء فكرر علي القول بزجر حتى أدخلت يدي في جيبي فوجدت فيه زبيبا كنت اشتريته لطفل عندي و نسيته فبقي في جيبي.
ثم قال لي الأعرابي أوصيك بالعود أوصيك بالعود أوصيك بالعود و العود في لسانهم اسم للأب المسن ثم غاب عن بصري فعلمت أنه المهدي ع و أنه لا يرضى بمفارقتي لأبي حتى في ليلة الأربعاء فلم أعد.
الحكاية التاسعة عشرة [تشرّف السيّد محمّد ابن السيّد هاشم الموسويّ النجفيّ المعروف بالهنديّ بزيارته عليه السلام في الحرم العلويّ ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان]
و قال أدام الله إكرامه رأيت في رواية ما يدل على أنك إذا أردت أن تعرف ليلة القدر فاقرأ حم الدخان كل ليلة في شهر رمضان مائة مرة إلى ليلة ثلاث و عشرين فعملت ذلك و بدأت في ليلة الثلاث و العشرين أقرأ على حفظي بعد الفطور إلى أن خرجت إلى الحرم العلوي في أثناء الليل فلم أجد لي موضعا أستقر فيه إلا أن أجلس مقابلا للوجه مستدبرا للقبلة بقرب الشمع المعلق لكثرة الناس في تلك الليلة.
فتربعت و استقبلت الشباك و بقيت أقرأ حم فبينما أنا كذلك إذ وجدت إلى جنبي أعرابيا متربعا أيضا معتدل الظهر أسمر اللون حسن العينين و الأنف و الوجه مهيبا جدا كأنه من شيوخ الأعراب إلا أنه شاب و لا أذكر هل كان
له لحية خفيفة أم لم تكن و أظن الأول.
فجعلت في نفسي أقول ما الذي أتى بهذا البدوي إلى هذا الموضع و يجلس هذا الجلوس العجمي و ما حاجته في الحرم و أين منزله في هذا الليل أ هو من شيوخ الخزاعة و أضافه بعض الخدمة مثل الكليددار أو نائبه و ما بلغني خبره و ما سمعت به.
ثم قلت في نفسي لعله المهدي ع و جعلت أنظر في وجهه و هو يلتفت يمينا و شمالا إلى الزوار من غير إسراع في الالتفات ينافي الوقار و جلست امرأة قدامي لاصقة بظهرها ركبتي فنظرت إليه متبسما ليراها على هذه الحالة فيتبسم على حسب عادة الناس فنظر إليها و هو غير متبسم و إلي و رجع إلى النظر يمينا و شمالا فقلت أسأله أنه أين منزله أو من هو.
فلما هممت بسؤاله انكمش فؤادي انكماشا تأذيت منه جدا و ظننت أن وجهي اصفر من هذه الحالة و بقي الألم في فؤادي حتى قلت في نفسي اللهم إني لا أسأله فدعني يا فؤادي و عد إلى السلامة من هذا الألم فإني قد أعرضت عما أردت من سؤاله و عزمت على السكوت فعند ذلك سكن فؤادي و عدت إلى التفكر في أمره.
و هممت مرة ثانية بالاستفسار منه و قلت أي ضرر في ذلك و ما يمنعني من أن أسأله فانكمش فؤادي مرة ثانية عند ما هممت بسؤاله و بقيت متألما مصفرا حتى تأذيت و قلت عزمت أن لا أسأله و لا أستفسر إلى أن سكن فؤادي و أنا أقرأ لسانا و أنظر إلى وجهه و جماله و هيبته و أفكر فيه قلبا حتى أخذني الشوق إلى العزم مرة ثالثة على سؤاله فانكمش فؤادي و تأذيت في الغاية و عزمت عزما صادقا على ترك سؤاله و نصبت لنفسي طريقا إلى معرفته غير الكلام معه و هو أني لا أفارقه و أتبعه حيث قام و مشى حتى أنظر أين منزله إن كان من سائر الناس أو يغيب عن بصري إن كان الإمام ع.
فأطال الجلوس على تلك الهيئة و لا فاصل بيني و بينه بل الظاهر أن ثيابي
ملاصقة لثيابه و أحببت أن أعرف الوقت و الساعة و أنا لا أسمع من كثرة أصوات الناس صوت ساعات الحرم فصار في مقابلي رجل عنده ساعة فقمت لأسأله عنها و خطوت خطوة ففاتني صاحب الساعة لتزاحم الناس فعدت بسرعة إلى موضعي و لعل إحدى رجلي لم تفارقه فلم أجد صاحبي و ندمت على قيامي ندما عظيما و عاتبت نفسي عتابا شديدا.
الحكاية العشرون [قصّة العابد الصالح السيّد محمّد العامليّ و تشرّفه بلقاء الحجّة عليه السّلام خارج النجف الأشرف]
قصة العابد الصالح التقي السيد محمد العاملي رحمه الله ابن السيد عباس سلمه الله آل العباس شرف الدين الساكن في قرية جشيث من قرى جبل عامل و كان من قصته أنه رحمه الله لكثرة تعدي الجور عليه خرج من وطنه خائفا هاربا مع شدة فقره و قلة بضاعته حتى أنه لم يكن عنده يوم خروجه إلا مقدارا لا يسوى قوت يومه و كان متعففا لا يسأل أحدا.
و ساح في الأرض برهة من دهره و رأى في أيام سياحته في نومه و يقظته عجائب كثيرة إلى أن انتهى أمره إلى مجاورة النجف الأشرف على مشرفها آلاف التحية و التحف و سكن في بعض الحجرات الفوقانية من الصحن المقدس و كان في شدة الفقر و لم يكن يعرفه بتلك الصفة إلا قليل و توفي رحمه الله في النجف الأشرف بعد مضي خمس سنوات من يوم خروجه من قريته.
و كان أحيانا يراودني و كان كثير العفة و الحياء يحضر عندي أيام إقامة التعزية و ربما استعار مني بعض كتب الأدعية لشدة ضيق معاشه حتى أن كثيرا ما لا يتمكن لقوته إلا على تميرات يواظب الأدعية المأثورة لسعة الرزق حتى كأنه ما ترك شيئا من الأذكار المروية و الأدعية المأثورة.
و اشتغل بعض أيامه على عرض حاجته على صاحب الزمان عليه سلام الله الملك المنان أربعين يوما و كان يكتب حاجته و يخرج كل يوم قبل طلوع الشمس من البلد من الباب الصغير الذي يخرج منه إلى البحر و يبعد عن طرف اليمين
مقدار فرسخ أو أزيد بحيث لا يراه أحد ثم يضع عريضته في بندقة من الطين و يودعها أحد نوابه سلام الله عليه و يرميها في الماء إلى أن مضى عليه ثمانية أو تسعة و ثلاثون يوما.
فلما فعل ما يفعله كل يوم و رجع قال كنت في غاية الملالة و ضيق الخلق و أمشي مطرقا رأسي فالتفت فإذا أنا برجل كأنه لحق بي من ورائي و كان في زي العرب فسلم علي فرددت ع بأقل ما يرد و ما التفت إليه لضيق خلقي فسايرني مقدارا و أنا على حالي فقال بلهجة أهل قريتي سيد محمد ما حاجتك يمضي عليك ثمانية أو تسعة و ثلاثون يوما تخرج قبل طلوع الشمس إلى المكان الفلاني و ترمي العريضة في الماء تظن أن إمامك ليس مطلعا على حاجتك.
قال فتعجبت من ذلك لأني لم أطلع أحدا على شغلي و لا أحد رآني و لا أحد من أهل جبل عامل في المشهد الشريف لم أعرفه خصوصا أنه لابس الكفية و العقال و ليس مرسوما في بلادنا فخطر في خاطري وصولي إلى المطلب الأقصى و فوزي بالنعمة العظمى و أنه الحجة على البرايا إمام العصر عجل الله تعالى فرجه.
و كنت سمعت قديما أن يده المباركة في النعومة بحيث لا يبلغها يد أحد من الناس فقلت في نفسي أصافحه فإن كان يده كما سمعت أصنع ما يحق بحضرته فمددت يدي و أنا على حالي لمصافحته فمد يده المباركة فصافحته فإذا يده كما سمعت فتيقنت الفوز و الفلاح فرفعت رأسي و وجهت له وجهي و أردت تقبيل يده المباركة فلم أر أحدا.
قلت و والده السيد عباس حي إلى حال التأليف و هو من بني أعمام العالم الحبر الجليل و السيد المؤيد النبيل وحيد عصره و ناموس دهره السيد صدر الدين العاملي المتوطن في أصبهان تلميذ العلامة الطباطبائي بحر العلوم أعلى الله مقامهما.
الحكاية الحادية و العشرون [قصّة اخرى للسيّد المذكور و تشرّفه بلقاء الحجّة عليه السّلام عند ما أشرف على الهلاك في زيارته للمشهد الرضوي عليه السّلام]