کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
السابع الظاهر بقاء التخيير في قضاء ما فاتته في هذه الأمكنة و إن لم يقض فيها لعموم من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته و يحتمل تعيين القصر 10044 و هو أحوط كما مر و الظاهر عدم التخيير في القضاء فيها إذا فاتته في غيرها.
الثامن لو ضاق الوقت إلا عن أربع فقيل بوجوب القصر فيهما لتقع الصلاتان في الوقت و قيل بجواز الإتمام في العصر لعموم من أدرك ركعة و قيل بجواز الإتيان بالعصر تماما في الوقت و قضاء الظهر و الأول أحوط بل أظهر.
التاسع ألحق ابن الجنيد و المرتضى بهذه الأماكن جميع مشاهد الأئمة ع كما عرفت قال في الذكرى و لم نقف لهما على مأخذ في ذلك و القياس عندنا باطل.
أقول قد مر في فقه الرضا ع إيماء إليه و لا يمكن التعويل عليه في ذلك.
العاشر
رَوَى الشَّيْخُ رِوَايَةَ ابْنِ بَزِيعٍ الْمَنْقُولَ عَنِ الْعُيُونِ 10045 بِسَنَدٍ صَحِيحٍ ثُمَّ رَوَى بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ 10046 قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا ع فَقُلْتُ إِنَّ أَصْحَابَنَا اخْتَلَفُوا فِي الْحَرَمَيْنِ فَبَعْضُهُمْ يُقَصِّرُ وَ بَعْضُهُمْ يُتِمُّ وَ أَنَا مِمَّنْ يُتِمُّ عَلَى رِوَايَةٍ قَدْ رَوَاهَا أَصْحَابُنَا فِي التَّمَامِ وَ ذَكَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُنْدَبٍ أَنَّهُ كَانَ يُتِمُّ فَقَالَ رَحِمَ اللَّهُ ابْنَ جُنْدَبٍ ثُمَّ قَالَ لَا يَكُونُ الْإِتْمَامُ إِلَّا أَنْ تُجْمِعَ عَلَى إِقَامَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَ صَلِّ النَّوَافِلَ مَا شِئْتَ قَالَ ابْنُ حَدِيدٍ وَ كَانَ مَحَبَّتِي أَنْ يَأْمُرَنِي بِالْإِتْمَامِ.
ثم أولهما بوجهين أحدهما أنه ع نفى الإتمام على سبيل الحتم و الوجوب كما مر.
ثم قال و يحتمل هذان الخبران وجها آخر و هو المعتمد عندي و هو أن من حصل بالحرمين ينبغي له أن يعزم على مقام عشرة أيام و يتم الصلاة فيهما و إن كان
يعلم أنه لا يقيم أو يكون في عزمه الخروج من الغد و يكون هذا مما يختص به هذان الموضعان و يتميزان به عن سائر البلاد لأن سائر المواضع متى عزم الإنسان فيها على المقام عشرة أيام وجب عليه الإتمام و متى كان دون ذلك وجب عليه التقصير.
وَ الَّذِي يَكْشِفُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا رَوَاهُ 10047 مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحُضَيْنِيِّ قَالَ: اسْتَأْمَرْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع فِي الْإِتْمَامِ وَ التَّقْصِيرِ قَالَ إِذَا دَخَلْتَ الْحَرَمَيْنِ فَانْوِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَ أَتِمَّ الصَّلَاةَ فَقُلْتُ لَهُ إِنِّي أَقْدَمُ مَكَّةَ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ قَالَ انْوِ مُقَامَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَ أَتِمَّ الصَّلَاةَ.
و أقول هذا غريب إذ ظاهر كلامه قدس سره أنه يعزم على إقامة العشرة و إن علم الخروج قبل ذلك و لا يخفى أن هذا العلم ينافي ذلك العزم إلا أن يقال أراد بالعزم محض الإخطار بالبال و لا يخفى ما فيه.
و أما الخبر فيمكن أن يكون المراد به العزم على العشرة متفرقا قبل الخروج إلى عرفات و بعده 10048 و يكون هذا من خصائص هذا الموضع أو العزم على الإقامة في مكة و نواحيها إلى عرفات 10049 و يمكن أن لا يكون هذا من الخصائص و إن كان خلاف المشهور كما عرفت سابقا و يمكن حمل كلام الشيخ على أحد هذين المعنيين و إن كان بعيدا.
فائدة غريبة
قال في الذكرى قال الشيخ فرض السفر لا يسمى قصرا لأن فرض المسافر مخالف لفرض الحاضر و يشكل بقوله تعالى فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ و بعض الأصحاب سماها بذلك قيل و هو نزاع لفظي.
أقول لعل الشيخ إنما منع من التسمية بذلك لئلا يتوهم المخالفون أن الصلاة المقصورة ناقصة في الفضل أو منع من التسمية به مع قصد هذا المعنى.
باب 3 صلاة الخوف و أقسامها و أحكامها
الآيات البقرة فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ 10050 النساء وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَ لْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَ لْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَ أَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَ أَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَ خُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً- فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً 10051 تفسير فَإِنْ خِفْتُمْ أي عدوا أو سبعا أو غرقا و نحوها فلم تتمكنوا أن تحافظوا عليها و توفوا حقها فتأتوا بها تامة الأفعال و الشروط فَرِجالًا جمع راجل مثل تجار
و صحاب و قيام و هو الكائن على رجله واقفا كان أو ماشيا أي فصلوا حالكونكم رجالا و قيل مشاة أَوْ رُكْباناً جمع راكب كالفرسان و كل شيء علا شيئا فقد ركبه أي أو على ظهور دوابكم أي تراعون فيها دفع ما تخافون فلا ترتكبون ما به تخافون بل تأتون بها على حسب أحوالكم بما لا تخافون به واقفين أو ماشين أو راكبين إلى القبلة أو غيرها بالقيام و الركوع و السجود أو بالإيماء أو بالنية و التكبير و التشهد و التسليم.
و
يروى أن عليا ع صلى ليلة الهرير خمس صلوات بالإيماء و قيل بالتكبير.
و
أن النبي ص صلى ليلة الأحزاب إيماء.
و بالجملة فيها إشارة إلى صلاة الخوف إجمالا.
فَإِذا أَمِنْتُمْ بزوال خوفكم فَاذْكُرُوا اللَّهَ أي فصلوا كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ من صلاة الأمن و قيل اذكروا الله بالثناء عليه و الحمد له شكرا على الأمن و الخلاص من الخوف و العدو كما أحسن إليكم و علمكم ما لم تكونوا تعلمون من الشرائع و كيف تصلون في حال الأمن و حال الخوف أو شكرا يوازي نعمه و تعليمه.
فَإِنْ خِفْتُمْ يدل على أن الخوف موجب للقصر في الجملة و قد سبق تفسيره في باب القصر في السفر و احتج الأصحاب بهذه الآية على وجوب القصر للخوف بأنه ليس المراد بالضرب سفر القصر و إلا لم يكن في التقييد بالخوف فائدة و أجيب بأن حمل الضرب في الأرض على غير سفر القصر عدول عن الظاهر مع أنه غير نافع لأن مجرد الخوف كاف في القصر على قولهم من غير توقف على الضرب في الأرض و قد مر الوجه في التقييد بالخوف.
ثم إنه لا خلاف بين الأصحاب في وجوب التقصير في صلاة الخوف في السفر و إنما اختلفوا في وجوب تقصيرها إذا وقعت في الحضر فذهب الأكثر منهم المرتضى و الشيخ في الخلاف و الأبناء الأربعة إلى وجوب التقصير سفرا و حضرا جماعة و
فرادى و قال الشيخ في المبسوط إنما يقصر في الحضر بشرط الجماعة و نسبه الشهيد إلى ظاهر جماعة من الأصحاب و حكى الشيخ و المحقق قولا بأنها إنما تقصر في السفر خاصة و المشهور لعله أقوى لصحيحة زرارة 10052 .
ثم المشهور أن هذا التقصير كتقصير المسافر برد الرباعية إلى الركعتين و إبقاء الثلاثية و الثنائية على حالهما و يدل عليه الأخبار المستفيضة المتضمنة لكيفية صلاة الخوف و قيل ترد الركعتان إلى ركعة كما مر أنه ذهب إليه ابن الجنيد من علمائنا و كثير من العامة و يدل عليه بعض الأخبار و لعلها محمولة على التقية أو على أن كل طائفة إنما تصلي مع الإمام ركعة.
وَ إِذا كُنْتَ يا محمد فِيهِمْ يعني في أصحابك الضاربين في الأرض الخائفين عدوهم أو الأعم فيشمل الحضر كما ذكره الأكثر فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ بحدودها و ركوعها و سجودها أو بأن تؤمهم فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ 10053 في صلاتك و ليكن سائرهم في وجه العدو فلم يذكر ما ينبغي أن تفعله الطائفة غير المصلية لدلالة الكلام عليه.
وَ لْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ أي الطائفة المصلية لظاهر السياق فيأخذون من السلاح ما لا يمنع واجبا في الصلاة كالسيف و الخنجر و السكين و نحوها إلا مع الضرورة
فمطلقا وجوبا لظاهر الأمر و لتعليق نفي الجناح فيما سيأتي بشرط الأذى فتثبت مع عدمه و هو المشهور بين الأصحاب و قال ابن الجنيد يستحب و تردد في المعتبر و النافع و حمله ابن الجنيد على الإرشاد و فيه عدول عن الظاهر بناء على كون الأمر للوجوب من غير دليل.
و هل يختص الوجوب بالمصلين فيه قولان و روى ابن عباس أن المأمور بأخذ السلاح هم المقاتلة و هو خلاف الظاهر بل الظاهر إما التعميم أو التخصيص بالمصلين كما قلنا أولا بناء على أن أخذ السلاح للفرقة الأولى أمر معلوم لا يحتاج إلى البيان.
و على القول بوجوب أخذ السلاح على المصلين لا تبطل الصلاة بتركه على المشهور لكون النهي متعلقا بأمر خارج عن حقيقة الصلاة و النجاسة الكائنة على السلاح غير مانع من أخذه على المشهور و قيل لا يجوز أخذه حينئذ إلا مع الضرورة و لعل الأول أقرب عملا بإطلاق النص مع كون النجاسة فيه غير نادر و ثبوت العفو عن نجاسة ما لا يتم الصلاة فيه منفردا و انتفاء الدليل على طهارة المحمول و لو تعدت نجاسته إلى الثوب وجب تطهيره إلا مع الضرورة.