کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
و فتن فهو مفتون إذا أصابه فتنة فيذهب ماله أو عقله و كذلك إذا اختبر و إنما نهى ع عن الإبداء لأنه قد يوجد ذلك في قلب العدو بغير اختياره و تكليف عامة الخلق به حرج ينافي الشريعة السمحة و الإبداء يكون بالفعل كإظهار السرور و البشاشة و الضحك عند المصاب و في غيبته و بالقول مثل الهزء و السخرية به و عقوبته في الدنيا أن الله تعالى يبتليه بمثله غيرة للمؤمن و انتصارا له و أيضا هو نوع بغي و عقوبة البغي عاجلة سريعة.
20- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَ الْفَضْلِ ابْنَيْ يَزِيدَ الْأَشْعَرِيَّيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى الْكُفْرِ أَنْ يُؤَاخِيَ الرَّجُلَ عَلَى الدِّينِ فَيُحْصِيَ عَلَيْهِ عَثَرَاتِهِ وَ زَلَّاتِهِ لِيُعَنِّفَهُ بِهَا يَوْماً مَا 16260 .
بيان أقرب مبتدأ و ما مصدرية و يكون من الأفعال التامة و إلى متعلق بأقرب و أن في قوله أن يواخي مصدرية و هو في موضع ظرف الزمان مثل رأيته مجيء الحاج و هو خبر المبتدإ و العثرة الكبوة في المشي استعير للذنب مطلقا أو الخطاء منه و قريب منه الزلة و يمكن تخصيص إحداهما بالذنوب و الأخرى بمخالفة العادات و الآداب و التعنيف التعيير و اللوم و هذا من أعظم الخيانة في الصداقة و الأخوة و لذا قال بعض العارفين لا بد من أن تأخذ صديقا معتمدا موافقا مأمونا شره و لا يحصل ذلك إلا بعد اعتبارك إياه قبل الصداقة آونة من الزمان في جميع أقواله و أفعاله مع بني نوعه و مع ذلك لا بد بعد الصداقة من أن تخفي كثيرا من أحوالك و أسرارك منه فإنه ليس بمعصوم فلعل بعد المفارقة منك لأمر قليل يوجب زوال الصداقة يعنفك بأمر تكرهه.
و المراد بإحصاء العثرات و الزلات حفظها و ضبطها في الخاطر أو الدفاتر ليعيره بها يوما من الأيام و يفهم منه أن كمال قربه من الكفر بمجرد الإحصاء بهذا القصد و إن لم يقع منه و قيل وجه قربه من الكفر أن ذلك منه باعتبار عدم
استقرار إيمانه في قلبه أو المراد بالكفر كفر نعمة الأخوة فهو مع هذا القصد قريب من الكفر و يتحقق الكفر بوقوع التعنيف بل ينبغي للأخ في الله إذا عرف من أخيه عثرة أن ينظر أولا إلى عثرات نفسه و يطهر نفسه عنها ثم ينصح أخاه بالرفق و اللطف و الشفقة ليترك تلك العثرات و تكمل الأخوة و الصداقة.
و يمكن أن يكون المراد بتلك العثرات ما ينافي حسن الصحبة و العشرة و أما ما ينافي الدين من الذنوب فلا يعنفه على رءوس الخلائق و لكن يجب عليه من باب النهي عن المنكر زجره عنها على الشروط و التفاصيل التي سنذكرها في محلها إن شاء الله تعالى.
21- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَ لَمْ يَخْلُصِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ- لَا تَذُمُّوا الْمُسْلِمِينَ وَ لَا تَتَبَّعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَاتِهِمْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَ مَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَ لَوْ فِي بَيْتِهِ 16261 .
بيان المعشر الجماعة من الناس و الجمع معاشر و الإضافة من قبيل إضافة متعدد إلى جنسها و خلص إليه الشيء كنصر وصل و فيه دلالة على أن من أصر على المعاصي فهو كالمنافقين الذين قال الله تعالى فيهم قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ 16262 إذ لو دخل الإيمان قلبه و استقر فيه ظهرت آثاره في جوارحه و إن أمكن أن يكون الخطاب للمنافقين الذين كانوا بين المسلمين و كانوا يؤذونهم و يتبعون عثراتهم.
و قوله و لا تتبعوا من باب التفعل بحذف إحدى التاءين في المصباح تتبعت أحواله تطلبتها شيئا بعد شيء في مهلة و العورة كل أمر قبيح يستره الإنسان أنفة أو حياء و المراد بتتبع الله سبحانه عورته منع لطفه و كشف ستره و منع الملائكة عن ستر ذنوبه و عيوبه فهو يفتضح في السماء و الأرض و لو أخفاها و فعلها في جوف بيته و اهتم بإخفائها أو المعنى و لو كانت فضيحته عند أهل بيته
و الأول أظهر و في أكثر النسخ 16263 يتبع فهو كيعلم أو على بناء الافتعال استعمل في التتبع مجازا أو على التفعيل و كأنه من النساخ و في أكثر نسخ الحديث على التفعل في القاموس تبعه كفرح مشى خلفه و مر به فمضى معه و أتبعتهم تبعتهم و ذلك إذا كانوا سبقوك فلحقتهم و التتبيع التتبع و الإتباع و الاتباع كالتبع و التباع بالكسر الولاء و تتبعه تطلبه و في الصحاح تبعت القوم تبعا و تباعة بالفتح إذا مشيت خلفهم أو مروا بك فمضيت معهم و كذلك اتبعتهم و هو افتعلت و أتبعت القوم على أفعلت إذا كانوا قد سبقوك فلحقتهم و أتبعت أيضا غيري يقال أتبعته الشيء فتبعه قال الأخفش تبعته و اتبعته أيضا بمعنى مثل ردفته و أردفته و منه قوله تعالى فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ 16264 و تابعته على كذا متابعة و تباعا و التباع الولاء و تتبعت الشيء تتبعا أي تطلبته متتبعا له و كذلك تبعته تتبيعا.
22- كا، الكافي عَنِ الْعِدَّةِ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: أَبْعَدُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ يُوَاخِيَ الرَّجُلَ وَ هُوَ يَحْفَظُ عَلَيْهِ زَلَّاتِهِ لِيُعَيِّرَهُ بِهَا يَوْماً مَا 16265 .
بيان عيرته كذا أو بكذا إذا قبحته عليه و نسبته إليه يتعدى بنفسه و بالباء و كأن المراد الأبعدية بالنسبة إلى ما لا يؤدي إلى الكفر فلا ينافي قوله ع أقرب ما يكون العبد إلى الكفر 16266 .
باب 66 الغيبة
الآيات النساء لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَ كانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً 16267 الإسراء وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا 16268 الحجرات يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ 16269 القلم وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ 16270
1- كا، الكافي عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْغِيبَةُ أَسْرَعُ فِي دِينِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ مِنَ الْأَكِلَةِ فِي جَوْفِهِ قَالَ وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْجُلُوسُ فِي الْمَسْجِدِ انْتِظَارَ الصَّلَاةِ عِبَادَةٌ مَا لَمْ يُحْدِثْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا يُحْدِثُ قَالَ الِاغْتِيَابَ 16271 .
بيان الأكلة كفرحة داء في العضو يأتكل منه كما في القاموس و غيره و قد يقرأ بمد الهمزة على وزن فاعلة أي العلة التي تأكل اللحم و الأول أوفق باللغة و قوله أسرع في دين الرجل أي في ضرره و إفنائه و قيل الأكلة بالضم اللقمة و كفرحة داء في العضو يأتكل منه و كلاهما محتملان إلا أن ذكر الجوف يؤيد الأول و إرادة الإفناء و الإذهاب يؤيد الثاني و الأول أقرب و أصوب و تشبيه الغيبة بأكل اللقمة أنسب لأن الله سبحانه شبهها بأكل اللحم انتهى و كان
الثاني أظهر و التخصيص بالجوف لأنه أضر و أسرع في قتله و في التأييد الذي ذكره نظر و المستتر في قوله ما لم يحدث راجع إلى الجالس المفهوم من الجلوس و هو على بناء الإفعال و الاغتياب منصوب و قال الجوهري اغتابه اغتيابا إذا وقع فيه و الاسم الغيبة و هو أن يتكلم خلف إنسان مستور بما يغمه لو سمعه فإن كان صدقا سمي غيبة و إن كان كذبا سمي بهتانا.
أقول هذا بحسب اللغة و أما بحسب عرف الشرع فهو ذكر الإنسان المعين أو من هو بحكمه في غيبته بما يكره نسبته إليه و هو حاصل فيه و يعد نقصا في العرب بقصد الانتقاص و الذم قولا أو إشارة أو كناية تعريضا أو تصريحا فلا غيبة في غير معين كواحد مبهم من غير محصور كأحد أهل البلد و قال الشيخ البهائي قدس سره و بحكمه لإدراج المبهم من محصور كأحد قاضي البلد فاسق مثلا فإن الظاهر أنه غيبة و لم أجد أحدا تعرض له انتهى: و قولنا في غيبته لإخراج ما إذا كان في حضوره لأنه ليس بغيبة و إن كان إثما لإيذائه إلا بقصد الوعظ و النصيحة و التعريض حينئذ أولى إن نفع و قولنا بما يكره لإخراج غيبة من لا يكره نسبة الفسق و نحوه إليه بل ربما يفرح بذلك و يعده كمالا و قولنا و هو حاصل فيه لإخراج التهمة و إن كانت أشد و قولنا و يعد نقصا لإخراج العيوب الشائعة التي لا يعدها أكثر الناس نقصا مع كونها مخفية و عدم مبالاته بذكرها و عدم عد أكثر الناس نقصا لشيوعها ففيه إشكال و الأحوط ترك ذكرها و إن كان ظاهر الأصحاب جوازه و قولنا بقصد الانتقاص لخروج ما إذا كان للطبيب لقصد العلاج و للسلطان للترحم أو للنهي عن المنكر.
و قال الشهيد الثاني رفع الله درجته و أما في الاصطلاح فلها تعريفان أحدهما مشهور و هو ذكر الإنسان حال غيبته بما يكره نسبته إليه مما يعد نقصانا في العرف بقصد الانتقاص و الذم و احترز بالقيد الأخير و هو قصد الانتقاص عن ذكر العيب للطبيب مثلا أو لاستدعاء الرحمة من السلطان في حق الزمن و الأعمى بذكر
نقصانهما و يمكن الغنى عنه بقيد كراهة النسبة إليه و الثاني التنبيه على ما يكره نسبته إليه إلخ و هو أعم من الأول لشمول مورده اللسان و الإشارة و الحكاية و غيرها و هو أولى لما سيأتي من عدم قصر الغيبة على اللسان
وَ قَدْ جَاءَ عَلَى الْمَشْهُورِ قَوْلُ النَّبِيِّ ص هَلْ تَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ فَقَالُوا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ.
قيل أ رأيت إن كان في أخي ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته و إن لم يكن فيه فقد بهته.
و تحريم الغيبة في الجملة إجماعي بل هو كبيرة موبقة للتصريح بالتوعد عليها بالخصوص في الكتاب و السنة و قد نص الله على ذمها في كتابه و شبه صاحبها بأكل لحم الميتة فقال وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ 16272
وَ عَنْ جَابِرٍ وَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالا قَالَ النَّبِيُّ ص إِيَّاكُمْ وَ الْغِيبَةَ فَإِنَّ الْغِيبَةَ أَشَدُّ مِنَ الزِّنَا إِنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَزْنِي وَ يَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ إِنَّ صَاحِبَ الْغِيبَةِ لَا يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يَغْفِرَ لَهُ صَاحِبُهُ.
وَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى قَوْمٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ بِأَظَافِيرِهِمْ فَقُلْتُ يَا جَبْرَئِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَغْتَابُونَ النَّاسَ وَ يَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ.
وَ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ص فَذَكَرَ الرِّبَا وَ عَظَّمَ شَأْنَهُ فَقَالَ إِنَّ الدِّرْهَمَ يُصِيبُهُ الرَّجُلُ مِنَ الرِّبَا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ فِي الْخَطِيئَةِ مِنْ سِتٍّ وَ ثَلَاثِينَ زَنْيَةً يَزْنِيهَا الرَّجُلُ وَ إِنَّ أَرْبَى الرِّبَا عِرْضُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ وَ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ أَنَّ الْمُغْتَابَ إِذَا تَابَ فَهُوَ آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَ إِنْ لَمْ يَتُبْ فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ.
وَ رُوِيَ أَنَّ عِيسَى ع مَرَّ وَ الْحَوَارِيُّونَ عَلَى جِيفَةِ كَلْبٍ فَقَالَ الْحَوَارِيُّونَ مَا أَنْتَنَ رِيحَ هَذَا- فَقَالَ عِيسَى ع مَا أَشَدَّ بَيَاضَ أَسْنَانِهِ كَأَنَّهُ يَنْهَاهُمْ عَنْ غِيبَةِ الْكَلْبِ وَ يُنَبِّهُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُذْكَرُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ إِلَّا أَحْسَنُهُ.
و قيل في تفسير قوله تعالى وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الهمزة الطعان في الناس و اللمزة الذي يأكل لحوم الناس و قال بعضهم أدركنا السلف لا يرون
العبادة في الصوم و لا في الصلاة و لكن في الكف عن أعراض الناس.
و اعلم أن السبب الموجب للتشديد في أمر الغيبة و جعلها أعظم من كثير من المعاصي الكثيرة هو اشتمالها على المفاسد الكلية المنافية لغرض الحكيم سبحانه بخلاف باقي المعاصي فإنها مستلزمة لمفاسد جزئية بيان ذلك أن المقاصد المهمة للشارع اجتماع النفوس على هم واحد و طريقة واحدة و هي سلوك سبيل الله بسائر وجوه الأوامر و النواهي و لا يتم ذلك إلا بالتعاون و التعاضد بين أبناء النوع الإنساني و ذلك يتوقف على اجتماع هممهم و تصافي بواطنهم و اجتماعهم على الألفة و المحبة حتى يكونوا بمنزلة عبد واحد في طاعة مولاه و لن يتم ذلك إلا بنفي الضغائن و الأحقاد و الحسد و نحوه و كانت الغيبة من كل منهم لأخيه مثيرة لضغنه و مستدعية منه لمثلها في حقه لا جرم و كانت ضد المقصود الكلي للشارع و كانت مفسدة كلية و لذلك أكثر الله و رسوله النهي عنها و الوعيد عليها و بالله التوفيق.