کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
و أنا أعني السادة فتبسم في وجهي و قال نعم و قد أوصلت بعض حقنا إلى وكلائنا في النجف الأشرف أيضا و جرى على لساني أني قلت له ما أديته مقبول فقال نعم ثم خطر في نفسي أن هذا السيد يقول بالنسبة إلى العلماء الأعلام وكلائنا و استعظمت ذلك ثم قلت العلماء وكلاء على قبض حقوق السادة و شملتني الغفلة.
ثم قلت يا سيدنا قراء تعزية الحسين ع يقرءون حديثا أن رجلا رأى في المنام هودجا بين السماء و الأرض فسأل عمن فيه فقيل له فاطمة الزهراء و خديجة الكبرى فقال إلى أين يريدون فقيل زيارة الحسين ع في هذه الليلة ليلة الجمعة و رأى رقاعا تتساقط من الهودج مكتوب فيها أمان من النار لزوار الحسين ع في ليلة الجمعة هذا الحديث صحيح فقال ع نعم زيارة الحسين ع في ليلة الجمعة أمان من النار يوم القيامة.
قال و كنت قبل هذه الحكاية بقليل قد تشرفت بزيارة مولانا الرضا ع فقلت له يا سيدنا قد زرت الرضا علي بن موسى ع و قد بلغني أنه ضمن لزواره الجنة هذا صحيح فقال ع هو الإمام الضامن فقلت زيارتي مقبولة فقال ع نعم مقبولة.
و كان معي في طريق الزيارة رجل متدين من الكسبة و كان خليطا لي و شريكا في المصرف فقلت له يا سيدنا إن فلانا كان معي في الزيارة زيارته مقبولة فقال نعم العبد الصالح فلان بن فلان زيادته مقبولة ثم ذكرت له جماعة من كسبة أهل بغداد كانوا معنا في تلك الزيارة و قلت إن فلانا و فلانا و ذكرت أسماءهم كانوا معنا زيارتهم مقبولة فأدار ع وجهه إلى الجهة الأخرى و أعرض عن الجواب فهبته و أكبرته و سكت عن سؤاله.
فلم أزل ماشيا معه على الصفة التي ذكرتها حتى دخلنا الصحن الشريف ثم دخلنا الروضة المقدسة من الباب المعروف بباب المراد فلم يقف على باب الرواق و لم يقل شيئا حتى وقف على باب الروضة من عند رجلي الإمام موسى
ع فوقفت بجنبه و قلت له يا سيدنا اقرأ حتى أقرأ معك فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أمير المؤمنين و ساق على باقي أهل العصمة ع حتى وصل إلى الإمام الحسن العسكري ع.
ثم التفت إلي بوجهه الشريف و وقف متبسما و قال أنت إذا وصلت إلى السلام على الإمام العسكري ما تقول فقلت أقول السلام عليك يا حجة الله يا صاحب الزمان قال فدخل الروضة الشريفة و وقف على قبر الإمام موسى ع و القبلة بين كتفيه.
فوقفت إلى جنبه و قلت يا سيدنا زر حتى أزور معك فبدأ ع بزيارة أمين الله الجامعة المعروفة فزار بها و أنا أتابعه ثم زار مولانا الجواد ع و دخل القبة الثانية قبة محمد بن علي ع و وقف يصلي فوقفت إلى جنبه متأخرا عنه قليلا احتراما له و دخلت في صلاة الزيارة فخطر ببالي أن أسأله أن يبات معي تلك الليلة لأتشرف بضيافته و خدمته و رفعت بصري إلى جهته و هو بجنبي متقدما علي قليلا فلم أره.
فخففت صلاتي و قمت و جعلت أتصفح وجوه المصلين و الزوار لعلي أصل إلى خدمته حتى لم يبق مكان في الروضة و الرواق إلا و نظرت فيه فلم أر له أثرا أبدا ثم انتبهت و جعلت أتأسف على عدم التنبه لما شاهدته من كراماته و آياته من انقيادي لأمره مع ما كان لي من الأمر المهم في بغداد و من تسميته إياي مع أني لم أكن رأيته و لا عرفته و لما خطر في قلبي أن أدفع إليه شيئا من حق الإمام ع و ذكرت لي أني راجعت في ذلك المجتهد الفلاني لأدفع إلى السادة بإذنه قال لي ابتداء منه نعم و أوصلت بعض حقنا إلى وكلائنا في النجف الأشرف.
ثم تذكرت أني مشيت معه بجنب نهر جار تحت أشجار مزهرة متدلية على رءوسنا و أين طريق بغداد و ظل الأشجار الزاهرة في ذلك التأريخ و ذكرت أيضا أنه سمي خليطي في سفر زيارة مولانا الرضا باسمه و وصفه بالعبد الصالح و بشرني
بقبول زيارته و زيارتي ثم إنه أعرض بوجهه الشريف عند سؤالي إياه عن حال جماعة من أهل بغداد من السوقة كانوا معنا في طريق الزيارة و كنت أعرفهم بسوء العمل مع أنه ليس من أهل بغداد و لا كان مطلعا على أحوالهم لو لا أنه من أهل بيت النبوة و الولاية ينظر إلى الغيب من وراء ستر رقيق.
و مما أفادني اليقين بأنه المهدي ع أنه لما سلم على أهل العصمة ع في مقام طلب الإذن و وصل السلام إلى مولانا الإمام العسكري التفت إلي و قال لي أنت ما تقول إذا وصلت إلى هنا فقلت أقول السلام عليك يا حجة الله يا صاحب الزمان فتبسم و دخل الروضة المقدسة ثم افتقادي إياه و هو في صلاة الزيارة لما عزمت على تكليفه بأن أقوم بخدمته و ضيافته تلك الليلة إلى غير ذلك مما أفادني القطع بأنه هو الإمام الثاني عشر صلوات الله عليه و على آبائه الطاهرين وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و ينبغي أن يعلم أن هذا الرجل و الرجل المتقدم ذكره في القصة السابقة هما من السوقة و قد حدثاني بهذين الحديثين باللغة المصحفة التي هي لسان أهل هذا الزمان فاللفظ مني مع المحافظة التامة على المعنى فهو حديث بالمعنى و كتب أقل أهل العلم محمد بن أحمد بن الحسن الحسيني الكاظمي مسكنا.
قلت ثم سألته أيده الله تعالى عن اسمه و حدثني غيره أيضا أن اسمه الحاج علي البغدادي و هو من التجار و أغلب تجارته في طرف جدة و مكة و ما والاها بطريق المكاتبة و حدثني جماعة من أهل العلم و التقوى من سكنة بلدة الكاظم ع بأن الرجل من أهل الصلاح و الديانة و الورع و المواظبين على أداء الأخماس و الحقوق و هو في هذا التأريخ طاعن في السن 5949 أحسن الله عاقبته.
* « (فائدتان مهمتان)»*
الفائدة الاولى [في توجيه التوقيه الّذي خرج من صاحب الدار عليه السّلام إلى عليّ بن محمّد السمريّ بأنّ من ادّعى الرؤية في الغيبة الكبرى فهو كاذب]
روى الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن الحسن بن أحمد المكتب و الطبرسي في الاحتجاج مرسلا أنه خرج التوقيع إلى أبي الحسن السمري.
يا علي بن محمد السمري اسمع أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك و ما بين ستة أيام فاجمع أمرك و لا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره و ذلك بعد الأمد و قسوة القلوب و امتلاء الأرض جورا و سيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني و الصيحة فهو كذاب مفتر و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم 5950 ..
و هذا الخبر بظاهره ينافي الحكايات السابقة و غيرها مما هو مذكور في البحار و الجواب عنه من وجوه.
الأول أنه خبر واحد مرسل غير موجب علما فلا يعارض تلك الوقائع و القصص التي يحصل القطع عن مجموعها بل و من بعضها المتضمن لكرامات و مفاخر لا يمكن صدورها من غيره ع فكيف يجوز الإعراض عنها لوجود خبر ضعيف لم يعمل به ناقله و هو الشيخ في الكتاب المذكور كما يأتي كلامه فيه فكيف بغيره و العلماء الأعلام تلقوها بالقبول و ذكروها في زبرهم و تصانيفهم معولين عليها معتنين بها.
الثاني ما ذكره في البحار بعد ذكر الخبر المزبور ما لفظه لعله محمول على من يدعي المشاهدة مع النيابة و إيصال الأخبار من جانبه إلى الشيعة على مثال السفراء لئلا ينافي الأخبار التي مضت و سيأتي فيمن رآه ع و الله يعلم 5951 .
الثالث
ما يظهر من قصة الجزيرة الخضراء قال الشيخ الفاضل علي بن فاضل المازندراني فقلت للسيد شمس الدين محمد و هو العقب السادس من أولاده ع يا سيدي قد روينا عن مشايخنا أحاديث رويت عن صاحب الأمر ع أنه قال لما أمر بالغيبة الكبرى من رآني بعد غيبتي فقد كذب فكيف فيكم من يراه فقال صدقت إنه ع إنما قال ذلك في ذلك الزمان لكثرة أعدائه من أهل بيته و غيرهم من فراعنة بني العباس حتى أن الشيعة يمنع بعضها بعضا عن التحدث بذكره و في هذا الزمان تطاولت المدة و أيس منه الأعداء و بلادنا نائية عنهم و عن ظلمهم و عنائهم الحكاية 5952 ..
و هذا الوجه كما ترى يجري في كثير من بلاد أوليائه ع.
الرابع ما ذكره العلامة الطباطبائي في رجاله في ترجمة الشيخ المفيد بعد ذكر التوقيعات 5953 المشهورة الصادرة منه ع في حقه ما لفظه و قد يشكل أمر هذا التوقيع بوقوعه في الغيبة الكبرى مع جهالة المبلغ و دعواه المشاهدة المنافية بعد الغيبة الصغرى و يمكن دفعه باحتمال حصول العلم بمقتضى القرائن و اشتمال التوقيع على الملاحم و الإخبار عن الغيب الذي لا يطلع عليه إلا الله و أولياؤه بإظهاره لهم و أن المشاهدة المنفية أن يشاهد الإمام ع و يعلم أنه الحجة ع حال مشاهدته له و لم يعلم من المبلغ ادعاؤه لذلك.
و قال رحمه الله في فوائده في مسألة الإجماع بعد اشتراط دخول كل من
لا نعرفه و ربما يحصل لبعض حفظة الأسرار من العلماء الأبرار العلم بقول الإمام ع بعينه على وجه لا ينافي امتناع الرؤية في مدة الغيبة فلا يسعه التصريح بنسبة القول إليه ع فيبرزه في صورة الإجماع جمعا بين الأمر بإظهار الحق و النهي عن إذاعة مثله بقول مطلق انتهى.
و يمكن أن يكون نظره في هذا الكلام إلى الوجه الآتي.
الخامس ما ذكره رحمه الله فيه أيضا بقوله و قد يمنع أيضا امتناعه في شأن الخواص و إن اقتضاه ظاهر النصوص بشهادة الاعتبار و دلالة بعض الآثار و لعل مراده بالآثار الوقائع المذكورة هنا و في البحار أو خصوص
ما رواه الكليني في الكافي و النعماني في غيبته و الشيخ في غيبته بأسانيدهم المعتبرة عن أبي عبد الله ع أنه قال لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة و لا بد له في غيبته من عزله و ما بثلاثين من وحشة 5954 .
و ظاهر الخبر كما صرح به شراح الأحاديث أنه ع يستأنس بثلاثين من أوليائه في غيبته و قيل إن المراد أنه على هيئة من سنة ثلاثون أبدا و ما في هذا السن وحشة و هذا المعنى بمكان من البعد و الغرابة و هذه الثلاثون الذين يستأنس بهم الإمام ع في غيبته لا بد أن يتبادلوا في كل قرن إذ لم يقدر لهم من العمر ما قدر لسيدهم ع ففي كل عصر يوجد ثلاثون مؤمنا وليا يتشرفون بلقائه.
وَ فِي خَبَرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ الْأَهْوَازِيِّ الْمَرْوِيِّ فِي إِكْمَالِ الدِّينِ وَ غَيْبَةِ الشَّيْخِ 5955 وَ مُسْنَدِ فَاطِمَةَ ع لِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَ فِي لَفْظِ الْأَخِيرِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ الْفَتَى الَّذِي لَقِيَهُ عِنْدَ بَابِ الْكَعْبَةِ وَ أَوْصَلَهُ إِلَى الْإِمَامِ ع مَا الَّذِي تُرِيدُ يَا أَبَا الْحَسَنِ قَالَ الْإِمَامَ الْمَحْجُوبَ عَنِ الْعَالِمِ قَالَ مَا هُوَ مَحْجُوبٌ عَنْكُمْ وَ لَكِنْ حَجَبَهُ سُوءُ أَعْمَالِكُمْ الْخَبَرَ.
و فيه إشارة إلى أن من ليس له عمل سوء فلا شيء يحجبه عن إمامه ع و هو من الأوتاد أو من الأبدال في الكلام المتقدم عن الكفعمي رحمه الله.
و قال المحقق الكاظمي في أقسام الإجماع الذي استخرجه من مطاوي كلمات العلماء و فحاوي عباراتهم غير الإجماع المصطلح المعروف و ثالثها أن يحصل لأحد من سفراء الإمام الغائب عجل الله فرجه و صلى عليه العلم بقوله إما بنقل مثله له سرا أو بتوقيع أو مكاتبة أو بالسماع منه شفاها على وجه لا ينافي امتناع الرؤية في زمن الغيبة و يحصل ذلك لبعض حملة أسرارهم و لا يمكنهم التصريح بما اطلع عليه و الإعلان بنسبة القول إليه و الاتكال في إبراز المدعى على غير الإجماع من الأدلة الشرعية لفقدها.
و حينئذ فيجوز له إذا لم يكن مأمورا بالإخفاء أو كان مأمورا بالإظهار لا على وجه الإفشاء أن يبرزه لغيره في مقام الاحتجاج بصورة الإجماع خوفا من الضياع و جمعا بين امتثال الأمر بإظهار الحق بقدر الإمكان و امتثال النهي عن إذاعة مثله لغير أهله من أبناء الزمان و لا ريب في كونه حجة إما لنفسه فلعلمه بقول الإمام ع و إما لغيره فلكشفه عن قول الإمام ع أيضا غاية ما هناك أنه يستكشف قول الإمام ع بطريق غير ثابت و لا ضير فيه بعد حصول الوصول إلى ما أنيط به حجية الإجماع و لصحة هذا الوجه و إمكانه شواهد تدل عليه.