کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
طاغِينَ عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ كَذلِكَ الْعَذابُ وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ تفسير لَيَصْرِمُنَّها أي ليقطعنها وَ لا يَسْتَثْنُونَ أي لا يقولون إن شاء الله طائِفٌ أي بلاء طائف كَالصَّرِيمِ أي كالبستان الذي صرمت ثماره 3659 وَ هُمْ يَتَخافَتُونَ أي يتشاورون بينهم خفية عَلى حَرْدٍ 3660 أي نكد من حردت السنة إذا لم يكن فيها مطر قادِرِينَ عند أنفسهم على صرامها و سيأتي تفسير سائر الآيات و تأويلها في مواضعها.
1- فس، تفسير القمي فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ وَ لا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ وَ هِيَ النَّقِمَةُ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ فَتَحُلُّ بِقَوْمٍ غَيْرِهِمْ فَيَرَوْنَ ذَلِكَ وَ يَسْمَعُونَ بِهِ وَ الَّذِينَ حَلَّتْ بِهِمْ عُصَاةٌ كُفَّارٌ مِثْلُهُمْ وَ لَا يَتَّعِظُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَ لَنْ يَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ الَّذِي وَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ النَّصْرِ وَ خِزْيِ الْكَافِرِينَ.
2- فس، تفسير القمي وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَ حَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَ جَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً قَالَ نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ كَانَ لَهُ بُسْتَانَانِ كَبِيرَانِ عَظِيمَانِ كَثِيرُ الثِّمَارِ كَمَا حَكَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ فِيهِمَا نَخْلٌ وَ زَرْعٌ وَ مَاءٌ وَ كَانَ لَهُ جَارٌ فَقِيرٌ فَافْتَخَرَ الْغَنِيُّ عَلَى الْفَقِيرِ وَ قَالَ لَهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا وَ أَعَزُّ نَفَراً ثُمَّ دَخَلَ بُسْتَانَهُ وَ قَالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ 3661 هذِهِ أَبَداً وَ ما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَ لَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً فَقَالَ لَهُ الْفَقِيرُ أَ كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَ لا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً ثُمَّ قَالَ الْفَقِيرُ لِلْغَنِيِّ فَهَلَّا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَ وَلَداً ثُمَّ قَالَ الْفَقِيرُ فَعَسى
رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَ يُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً 3662 مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً 3663 أَيْ مُحْتَرِقاً أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَوَقَعَ فِيهَا مَا قَالَ الْفَقِيرُ فِي ذَلِكَ 3664 اللَّيْلَةِ فَأَصْبَحَ الْغَنِيُ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ 3665 عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَ هِيَ خاوِيَةٌ 3666 عَلى عُرُوشِها وَ يَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً وَ لَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ ما كانَ مُنْتَصِراً وَ هَذِهِ عُقُوبَةُ الْغَنِيِ 3667 .
3- عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى ع قَاعِداً فَأُتِيَ بِامْرَأَةٍ قَدْ صَارَ وَجْهُهَا قَفَاهَا فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى فِي جَبِينِهَا وَ يَدَهُ الْيُسْرَى مِنْ خَلْفِ ذَلِكَ ثُمَّ عَصَرَ وَجْهَهَا عَنِ الْيَمِينِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ فَرَجَعَ وَجْهُهَا فَقَالَ احْذَرِي أَنْ تَفْعَلِي كَمَا فَعَلْتِ قَالُوا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ وَ مَا فَعَلَتْ فَقَالَ ذَلِكَ مَسْتُورٌ إِلَّا أَنْ تَتَكَلَّمَ بِهِ فَسَأَلُوهَا فَقَالَتْ كَانَتْ لِي ضَرَّةٌ فَقُمْتُ أُصَلِّي فَظَنَنْتُ أَنَّ زَوْجِي مَعَهَا فَالْتَفَتُّ إِلَيْهَا فَرَأَيْتُهَا قَاعِدَةً وَ لَيْسَ هُوَ مَعَهَا فَرَجَعَ وَجْهُهَا عَلَى مَا كَانَ.
4- شي، تفسير العياشي عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْمَدَائِنِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ إِنَّ أَبِي كَانَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ قَضَى قَضَاءً حَتْماً لَا يُنْعِمُ عَلَى عَبْدِهِ بِنِعْمَةٍ فَيَسْلُبَهَا إِيَّاهُ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ الْعَبْدُ مَا يَسْتَوْجِبُ بِذَلِكَ الذَّنْبِ سَلْبَ تِلْكَ النِّعْمَةِ وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ .
5- شي، تفسير العياشي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع فِي قَوْلِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ
ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ فَصَارَ الْأَمْرُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.
6- شي، تفسير العياشي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَكْفُوفِ كَتَبَ إِلَيْهِ فِي كِتَابٍ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا سَيِّدِي عَلِّمْ مَوْلَاكَ مَا لَا يُقْبَلُ لِقَائِلِهِ دَعْوَةٌ وَ مَا لَا يُؤَخَّرُ لِفَاعِلِهِ دَعْوَةٌ وَ مَا حَدُّ الِاسْتِغْفَارِ الَّذِي وُعِدَ عَلَيْهِ نُوحٌ وَ الِاسْتِغْفَارِ الَّذِي لَا يُعَذَّبُ قَائِلُهُ وَ كَيْفَ يُلْفَظُ بِهِمَا وَ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَ قَوْلِهِ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي وَ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ كَيْفَ تَغْيِيرُ الْقَوْمِ مَا بِأَنْفُسِهِمْ حَتَّى يُغَيِّرَ مَا بِأَنْفُسِهِمْ فَكَتَبَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ كَافَأَكُمُ اللَّهُ عَنِّي بِتَضْعِيفِ الثَّوَابِ وَ الْجَزَاءِ الْحَسَنِ الْجَمِيلِ وَ عَلَيْكُمْ جَمِيعاً السَّلَامُ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ الِاسْتِغْفَارُ أَلْفٌ وَ التَّوَكُّلُ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَ أَمَّا قَوْلُهُ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ مَنْ قَالَ بِالْإِمَامَةِ وَ اتَّبَعَ أَمْرَكُمْ بِحُسْنِ طَاعَتِهِمْ وَ أَمَّا التَّغَيُّرُ إِنَّهُ لَا يُسِيءُ إِلَيْهِمْ حَتَّى يَتَوَلَّوْا ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمْ بِخَطَايَاهُمْ وَ ارْتِكَابِهِمْ مَا نُهِيَ عَنْهُ وَ كَتَبَ بِخَطِّهِ.
7- نهج، نهج البلاغة وَ ايْمُ اللَّهِ مَا كَانَ قَوْمٌ قَطُّ فِي غَضِّ نِعْمَةٍ مِنْ عَيْشٍ فَزَالَ عَنْهُمْ إِلَّا بِذُنُوبٍ اجْتَرَحُوهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ وَ لَوْ أَنَّ النَّاسَ حِينَ تَنْزِلُ بِهِمُ النِّقَمُ وَ تَزُولُ عَنْهُمُ النِّعَمُ فَزِعُوا إِلَى رَبِّهِمْ بِصِدْقٍ مِنْ نِيَّاتِهِمْ وَ وَلَهٍ مِنْ قُلُوبِهِمْ لَرَدَّ عَلَيْهِمْ كُلَّ شَارِدٍ وَ أَصْلَحَ لَهُمْ كُلَّ فَاسِدٍ.
توضيح في غضّ نعمة أي في نعمة غضّة طريّة ناضرة و الوله بالتحريك الحزن و الخوف و الشارد النافر.
8 دَعَوَاتُ الرَّاوَنْدِيِّ، قَالَ الصَّادِقُ ع اتَّقُوا الذُّنُوبَ وَ حَذِّرُوهَا إِخْوَانَكُمْ فَوَ اللَّهِ مَا الْعُقُوبَةُ إِلَى أَحَدٍ أَسْرَعَ مِنْهَا إِلَيْكُمْ لِأَنَّكُمْ لَا تُؤَاخَذُونَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
9- وَ قَالَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع مَا مِنْ مُؤْمِنٍ تُصِيبُهُ رَفَاهِيَةٌ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ إِلَّا ابْتُلِيَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِبَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ حَتَّى يَتَوَفَّرَ حَظُّهُ فِي دَوْلَةِ الْحَقِّ.
باب 23 علل الشرائع و الأحكام
الآيات المائدة ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَ لكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ الأعراف قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ حمعسق اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَ الْمِيزانَ الرحمن وَ السَّماءَ رَفَعَها وَ وَضَعَ الْمِيزانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ تفسير قد فسر جماعة من المفسرين الميزان في الآيتين بالشرع و بعضهم بالعدل و بعضهم بالميزان المعروف و أما الأخبار ففيها ثلاثة فصول.
الفصل الأول العلل التي رواها الفضل بن شاذان
1 ن، عيون أخبار الرضا عليه السلام ع، علل الشرائع حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبْدُوسٍ النَّيْسَابُورِيُّ الْعَطَّارُ بِنَيْسَابُورَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَ خَمْسِينَ وَ ثَلَاثِ مِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ وَ حَدَّثَنَا الْحَاكِمُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ شَاذَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ عَمِّهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ قَالَ قَالَ الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ النَّيْسَابُورِيُ إِنْ سَأَلَ سَائِلٌ فَقَالَ أَخْبِرْنِي هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُكَلِّفَ الْحَكِيمُ 3668 عَبْدَهُ فِعْلًا مِنَ الْأَفَاعِيلِ لِغَيْرِ عِلَّةٍ وَ لَا مَعْنِيٍّ قِيلَ لَهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَكِيمٌ غَيْرُ عَابِثٍ وَ لَا جَاهِلٍ فَإِنْ قَالَ فَأَخْبِرْنِي لِمَ كَلَّفَ الْخَلْقَ قِيلَ لِعِلَلٍ فَإِنْ قَالَ فَأَخْبِرْنِي مِنْ تِلْكَ الْعِلَلِ مَعْرُوفَةٌ مَوْجُودَةٌ هِيَ أَمْ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ وَ لَا مَوْجُودَةٍ قِيلَ بَلْ هِيَ مَعْرُوفَةٌ وَ مَوْجُودَةٌ عِنْدَ أَهْلِهَا فَإِنْ قَالَ أَ تَعْرِفُونَهَا أَنْتُمْ أَمْ لَا تَعْرِفُونَهَا قِيلَ لَهُمْ مِنْهَا مَا نَعْرِفُهُ وَ مِنْهَا مَا لَا نَعْرِفُهُ فَإِنْ قَالَ فَمَا أَوَّلُ الْفَرَائِضِ قِيلَ 3669 الْإِقْرَارُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ بِرَسُولِهِ وَ حُجَّتِهِ ع وَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ
فَإِنْ قَالَ لِمَ أَمَرَ اللَّهُ الْخَلْقَ 3670 بِالْإِقْرَارِ بِاللَّهِ وَ بِرُسُلِهِ 3671 وَ حُجَجِهِ وَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قِيلَ لِعِلَلٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا أَنَّ مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ يَجْتَنِبْ مَعَاصِيَهُ وَ لَمْ يَنْتَهِ عَنِ ارْتِكَابِ الْكَبَائِرِ وَ لَمْ يُرَاقِبْ أَحَداً فِيمَا يَشْتَهِي وَ يَسْتَلِذُّ مِنَ الْفَسَادِ وَ الظُّلْمِ فَإِذَا فَعَلَ النَّاسُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ وَ ارْتَكَبَ كُلُّ إِنْسَانٍ مَا يَشْتَهِي وَ يَهْوَاهُ مِنْ غَيْرِ مُرَاقَبَةٍ لِأَحَدٍ كَانَ فِي ذَلِكَ فَسَادُ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ وَ وُثُوبُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَغَصَبُوا الْفُرُوجَ وَ الْأَمْوَالَ وَ أَبَاحُوا الدِّمَاءَ وَ النِّسَاءَ وَ السَّبْيَ وَ قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً مِنْ غَيْرِ حَقٍّ وَ لَا جَرَمَ فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ خَرَابُ الدُّنْيَا وَ هَلَاكُ الْخَلْقِ وَ فَسَادُ الْحَرْثِ وَ النَّسْلِ وَ مِنْهَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَكِيمٌ وَ لَا يَكُونُ الْحَكِيمُ وَ لَا يُوصَفُ 3672 بِالْحِكْمَةِ إِلَّا الَّذِي يَحْظُرُ الْفَسَادَ وَ يَأْمُرُ بِالصَّلَاحِ وَ يَزْجُرُ عَنِ الظُّلْمِ وَ يَنْهَى عَنِ الْفَوَاحِشِ وَ لَا يَكُونُ حَظْرُ الْفَسَادِ وَ الْأَمْرُ بِالصَّلَاحِ وَ النَّهْيُ عَنِ الْفَوَاحِشِ إِلَّا بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَعْرِفَةِ الْآمِرِ وَ النَّاهِي فَلَوْ تُرِكَ النَّاسُ بِغَيْرِ إِقْرَارٍ بِاللَّهِ وَ لَا مَعْرِفَتِهِ لَمْ يَثْبُتْ أَمْرٌ بِصَلَاحٍ وَ لَا نَهْيٌ عَنْ فَسَادٍ إِذْ لَا آمِرَ وَ لَا نَاهِيَ وَ مِنْهَا أَنَّا وَجَدْنَا الْخَلْقَ قَدْ يُفْسِدُونَ بِأُمُورٍ بَاطِنَةٍ مَسْتُورَةٍ عَنِ الْخَلْقِ فَلَوْ لَا الْإِقْرَارُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ خَشْيَتُهُ بِالْغَيْبِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ إِذَا خَلَا بِشَهْوَتِهِ وَ إِرَادَتِهِ يُرَاقِبُ أَحَداً فِي تَرْكِ مَعْصِيَةٍ وَ انْتِهَاكِ حُرْمَةٍ وَ ارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ إِذَا كَانَ فِعْلُهُ ذَلِكَ مَسْتُوراً 3673 عَنِ الْخَلْقِ غَيْرَ مُرَاقَبٍ لِأَحَدٍ وَ كَانَ يَكُونُ فِي ذَلِكَ هَلَاكُ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ فَلَمْ يَكُنْ قِوَامُ الْخَلْقِ وَ صَلَاحُهُمْ إِلَّا بِالْإِقْرَارِ مِنْهُمْ بِعَلِيمٍ خَبِيرٍ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفَى آمِرٍ بِالصَّلَاحِ نَاهٍ عَنِ الْفَسَادِ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ لِيَكُونَ فِي ذَلِكَ انْزِجَارٌ لَهُمْ عَمَّا يَخْلُونَ 3674 بِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ وَجَبَ عَلَيْهِمْ 3675 مَعْرِفَةُ الرُّسُلِ وَ الْإِقْرَارُ بِهِمْ وَ الْإِذْعَانُ لَهُمْ بِالطَّاعَةِ قِيلَ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ 3676 فِي خَلْقِهِمْ وَ قَوْلِهِمْ وَ قُوَاهُمْ مَا يَكْمُلُونَ لِمَصَالِحِهِمْ 3677 وَ كَانَ
الصَّانِعُ مُتَعَالِياً عَنْ أَنْ يُرَى 3678 وَ كَانَ ضَعْفُهُمْ وَ عَجْزُهُمْ عَنْ إِدْرَاكِهِ ظَاهِراً لَمْ يَكُنْ بُدٌّ 3679 مِنْ رَسُولٍ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُمْ مَعْصُومٍ يُؤَدِّي إِلَيْهِمْ أَمْرَهُ وَ نَهْيَهُ وَ أَدَبَهُ وَ يَقِفُهُمْ عَلَى مَا يَكُونُ بِهِ إِحْرَازُ مَنَافِعِهِمْ 3680 وَ دَفْعُ مَضَارِّهِمْ إِذْ لَمْ يَكُنْ فِي خَلْقِهِمْ مَا يَعْرِفُونَ بِهِ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ مَنَافِعِهِمْ وَ مَضَارِّهِمْ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ مَعْرِفَتُهُ وَ طَاعَتُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي مَجِيءِ الرَّسُولِ مَنْفَعَةٌ وَ لَا سَدُّ حَاجَةٍ وَ لَكَانَ يَكُونُ إِتْيَانُهُ عَبَثاً لِغَيْرِ مَنْفَعَةٍ وَ لَا صَلَاحٍ وَ لَيْسَ هَذَا مِنْ صِفَةِ الْحَكِيمِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جَعَلَ أُولِي الْأَمْرِ وَ أَمَرَ بِطَاعَتِهِمْ قِيلَ لِعِلَلٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا أَنَّ الْخَلْقَ لَمَّا وَقَعُوا عَلَى حَدٍّ مَحْدُودٍ وَ أُمِرُوا أَنْ لَا يَتَعَدَّوْا ذَلِكَ الْحَدَّ (تِلْكَ الْحُدُودَ) لِمَا فِيهِ مِنْ فَسَادِهِمْ لَمْ يَكُنْ يَثْبُتُ ذَلِكَ وَ لَا يَقُومُ إِلَّا بِأَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهِمْ فِيهِ أَمِيناً يَمْنَعُهُمْ مِنَ التَّعَدِّي وَ الدُّخُولِ فِيمَا حُظِرَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ 3681 كَذَلِكَ لَكَانَ أَحَدٌ لَا يَتْرُكُ لَذَّتَهُ وَ مَنْفَعَتَهُ لِفَسَادِ غَيْرِهِ فَجَعَلَ عَلَيْهِمْ قَيِّماً يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْفَسَادِ وَ يُقِيمُ فِيهِمُ الْحُدُودَ وَ الْأَحْكَامَ وَ مِنْهَا أَنَّا 3682 لَا نَجِدُ فِرْقَةً مِنَ الْفِرَقِ وَ لَا مِلَّةً مِنَ الْمِلَلِ بَقُوا وَ عَاشُوا إِلَّا بِقَيِّمٍ وَ رَئِيسٍ لِمَا لَا بُدَّ لَهُمْ 3683 مِنْهُ فِي أَمْرِ الدِّينِ وَ الدُّنْيَا فَلَمْ يَجُزْ فِي حِكْمَةِ الْحَكِيمِ أَنْ يَتْرُكَ الْخَلْقَ مِمَّا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْهُ وَ لَا قِوَامَ لَهُمْ إِلَّا بِهِ فَيُقَاتِلُونَ بِهِ عَدُوَّهُمْ وَ يَقْسِمُونَ بِهِ 3684 فَيْئَهُمْ وَ يُقِيمُ 3685 لَهُمْ جُمُعَتَهُمْ وَ جَمَاعَتَهُمْ وَ يَمْنَعُ ظَالِمَهُمْ مِنْ مَظْلُومِهِمْ وَ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ إِمَاماً قَيِّماً أَمِيناً حَافِظاً مُسْتَوْدَعاً لَدَرَسَتِ الْمِلَّةُ وَ ذَهَبَ الدِّينُ وَ غُيِّرَتِ السُّنَّةُ وَ الْأَحْكَامُ وَ لَزَادَ فِيهِ الْمُبْتَدِعُونَ وَ نَقَصَ مِنْهُ الْمُلْحِدُونَ وَ شَبَّهُوا ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّا قَدْ وَجَدْنَا 3686 الْخَلْقَ مَنْقُوصِينَ مُحْتَاجِينَ