کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
كثير النتاج مبشر بالربيع 1636 و تطيب نفسه على الهواء الصافي و هبوب الشمال و يسوء حاله بهبوب الجنوب حتى إنه لا يقدر على الطيران و هو طائر أسود باطن الجناحين و ظاهرهما أغبر على خلقة القطا إلا أنه ألطف منه و الجاحظ جعله من أقسام الحمام و من شأنه أنه لا يجعل بيضه في موضع واحد بل ينقله لئلا يعرف أحد مكانه قال ابن سينا لحمه أفضل من لحوم الفواخت و أعدل و ألطف و أكله يزيد في الدماغ و الفهم و المني 1637 و قال القبج بفتح القاف و إسكان الباء الحجل و القبجة اسم جنس يقع على الذكر و الأنثى حتى تقول يعقوب 1638 فيختص بالذكر و كذلك الدراجة حتى تقول الحيقطان 1639 و النحلة حتى تقول يعسوب و مثله كثير 1640 و الذكر يوصف بالقوة على السفاد و لكثرة سفاده يقصد موضع البيض فيكسره لئلا تشتغل الأنثى بحضنه عنه و لذا الأنثى إذا أتى أوان بيضها تهرب و تختبئ رغبة في الفرخ و هي إذا هربت بهذا السبب ضاربت الذكور بعضها بعضا و كثر صياحها ثم إن المقهور يتبع القاهر و يفسد القوي الضعيف و القبج يغير أصواته بأنواع شتى بقدر حاجته إلى ذلك و تعمر خمس عشرة سنة 1641 و من عجيب أمرها أنها إذا قصدها الصياد خبأت رأسها تحت الثلج و تحسب أن الصياد لا يراها و ذكورها شديد الغيرة على إناثها و الأنثى تلقح من رائحة الذكر و هذا النوع كله يحب الغناء و الأصوات
الطيبة و ربما وقعت من أوكارها عند سماع ذلك فيأخذها الصياد 1642 و قال القطا معروف واحده قطاة و هو نوعان كدري و جوني و زاد الجوهري نوعا ثالثا و هو القطاط 1643 و الكدري أغبر اللون رقش الظهر و البطون صفر الحلوق قصار الأذناب و هي ألطف من الجونية و الجونية سود بطون الأجنحة و القوادم و ظهرها أغبر أرقط تعلوه صفرة 1644 و إنما سميت جونية لأنها لا تفصح بصوتها إذا صوتت و إنما تغرغر بصوت في حلقها و الكدرية فصيحة تنادي باسمها 1645 و في طبعها أنها إذا أرادت الماء ارتفعت من أفاحيصها أسرابا 1646 لا متفرقة عند طلوع الفجر فتقطع إلى حين طلوع الشمس مسيرة سبع مراحل فحينئذ تقع على الماء فتشرب نهلا 1647 و العرب تصف القطا بحسن المشي و تشبه مشي النساء الخفرات بمشيها 1648
وَ رَوَى ابْنُ حَيَّانَ وَ غَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ ص قَالَ: مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِداً وَ لَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ.
مفحص القطاة بفتح الميم موضعها الذي تجثم 1649 فيه و تبيض كأنها تفحص
عنه التراب أي تكشفه و الفحص البحث و الكشف و خصت القطا بهذا لأنها لا تبيض في شجرة و لا على رأس جبل إنما تجعل مجثمها على بسيط الأرض دون تلك الطيور 1650 فلذلك شبه به المسجد و لأنها توصف بالصدق كأنه أشار بذلك إلى الإخلاص في بنائه و قيل إنما شبه بذلك لأن أفحوصها يشبه محراب المسجد في استدارته و تكوينه و قيل خرج ذلك مخرج الترغيب بالقليل من مخرج الكثير كما خرج مخرج التحذير بالقليل عن الكثير
كَقَوْلِهِ ص لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَ يَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ.
و لأن الشارع يضرب المثل بما لا يكاد يقع كقوله و لو سرقت فاطمة بنت محمد و هي ع لا يتوهم عليها السرقة 1651 .
أبواب الوحوش و السباع من الدواجن و غيرها
باب 1 الكلاب و أنواعها و صفاتها و أحكامها و السنانير و الخنازير في بدء خلقها و أحكامها
الآيات المائدة قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ الأعراف وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَ اتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا الكهف وَ كَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ إلى قوله تعالى سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَ يَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَ يَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَ ثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ تفسير سيأتي تفسير الآية الأولى.
و قال الدميري دل على أن للعالم فضيلة ليست للجاهل لأن الكلب إذا علم تحصل له فضيلة على غير المعلم فالإنسان أولى بذلك لا سيما 1652 إذا عمل بما علم
كَمَا قَالَ عَلِيٌّ ع لِكُلِّ شَيْءٍ قِيمَةٌ وَ قِيمَةُ الْمَرْءِ مَا يُحْسِنُهُ 1653 .
و أما آيات الأعراف فالمشهور أنها في بلعم بن باعوراء كما مرت قصته في المجلد الخامس.
قال الدميري قال قتادة هذا مثل ضربه الله تعالى لكل من عرض عليه الهدى فأبى أن يقبله وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها أي وفقناه للعمل بها فكان 1654 يرفع بذلك منزلته في الدنيا و الآخرة وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ أي ركن إلى الدنيا و شهواتها و لذاتها فعوقب في الدنيا بأنه كان يلهث كما يلهث الكلب يشبه 1655 به صورة و هيئة.
قال القتيبي كل شيء يلهث إنما يلهث من إعياء أو عطش إلا الكلب فإنه يلهث في حال الكلال 1656 و حال الراحة و في حال الري و في حال العطش فضربه الله تعالى مثلا لمن كذب بآياته فقال إن وعظته فهو ضال و إن تركته فهو ضال كالكلب إن طردته لهث و إن تتركه على حالة لهث انتهى.
و اللهث نفس 1657 بسرعة و حركة أعضاء الفم معها و امتداد اللسان 1658 قال الواحدي و غيره هذه الآية من أشد الآي على أهل العلم و ذلك أن الله تعالى أخبر أنه آتاه من 1659 اسمه الأعظم و الدعوات المستجابات و العلم و الحكمة فاستوجب بالسكون إلى الدنيا و اتباع الهوى تغيير النعم 1660 بالانسلاخ عنها و من ذا الذي 1661
يسلم من هاتين الحالتين إلا من عصمه الله 1662 .
و قال أكثر أهل التفسير على أن كلب أهل الكهف كان من جنس الكلاب و روي عن ابن جريح 1663 أنه قال كان أسدا و يسمى الأسد كلبا و قال قوم كان رجلا طباخا لهم حكاه الطبري و يضعفه بسط الذراعين فإنه في العرف من صفة الكلب و روي أن جعفر بن محمد الصادق ع قرأ كالبهم فيحتمل أن يريد هذا الرجل و قال خالد بن معدان ليس في الجنة من الدواب سوى كلب أهل الكهف و حمار عزير و ناقة صالح و قيل إن من أحب أهل الخير نال من بركتهم كلب أحب أهل فضل صحبهم ذكره الله تعالى في القرآن معهم و الوصيد فناء الكهف و قيل هو التراب و قيل هو الباب و قيل عتبة الباب و قيل إن الكلب كان لهم و قيل مروا بكلب فنبح لهم فطردوه فعاد فطردوه مرارا 1664 فقام الكلب على رجليه و رفع يديه إلى السماء كهيئة الداعي و نطق فقال لا تخافوا مني فإني أحب أحباء الله فنوموا حتى أحرسكم.
و قال السدي لما خرجوا مروا براع و معه كلب فقال الراعي إني أتبعكم على أن أعبد الله تعالى معكم قالوا سر فسار معهم و تبعهم الكلب فقالوا يا راعي هذا الكلب ينبح علينا و ينبه بنا فما لنا به من حاجة فطردوه فأبى إلا أن يلحق بهم فرجموه فرفع يديه كالداعي فأنطقه الله تعالى فقال يا قوم لم تطردونني لم ترجمونني لم تضربونني فو الله لقد عرفت الله قبل أن تعرفوه بأربعين سنة فتعجبوا من ذلك و زادهم الله بذلك هدى
قَالَ مُحَمَّدٌ الْبَاقِرُ ع كَانَ أَصْحَابُ الْكَهْفِ صَيَاقِلَةً 1665 .
قال عمرو بن دينار إن مما أخذ على العقرب أن لا تضر أحدا في ليل أو
نهار صلى على نوح 1666 و مما أخذ على الكلب أن لا يضر أحدا حمل عليه في ليل أو نهار قرأ 1667 وَ كَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ و قال القرطبي بلغنا عمن تقدم أن في سورة الرحمن آية يقرؤها الإنسان على الكلب إذا حمل عليه فلا يؤذيه بإذن الله عز و جل و هي يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ الآية 1668 .
11- الْكَافِي، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ فِي دَارِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ الْكَلْبُ 1669 .
12- وَ مِنْهُ، عَنِ الْعِدَّةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ يَتَّخِذُ كَلْباً إِلَّا نَقَصَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِ صَاحِبِهِ قِيرَاطٌ 1670 .
بيان لعله محمول على الكراهة كما يشير إليه الخبر السابق و على كلب لم يكن في اتخاذه منفعة أو لم يكن بينه و بينه باب مغلق مع أنه يحتمل أن يكون مع الحالين أخف كراهة.