کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
فَمِنْهُ تَكُونُ الزَّلْزَلَةُ إِذَا تَحَرَّكَ فَبَعَثَ اللَّهُ حُوتاً صَغِيراً فَأَسْكَنَهُ فِي أُذُنِهِ فَإِذَا ذَهَبَ يَتَحَرَّكُ تَحَرَّكَ الَّذِي فِي أُذُنِهِ فَيَسْكُنُ 9562 .
17- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ قَالَ سَبْعُ أَرَضِينَ فِي كُلِّ أَرْضٍ نَبِيٌّ كَنَبِيِّكُمْ وَ آدَمُ كَآدَمَ وَ نُوحٌ كَنُوحٍ وَ إِبْرَاهِيمُ كَإِبْرَاهِيمَ وَ عِيسَى كَعِيسَى 9563 .
18- وَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ الْأَرَضِينَ بَيْنَ كُلِّ أَرْضٍ وَ الَّتِي تَلِيهَا مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ الْعُلْيَا مِنْهَا عَلَى ظَهْرِ حُوتٍ قَدِ الْتَقَى طَرَفَاهُ فِي السَّمَاءِ وَ الْحُوتُ عَلَى صَخْرَةٍ وَ الصَّخْرَةُ بِيَدِ مَلَكٍ وَ الثَّانِيَةُ مَسْجَنُ الرِّيحِ فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُهْلِكَ عَاداً أَمَرَ خَازِنَ الرِّيحِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْهِمْ رِيحاً يَهْلِكُ عَاداً فَقَالَ يَا رَبِّ أُرْسِلُ عَلَيْهِمْ مِنَ الرِّيحِ قَدْرَ مَنْخِرِ الثَّوْرِ فَقَالَ لَهُ الْجَبَّارُ إِذَنْ تُكْفَأَ الْأَرْضُ وَ مَنْ عَلَيْهَا وَ لَكِنْ أَرْسِلْ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ خَاتَمٍ فَهِيَ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ وَ الثَّالِثَةُ فِيهَا حِجَارَةُ جَهَنَّمَ وَ الرَّابِعَةُ فِيهَا كِبْرِيتُ جَهَنَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ لِلنَّارِ كِبْرِيتٌ قَالَ نَعَمْ وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ فِيهَا لَأَوْدِيَةٌ مِنْ كِبْرِيتٍ لَوْ أَرْسَلَ فِيهَا الْجِبَالَ الرَّوَاسِيَ لَمَاعَتْ وَ الْخَامِسَةُ فِيهَا حَيَّاتُ جَهَنَّمَ إِنَّ أَفْوَاهَهَا كَالْأَوْدِيَةِ تَلْسَعُ الْكَافِرَ اللَّسْعَةَ فَلَا يَبْقَى مِنْهُ لَحْمٌ عَلَى وَضَمٍ وَ السَّادِسَةُ فِيهَا عَقَارِبُ جَهَنَّمَ إِنَّ أَدْنَى عَقْرَبَةٍ مِنْهَا كَالْبِغَالِ الْمُؤْكَفَةِ تَضْرِبُ الْكَافِرَ ضَرْبَةً يُنْسِيهِ ضَرْبُهَا حَرَّ جَهَنَّمَ وَ السَّابِعَةُ فِيهَا سَقَرٌ وَ فِيهَا إِبْلِيسُ مُصَفَّدٌ بِالْحَدِيدِ يَدٌ أَمَامَهُ وَ يَدٌ خَلْفَهُ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُطْلِقَهُ لِمَا يَشَاءُ أَطْلَقَهُ 9564 .
19- وَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص كَنَفُ الْأَرْضِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ الثَّانِيَةُ مِثْلُ ذَلِكَ وَ مَا بَيْنَ كُلِّ أَرْضٍ أَرْضَيْنِ مِثْلَ ذَلِكَ 9565 .
20- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَيِّدُ السَّمَاوَاتِ السَّمَاءُ الَّتِي فِيهَا الْعَرْشُ وَ سَيِّدُ
الْأَرَضِينَ الْأَرْضُ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا 9566 .
21- وَ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: الْأَرَضُونَ السَّبْعُ عَلَى صَخْرَةٍ وَ الصَّخْرَةُ فِي كَفِّ مَلَكٍ وَ الْمَلَكُ عَلَى جَنَاحِ الْحُوتِ وَ الْحُوتُ فِي الْمَاءِ 9567 عَلَى الرِّيحِ وَ الرِّيحُ عَلَى الْهَوَاءِ رِيحٌ عَقِيمٌ لَا تُلْقِحُ وَ إِنَّ قُرُونَهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ 9568 .
22- وَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: الصَّخْرَةُ الَّتِي تَحْتَ الْأَرْضِ مُنْتَهَى الْخَلْقِ عَلَى أَرْجَائِهَا أَرْبَعَةُ أَمْلَاكٍ رُءُوسُهُمْ تَحْتَ الْعَرْشِ 9569 .
23- وَ عَنْهُ قَالَ: الصَّخْرَةُ تَحْتَ الْأَرَضِينَ عَلَى حُوتٍ وَ السِّلْسِلَةُ فِي أُذُنِ الْحُوتِ 9570 .
24- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ الْقَلَمُ فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ قَالَ يَا رَبِّ وَ مَا أَكْتُبُ قَالَ اكْتُبِ الْقَدَرَ يَجْرِي 9571 مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ ثُمَّ طَوَى الْكِتَابَ وَ رَفَعَ الْقَلَمَ وَ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ فَارْتَفَعَ بُخَارُ الْمَاءِ فَفُتِقَتْ مِنْهُ السَّمَاوَاتُ ثُمَّ خُلِقَ النُّونُ فَبُسِطَتْ عَلَيْهِ الْأَرْضُ وَ الْأَرْضُ عَلَى ظَهْرِ النُّونِ فَاضْطَرَبَ النُّونُ فَمَادَّتِ الْأَرْضُ فَأَثْبَتَتْ بِالْجِبَالِ فَإِنَّ الْجِبَالَ لَتَفْخَرُ عَلَى الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ .
25- وَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ وَ الْحُوتُ وَ قَالَ مَا أَكْتُبُ قَالَ كُلَّ شَيْءٍ كَائِنٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ قَرَأَ ن وَ الْقَلَمِ فَالنُّونُ الْحُوتُ.
26- وَ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص النُّونُ السَّمَكَةُ الَّتِي عَلَيْهَا قَرَارُ الْأَرَضِينَ وَ الْقَلَمُ الَّذِي خَطَّ بِهِ رَبُّنَا عَزَّ وَ جَلَّ الْقَدَرَ خَيْرَهُ وَ شَرَّهُ وَ نَفْعَهُ وَ ضَرَرَهُ وَ ما يَسْطُرُونَ قَالَ الْكِرَامُ الْكَاتِبُونَ 9572 .
بيان: في القاموس ماع الشيء يميع جرى على وجه الأرض منبسطا في هينة
و السمن ذاب و قال الوضم محركة ما وقيت به اللحم عن الأرض من خشب و حصير و قال إكاف الحمار ككتاب و غراب و وكافه برذعته و آكف الحمار إيكافا و أكفه تأكيفا شده عليه.
27- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِيُّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ: أَقْبَلَ رَجُلَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اجْلِسْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَ الْبَرَكَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص اجْلِسْ عَلَى اسْتِكَ فَأَقْبَلَ يَضْرِبُ الْأَرْضَ بِعَصًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا تَضْرِبْهَا فَإِنَّهَا أُمُّكُمْ وَ هِيَ بِكُمْ بَرَّةٌ.
28- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص تَمَسَّحُوا بِالْأَرْضِ فَإِنَّهَا أُمُّكُمْ وَ هِيَ بِكُمْ بَرَّةٌ.
بيان قال في النهاية في الحديث تمسحوا بالأرض فإنها بكم برة أي مشفقة عليكم كالوالدة البرة بأولادها يعني أن منها خلقكم و فيها معاشكم و إليها بعد الموت معادكم و التمسح أراد به التيمم و قيل أراد مباشرة ترابها بالجباه في السجود من غير حائل انتهى.
و أقول يحتمل أن يراد به ما يشمل الجلوس على الأرض بغير حائل و الأكل على الأرض من غير مائدة بقرينة الخبر الأول.
29- الْعِلَلُ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: الْعِلَّةُ فِي أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَقْبَلُ الدَّمَ أَنَّهُ لَمَّا قَتَلَ قَابِيلُ أَخَاهُ هَابِيلَ غَضِبَ آدَمُ عَلَى الْأَرْضِ فَلَا تَقْبَلُ الدَّمَ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ.
30- الْعِلَلُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الدَّقَّاقِ عَنِ الْكُلَيْنِيِّ عَنْ عَلَّانٍ بِإِسْنَادِهِ رَفَعَهُ قَالَ: أَتَى عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَهُودِيٌّ فَسَأَلَهُ عَنْ مَسَائِلَ فَكَانَ فِيمَا سَأَلَهُ أَخْبِرْنِي عَنْ قَرَارِ هَذِهِ الْأَرْضِ عَلَى مَا هُوَ فَقَالَ ع قَرَارُ هَذِهِ الْأَرْضِ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى عَاتِقِ مَلَكٍ وَ قَدَمَا ذَلِكَ الْمَلَكِ عَلَى صَخْرَةٍ وَ الصَّخْرَةُ عَلَى قَرْنِ ثَوْرٍ وَ الثَّوْرُ قَوَائِمُهُ عَلَى ظَهْرِ الْحُوتِ فِي الْيَمِّ الْأَسْفَلِ وَ الْيَمُّ عَلَى الظُّلْمَةِ وَ الظُّلْمَةُ عَلَى الْعَقِيمِ وَ الْعَقِيمُ عَلَى الثَّرَى وَ مَا يَعْلَمُ تَحْتَ الثَّرَى إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْخَبَرَ 9573 .
31- النهج، نهج البلاغة قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي خُطْبَةِ التَّوْحِيدِ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ السُّكُونُ وَ الْحَرَكَةُ وَ كَيْفَ يَجْرِي عَلَيْهِ مَا هُوَ أَجْرَاهُ وَ يَعُودُ فِيهِ مَا هُوَ أَبْدَاهُ وَ يَحْدُثُ فِيهِ مَا هُوَ أَحْدَثَهُ إِذاً لَتَفَاوَتَتْ ذَاتُهُ وَ لَتَجَزَّأَ كُنْهُهُ وَ لَامْتَنَعَ مِنَ الْأَزَلِ مَعْنَاهُ وَ لَكَانَ لَهُ وَرَاءٌ إِذْ وُجِدَ لَهُ أَمَامٌ وَ لَالْتَمَسَ التَّمَامَ إِذْ لَزِمَهُ النُّقْصَانُ 9574 .
بيان قال بعض شراح النهج في قوله ع و لتجزأ كنهه إشارة إلى نفي الجوهر الفرد و قال قوله ع و لكان له وراء إذ كان له أمام يؤكد ذلك لأن من أثبته يقول يصح أن تحله الحركة و لا يكون أحد وجهيه غير الآخر.
فائدة
اعلم أن الطبيعيين و الرياضيين اتفقوا على أن الأرض كروية بحسب الحس و كذا الماء المحيط بها و صارا بمنزلة كرة واحدة فالماء ليس بتام الاستدارة بل هو على هيئة كرة مجوفة قطع بعض منها و ملئت الأرض على وجه صارت الأرض مع الماء بمنزلة كرة واحدة و مع ذلك ليس شيء من سطحيه صحيح الاستدارة أما المحدب فلما فيه من الأمواج و أما المقعر فللتضاريس فيه من الأرض و قد أخرج الله تعالى قريبا من الربع من الأرض من الماء بمحض عنايته الكاملة أو لبعض الأسباب المتقدمة لتكون مسكنا للحيوانات المتنفسة و غيرها من المركبات المحوجة إلى غلبة العنصر اليابس الصلب لحفظ الصور و الأشكال و ربط الأعضاء و الأوصال و مما يدل على كروية الأرض ما أومأنا إليه سابقا من طلوع الكواكب و غروبها في البقاع الشرقية قبل طلوعها و غروبها في الغربية بقدر ما تقتضيه أبعاد تلك البقاع في الجهتين على ما علم من إرصاد كسوفات بعينها لا سيما القمرية في بقاع مختلفة فإن ذلك ليس في ساعات متساوية البعد من نصف النهار على الوجه المذكور و كون الاختلاف متقدرا بقدر الأبعاد دليل على الاستدارة المتشابهة السائرة بحدبتها المواضع التي يتلو بعضها بعضا على قياس واحد بين الخافقين و ازدياد ارتفاع القطب و الكواكب الشمالية و انحطاط الجنوبية للسائرين
إلى الشمال و بالعكس للسائرين إلى الجنوب بحسب سيرهما دليل على استدارتها بين الجنوب و الشمال و تركب الاختلافين يعطي الاستدارة في جميع الامتدادات و يؤيده مشاهدة استدارة أطراف المنكسف من القمر الدالة على أن الفصل المشترك بين المستضيء من الأرض و ما ينبعث منه الظل دائرة و كذلك اختلاف ساعات النهر 9575 الطوال و القصار في مساكن متفقه الطول إلى غير ذلك و لو كانت أسطوانية قاعدتاها نحو القطبين لم يكن لساكني الاستدارة كوكب أبدى الظهور بل إما الجميع طالعة غاربة أو كانت كواكب يكون من كل واحد من القطبين على بعد تستره القاعدتان أبدية الخفاء و الباقية طالعة غاربة و ليس كذلك و أيضا فالسائر إلى الشمال قد يغيب عنه دائما كواكب كانت تظهر له و تظهر له كواكب كانت تغيب عنه بقدر إمعانه في السير و ذلك يدل على استدارتها في هاتين الجهتين أيضا و مما يدل على استدارة سطح الماء الواقف طلوع رءوس الجبال الشامخة على السائرين في البحر أولا ثم ما يلي رءوسها شيئا بعد شيء في جميع الجهات و قالوا التضاريس التي على وجه الأرض من جهة الجبال و الأغوار لا تقدح في كرويتها الحسية إذ ارتفاع أعظم الجبال و أرفعها على ما وجدوه فرسخان و ثلث فرسخ و نسبتها إلى جرم الأرض كنسبة جرم سبع عرض شعيرة إلى كرة قطرها ذراع بل أقل من ذلك و يظهر من كلام أكثر المتأخرين أن عدم قدح تلك الأمور في كرويتها الحسية معناه أنها لا تخل بشكل جملتها كالبيضة ألزقت بها حبات شعير لم يقدح ذلك في شكل جملتها و اعترض عليه بأن كون الأرض أو البيضة حينئذ على الشكل الكروي أو البيضي عند الحس ممنوع و كيف يمكن دعوى ذلك مع ما يرى على كل منهما ما يخرج به الشكل مما اعتبروا فيه و عرفوه به و ربما يوجه بوجه آخر و هو أن الجبال و الوهاد الواقعة على سطح الأرض غير محسوسة عادة عند الإحساس بجملة كرة الأرض على ما هي عليه في الواقع بيانه أن رؤية الأشياء تختلف بالقرب و البعد فيرى القريب أعظم مما هو الواقع و البعيد أصغر منه و هو ظاهر و قد أطبق القائلون بالانطباع و بخروج الشعاع كلهم على أن هذا الاختلاف
في رؤية المرئي بسبب القرب و البعد إنما هو تابع لاختلاف الزاوية الحاصلة عند مركز الجليدية في رأس المخروط الشعاعي بحسب التوهم أو بحسب الواقع عند انطباق قاعدته على سطح المرئي فكلما قرب المرئي عظمت تلك الزاوية و كلما بعد صغرت و قد تقرر أيضا بين محققيهم أن رؤية الشيء على ما هو عليه إنما هو 9576 في حالة يكون البعد بين الرائي و المرئي على قدر يقتضي أن تكون الزاوية المذكورة قائمة فبناء على ذلك إذا فرضت الزاوية المذكورة بالنسبة إلى مرئي قائمة يجب أن يكون البعد بين رأس المخروط و قاعدته المحيطة بالمرئي بقدر نصف قطر قاعدته على ما تقرر في الأصول فلما كان قطر الأرض أزيد من ألفي فرسخ بلا شبهة لا تكون مرئية على ما هي عليه من دون ألف فرسخ و معلوم أن الجبال و الوهاد المذكورة غير محسوسة عادة عند هذا البعد من المسافة فلا يكون لها قدر محسوس عند الأرض بالمعنى الذي مهدنا.
ثم إنهم استعلموا بزعمهم مساحة الأرض و أجزاءها و دوائرها في زمان المأمون و قبله فوجدوا مقدار محيط الدائرة العظمى من الأرض ثمانية آلاف فرسخ و قصرها ألفين و خمسمائة و خمسة و أربعين فرسخا و نصف فرسخ تقريبا و مضروب القطر في المحيط مساحة سطح الأرض و هي عشرون ألف ألف و ثلاثمائة و ستون ألف فرسخ و ربع ذلك مساحة الربع المسكون من الأرض و أما القدر المعمور من الربع المسكون و هو ما بين خط الاستواء و الموضع الذي عرضه بقدر تمام الميل الكلي فمساحته ثلاثة آلاف ألف و سبعمائة و خمسة و ستين ألفا و أربعمائة و عشرين فرسخا و هو قريب من سدس سطح جميع الأرض و سدس عشره و الفرسخ ثلاثة أميال بالاتفاق و كل ميل أربعة آلاف ذراع عند المحدثين و ثلاثة آلاف عند القدماء و كل ذراع أربع و عشرون إصبعا عند المحدثين و اثنان و ثلاثون عند القدماء و كل إصبع بالاتفاق مقدار ست شعيرات مضمومة بطون بعضها إلى ظهور بعض من الشعيرات المعتدلة.
و ذكروا أن للأرض ثلاث طبقات الأولى الأرض الصرفة المحيط بالمركز