کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
22- ختص، الإختصاص الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاشَانِيُّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ دَاوُدَ بْنِ أَسَدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ جَمِيلٍ 23945 عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ بْنِ مُوَفَّقٍ وَ كَانَ هَارُونُ بْنُ مُوَفَّقٍ 23946 مَوْلَى أَبِي الْحَسَنِ ع قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع لِأُسَلِّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لِي ارْكَبْ تدور [تَدُرْ] فِي 23947 أَمْوَالٍ لَهُ قَالَ فَرَكِبْتُ فَأَتَيْتُ فَازَةً لَهُ قَدْ ضُرِبَتْ عَلَى جَدَاوِلِ مَاءٍ كَانَتْ عِنْدَهُ خَضِرَةٌ فَاسْتَنْزَهَ ذَلِكَ فَضَرَبْتُ لَهُ الْفَازَةَ هُنَاكَ فَجَلَسْتُ حَتَّى أَتَى وَ هُوَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فَقُمْتُ فَقَبَّلْتُ فَخِذَهُ وَ نَزَلَ وَ أَخَذْتُ رِكَابَهُ وَ أَمْسَكْتُ عَلَيْهِ فَلَمَّا نَزَلَ أَهْوَيْتُ لِآخُذَ الْعِنَانَ فَأَبَى وَ أَخَذَهُ هُوَ فَأَخْرَجَهُ مِنْ رَأْسِ الدَّابَّةِ وَ عَلَّقَهُ فِي طُنُبٍ مِنْ أَطْنَابِ الْفَازَةِ ثُمَّ جَلَسَ فَسَأَلَ عَنْ مَجِيئِي وَ ذَلِكَ عِنْدَ الْمَغْرِبِ فَأَعْلَمْتُهُ مَجِيئِي مِنَ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ جَمَحَ الْفَرَسُ وَ خَلَّى الْعِنَانَ 23948 وَ مَرَّ يَتَخَطَّى الْجَدَاوِلَ وَ الزَّرْعَ إِلَى بَرَا حَتَّى بَالَ وَ رَاثَ وَ رَجَعَ فَنَظَرَ إِلَيَّ أَبُو الْحَسَنِ ع فَقَالَ لَمْ يُعْطَ آلَ دَاوُدَ شَيْءٌ إِلَّا وَ قَدْ أُعْطِيَ مُحَمَّدٌ وَ آلُ مُحَمَّدٍ أَفْضَلَ مِنْهُ 23949 .
بيان: قال الجوهري الفازة مظلة تمد بعمود قوله فاستنزه ذلك أي وجده نزهة و البرا التراب.
23- ختص، الإختصاص ابْنُ عِيسَى وَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ 23950 عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع يَقُولُ كَانَتْ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع نَاقَةٌ قَدْ حَجَ
عَلَيْهَا اثْنَتَيْنِ وَ عِشْرِينَ حَجَّةً مَا قَرَعَهَا قَرْعَةً قَطُّ فَمَا فَجَأَتْنِي 23951 بَعْدَ مَوْتِهِ إِلَّا وَ قَدْ جَاءَنِي بَعْضُ الْمَوَالِي فَقَالُوا إِنَّ النَّاقَةَ قَدْ خَرَجَتْ فَأَتَتْ قَبْرَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع فَانْبَرَكَتْ عَلَيْهِ فَدَلَكَتْ بِجِرَانِهَا وَ هِيَ تَرْغُو فَقُلْتُ أَدْرِكُوهَا فَجِيئُونِي بِهَا قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا بِهَا أَوْ يَرَوْهَا ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع وَ مَا كَانَتْ رَأَتِ الْقَبْرَ قَطُّ 23952 .
24- أَقُولُ رَوَى الْبُرْسِيُّ فِي مَشَارِقِ الْأَنْوَارِ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع جَاءَهُ نَفَرٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَقَالُوا لَهُ أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ إِنَّ هَذَا الْجِرِّيَّ مَسْخٌ حَرَامٌ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالُوا أَرِنَا بُرْهَانَهُ فَجَاءَ بِهِمْ إِلَى الْفُرَاتِ وَ نَادَى هناس هناس 23953 فَأَجَابَهُ الْجِرِّيُّ لَبَّيْكَ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مَنْ أَنْتَ فَقَالَ مِمَّنْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ وَلَايَتُكَ فَأَبَى وَ مُسِخَ وَ إِنَّ فِيمَنْ مَعَكَ لَمَنْ يُمْسَخُ كَمَا مُسِخْنَا وَ يَصِيرُ كَمَا صِرْنَا 23954 فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع بَيِّنْ قِصَّتَكَ لِيَسْمَعَ مَنْ حَضَرَ فَيَعْلَمَ فَقَالَ نَعَمْ كُنَّا أَرْبَعاً وَ عِشْرِينَ قَبِيلَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ كُنَّا قَدْ تَمَرَّدْنَا وَ عَصَيْنَا وَ عُرِضَتْ وَلَايَتُكَ عَلَيْنَا فَأَبَيْنَا وَ فَارَقْنَا الْبِلَادَ وَ اسْتَعْمَلْنَا الْفَسَادَ فَجَاءَنَا آتٍ أَنْتَ وَ اللَّهِ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا فَصَرَخَ فِينَا صَرْخَةً فَجَمَعَنَا جَمْعاً وَاحِداً وَ كُنَّا مُتَفَرِّقِينَ فِي الْبَرَارِيَ فَجَمَعَنَا لِصَرْخَتِهِ ثُمَّ صَاحَ صَيْحَةً أُخْرَى وَ قَالَ كُونُوا مُسُوخاً بِقُدْرَةِ اللَّهِ فَمُسِخْنَا أَجْنَاساً مُخْتَلِفَةً ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا الْقِفَارُ كُونُوا أَنْهَاراً تُسْكِنْكَ هَذِهِ الْمُسُوخُ وَ اتَّصِلِي بِبِحَارِ الْأَرْضِ حَتَّى لَا يَبْقَى مَاءٌ إِلَّا وَ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الْمُسُوخِ فَصِرْنَا مُسُوخاً كَمَا تَرَى 23955 .
25- وَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي جَعْفَرٍ ع إِلَى مَكَانٍ يُرِيدُهُ فَسِرْنَا وَ إِذَا ذِئْبٌ قَدِ انْحَدَرَ مِنَ الْجَبَلِ وَ جَاءَ حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى قَرَبُوسِ السَّرْجِ وَ تَطَاوَلَ فَخَاطَبَهُ فَقَالَ لَهُ الْإِمَامُ ارْجِعْ فَقَدْ فَعَلْتُ قَالَ فَرَجَعَ الذِّئْبُ مُهَرْوِلًا فَقُلْتُ سَيِّدِي 23956 مَا شَأْنُهُ قَالَ ذَكَرَ أَنَّ زَوْجْتَهُ قَدْ عَسُرَتْ عَلَيْهَا الْوِلَادَةُ فَسَأَلَ لَهَا الْفَرَجَ وَ أَنْ يَرْزُقَهُ اللَّهُ وَلَداً لَا يُؤْذِي دَوَابَّ شِيعَتِنَا قُلْتُ لَهُ اذْهَبْ فَقَدْ فَعَلْتُ قَالَ ثُمَّ سِرْنَا فَإِذَا قَاعٌ مُجْدِبٌ يَتَوَقَّدُ حَرّاً وَ هُنَاكَ عَصَافِيرُ فَتَطَايَرْنَ وَ دُرْنَ حَوْلَ بَغْلَتِهِ 23957 فَزَجَرَهَا وَ قَالَ لَا وَ لَا كَرَامَةَ قَالَ ثُمَّ صَارَ 23958 إِلَى مَقْصَدِهِ فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنَ الْغَدِ وَ عُدْنَا إِلَى الْقَاعِ فَإِذَا الْعَصَافِيرُ قَدْ طَارَتْ وَ دَارَتْ حَوْلَ بَغْلَتِهِ وَ رَفْرَفَتْ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ اشْرَبِي وَ ارْوَي قَالَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِي الْقَاعِ ضَحْضَاحٌ مِنَ الْمَاءِ فَقُلْتُ يَا سَيِّدِي بِالْأَمْسِ مَنَعْتَهَا وَ الْيَوْمَ سَقَيْتَهَا فَقَالَ اعْلَمْ أَنَّ الْيَوْمَ خَالَطَهَا الْقَنَابِرُ فَسَقَيْتُهَا وَ لَوْ لَا الْقَنَابِرُ مَا سَقَيْتُهَا 23959 فَقُلْتُ يَا سَيِّدِي وَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَنَابِرِ وَ الْعَصَافِيرِ فَقَالَ وَيْحَكَ أَمَّا الْعَصَافِيرُ فَإِنَّهُمْ مَوَالِي عُمَرَ لِأَنَّهُمْ مِنْهُ وَ أَمَّا الْقَنَابِرُ فَإِنَّهُمْ مِنْ مَوَالِينَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي صَفيرِهِمْ بُورِكْتُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ بُورِكَتْ شِيعَتُكُمْ وَ لَعَنَ اللَّهُ أَعْدَاءَكُمْ ثُمَّ قَالَ عَادَانَا مِنْ كُلٍّ شَيْءٌ 23960 حَتَّى مِنَ الطُّيُورِ الْفَاخِتَةُ وَ مِنَ الْأَيَّامِ أَرْبِعَاءُ 23961 .
26- مد، العمدة بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ الْمَغَازِلِيِّ الشَّافِعِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ
دَاوُدَ عَنْ أَسَدِ بْنِ مُوسَى عَنْ حَمَّادِ بْنِ مَسْلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ خَلْقاً لَيْسَ مِنْ وُلْدِ آدَمَ وَ لَا مِنْ وُلْدِ إِبْلِيسَ يَلْعَنُونَ مُبْغِضِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ قَالَ الْقَنَابِرُ 23962 يُنَادُونَ فِي السَّحَرِ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى مُبْغِضِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع 23963 .
27- ما، الأمالي للشيخ الطوسي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاسَانِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْمَدِينِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ الْجَعْفَرِيِّ عَنِ الرِّضَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ع قَالَ: لَا تَأْكُلُوا 23964 الْقُنْبُرَةَ وَ لَا تَسُبُّوهُ وَ لَا تُعْطُوهُ الصِّبْيَانَ يَلْعَبُونَ بِهَا فَإِنَّهَا كَثِيرَةُ التَّسْبِيحِ وَ تَسْبِيحُهَا لَعَنَ اللَّهُ مُبْغِضِي آلِ مُحَمَّدٍ ع 23965 .
تحقيق مقام و دفع شكوك و أوهام
اعلم أن رد الأخبار المستفيضة الواردة عن أئمة الأنام عليهم الصلاة و السلام بمحض استبعاد الأوهام أو تقليد الفلاسفة الذين استبدوا بالأحلام 23966 و لم يؤمنوا بما جاءت به الأنبياء الكرام لا يليق بالأفاضل الأعلام كيف و قد ورد أمثالها في القرآن الكريم من تسبيح الطير مع داود ع و قوله عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ 23967 و قصة الهدهد و النملة مع سليمان ع و قوله تعالى وَ الطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِيحَهُ 23968 و غير ذلك.
و أي دليل دل على عدم شعورهم و إدراكهم للكليات و عدم تكلمهم و نطقهم فإنا كثيرا ما نسمع كلام بعض الناس و غيرهم ممن لا نفهم لغاتهم بوجه فنظن أن كلامهم كأصوات الطيور لا نميز بين كلماتهم و نتعجب من فهم بعضهم كلام بعض و الأخبار الدالة على أن لها تسبيحا و ذكرا و أنها تعرف خالقهم و مصالحهم و مفاسدهم أكثر من أن تحصى و لا استبعاد في كونها مكلفة ببعض التكاليف و تعذب في الدنيا بتركها كما ورد في الأخبار الكثيرة أنه لا يصاد طير إلا بتركها التسبيح أو في الآخرة أيضا كما روي في تأويل قوله تعالى وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ 23969 و إن لم يكن تكليفها عاما و عقابها أبديا لضعف إدراكها.
و لو سلم أن لا نطق و لا كلام لهم فيمكن أن يقدرها الله على ذلك في بعض الأحيان لإظهار معجزة النبي و الإمام صلوات الله عليهم و بالجملة رد ما ورد عن أرباب العصمة صلوات الله عليهم أو تأويلها من غير برهان قاطع اجتراء على الله و رسوله و حججه ع و سيأتي بعض القول في ذلك في الباب الآتي و تفصيله و تحقيقه في كتاب السماء و العالم.
و أما ما ذكره السيد الشريف المرتضى قدس الله روحه في كتاب الغرر و الدرر حيث سأله سائل فقال ما القول في الأخبار الواردة في عدة كتب من الأصول و الفروع بمدح أجناس من الطير و البهائم و المأكولات و الأرضين و ذم أجناس منها كمدح الحمام و البلبل و القنبر و الحجل 23970 و الدراج و ما شاكل ذلك من فصيحات الطير و البهائم و المأكولات و الأرضين و ذم الفواخت و الرخم 23971 و ما يحكى من أن كل جنس من هذه الأجناس المحمودة تنطق بثناء على الله تعالى و على أوليائه و دعاء لهم و دعاء على أعدائهم و أن كل جنس من هذه الأجناس المذمومة تنطق بضد ذلك من ذم الأولياء ع و كذا
الجري و ما شاكله من السمك و ما نطق به الجري من أنه مسخ بجحده الولاية و ورود الآثار بتحريمه لذلك.
و كذم الدب و القرد و الفيل و سائر المسوخ المحرمة و كذم البطيخة التي كسرها أمير المؤمنين ع فصادفها مرة فقال من النار إلى النار و دبها من يده ففار من الموضع الذي سقطت فيه دخان و كذم الأرضين السبخة و القول بأنها جحدت الولاية أيضا و قد جاء في هذا المعنى ما يطول شرحه و ظاهره مناف لما تدل العقول عليه من كون هذه الأجناس مفارقة لقبيل ما يجوز تكليفه و يسوغ أمره و نهيه.
و في هذه الأخبار التي أشرنا إليها أن بعض هذه الأجناس يعتقد الحق و يدين به و بعضها يخالفه و هذا كله مناف لظاهر ما العقلاء عليه و منها ما يشهد أن لهذه الأجناس منطقا مفهوما و ألفاظا تفيد أغراضا و أنها بمنزلة الأعجمي و العربي اللذين لا يفهم أحدهما صاحبه و أن شاهد ذلك من قول الله سبحانه فيما حكاه عن سليمان ع يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَ أُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ 23972 و كلام النملة أيضا مما حكاه الله سبحانه و كلام الهدهد و احتجاجه و فهمه و جوابه فلينعم بذكر ما عنده مثابا إن شاء الله و بالله التوفيق.
فأجاب رحمه الله بقوله اعلم أن المعول فيما يعتقد على ما تدل الأدلة عليه من نفي و إثبات فإذا دلت الأدلة على أمر من الأمور وجب أن يبنى كل وارد من الأخبار إذا كان ظاهره بخلافه عليه و نسوقه إليه و نطابق بينه و بينه و نخلي ظاهرا إن كان له و نشرط إن كان مطلقا و نخصه إن كان عاما و نفصله إن كان مجملا و نوفق بينه و بين الأدلة من كل طريق اقتضى الموافقة و آل إلى المطابقة.
و إذا كنا نفعل ذلك و لا نحتشمه في ظواهر القرآن المقطوع على صحته المعلوم وروده فكيف نتوقف عن ذلك في أخبار آحاد لا توجب علما و لا تثمر يقينا فمتى وردت عليك أخبار فأعرضها على هذه الجملة و ابنها عليها و افعل ما حكمت به الأدلة
و أوجبته الحجج العقلية و إن تعذر فيها بناء و تأويل و تخريج و تنزيل فليس غير الإطراح لها و ترك التعريج 23973 عليها و لو اقتصرنا على هذه الجملة لاكتفينا فيمن يتدبر و يتفكر.
و قد يجوز أن يكون المراد بذم هذه الأجناس من الطير أنها ناطقة بضد الثناء على الله و بذم أوليائه و نقص أصفيائه ذم متخذيها و مرتبطيها و إن هؤلاء المغرين بمحبة هذه الأجناس و اتخاذها هم الذين ينطقون بضد الثناء على الله تعالى و يذمون أولياءه و أحباءه فأضاف النطق إلى هذه الأجناس و هو لمتخذيها أو مرتبطيها للتجاور و التقارب و على سبيل التجوز و الاستعارة كما أضاف الله تعالى السؤال في القرآن إلى القرية و إنما هو لأهل القرية و كما قال تعالى وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَ رُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَ عَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَ كانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً و في هذا كله حذوف و قد أضيف في الظاهر الفعل إلى من هو في الحقيقة متعلق بغيره و القول في مدح أجناس من الطير و الوصف لها بأنها تنطق بالثناء على الله و المدح لأوليائه يجري على هذا المنهج الذي نهجناه.
فإن قيل كيف يستحق مرتبط هذه الأجناس مدحا بارتباطها و مرتبط بعض آخر ذما بارتباطه حتى علقتم المدح و الذم بذلك.