کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
حَلِيفاً لِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَلَمَّا نَظَرَ ابْنُ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ وَ أَصْحَابِهِ فَزِعُوا وَ تَهَيَّئُوا لِلْحَرْبِ وَ قَالُوا هَؤُلَاءِ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ فَأَمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ أَصْحَابَهُ أَنْ يَنْزِلُوا وَ يَحْلَقُوا رُءُوسَهُمْ فَنَزَلُوا وَ حَلَقُوا رُءُوسَهُمْ فَقَالَ ابْنُ الْحَضْرَمِيِّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ عُمَّارٌ لَيْسَ عَلَيْنَا مِنْهُمْ بَأْسٌ فَاطْمَأَنُّوا وَ وَضَعُوا السِّلَاحَ فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ فَقُتِلَ ابْنُ الْحَضْرَمِيِّ وَ أَفْلَتَ أَصْحَابُهُ وَ أَخَذُوا الْعِيرَ بِمَا فِيهَا وَ سَاقُوهَا إِلَى الْمَدِينَةِ وَ كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ 7266 مِنْ رَجَبٍ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فَعَزَلُوا الْعِيرَ وَ مَا كَانَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَنَالُوا مِنْهَا شَيْئاً فَكَتَبَتْ قُرَيْشٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص أَنَّكَ اسْتَحْلَلْتَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَ سَفَكْتَ فِيهَا الدَّمَ وَ أَخَذْتَ الْمَالَ وَ كَثُرَ الْقَوْلُ فِي هَذَا 7267 وَ جَاءَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ يَحِلُّ الْقَتْلُ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَ صَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ كُفْرٌ بِهِ وَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ إِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَ الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ قَالَ الْقِتَالُ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ عَظِيمٌ وَ لَكِنَّ الَّذِي فَعَلَتْ بِكَ قُرَيْشٌ يَا مُحَمَّدُ مِنَ الصَّدِّ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَ إِخْرَاجِكَ مِنْهُ هُوَ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَ الْفِتْنَةُ يَعْنِي الْكُفْرَ بِاللَّهِ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ 7268 .
أقول: قال في المنتقى في حوادث السنة الثانية من الهجرة في هذه السنة تزوج علي بن أبي طالب ع فاطمة ع بنت رسول الله ص في صفر لليال 7269 بقين منه و بنى بها في ذي الحجة و قد روي أنه تزوجها في رجب بعد مقدم رسول الله
ص المدينة بخمسة أشهر و بنى بها مرجعه من بدر و الأول أصح و روي عن بعض أهل التاريخ أن تزويجها كان في شهر ربيع الأول من سنه اثنتين من الهجرة و بنى بها فيها و ولدت الحسن ع في هذه السنة و قيل بل ولد الحسن ع منتصف شهر رمضان من سنة ثلاث و الحسين ع في سنة أربع و قيل كان بين ولادة الحسن ع و العلوق بالحسين ع خمسون ليلة و ولد الحسين ع لليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة.
و في هذه السنة كانت سرية عبد الله بن جحش 7270 و في هذه السنة حولت القبلة إلى الكعبة كان النبي ص يصلي بمكة ركعتين بالغداة و ركعتين بالعشي فلما عرج به إلى السماء أمر بالصلوات الخمس فصارت الركعتان في غير المغرب للمسافر و للمقيم أربع ركعات 7271 فلما هاجر النبي ص إلى المدينة أمر أن يصلي نحو بيت المقدس لئلا يكذبه اليهود لأن نعته ص في التوراة أنه صاحب قبلتين و كانت الكعبة أحب القبلتين إلى النبي ص فأمره الله تعالى أن يصلي إلى الكعبة قال محمد بن حبيب الهاشمي حولت في الظهر يوم الثلاثاء للنصف من شعبان زار رسول الله ص أم بشر بن البراء بن معرور في بني سلمة فتغدى هو و أصحابه و جاءت الظهر فصلى بأصحابه في مسجد القبلتين ركعتين من الظهر إلى الشام ثم أمر أن يستقبل الكعبة و هو راكع في الركعة الثانية فاستدار إلى الكعبة فدارت الصفوف خلفه ثم أتم الصلاة فسمي مسجد القبلتين.
و قال الواقدي كان هذا يوم الإثنين للنصف من رجب على رأس سبعة عشر شهرا و عن البراء على رأس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا و عن السدي على رأس ثمانية عشر شهرا من مهاجره ص 7272 .
و في هذه السنة كان بناء مسجد قباء
روي عن أبي سعيد الخدري قال لما صرفت القبلة إلى الكعبة أتى رسول الله ص مسجد قباء فقدم جدار المسجد إلى موضعه اليوم و أسسه بيده و نقل رسول الله ص و أصحابه الحجارة لبنائه و كان يأتيه كل سبت ماشيا.
و قال أبو أيوب الأنصاري هو المسجد الذي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى و في هذه السنة نزلت فريضة رمضان في شعبان هذه السنة و أمر بزكاة الفطر على ما
روي عن أبي سعيد الخدري قال نزل فرض شهر رمضان بعد ما صرفت القبلة إلى الكعبة بشهر في شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من مهاجر رسول الله ص فأمر رسول الله ص في هذه السنة بزكاة الفطر قبل أن يفرض الزكاة في الأموال.
و في هذه السنة خرج رسول الله ص يوم العيد فصلى بالناس صلاة العيد و حملت بين يديه العنزة إلى المصلى فصلى إليها.
و في هذه السنة كانت غزوة بدر 7273 .
باب 9 تحول القبلة
الآيات البقرة سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَ إِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ تفسير قال الطبرسي رحمه الله سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ أي سوف يقول الجهال و هم الكفار الذين هم بعض الناس ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها أي أي شيء حولهم و صرفهم يعني المسلمين عن بيت المقدس الذي كانوا يتوجهون إليه في صلاتهم و اختلف في الذين قالوا ذلك فقال ابن عباس و غيره هم اليهود و قال الحسن هم مشركو العرب فإن رسول الله ص لما تحول إلى الكعبة من بيت المقدس قالوا يا محمد رغبت عن قبلة آبائك ثم رجعت إليها فلترجعن إلى دينهم و قال السدي هم المنافقون قالوا ذلك استهزاء بالإسلام و اختلف في سبب مقالتهم ذلك فقيل إنهم قالوا ذلك على وجه الإنكار للنسخ عن ابن عباس و قيل إنهم قالوا يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها ارجع إلى قبلتنا نتبعك و نؤمن بك أرادوا بذلك فتنته عن ابن عباس أيضا و قيل إنما
قال ذلك مشركو العرب ليوهموا أن الحق ما هم عليه 7274 قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ يتصرف فيها على ما تقتضيه حكمته عن ابن عباس 7275 كانت الصلاة إلى بيت المقدس بعد مقدم النبي ص المدينة سبعة عشر شهرا و عن البراء بن عازب قال صليت مع رسول الله ص نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ثم صرفنا نحو الكعبة أورده مسلم في الصحيح 7276 و عن أنس إنما كان ذلك تسعة أشهر أو عشرة أشهر و عن معاذ ثلاثة عشر شهرا
وَ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ 7277 بِإِسْنَادِهِ عَنِ الصَّادِقِ ع قَالَ: تَحَوَّلَتِ الْقِبْلَةُ إِلَى الْكَعْبَةِ بَعْدَ مَا صَلَّى النَّبِيُّ ص ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً 7278 إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَ بَعْدَ مُهَاجَرِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ قَالَ ثُمَّ وَجَّهَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْكَعْبَةِ وَ ذَلِكَ أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يُعَيِّرُونَ رَسُولَ اللَّهِ ص وَ يَقُولُونَ أَنْتَ تَابِعٌ لَنَا تُصَلِّي إِلَى قِبْلَتِنَا فَاغْتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ ذَلِكَ غَمّاً شَدِيداً وَ خَرَجَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ يَنْظُرُ إِلَى آفَاقِ السَّمَاءِ يَنْتَظِرُ مِنَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ أَمْراً فَلَمَّا أَصْبَحَ وَ حَضَرَ وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ كَانَ فِي مَسْجِدِ بَنِي سَالِمٍ قَدْ صَلَّى مِنَ الظُّهْرِ رَكْعَتَيْنِ فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ فَأَخَذَ بِعَضُدَيْهِ وَ حَوَّلَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ الْآيَةَ فَكَانَ صَلَّى 7279 رَكْعَتَيْنِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَ رَكْعَتَيْنِ إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَتِ الْيَهُودُ وَ السُّفَهَاءُ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي
قال الزجاج إنما أمر بالصلاة إلى بيت المقدس لأن مكة و بيت الله الحرام كانت العرب آلفة بحجها 7280 فأحب الله 7281 أن يمتحن القوم بغير ما آلفوه ليظهر من يتبع الرسول ممن لا يتبعه 7282 وَ ما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها قيل معنى كُنْتَ عَلَيْها صرت عليها و أنت عليها يعني الكعبة و قيل و هو الأصح يعني بيت المقدس أي ما صرفناك عن القبلة التي كنت عليها أو ما جعلنا القبلة التي كنت عليها فصرفناك عنها إِلَّا لِنَعْلَمَ أي ليعلم حزبنا من النبي و المؤمنين أو ليحصل المعلوم موجودا أو لنعاملكم معاملة المختبر أو لأعلم مع غيري مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ أي يؤمن به و يتبعه في أقواله و أفعاله مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ أي الذين ارتدوا لما حولت القبلة أو المراد كل مقيم على كفره وَ إِنْ كانَتْ أي القبلة أو التحويلة و مفارقة القبلة الأولى و قيل أي الصلاة لَكَبِيرَةً أي لثقيلة يعني التحويلة إلى بيت المقدس لأن العرب لم تكن قبلة أحب إليهم من الكعبة أو إلى الكعبة.
وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ قيل فيه أقوال أحدها أنه لما حولت القبلة قال ناس كيف بأعمالنا التي كنا نعمل في قبلتنا الأولى فنزلت و قيل إنهم قالوا كيف بمن مات من إخواننا قبل ذلك و كان قد مات أسعد بن زرارة و البراء بن معرور و كانا من النقباء فقال وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ أي صلاتكم إلى بيت المقدس و يمكن حمل الإيمان على أصله 7283 .
و ثانيها أنه لما ذكر ما عليهم من المشقة في التحويلة أتبعه بذكر ما لهم عنده بذلك من المثوبة و أنه لا يضيع ما عملوه من الكلفة
و ثالثها أنه لما ذكر إنعامه عليهم بالتولية إلى الكعبة ذكر السبب الذي استحقوا به ذلك الإنعام و هو إيمانهم بما حملوه أولا فقال وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ الذي استحققتم به تبليغ محبتكم في التوجه إلى الكعبة 7284 .
قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ كَانَتِ الْكَعْبَةُ أَحَبَّ الْقِبْلَتَيْنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ لِجَبْرَئِيلَ وَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ صَرَفَنِي عَنْ قِبْلَةِ الْيَهُودِ إِلَى غَيْرِهَا فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ مِثْلُكَ وَ أَنْتَ كَرِيمٌ عَلَى رَبِّكَ فَادْعُ رَبَّكَ وَ سَلْهُ ثُمَّ ارْتَفَعَ جَبْرَئِيلُ وَ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُدِيمُ النَّظَرَ إِلَى السَّمَاءِ رَجَاءَ أَنْ يَأْتِيَهُ جَبْرَئِيلُ بِالَّذِي سَأَلَ رَبَّهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ أَيْ قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ يَا مُحَمَّدُ فِي السَّمَاءِ لِانْتِظَارِ الْوَحْيِ فِي أَمْرِ الْقِبْلَةِ.