کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
أُعْطِي الْأَسْوَدَ وَ الْأَحْمَرَ 28007 حَقَّهُ وَ أَظْلِمُكِ حَقَّكِ وَ أَنْتِ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ (ص)! إِنَّ هَذَا الْمَالَ لَمْ يَكُنْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ 28008 وَلِيتُهُ كَمَا كَانَ يَلِيهِ! قَالَتْ: وَ اللَّهِ لَا كَلَّمْتُكَ أَبَداً!. قَالَ: وَ اللَّهِ لَا هَجَرْتُكِ أَبَداً. قَالَ: وَ اللَّهِ لَأَدْعُوَنَّ اللَّهَ عَلَيْكَ.
قَالَ: وَ اللَّهِ لَأَدْعُوَنَّ اللَّهَ لَكِ. فَلَمَّا حَضَرَتْهَا الْوَفَاةُ أَوْصَتْ أَنْ لَا يُصَلِّيَ 28009 عَلَيْهَا، فَدُفِنَتْ لَيْلًا، وَ صَلَّى عَلَيْهَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَ كَانَ بَيْنَ وَفَاتِهَا وَ وَفَاةِ أَبِيهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ 28010 اثْنَتَانِ وَ سَبْعُونَ لَيْلَةً 28011 .
و ممّا يؤيّد إخفاء دفنها جهالة قبرها و الاختلاف فيه بين الناس إلى يومنا هذا، و لو كان بمحضر من الناس لما اشتبه على الخلق و لا اختلف فيه.
السابعة:
ممّا يرد من الطعون على أبي بكر في تلك الواقعة أنّه مكّن أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من التصرّف في حجراتهنّ بغير خلاف، و لم يحكم فيها بأنّها صدقة، و ذلك يناقض ما منعه في أمر فدك و ميراث الرسول صلّى اللّه عليه و آله، فإنّ انتقالها إليهنّ إمّا على جهة الإرث أو النحلة، و الأول مناقض لروايته في الميراث، و الثاني يحتاج إلى الثبوت ببيّنة و نحوها، و لم يطالبهنّ بشيء منها كما طالب فاطمة عليها السلام في دعواها، و هذا من أعظم الشواهد لمن له أدنى بصيرة، على أنّه لم يفعل ما فعل إلّا عداوة لأهل بيت الرسالة، و لم يقل ما قال إلّا افتراء على اللّه و على رسوله.
و لنكتف 28012 بما ذكرنا، فإنّ بسط الكلام في تلك المباحث ممّا يوجب كثرة حجم الكتاب و تعسّر تحصيله على الطلاب.
فانظر أيّها العاقل المنصف بعين البصيرة! فيما اشتمل عليه تلك 28013 الأخبار الكثيرة التي أوردوها في كتبهم المعتبرة عندهم من حكم سيّدة النساء صلوات اللّه عليها- مع عصمتها و طهارتها- باغتصابهم للخلافة و أنّهم أتباع الشيطان، و أنّه ظهر فيهم حسيكة النفاق، و أنّهم أرادوا إطفاء نور الدين، و إهماد سنن سيّد المرسلين صلوات اللّه عليه و آله أجمعين، و أنّهم آذوا أهل بيته و أضمروا لهم العداوة .. و غير ذلك ممّا اشتملت عليه الخطبة الجليلة 28014 .!.
فهل يبقى بعد ذلك شكّ في بطلان خلافة أبي بكر و نفاقه و نفاق أتباعه؟!.
ثم إنّها عليها السلام حكمت بظلم أبي بكر في منعها الميراث صريحا بقولها عليها السلام: لقد جئت شَيْئاً فَرِيًّا 28015 ، و دعت الأنصار إلى قتاله، فثبت جواز قتله، و لو كان إماما لم يجز قتله.
ثم انظر إلى هذا المنافق كيف شبّه أمير المؤمنين و سيّد الوصيّين و أخا سيّد المرسلين و زوجه الطاهرة: بثعالة شهيده ذنبه، و جعله مربا لكلّ فتنة، ثم إلى موت فاطمة صلوات اللّه عليها ساخطة على أبي بكر مغضبة عليه منكرة لإمامته، و إلى إنكار أبي بكر كون فدك خالصة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مع كونه مخالفا للآية و الإجماع و أخبارهم، و إلى أنّه انتزع فدك من يد وكلاء فاطمة و طلب منها الشهود، مع أنّها لم تكن مدّعية، فحكم بغير حكم اللّه و حكم الرسول صلّى اللّه عليه و آله و صار بذلك من الكافرين بنصّ القرآن، و إلى طلب الشاهد من المعصومة و ردّ
شهادة المعصومين الذين أنزل اللّه تعالى فيهم ما أنزل، و قال فيهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما قال، و منعها الميراث خلافا لحكم الكتاب، و افترائه على الرسول صلّى اللّه عليه و آله بما شهد الكتاب و السنّة بكذبه، فتبوّأ مقعده من النار، و ظلمه عليها صلوات اللّه عليها في منع سهم ذي القربى خلافا للّه تعالى، و مناقضته لما رواه حيث مكّن الأزواج من التصرّف في الحجر و غيرها 28016 ممّا يستنبط من فحاوي ما ذكر من الأخبار 28017 ، و لا يخفى طريق استنباطها على أولي الأبصار.
12- باب 28018 العلّة التي من أجلها ترك أمير المؤمنين عليه السلام فدك لما ولي الناس
1- ع 28019 : الدَّقَّاقُ، عَنِ الْأَسَدِيِّ، عَنِ النَّخَعِيِّ، عَنِ النَّوْفَلِيِ 28020 ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ:
لِمَ لَمْ يَأْخُذْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَدَكَ لَمَّا وَلِيَ النَّاسَ؟ وَ لِأَيِّ عَلَّةٍ تَرَكَهَا؟ فَقَالَ لَهُ:
لِأَنَّ الظَّالِمَ وَ الْمَظْلُومَةَ قَدْ كَانَا قَدِمَا 28021 عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَثَابَ اللَّهُ الْمَظْلُومَةَ 28022 وَ عَاقَبَ الظَّالِمَ 28023 ، فَكَرِهَ أَنْ يَسْتَرْجِعَ شَيْئاً قَدْ عَاقَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ غَاصِبَهُ وَ أَثَابَ عَلَيْهِ
الْمَغْصُوبَةَ 28024 .
2- ع 28025 : ابْنُ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ 28026 الْكَرْخِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُلْتُ لَهُ: لِأَيِّ عِلَّةٍ تَرَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَدَكاً 28027 لَمَّا وَلِيَ النَّاسَ؟ فَقَالَ: لِلِاقْتِدَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ وَ قَدْ بَاعَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ دَارَهُ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَ لَا تَرْجِعُ إِلَى دَارِكَ؟ فَقَالَ (ص): وَ هَلْ تَرَكَ عَقِيلٌ لَنَا دَاراً، إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا نَسْتَرْجِعُ شَيْئاً يُؤْخَذُ مِنَّا ظُلْماً، فَلِذَلِكَ لَمْ يَسْتَرْجِعْ فَدَكاً لَمَّا وَلِيَ.
3- ن، ع 28028 : الْقَطَّانُ، عَنْ أَحْمَدَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَلِيِ 28029 بْنِ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ 28030 ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَ لَمْ يَسْتَرْجِعْ فَدَكَ لَمَّا وَلِيَ 28031 النَّاسَ؟ فَقَالَ: لِأَنَّا أَهْلُ بَيْتٍ وَلِيُّنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَا يَأْخُذُ لَنَا حُقُوقَنَا مِمَّنْ يَظْلِمُنَا إِلَّا هُوَ 28032 ، وَ نَحْنُ أَوْلِيَاءُ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّمَا نَحْكُمُ لَهُمْ وَ نَأْخُذُ 28033 حُقُوقَهُمْ مِمَّنْ يَظْلِمُهُمْ 28034 ، وَ لَا نَأْخُذُ لِأَنْفُسِنَا.
تبيين:
اعلم أنّ بعض المخالفين 28035 تمسّكوا في تصحيح ما زعموه في أمر الميراث و قصّة فدك بإمضاء أمير المؤمنين عليه السلام ما فعلته الخلفاء لمّا صار الأمر إليه، و قد استدلّ قاضي القضاة 28036 بذلك على أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن شاهدا في قضيّة فدك، إذ لو كان هو الشاهد فيها لكان الأقرب أن يحكم بعلمه، و كذلك في ترك الحجر لنساء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، ثم قال: و ليس لهم 28037 بعد ذلك إلّا التعلّق بالتقيّة التي هي مفزعهم عند لزوم الكلام، و لو علموا ما عليهم في ذلك لاشتدّ هربهم منه، لأنّه إن جاز للأئمّة التقيّة- و حالهم في العصمة ما يقولون- ليجوزنّ ذلك 28038 من رسول اللّه، و تجويز ذلك فيه يوجب أن لا يوثق بنصّه على أمير المؤمنين عليه السلام لتجويز التقيّة، و متى قالوا يعلم بالمعجز 28039 إمامته فقد أبطلوا كون النصّ طريقا للإمامة، و الكلام مع ذلك لازم لهم، بأن يقال: جوّزوا مع ظهور المعجز أن يدّعي الإمامة تقيّة، و أن يفعل سائر ما يفعله تقيّة 28040 ؟ و كيف يوثق مع ذلك بما ينقل عن الرسول و عن الأئمّة؟! و هلّا جاز أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام نبيّا بعد الرسول و ترك ادّعاء ذلك تقيّة و خوفا؟! فإنّ الشبهة 28041 في ذلك أوكد من النصّ، لأنّ التعصّب للنبيّ 28042 في النبوة أعظم من التعصّب لأبي بكر و غيره في الإمامة! فإن عوّلوا في ذلك على علم الاضطرار فعندهم أنّ الضرورة في
النصّ على الإمامة قائمة، و إن 28043 فزعوا في ذلك إلى الإجماع، فمن قولهم أنّه لا يوثق به 28044 و يلزمهم في الإجماع أن يجوز أن يقع على طريق التقيّة لأنّه لا يكون أوكد من قول الرسول و قول الإمام عندهم، و بعد، فقد ذكر الخلاف في ذلك كما ذكر الخلاف في أنّه إله، فلا يصحّ على شروطهم أن يتعلّقوا بذلك 28045 .