کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ الحمرة التي ترى في أفق المغرب وَ اللَّيْلِ وَ ما وَسَقَ و ما جمعه و ستره من الدواب و غيرها وَ الْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ اجتمع و تم بدرا لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ حالا بعد حال مطابقة لأختها في الشدة أو مراتب من الشدة بعد المراتب و هي الموت و أهوال القيامة أو هي و ما قبلها من الدواهي على أنه جمع طبقة لا يَسْجُدُونَ أي لا يخضعون أو لا يسجدون لقراءة آية السجدة 5800 .
بِما يُوعُونَ أي يضمرون في صدورهم من الكفر و العداوة غَيْرُ مَمْنُونٍ أي مقطوع أو ممنون به عليهم 5801 وَ السَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ ترجع في كل دورة إلى الموضع الذي تحركت عنه و قيل الرجع المطر وَ الْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ ما يتصدع عنه الأرض من النبات أو الشق بالنبات و العيون إِنَّهُ إن القرآن لَقَوْلٌ فَصْلٌ فاصل بين الحق و الباطل أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً إمهالا يسيرا 5802 لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ بمتسلط 5803 .
و قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً أي أهلكت مالا كثيرا 5804 في عداوة النبي ص يفتخر بذلك و قيل هو الحارث بن عامر بن نوفل و ذلك أنه أذنب ذنبا فاستفتى النبي ص فأمره أن يكفر فقال لقد ذهب مالي في الكفارات و النفقات منذ دخلت في دين محمد ص أَ يَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ فيطالبه من أين اكتسبه و فيما أنفقه و قيل إنه كان كاذبا لم ينفق ما قاله 5805 .
إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى أي لئن رأى نفسه مستغنية عن ربه بعشيرته و أمواله و قوته قيل إنها نزلت في أبي جهل بن هشام من هنا إلى آخر
السورة إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى أي إلى الله مرجع كل أحد أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى
روي أن أبا جهل قال هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم قالوا نعم قال فبالذي يحلف به لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته فقيل له ها هو ذلك يصلي فانطلق ليطأ على رقبته فما فاجأهم إلا و هو ينكص على عقبيه و يتقي بيديه فقالوا ما لك يا أبا الحكم قال إن بيني و بينه خندقا من نار و هولا و أجنحة و قال نبي الله و الذي نفسي بيده لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا فأنزل الله سبحانه أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى إلى آخر السورة.
أَ رَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى يعني محمدا ص أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى أي بالإخلاص و التوحيد و مخافة الله تعالى و هاهنا حذف تقديره كيف يكون حال من ينهاه عن الصلاة أَ رَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ أي أبو جهل وَ تَوَلَّى عن الإيمان 5806 . 5807
قال البيضاوي في قوله تعالى لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ اليهود و النصارى فإنهم كفروا بالإلحاد في صفات الله وَ الْمُشْرِكِينَ و عبدة الأصنام مُنْفَكِّينَ عما كانوا عليه من دينهم أو الوعد باتباع الحق إذا جاءهم الرسول حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ الرسول أو القرآن فإنه مبين للحق رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ بدل من الْبَيِّنَةُ بنفسه أو بتقدير مضاف أو مبتدأ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً صفته أو خبره فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ مكتوبات مستقيمة وَ ما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ عما كانوا عليه بأن آمن بعضهم أو تردد في دينه أو عن وعدهم بالإصرار على الكفر إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ وَ ما أُمِرُوا أي في كتبهم بما فيها إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لا يشركون حُنَفاءَ مائلين عن العقائد الزائغة وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَ يُؤْتُوا الزَّكاةَ و لكنهم حرفوه فعصوا وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ أي دين الملة القيمة 5808 .
أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ بالجزاء أو الإسلام فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ يدفعه دفعا عنيفا و هو أبو جهل كان وصيا ليتيم فجاءه عريانا يسأله من مال نفسه فدفعه
أو أبو سفيان نحر جزورا فسأله يتيم لحما فقرعه بعصاه أو الوليد بن المغيرة أو منافق بخيل 5809 .
- و قال الطبرسي رحمه الله نزلت سورة الجحد في نفر من قريش منهم الحارث بن قيس السهمي و العاص بن وائل و الوليد بن المغيرة و الأسود بن عبد يغوث و الأسود بن المطلب بن أسد و أمية بن خلف قالوا هلم يا محمد فاتبع ديننا و نتبع دينك و نشركك في أمرنا كله تعبد آلهتنا سنة و نعبد إلهك سنة فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا كنا قد شركناك فيه و أخذنا بحظنا منه و إن كان الذي بأيدينا خيرا مما في يديك كنت قد شركتنا في أمرنا و أخذت بحظك منه فقال معاذ الله أن أشرك به غيره قالوا فاستلم بعض آلهتنا نصدقك و نعبد إلهك فقال حتى أنظر ما يأتي من عند ربي فنزل قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ السورة فعدل رسول الله ص إلى المسجد الحرام و فيه الملأ من قريش فقام على رءوسهم ثم قرأ عليهم حتى فرغ من السورة فآيسوا عند ذلك و آذوه و آذوا أصحابه.
قال ابن عباس و فيهم نزل قوله أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ يريد قوما معينين لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ أي لا أعبد آلهتكم التي تعبدونها اليوم و في هذه الحال وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ أي إلهي الذي أعبده اليوم و في هذه الحال وَ لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ فيما بعد اليوم وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ فيما بعد اليوم من الأوقات المستقبلة و قيل أيضا في وجه التكرار إن القرآن نزل بلغة العرب و من عادتهم تكرير الكلام للتأكيد و الإفهام و قيل أيضا في ذلك إن المعنى لا أعبد الأصنام التي تعبدونها و لا أنتم عابدون الله الذي أنا عابده إذا أشركتم به و اتخذتم الأصنام و غيرها تعبدونها من دونه و إنما يعبد الله من أخلص العبادة له وَ لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ أي لا أعبد عبادتكم فتكون ما مصدرية وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ أي و ما تعبدون عبادتي فأراد في الأول المعبود و في الثاني العبادة لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ أي لكم جزاء دينكم و لي جزاء ديني فحذف المضاف أو لكم كفركم بالله
و لي دين التوحيد و الإخلاص على الوعيد و التهديد كقوله اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ أو المراد بالدين الجزاء 5810 .
[ما ورد عن المعصومين عليهم السلام في تفسير آيات الباب]
أقول: أكثر آيات القرآن الكريم مسوقة للاحتجاج و إنما اقتصرنا على ما أوردنا لكونها أظهر فيه مع أنا قد أوردنا كثيرا منها في كتاب التوحيد و كتاب العدل و المعاد و سيأتي بعضها مع تفسير كثير مما أوردنا هاهنا في كتاب أحوال نبينا ص.
1- م، تفسير الإمام عليه السلام الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ قَالَ الْإِمَامُ ع كَذَّبَتْ قُرَيْشٌ وَ الْيَهُودُ بِالْقُرْآنِ وَ قَالُوا سِحْرٌ مُبِينٌ تَقَوَّلَهُ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ الم ذلِكَ الْكِتابُ أَيْ يَا مُحَمَّدُ هَذَا الْكِتَابُ الَّذِي أَنْزَلْتُهُ عَلَيْكَ وَ هُوَ بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ الَّتِي مِنْهَا أَلِفٌ وَ لَامٌ وَ مِيمٌ وَ هُوَ بِلُغَتِكُمْ وَ حُرُوفِ هِجَائِكُمْ فَأْتُوْا بِمِثْلِهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَاسْتَعِينُوا عَلَى ذَلِكَ بِسَائِرِ شُهَدَائِكُمْ ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى الم هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي افْتُتِحَ بِالم هُوَ ذلِكَ الْكِتابُ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ مُوسَى وَ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَ أَخْبَرُوا بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي سَأُنْزِلُهُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ كِتَاباً عَرَبِيّاً عَزِيزاً لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ لا رَيْبَ فِيهِ لَا شَكَّ فِيهِ لِظُهُورِهِ عِنْدَهُمْ كَمَا أَخْبَرَهُمْ أَنْبِيَاؤُهُمْ أَنَّ مُحَمَّداً ص يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ يَقْرَؤُهُ هُوَ وَ أُمَّتُهُ عَلَى سَائِرِ أَحْوَالِهِمْ 5811 .
2- م، تفسير الإمام عليه السلام إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ الْآيَةَ قَالَ الْإِمَامُ ع لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَدَحَهُمْ ذَكَرَ الْمُنَافِقِينَ الْمُخَالِفِينَ لَهُمْ فِي كُفْرِهِمْ فَقَالَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ بِمَا آمَنَ بِهِ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ بِوَصِيِّةِ عَلِيٍّ ع وَلِيِّ اللَّهِ وَ وَصِيِّ رَسُولِهِ وَ بِالْأَئِمَّةِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ خِيَارِ عِبَادِهِ الْمَيَامِينَ الْقَوَّامِينَ بِمَصَالِحِ خَلْقِ اللَّهِ سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ خَوَّفْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَمْ تُخَوِّفْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ أَخْبَرَ عَنْ عِلْمِهِ فِيهِمْ وَ هُمُ الَّذِينَ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ ع إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَ ظَهَرَتْ آثَارُ صِدْقِهِ وَ آيَاتُ حَقِّيَّتَهِ وَ بَيِّنَاتُ نُبُوَّتِهِ كَادَتِ الْيَهُودُ أَشَدَّ كَيْدٍ وَ قَصَدُوهُ أَقْبَحَ قَصْدٍ يَقْصِدُونَ أَنْوَارَهُ لِيَطْمِسُوهَا وَ حُجَّتَهُ لِيُبْطِلُوهَا فَكَانَ مِمَّنْ قَصَدَهُ لِلرَّدِّ عَلَيْهِ وَ تَكْذِيبِهِ مَالِكُ بْنُ الصَّيْفِ وَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ وَ حدي [جُدَيُ] بْنُ أَخْطَبَ وَ أَبُو يَاسِرِ بْنُ أَخْطَبَ وَ أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ 5812 فَقَالَ مَالِكٌ لِرَسُولِ اللَّهِ ص يَا مُحَمَّدُ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص كَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ خَالِقُ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ قَالَ يَا مُحَمَّدُ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ أَنَّكَ رَسُولُهُ حَتَّى يُؤْمِنَ لَكَ هَذَا الْبِسَاطُ الَّذِي تَحْتِي إِلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي فِي أَبْوَابِ مُعْجِزَاتِهِ ص خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ الْآيَةَ قَالَ ع أَيْ وَسَمَهَا بِسِمَةٍ يَعْرِفُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ مَلَائِكَتِهِ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا بِأَنَّهُمُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ وَ عَلى سَمْعِهِمْ وَ عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا أَعْرَضُوا عَنِ النَّظَرِ فِيمَا كُلِّفُوهُ وَ قَصَّرُوا فِيمَا أُرِيدَ مِنْهُمْ جَهِلُوا مَا لَزِمَهُمُ الْإِيمَانُ بِهِ فَصَارُوا كَمَنْ عَلَى عَيْنَيْهِ غِطَاءٌ لَا يُبْصِرُ مَا أَمَامَهُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَتَعَالَى عَنِ الْعَبَثِ وَ الْفَسَادِ وَ عَنْ مُطَالَبَةِ الْعِبَادِ بِمَا قَدْ مَنَعَهُمْ بِالْقَهْرِ مِنْهُ فَلَا يَأْمُرُهُمْ بَمُغَالَبَتِهِ وَ لَا بِالْمَسِيرِ إِلَى مَا قَدْ صَدَّهُمْ بِالْعَجْزِ عَنْهُ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ يَعْنِي فِي الْآخِرَةِ الْعَذَابَ الْمُعَدَّ لِلْكَافِرِينَ وَ فِي الدُّنْيَا أَيْضاً لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَصْلِحَهُ بِمَا يَنْزِلُ بِهِ مِنْ عَذَابِ الِاسْتِصْلَاحِ لِيُنَبِّهَهُ لِطَاعَتِهِ أَوْ مِنْ عَذَابِ الِاصْطِلَامِ لِيُصَيِّرَهُ إِلَى عَدْلِهِ وَ حِكْمَتِهِ 5813 .
3- فس، تفسير القمي وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مُنَافِقِينَ أَظْهَرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ص الْإِسْلَامَ وَ كَانُوا إِذَا رَأَوُا الْكُفَّارَ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ وَ إِذَا لَقُوا الْمُؤْمِنِينَ قَالُوا نَحْنُ مُؤْمِنُونَ وَ كَانُوا يَقُولُونَ لِلْكُفَّارِ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ
يَعْمَهُونَ وَ الِاسْتِهْزَاءُ مِنَ اللَّهِ هُوَ الْعَذَابُ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ أَيْ يَدَعُهُمْ أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى الضَّلَالَةُ هَاهُنَا الْحَيْرَةُ وَ الْهُدَى الْبَيَانُ وَ اخْتَارُوا الْحَيْرَةَ وَ الضَّلَالَةَ عَلَى الْبَيَانِ وَ ادْعُوا شُهَداءَكُمْ يَعْنِي الَّذِينَ عَبَدُوهُمْ وَ أَطَاعُوهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ 5814 .
4- م، تفسير الإمام عليه السلام وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا الْآيَةَ قَالَ الْعَالِمُ ع فَلَمَّا ضَرَبَ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلْكَافِرِينَ الْمُجَاهِدِينَ الدَّافِعِينَ لِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ص وَ الْمُنَاصِبِينَ الْمُنَافِقِينَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص الدَّافِعِينَ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ ص فِي أَخِيهِ عَلِيٍّ ع وَ الدَّافِعِينَ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَهُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ هِيَ آيَاتُ مُحَمَّدٍ ص وَ مُعْجِزَاتُهُ لِمُحَمَّدٍ ص مُضَافَةً إِلَى آيَاتِهِ الَّتِي بَيَّنَهَا لِعَلِيٍّ ع بِمَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ وَ لَمْ يَزْدَادُوا إِلَّا عُتُوّاً وَ طُغْيَاناً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِمَرَدَةِ أَهْلِ مَكَّةَ وَ عُتَاةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا حَتَّى تَجْحَدُوا أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ رَسُولَ اللَّهِ وَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُنَزَّلُ عَلَيْهِ كَلَامِي مَعَ إِظْهَارِي عَلَيْهِ بِمَكَّةَ الْبَاهِرَاتِ مِنَ الْآيَاتِ كَالْغَمَامَةِ الَّتِي كَانَ يُظِلُّهُ بِهَا فِي أَسْفَارِهِ وَ الْجَمَادَاتِ الَّتِي كَانَتْ تُسَلِّمُ عَلَيْهِ مِنَ الْجِبَالِ وَ الصُّخُورِ وَ الْأَحْجَارِ وَ الْأَشْجَارِ وَ كَدِفَاعِهِ قَاصِدِيهِ بِالْقَتْلِ عَنْهُ وَ قَتْلِهِ إِيَّاهُمْ وَ كَالشَّجَرَتَيْنِ الْمُتَبَاعِدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَلَاصَقَتَا فَقَعَدَ خَلْفَهُمَا لِحَاجَتِهِ ثُمَّ تَرَاجَعَتَا إِلَى أَمْكِنَتِهِمَا 5815 كَمَا كَانَتَا وَ كَدُعَائِهِ لِلشَّجَرَةِ فَجَاءَتْهُ مُجِيبَةً خَاضِعَةً ذَلِيلَةً ثُمَّ أَمْرِهِ لَهَا بِالرُّجُوعِ فَرَجَعَتْ سَامِعَةً مُطِيعَةً قَالَ يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ وَ الْيَهُودِ وَ يَا مَعَاشِرَ النَّوَاصِبِ الْمُنْتَحِلِينَ لِلْإِسْلَامِ الَّذِينَ هُمْ مِنْهُ بُرَآءُ وَ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ الْفُصَحَاءَ الْبُلَغَاءَ ذَوِي الْأَلْسُنِ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ مِنْ مِثْلِ مُحَمَّدٍ ص مِنْ مِثْلِ رَجُلٍ مِنْكُمْ لَا يَقْرَأُ وَ لَا يَكْتُبُ وَ لَمْ يَدْرُسْ كِتَاباً وَ لَا اخْتَلَفَ إِلَى عَالِمٍ وَ لَا تَعَلَّمَ مِنْ أَحَدٍ وَ أَنْتُمْ تَعْرِفُونَهُ فِي أَسْفَارِهِ وَ فِي حَضَرِهِ بَقِيَ كَذَلِكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْعِلْمِ حَتَّى عَلِمَ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ