کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
ص سمع رجلا يسب برغوثا فقال لا تسبه فإنه أيقظ نبيا لصلاة الفجر.
وَ مِنْ مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ: نَزَلْنَا مَنْزِلًا فَآذَتْنَا الْبَرَاغِيثُ فَسَبَبْنَاهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا تَسُبُّوهَا فَنِعْمَتِ الدَّابَّةُ فَإِنَّهَا أَيْقَظَتْكُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ.
وَ فِي دَعَوَاتِ الْمُسْتَغْفِرِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ 1403 أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ: إِذَا آذَاكَ الْبُرْغُوثُ فَخُذْ قَدَحاً مِنْ مَاءٍ وَ اقْرَأْ عَلَيْهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَ ما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَ قَدْ هَدانا سُبُلَنا الْآيَةَ ثُمَّ يَقُولُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَكُفُّوا شَرَّكُمْ وَ أَذَاكُمْ عَنَّا ثُمَّ تَرُشُّهُ حَوْلَ فِرَاشِكَ فَإِنَّكَ تَبِيتُ آمِناً مِنْ شَرِّهَا وَ يُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ لِلْمُحِلِّ وَ الْمُحْرِمِ 1404 .
10- الْكَافِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَنَاحٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَلْقاً أَصْغَرَ مِنَ الْبَعُوضِ وَ الْجِرْجِسُ أَصْغَرُ مِنَ الْبَعُوضِ وَ الَّذِي نُسَمِّيهِ نَحْنُ الْوَلَعَ أَصْغَرُ مِنَ الْجِرْجِسِ وَ مَا فِي الْفِيلِ شَيْءٌ إِلَّا وَ فِيهِ مِثْلُهُ وَ فُضِّلَ عَلَى الْفِيلِ بِالْجَنَاحَيْنِ 1405 .
بيان قال الجوهري الجرجس لغة في القرقس و هو البعوض الصغار.
و أقول لعل قوله ع أصغر من البعوض يعني به أصغر من سائر أنواعه ليستقيم قوله ع ما خلق الله خلقا أصغر من البعوض و يوافق كلام أهل اللغة على أنه يحتمل أن يكون الحصر في الأول إضافيا كما أن الظاهر أنه لا بد من تخصيصه بالطيور إذ قد يحس من الحيوانات ما هو أصغر من البعوض 1406 إلا أن يقال
يمكن أن يكون للبعوض أنواع صغار لا يكون شيء من الحيوانات أصغر منها و الوالع غير مذكور في كتب اللغة و الظاهر أنه أيضا صنف من البعوض و قال الدميري البعوض دويبة و قال الجوهري إنه البق الواحدة بعوضة و هو وهم و الحق أنهما صنفان صنف كالقراد لكن له أرجل خفية 1407 و رطوبة ظاهرة يسمى بالعراق و الشام الجرجس قال الجوهري و هو لغة في القرقس و هو البعوض الصغار و البعوض على خلقة الفيل إلا أنه أكثر أعضاء منه فإن للفيل أربعة أرجل و خرطوما و ذنبا و للبعوض مع هذه الأعضاء رجلان زائدتان و أربعة أجنحة و خرطوم الفيل مصمت و خرطومه مجوف نافذ للجوف فإذا طعن به جسد الإنسان استقى الدم و قذف به إلى جوفه فهو له كالبلعوم و الحلقوم فلذلك اشتد عضها و قويت على خرق الجلود الغلاظ و مما ألهمه الله تعالى أنه إذا جلس على عضو من أعضاء الإنسان لا يزال يتوخى بخرطومه المسام التي يخرج منها العرق لأنها أرق بشرة من جلد الإنسان فإذا وجدها وضع خرطومه فيها و فيه من الشره أن يمص الدم إلى أن ينشق و يموت أو إلى أن يعجز عن الطيران فيكون ذلك سبب هلاكه و من ظريف 1408 أمره أنه ربما قتل البعير و غيره من ذوات الأربع فيبقى طريحا في الصحراء فيجتمع حوله السباع و الطير مما يأكل الجيف 1409 فمتى أكل منها شيئا مات لوقته و كان بعض جبابرة الملوك بالعراق يعذب بالبعوض فيأخذ من يريد قتله فيخرجه مجردا إلى بعض الآجام التي بالبطائح و يتركه فيها مكتوفا فيقتل في أسرع وقت.
وَ رَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ: لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى مِنْهَا كَافِراً شَرْبَةَ مَاءٍ.
و روى وهب بن منبه أرسل الله 1410 البعوض على نمرود و اجتمع منه في عسكره
ما لا يحصى عددا فلما عاين نمرود 1411 ذلك انفرد عن جيشه و دخل بيته و أغلق الباب و أرخى الستور و نام على قفاه مفكرا فدخلت بعوضة في أنفه فصعدت إلى دماغه فتعذب 1412 بها أربعين يوما إلى أن كان يضرب برأسه الأرض و كان أعز الناس عنده من يضرب رأسه ثم سقط منه كالفرخ و هو يقول كذلك يسلط الله رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ من عباده ثم هلك حينئذ.
وَ رَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ عِنْدَ رَأْسِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص ارْفُقْ بِصَاحِبِي فَإِنَّهُ مُؤْمِنٌ قَالَ إِنِّي بِكُلِّ مُؤْمِنٍ رَفِيقٌ وَ مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ إِلَّا أَتَصَفَّحُهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَ لَوْ أَنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَقْبِضَ رُوحَ بَعُوضَةٍ مَا قَدَرْتُ حَتَّى يَكُونَ مِنَ اللَّهِ الْأَمْرُ بِقَبْضِهَا قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ بَلَغَنِي أَنَّهُ يَتَصَفَّحُهُمْ عِنْدَ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ.
و من هذا يعلم أن ملك الموت هو الموكل بقبض كل روح 1413 .
و البعوضة على صغر جرمها قد أودع الله تعالى في مقدم دماغها قوة الحفظ و في وسطه قوة الفكر و في مؤخره قوة الذكر و خلق لها حاسة البصر و حاسة اللمس و حاسة الشم و خلق لها منفذا للغذاء و مخرجا للفضلة و خلق لها جوفا و معاء و عظاما فسبحان من قَدَّرَ فَهَدى و لم يخلق شيئا من المخلوقات سدى 1414 .
باب 13 الخفاش و غرائب خلقه و عجائب أمره
الآيات آل عمران أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ تفسير المشهور بين المفسرين من الخاصة و العامة أن الطير كان هو الخفاش قال أبو الليث في تفسيره إن الناس سألوا عيسى على وجه التعنت فقالوا له اخلق لنا خفاشا و اجعل فيه روحا إن كنت من الصادقين فأخذ طينا و جعل خفاشا و نفخ فيه فإذا هو يطير بين السماء و الأرض و كان تسوية الطين و النفخ من عيسى ع و الخلق من الله تعالى و يقال إنما طلبوا منه خلق خفاش لأنه أعجب من سائر الخلق.
و من عجائبه أنه دم و لحم يطير بغير ريش و يلد كما يلد الحيوان و لا يبيض كما يبيض سائر الطيور و يكون له الضرع و يخرج منه اللبن و لا يبصر في ضوء النهار و لا في ظلمة الليل و إنما يرى في ساعتين بعد غروب الشمس ساعة و بعد طلوع الفجر ساعة قبل أن يسفر جدا و يضحك كما يضحك الإنسان و تحيض كما تحيض المرأة فلما رأوا ذلك منه ضحكوا و قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ فذهبوا إلى جالينوس فأخبروه بذلك فقال آمنوا به الخبر.
1- الْعُيُونُ، وَ الْعِلَلُ، فِي خَبَرِ الشَّامِيِ أَنَّهُ سَأَلَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع عَنْ سِتَّةٍ لَمْ يَرْكُضُوا فِي رَحِمٍ فَقَالَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ وَ كَبْشُ إِسْمَاعِيلَ 1415 وَ عَصَا مُوسَى وَ نَاقَةُ صَالِحٍ وَ
الْخُفَّاشُ الَّذِي عَمِلَهُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ ع فَطَارَ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى 1416 .
2- نَهْجُ الْبَلَاغَةِ، مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ ع يَذْكُرُ فِيهَا بَدِيعَ خِلْقَةِ الْخُفَّاشِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي انْحَسَرَتِ الْأَوْصَافُ عَنْ كُنْهِ مَعْرِفَتِهِ وَ رَدَعَتْ عَظَمَتُهُ الْعُقُولَ فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغاً إِلَى بُلُوغِ غَايَةِ مَلَكُوتِهِ هُوَ اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ أَحَقُّ وَ أَبْيَنُ مِمَّا تَرَى الْعُيُونُ لَمْ تَبْلُغْهُ الْعُقُولُ بِتَحْدِيدٍ فَيَكُونَ مُشَبَّهاً وَ لَمْ تَقَعْ عَلَيْهِ الْأَوْهَامُ بِتَقْدِيرٍ فَيَكُونَ مُمَثَّلًا خَلَقَ الْخَلْقَ عَلَى غَيْرِ تَمْثِيلٍ وَ لَا مَشُورَةِ مُشِيرٍ وَ لَا مَعُونَةِ مُعِينٍ فَتَمَّ خَلْقُهُ بِأَمْرِهِ وَ أُذْعِنُ بِطَاعَتِهِ فَأَجَابَ وَ لَمْ يُدَافِعْ وَ انْقَادَ فَلَا يُنَازِعُ 1417 وَ مِنْ لَطَائِفِ صَنْعَتِهِ وَ عَجَائِبِ خِلْقَتِهِ مَا أَرَانَا مِنْ غَوَامِضِ الْحِكْمَةِ فِي هَذِهِ الْخَفَافِيشِ الَّتِي يَقْبِضُهَا الضِّيَاءُ الْبَاسِطُ لِكُلِّ شَيْءٍ وَ يَبْسُطُهَا الظَّلَامُ الْقَابِضُ لِكُلِّ حَيٍّ وَ كَيْفَ غشيت [عَشِيَتْ] أَعْيُنُهَا عَنْ أَنْ تَسْتَمِدَّ مِنَ الشَّمْسِ 1418 الْمُضِيئَةِ نُوراً تَهْتَدِي بِهِ فِي مَذَاهِبِهَا وَ تَصِلُ 1419 بِعَلَانِيَةِ بُرْهَانِ الشَّمْسِ إِلَى مَعَارِفِهَا وَ رَدَعَهَا بِتَلَأْلُؤِ ضِيَائِهَا عَنِ الْمُضِيِّ فِي سُبُحَاتِ إِشْرَاقِهَا وَ أَكَنَّهَا فِي مَكَامِنِهَا عَنِ الذَّهَابِ فِي بُلَجِ ائْتِلَاقِهَا فَهِيَ مُسْدَلَةُ الْجُفُونِ بِالنَّهَارِ عَلَى أَحْدَاقِهَا وَ جَاعِلَةُ اللَّيْلِ سِرَاجاً تَسْتَدِلُّ بِهِ فِي الْتِمَاسِ أَرْزَاقِهَا فَلَا يَرُدُّ أَبْصَارَهَا إِسْدَافُ ظُلْمَتِهِ وَ لَا تَمْتَنِعُ مِنَ الْمُضِيِّ فِيهِ لِغَسَقِ دُجُنَّتِهِ فَإِذَا أَلْقَتِ الشَّمْسُ قِنَاعَهَا وَ بَدَتْ أَوْضَاحُ نَهَارِهَا وَ دَخَلَ مِنْ إِشْرَاقِ نُورِهَا عَلَى الضِّبَابِ فِي وِجَارِهَا أَطْبَقَتِ الْأَجْفَانَ عَلَى مَآقِيهَا وَ تَبَلَّغَتْ مَا اكْتَسَبَتْهُ مِنَ الْمَعَاشِ فِي ظُلَمِ لَيَالِيهَا فَسُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ اللَّيْلَ لَهَا نَهَاراً وَ مَعَاشاً وَ النَّهَارَ سَكَناً وَ قَرَاراً وَ جَعَلَ لَهَا أَجْنِحَةً مِنْ لَحْمِهَا تَعْرُجُ بِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى الطَّيَرَانِ كَأَنَّهَا شَظَايَا الْآذَانِ غَيْرَ ذَوَاتِ رِيشٍ وَ لَا قَصَبٍ إِلَّا أَنَّكَ تَرَى مَوَاضِعَ الْعُرُوقِ بَيِّنَةً أَعْلَاماً لَهَا جَنَاحَانِ لَمَّا
يَرِقَّا فَيَنْشَقَّا وَ لَمْ يَغْلُظَا فَيَثْقُلَا تَطِيرُ وَ وَلَدُهَا لَاصِقٌ بِهَا لَاجِئٌ إِلَيْهَا يَقَعُ إِذَا وَقَعَتْ وَ يَرْتَفِعُ إِذَا ارْتَفَعَتْ لَا يُفَارِقُهَا حَتَّى تَشْتَدَّ أَرْكَانُهَا وَ يَحْمِلَهُ لِلنُّهُوضِ جَنَاحُهُ وَ يَعْرِفَ مَذَاهِبَ عَيْشِهِ وَ مَصَالِحَ نَفْسِهِ فَسُبْحَانَ الْبَارِئِ لِكُلِّ شَيْءٍ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ خَلَا مِنْ غَيْرِهِ 1420 .
تبيان الخفاش كرمان معروف و حسر حسورا كقعد كل لطول مدى و نحوه و حسرته أنا يتعدى و لا يتعدى و انحسرت أي كلت و أعيت و كنه الشيء حقيقته و نهايته و ردعت كمنعت لفظا و معنا و المساغ المسلك و الملكوت العز و السلطان و الحق المتحقق وجوده أو الموجود حقيقة و أبين أي أوضح و كونه سبحانه أحق و أبين مما ترى العيون لأن العلم بوجوده سبحانه عقلي يقيني لا يتطرق إليه ما يتطرق إلى المحسوسات من الغلط و الحد في اللغة المنع الحاجز بين الشيئين و نهاية الشيء و طرفه و في عرف المنطقيين التعريف بالذاتي و المراد بالتحديد هنا إما إثبات النهاية و الطرف المستلزم للمشابهة بالأجسام أو التحديد المنطقي و الأول أنسب بعرفهم و التقدير إثبات المقدار و كأن المراد بالتمثيل إيجاد الخلق على حذو ما قد خلقه غيره أو أنه لم يجعل لخلقه مثالا قبل الإيجاد كما يفعله البناء تصويرا لما يريد بناءه و المشورة مفعلة من أشار إليه بكذا أي أمره به و المشورة بضم الشين كما في بعض النسخ و الشورى بمعناه و المعونة الاسم من أعانه و عونه فتم خلقه أي بلغ كل مخلوق إلى كماله الذي أراده الله سبحانه منه أو خرج جميع ما أراده من العدم إلى الوجود بمجرد أمره و أذعن أي خضع و أقر و أسرع في الطاعة و انقاد و الجملتان كالتفسير للإذعان و لعل المراد بالإذعان دخوله تحت القدرة الإلهية و عدم الاستطاعة للامتناع.
و قوله ع لم يدافع بيان للإجابة كما أن لم ينازع بيان للانقياد و إلا لكان العكس أنسب و يحتمل أن يكون إشارة إلى تسبيحهم بلسان الحال كقوله تعالى
وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ 1421 كما مر و اللطائف جمع لطيفة و هي ما صغر و دق و العجائب جمع عجيبة و عجيب قيل يجمع على عجائب كأفيل و أفائل و قيل لا يجمع عجيب و لا عجب و الغامض خلاف الواضح و كل شيء خفي مأخذه و قال بعضهم حاصل الكلام التعجب من مخالفتها لجميع الحيوانات في الانقباض عن الضوء و الإشارة إلى خفاء العلة في ذلك و المراد بالانقباض انقباض أعينها في الضوء و يكون ذلك عن إفراط التحلل في الروح النوري لحر النهار ثم يستدرك ذلك برد الليل فيعود الأبصار.
و قيل الأظهر أنه ليس لمجرد الحر و إلا لزم أن لا يعرضه الانقباض في الشتاء إلا إذا ظهرت الحرارة في الهواء و في الصيف أيضا في أوائل النهار بل ذلك لضعف في قوتها الباصرة و نوع من التضاد و التنافر بينها و بين النور كالعجز العارض لسائر القوى المبصرة عن النظر إلى جرم الشمس و أما أن علة التنافر ما ذا ففيه خفاء و هو منشأ التعجب الذي يشير إليه الكلام و يمكن أن يعود الضمير إليها من غير تقدير مضاف و يكون المراد بانقباضها ما هو منشأ اختفائها نهارا و إن كان ذلك ناشئا من جهة الأبصار و العشى بالفتح مقصورا سوء البصر بالنهار أو بالليل و النهار أو العمى و المعنى كيف عجزت و عميت عن أن تستمد أي تستعين و تتقوى تقول أمددته بمدد إذا أعنته و قويته و مذاهبها طرق معاشها و مسالكها في سيرها و انتفاعها و تصل بالنصب عطفا على تستمد و في بعض النسخ بالرفع عطفا على تهتدي و في بعضها و تتصل و الاتصال إلى الشيء الوصول إليه.