کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
الْيَهُودِ فَأَنْتُمْ مَا ذَا تَقُولُونَ قَالُوا نَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نَسْتَقِرَّ فِي بُيُوتِنَا وَ لَا حَاجَةَ لَنَا فِي مُشَاهَدَةِ مَا أَنْتَ فِي ادِّعَائِهِ مُحِيلٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا نَصَبَ عَلَيْكُمْ فِي الْمَسِيرِ إِلَى هُنَاكَ اخْطُوا خُطْوَةً وَاحِدَةً فَإِنَّ اللَّهَ يَطْوِي الْأَرْضَ لَكُمْ وَ يُوصِلُكُمْ فِي الْخُطْوَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى هُنَاكَ فَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَلْنَتَشَرَّفْ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَ قَالَ الْكَافِرُونَ وَ الْمُنَافِقُونَ سَوْفَ نَمْتَحِنُ هَذَا الْكَذِبَ لِيُقْطَعَ 4221 عُذْرُ مُحَمَّدٍ وَ يَصِيرَ دَعْوَاهُ حُجَّةً عَلَيْهِ وَ فَاضِحَةً لَهُ فِي كَذِبِهِ قَالَ فَخَطَا الْقَوْمُ خُطْوَةً ثُمَّ الثَّانِيَةَ فَإِذَا هُمْ عِنْدَ بِئْرِ بَدْرٍ فَعَجِبُوا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ اجْعَلُوا 4222 الْبِئْرَ الْعَلَامَةَ وَ اذْرَعُوا مِنْ عِنْدِهَا كَذَا ذِرَاعاً فَذَرَعُوا فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى آخِرِهَا قَالَ هَذَا مَصْرَعُ أَبِي جَهْلٍ يَجْرَحُهُ فُلَانٌ الْأَنْصَارِيُّ وَ يُجَهِّزُ 4223 عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَضْعَفُ أَصْحَابِي ثُمَّ قَالَ اذْرَعُوا مِنَ الْبِئْرِ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ ثُمَّ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ 4224 كَذَا وَ كَذَا ذِرَاعاً وَ ذِرَاعاً وَ ذَكَرَ أَعْدَادَ الْأَذْرُعِ مُخْتَلِفَةً فَلَمَّا انْتَهَى كُلُّ عَدَدٍ إِلَى آخِرِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ ص هَذَا مَصْرَعُ عُتْبَةَ وَ ذَلِكَ مَصْرَعُ شَيْبَةَ وَ ذَلِكَ مَصْرَعُ الْوَلِيدِ وَ سَيُقْتَلُ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ إِلَى أَنْ سَمَّى تَمَامَ سَبْعِينَ مِنْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَ سَيُؤْسَرُ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ إِلَى أَنْ ذَكَرَ سَبْعِينَ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَ صِفَاتِهِمْ وَ نَسَبَ الْمَنْسُوبِينَ إِلَى الْآبَاءِ مِنْهُمْ وَ نَسَبَ الْمَوَالِيَ مِنْهُمْ إِلَى مَوَالِيهِمْ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَ وَقَفْتُمْ عَلَى مَا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ قَالُوا بَلَى قَالَ إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ كَائِنٌ إِلَى ثَمَانِيَةٍ 4225 وَ عِشْرِينَ يَوْماً مِنَ الْيَوْمِ فِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ 4226 وَ الْعِشْرِينَ وَعْداً مِنَ اللَّهِ مَفْعُولًا وَ قَضَاءً حَتْماً لَازِماً ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ وَ الْيَهُودِ اكْتُبُوا بِمَا سَمِعْتُمْ فَقَالُوا يَا
رَسُولَ اللَّهِ قَدْ سَمِعْنَا وَ وَعَيْنَا وَ لَا نَنْسَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْكِتَابَةُ أَذْكَرُ لَكُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَيْنَ الدَّوَاةُ وَ الْكَتِفُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص ذَلِكَ لِلْمَلَائِكَةِ 4227 ثُمَّ قَالَ يَا مَلَائِكَةَ رَبِّي اكْتُبُوا مَا سَمِعْتُمْ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي أَكْتَافٍ وَ اجْعَلُوا فِي كُمِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَتِفاً مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ تَأَمَّلُوا أَكْمَامَكُمْ وَ مَا فِيهَا وَ أَخْرِجُوهُ وَ اقْرَءُوهُ فَتَأَمَّلُوهَا فَإِذَا فِي كُمِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صَحِيفَةٌ قَرَأَهَا وَ إِذَا فِيهَا ذِكْرُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي ذَلِكَ سَوَاءً لَا يَزِيدُ وَ لَا يَنْقُصُ وَ لَا يَتَقَدَّمُ وَ لَا يَتَأَخَّرُ فَقَالَ أَعِيدُوهَا فِي أَكْمَامِكُمْ تَكُنْ 4228 حُجَّةً عَلَيْكُمْ وَ شَرَفاً لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْكُمْ وَ حُجَّةً عَلَى أَعْدَائِكُمْ فَكَانَتْ مَعَهُمْ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ جَرَتِ الْأُمُورُ كُلُّهَا بِبَدْرٍ وَ وَجَدُوهَا كَمَا قَالَ 4229 ص لَا يَزِيدُ وَ لَا يَنْقُصُ قَابَلُوا بِهَا مَا فِي كُتُبِهِمْ فَوَجَدُوهَا كَمَا كَتَبَتْهُ الْمَلَائِكَةُ فِيهَا لَا يَزِيدُ وَ لَا يَنْقُصُ وَ لَا يَتَقَدَّمُ وَ لَا يَتَأَخَّرُ فَقَبِلَ الْمُسْلِمُونَ ظَاهِرَهُمْ 4230 وَ وَكَلُوا بَاطِنَهُمْ إِلَى خَالِقِهِمْ فَلَمَّا أَفْضَى بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَيَّ شَيْءٍ صَنَعْتُمْ أَخْبَرْتُمُوهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الدَّلَالاتِ عَلَى صِدْقِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ وَ إِمَامَةِ أَخِيهِ عَلِيٍّ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ بِأَنَّكُمْ كُنْتُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ هَذَا وَ شَاهَدْتُمُوهُ فَلَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ وَ لَمْ تُطِيعُوهُ وَ قَدَرُوا بِجَهْلِهِمْ أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يُخْبِرُوهُمْ بِتِلْكَ الْآيَاتِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ 4231 عَلَيْهِمْ حُجَّةٌ فِي غَيْرِهَا ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ أَنَّ هَذَا الَّذِي تُخْبِرُونَهُمْ بِهِ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قَالَ 4232 اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ أَ وَ لا يَعْلَمُونَ يَعْنِي أَ وَ لَا يَعْلَمُ هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ لِإِخْوَانِهِمْ أَ تُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ مِنْ عَدَاوَةِ مُحَمَّدٍ وَ يُضْمِرُونَهُ مِنْ أَنَّ إِظْهَارَهُمُ الْإِيمَانَ بِهِ أَمْكَنُ لَهُمْ مِنِ اصْطِلَامِهِ وَ إِبَارَةِ 4233 أَصْحَابِهِ وَ ما يُعْلِنُونَ مِنَ الْإِيمَانِ ظَاهِراً لِيُؤْنِسُوهُمْ وَ يَقِفُوا بِهِ عَلَى
أَسْرَارِهِمْ فَيُذِيعُونَهَا بِحَضْرَةِ مَنْ يَضُرُّهُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا عَلِمَ ذَلِكَ دَبَّرَ لِمُحَمَّدٍ تَمَامَ أَمْرِهِ وَ بُلُوغَ غَايَةِ مَا أَرَادَ اللَّهُ 4234 بِبَعْثِهِ وَ أَنَّهُ يُتِمُّ أَمْرَهُ وَ أَنَّ نِفَاقَهُمْ وَ كِيَادَهُمْ 4235 لَا يَضُرُّهُ 4236 .
بيان: الوثير اللين الموافق قوله تبحبح في عقولهم في بعض النسخ بالباء الموحدة التحتانية في الموضعين و الحاءين المهملتين أي تتمكن و تستقر في عقولهم من قولهم بحبح في المكان أي تمكن فيه و في بعضها بالنونين و الجيمين من قولهم تنجنج إذا تحرك و تجبر و القارح من الخيل هو الذي دخل في السنة الخامسة و المؤاتى بالهمز و قد يقلب واوا من المؤاتاة و هي حسن المطاوعة و الموافقة و الفج الطريق الواسع بين الجبلين.
17- كا، الكافي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ غَيْرُهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ شَبَابٍ الصَّيْرَفِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيِّ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَارِثٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ الْعِجْلِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: كَانَ فِي رَسُولِ اللَّهِ ص ثَلَاثَةٌ لَمْ تَكُنْ فِي أَحَدٍ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَيْءٌ وَ كَانَ لَا يَمُرُّ فِي طَرِيقٍ فَيُمَرَّ فِيهِ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا عُرِفَ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ فِيهِ لِطِيبِ عَرْفِهِ وَ كَانَ لَا يَمُرُّ بِحَجَرٍ وَ لَا شَجَرٍ إِلَّا سَجَدَ لَهُ 4237 .
18- كا، الكافي عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ عَنْ عَمَّارٍ السِّجِسْتَانِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ أَبِيهِ ع أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص وَضَعَ حَجَراً عَلَى الطَّرِيقِ يَرُدُّ الْمَاءَ عَنْ أَرْضِهِ فَوَ اللَّهِ مَا نَكَبَ بَعِيراً وَ لَا إِنْسَاناً حَتَّى السَّاعَةِ 4238 .
باب 3 ما ظهر له ص شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية و الغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس و حبسها و إظلال الغمامة و ظهور الشهب و نزول الموائد و النعم من السماء و ما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات
الآيات القمر اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ تفسير قال الطبرسي رحمه الله اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ أي قربت الساعة التي تموت فيها الخلائق و تكون القيامة و المراد فاستعدوا لها قبل هجومها وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ قال
ابْنُ عَبَّاسٍ اجْتَمَعَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالُوا إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فَشُقَّ لَنَا الْقَمَرَ فِلْقَتَيْنِ 4239 فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنْ فَعَلْتُ تُؤْمِنُونَ قَالُوا نَعَمْ وَ كَانَتْ لَيْلَةُ بَدْرٍ فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص رَبَّهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا قَالُوا فَانْشَقَّ الْقَمَرُ فِلْقَتَيْنِ 4240 وَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُنَادِي يَا فُلَانُ يَا فُلَانُ اشْهَدُوا..
وَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص شِقَّتَيْنِ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ص اشْهَدُوا اشْهَدُوا.
وَ رُوِيَ أَيْضاً عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ رَأَيْتُ الْحَرَاءَ 4241 بَيْنَ فِلْقَيِ الْقَمَرِ.
وَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ص حَتَّى صَارَ فِرْقَتَيْنِ
عَلَى هَذَا الْجَبَلِ فَقَالَ أُنَاسٌ سَحَرَنَا مُحَمَّدٌ فَقَالَ رَجُلٌ إِنْ كَانَ سَحَرَكُمْ فَلَمْ يَسْحَرِ النَّاسَ كُلَّهُمْ.
و قد روى حديث انشقاق القمر جماعة كثيرة من الصحابة منهم عبد الله بن مسعود و أنس بن مالك و حذيفة بن اليمان و ابن عمر و ابن عباس و جبير بن مطعم و عبد الله بن عمر و عليه جماعة من المفسرين إلا ما روي عن عثمان بن عطاء عن أبيه أنه قال معناه و سينشق القمر و روي ذلك عن الحسن و أنكره أيضا البلخي و هذا لا يصح لأن المسلمين أجمعوا على ذلك فلا يعتد بخلاف من خالف فيه و لأن اشتهاره بين الصحابة يمنع من القول بخلافه و من طعن في ذلك بأنه لو وقع لما كان يخفى على أحد من أهل الأقطار فقوله باطل لأنه يجوز أن يكون الله تعالى قد حجبه عن أكثرهم بغيم و ما يجري مجراه و لأنه قد وقع ذلك ليلا فيجوز أن يكون الناس كانوا نياما فلم يعلموا بذلك على أن الناس ليس كلهم يتأملون ما يحدث في السماء و في الجو من آية و علامة فيكون مثل انقضاض الكواكب و غيره مما يغفل الناس عنه و إنما ذكر سبحانه اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ مع انْشَقَّ الْقَمَرُ 4242 لأن انشقاقه من علامة نبوة نبينا ص و نبوته و زمانه من أشراط الساعة 4243 وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا هذا إخبار من الله تعالى عن عناد كفار قريش و أنهم إذا رأوا آية معجزة أعرضوا عن تأملها و الانقياد لصحتها عنادا و حسدا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ أي قوي شديد يعلو على كل سحر و هو من إمرار الحبل و هو شدة فتله و استمر الشيء إذا قوي و استحكم و قيل معناه ذاهب 4244 مضمحل لا يبقى.
و قال المفسرون لما انشق القمر قال مشركو قريش سحرنا محمد فقال الله سبحانه وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا عن التصديق و الإيمان بها قال الزجاج و في هذا دلالة على أن ذلك قد كان و وقع.
و أقول و لأنه تعالى قد بين أنه يكون آية على وجه الإعجاز و إنما يحتاج
إلى الآية المعجزة في الدنيا ليستدل الناس بها على صحة النبوة و يعرفوا صدق الصادق لا في حال انقطاع التكليف و الوقت الذي يكون الناس فيه ملجئين إلى المعرفة و لأنه سبحانه قال وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ و في وقت الإلجاء لا يقولون للمعجز إنه سحر 4245 .
و قال الرازي المفسرون بأسرهم على أن المراد أن القمر حصل فيه الانشقاق و دلت الأخبار على حدوث الانشقاق و في الصحاح خبر مشهور
رواه جمع من الصحابة قالوا سئل رسول الله ص انشقاق القمر معجزة فسأل ربه فشقه.
و قول بعض المفسرين المراد سينشق بعيد و لا معنى له لأن من منع ذلك و هو الطبيعي يمنعه في الماضي و المستقبل و من جوزه لا حاجة إلى التأويل و إنما ذهب إليه ذلك الذاهب لأن الانشقاق أمر هائل فلو وقع لعم وجه الأرض فكان ينبغي أن يبلغ حد التواتر فنقول إن النبي ص لما كان يتحدى بالقرآن و كانوا يقولون إنا نأتي بأفصح ما يكون من الكلام و عجزوا عنه و كان القرآن معجزة باقية إلى قيام الساعة لا يتمسك بمعجزة أخرى فلم ينقله العلماء بحيث يبلغ حد التواتر و أما المؤرخون تركوه لأن التواريخ في أكثر الأمر يستعملها المنجمون و هم لما وقع الأمر قالوا بأنه مثل خسوف القمر و ظهور شيء في الجو على شكل نصف القمر في موضع آخر فلذا تركوا حكايته في تواريخهم و القرآن أدل دليل و أقوى مثبت له و إمكانه لا يشك فيه و قد أخبر عنه الصادق فيجب اعتقاد وقوعه و حديث امتناع الخرق و الالتيام حديث اللئام و قد ثبت جواز الخرق و التخريب على السماوات ثم قال و أما كون الانشقاق آية للساعة فلأن منكر خراب العالم ينكر انشقاق السماء و انفطارها و كذلك قوله في كل جسم سماوي من الكواكب فإذا انشق بعضها ثبت خلاف ما يقول به من عدم جواز خراب العالم انتهى 4246 .
و قال القاضي في الشفاء أجمع المفسرون و أهل السنة على وقوع الانشقاق و روى البخاري بإسناده عن أبي معمر عن ابن مسعود قال انشق القمر على عهد رسول الله
ص فرقتين فرقة فوق الجبل و فرقة دونه فقال رسول الله ص اشهدوا.
و في رواية مجاهد و نحن مع النبي ص و في بعض طرق الأعمش بمنى و رواه أيضا عن ابن مسعود الأسود و قال حتى رأيت الجبل بين فرجتي القمر و رواه عنه مسروق أنه كان بمكة و زاد فقال كفار قريش سحركم ابن أبي كبشة فقال رجل منهم إن محمدا إن كان سحر القمر فإنه لا يبلغ من سحره أن يسحر الأرض كلها فاسألوا من يأتيكم من بلد آخر هل رأوا هذا فأتوا فسألوا 4247 فأخبروهم أنهم رأوا مثل ذلك و حكى السمرقندي عن الضحاك نحوه و قال فقال أبو جهل هذا سحر فابعثوا إلى أهل الآفاق حتى ينظروا أ رأوا ذلك أم لا فأخبر أهل الآفاق أنهم رأوه منشقا فقالوا يعني الكفار هذا سحر مستمر و رواه أيضا عن ابن مسعود علقمة فهؤلاء أربعة عن عبد الله.
و قد رواه غير ابن مسعود منهم أنس و ابن عباس و ابن عمر و حذيفة و جبير بن مطعم و علي
فقال علي ع من رواية أبي حذيفة الأرحبي 4248 انشق القمر و نحن مع النبي ص.
و عن أنس سأل أهل مكة النبي ص أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر فرقتين حتى رأوا حراء بينهما.