کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
يَا مَعْشَرَ النَّاسِ: أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِحَاجِبِي الضَّلَالَةِ، تَبْدُو مَخَازِيهَا فِي آخِرِ الزَّمَانِ 5750 .
وَ عَنْ أَبِي عَقِيلٍ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: اخْتَلَفَتِ النَّصَارَى عَلَى كَذَا وَ كَذَا، وَ اخْتَلَفَتِ الْيَهُودُ عَلَى كَذَا وَ كَذَا، وَ لَا أَرَاكُمْ أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ إِلَّا سَتَخْتَلِفُونَ كَمَا اخْتَلَفُوا، وَ تَزِيدُونَ عَلَيْهِمْ فِرْقَةً، أَلَا وَ إِنَّ الْفِرَقَ كُلَّهَا ضَالَّةٌ إِلَّا أَنَا وَ مَنْ تَبِعَنِي 5751 .
وَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ: يَرِدُ عَلَيَّ أَهْلُ بَيْتِي وَ مَنْ أَحَبَّهُمْ مِنْ أُمَّتِي هَكَذَا وَ قَرَنَ بَيْنَ السَّبَّابَتَيْنِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا فَضْلٌ 5752 .
وَ عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ عَنْ رَجُلٍ قَدْ سَمَّاهُ قَالَ: دَخَلُوا عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ فِي الرَّحْبَةِ وَ هُوَ عَلَى سَرِيرٍ قَصِيرٍ [فَ] قَالَ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالُوا:
حُبُّكَ وَ حَدِيثُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: وَ اللَّهِ؟ قَالُوا: وَ اللَّهِ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ مَنْ أَحَبَّنِي يَرَانِي حَيْثُ يُحِبُّ أَنْ يَرَانِي، وَ مَنْ أَبْغَضَنِي رَآنِي حَيْثُ يُبْغِضُ أَنْ يَرَانِي.
ثُمَّ قَالَ: مَا عَبَدَ اللَّهَ أَحَدٌ قَبْلِي مَعَ نَبِيِّهِ، إِنَّ أَبَا طَالِبٍ هَجَمَ عَلَيَّ وَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَنَا وَ هُوَ سَاجِدَانِ ثُمَّ قَالَ: أَ فَعَمِلْتُمُوهَا؟ فَأَخَذَ يَحُثُّنِي
عَلَى نُصْرَتِهِ وَ عَلَى مَعُونَتِهِ 5753 .
وَ عَنْ حَبَّةَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَوْ صُمْتَ الدَّهْرَ كُلَّهُ وَ قُمْتَ اللَّيْلَ كُلَّهُ، وَ قُتِلْتَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَ الْمَقَامِ، بَعَثَكَ اللَّهُ مَعَ هَوَاكَ بَالِغاً مَا بَلَغَ، إِنْ فِي جَنَّةٍ فَفِي جَنَّةٍ، وَ إِنْ فِي نَارٍ فَفِي نَارٍ 5754 .
وَ قَالَ [عَلَيْهِ السَّلَامُ]: مَنْ أَحَبَّ أَهْلَ الْبَيْتِ فَلْيَسْتَعِدَّ عُدَّةً لِلْبَلَاءِ.
وَ قَالَ [عَلَيْهِ السَّلَامُ]: يَهْلِكُ فِيَّ مُحِبٌّ مُفْرِطٌ، وَ مُبْغِضٌ مُفْتَرٍ.
وَ قَالَ [عَلَيْهِ السَّلَامُ]: يَهْلِكُ فِيَّ ثَلَاثَةٌ وَ يَنْجُو فِيَّ ثَلَاثَةٌ: يَهْلِكُ اللَّاعِنُ، وَ الْمُسْتَمِعُ الْمُقِرُّ، وَ الْحَامِلُ لِلْوِزْرِ، وَ [هُوَ] الْمَلِكُ الْمُتْرَفُ [الَّذِي] يُتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِلَعْنِي، وَ يُبْرَأُ عِنْدَهُ مِنْ دِينِي، وَ يُنْتَقَصُ عِنْدَهُ حَسَبِي، وَ إِنَّمَا حَسَبِي حَسَبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ دِينِي دِينُهُ.
وَ يَنْجُو فِيَّ ثَلَاثَةٌ: الْمُحِبُّ الْمُوَالِي، وَ الْمُعَادِي مَنْ عَادَانِي، وَ الْمُحِبُّ مَنْ أَحَبَّنِي، فَإِذَا أَحَبَّنِي عَبْدٌ أَحَبَّ مُحِبِّي وَ أَبْغَضَ مُبْغِضِي وَ شَايَعَنِي، فَلْيَمْتَحِنِ الرَّجُلُ قَلْبَهُ، إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ فَيُحِبَّ بِهَذَا وَ يُبْغِضَ بِهَذَا، فَمَنْ أَشْرَبَ قَلْبَهُ حُبَّ غَيْرِنَا فَأَلَّبَ عَلَيْنَا فَلْيَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَدُوُّهُ وَ جِبْرِيلَ وَ مِيكَالَ، فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ 5755 .
وَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ نَاجِدٍ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: دَعَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ لِي: يَا عَلِيُّ إِنَّ فِيكَ مِنْ عِيسَى مَثَلًا، أَبْغَضَتْهُ الْيَهُودُ حَتَّى بَهَتُوا أُمَّهُ، وَ أَحَبَّتْهُ النَّصَارَى حَتَّى أَنْزَلُوهُ بِالْمَنْزِلَةِ الَّتِي لَيْسَتْ لَهُ 5756 .
وَ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّهُ يَهْلِكُ فِيَّ مُحِبٌّ مُطْرٍ يُقَرِّظُنِي بِمَا لَيْسَ فِيَّ، وَ مُبْغِضٌ مُفْتَرٍ يَحْمِلُهُ شَنَآنِي عَلَى أَنْ يَبْهَتَنِي.
أَلَا وَ إِنِّي لَسْتُ نَبِيّاً وَ لَا يُوحَى إِلَيَّ، وَ لَكِنْ أَعْمَلُ بِكِتَابِ اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتُ، فَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ مِنْ طَاعَةٍ فَحَقٌّ عَلَيْكُمْ طَاعَتِي فِيمَا أَحْبَبْتُمْ وَ فِيمَا كَرِهْتُمْ، وَ مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ أَوْ غَيْرِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلَا طَاعَةَ فِي الْمَعْصِيَةِ، الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ [قَالَهَا] ثَلَاثاً 5757 .
1196- 1198- ما: الْمُفِيدُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجُمْهُورِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْمُفِيدِ الْجَرْجَرَائِيِّ عَنْ أَبِي الدُّنْيَا الْمُعَمَّرِ الْمَغْرِبِيِّ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: عَهِدَ إِلَيَّ مَوْلَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ لَا يُحِبُّنِي إِلَّا
مُؤْمِنٌ، وَ لَا يُبْغِضُنِي إِلَّا مُنَافِقٌ زِنْدِيقٌ 5758 .
وَ بِالْإِسْنَادِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يَجْعَلَهَا أُذُنَكَ يَا عَلِيُ 5759 .
وَ بِالْإِسْنَادِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: مَا رَمِدَتْ عَيْنِي وَ لَا صَدَعْتُ مُنْذُ سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَيَّ رَايَةَ خَيْبَرَ 5760 .
فائدة مهمّة شافية وافية في دفع شبه الفرقة الطاغية الغاوية
اعلم [أنّه] قد اختلف المسلمون في أنّه هل كان يسوغ للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله الاجتهاد فيما لا نص فيه أم لا؟
ثمّ على تقدير الجواز، هل كان مقصورا على أمور الدنيا و ما لا تعلّق لها بالدين؟ أم يتعدّى إلى غيرها؟ و على تقدير التعدّي، هل يخصّ الحروب أم يتجاوزها؟
ثمّ القائلون بالجواز اختلفوا في الوقوع، فأثبته طائفة و منعه آخرون و توقّف قوم.
ثمّ القائلون بالوقوع، اختلفوا في أنّه هل كان يجوز عليه الخطأ في
الاجتهاد أم لا؟ و على الجواز، هل يقرّ على خطئه أم يردّ عنه؟
فذهب إلى كلّ فريق إلّا إقراره على الخطإ، فإنّ الظاهر من كلامهم أنّه لم يقل به أحد و جعلوا ردّه عن الخطإ وجه الفرق بينه و بين سائر المجتهدين.
و قد ادّعى العلّامة في شرحه لمختصر ابن الحاجب الإجماع على أنّه لا يقرّ على الخطإ، و يظهر من كلام الآمدي و بعض شرّاح صحيح مسلم أيضا ذلك.
فاختار الجبّائي و أبو هاشم أنّه [صلّى اللّه عليه و آله] لم يتعبّد في الشّرعيّات بالاجتهاد، و لم يقع منه فيها، و كان متعبّدا به في الحروب.
و حكي عن الشافعي و أحمد بن حنبل و أبي يوسف تعبّده به مطلقا.
و ذهبت طائفة و منهم القاضي عبد الجبّار و أبو الحسين البصري إلى أنّه يجوز ذلك من غير قطع به.
و نفاه أصحابنا قاطبة رضوان اللّه عليهم رأسا، و لم يجوّزوه في أمور الدين و الدّنيا أصلا.
ثمّ لا يخفى أنّ جواز الاجتهاد و وقوعه منه صلّى اللّه عليه و آله لا يستلزم جواز مخالفته، إذ يجوز أن يكون في أحكامه ما أدّى إليه اجتهاده، و مع ذلك لا يجوز لأحد خلافه لإيجاب اللّه تعالى طاعته مطلقا.
و نظير ذلك أنّ الأمّة يجوز أن تجتمع على حكم بالاجتهاد، و مع ذلك لا يسع أحد مخالفتها أصلا عندهم، و المجتهد في فروع الأحكام يحكم باجتهاده و لا يسوغ لمقلّده مخالفته، و إن جاز عليه الخطأ في حكمه.
و لمّا كان المعقل الحصين للمخالفين في دفع المطاعن عن أئمّتهم المضلين التّمسّك بجواز مخالفة الرسول الأمين عليه السلام، كما فعلوا ذلك في مخالفتهم له في تجهيز جيش أسامة و غيرها، أردنا أن نختم هذا المجلّد المشتمل على
مطاعنهم بما يدلّ على فساد أحد الأمرين: أعني جواز الاجتهاد عليه صلّى اللّه عليه و آله، أو وقوعه منه، و جواز مخالفته في شيء من أحكامه و إن كان عن اجتهاد، لاستلزام كلّ منهما ما هو المقصود، و التوكّل في جميع الأمور على الربّ الودود.
فنقول: يدلّ على ذلك وجوه:
الأوّل قوله تعالى: وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى نفى سبحانه كون نطقه صلّى اللّه عليه و آله عن الهوى، و حصره في كونه وحيا، و لو كان بعض أقواله عن اجتهاد لما صحّ الحصر.
و لو قلنا بكون الهوى متناولا للاجتهاد بقرينة المقابلة، لاقتضائها كون المراد بالهوى ما ليس بوحي و الاجتهاد ليس بوحي لدلّ الجزء الأوّل على المدّعى أيضا.
و أورد عليه بأنّ المراد بالآية نفي ما كانوا يقولونه في القرآن أنّه افتراه، فانتفى العموم، و لئن سلّمنا فلا نسلّم أنّه ينفي الاجتهاد؛ لأنّه إذا كان متعبّدا بالاجتهاد بالوحي، لم يكن نطقه عن الهوى، بل كان قولا عن الوحي.
و الجواب عن الأوّل: أنّ الآية غير معلوم نزولها في ردّ قولهم المذكور، فلا يجوز تخصيص القرآن به، و إنّما يجوز [التخصيص] بالمعلوم و ما في حكمه، و لو سلّم فخصوص السّبب لا يخصّص العموم كما هو المشهور، و لا دليل من الخارج على التخصيص.
و عن الثاني من وجوه.
منها: أنّهم يقابلون الوحي بالاجتهاد في كثير من كلامهم.
و منها: أنّ الوحي هو الكلام الذي يسمع بسرعة، و ليس الاجتهاد كذلك، و إنما يستند حجّيته إلى الوحي، و المستند إلى الوحي في أمر غير الوحي،
و الدليل عليه صحة التقسيم بأن يقال: أ هو وحي أم مستنبط من الوحي و مستند إليه؟ و قد قال سبحانه: إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى و قد اعترف البيضاوي بما ذكرنا حيث قال بعد نقل الجواب: و فيه نظر؛ لأنّ ذلك حينئذ يكون بالوحي لا الوحي.
و منها: أنّا نخصّص الكلام باجتهاد يجوز فيه الخطأ، و لا ننازع الآن في اجتهاد يؤمن معه الخطأ و لا يجوز مخالفته، و يكون من قبيل القاطع، و لا يتعلّق غرضنا في هذا المقام بأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله هل يقول ما يقوله عن الوحي النازل بخصوص كلّ قول؟ أو يقول من طريق عامّ و يأخذه عن ضابطة كليّة لا يأتيها الباطل من بين يديها و من خلفها؟
فنقول: قال اللّه تبارك و تعالى: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى و قد اتّفق المفسّرون على أنّ الآية مسوقة لنفي الضلال و إثبات الوحي، إنّما هو لنفي الضلال المذكور في الآية، و الضلال لا يختص بالأصول، بل يكون في الفروع في جميع أقسام الأحكام، و إلّا لم يكن لاستدلال القوم على حجيّة الإجماع في الفروع حتّى الحروب و الولايات بما
روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من قوله : «لا تجتمع أمّتي على الضلالة».
و ما يحذو حذوه معنى.
فقد ثبت إذن أنّ الوحي لا يتناول اجتهادا يجوز الخطأ فيه، و إلّا لم يلزم من كونه وحيا نفي الضلال عنه كما هو المقصود، و هذا القدر يكفينا، و يدلّ عليه ما روي أنّه صلّى اللّه عليه و آله نزل منزلا فقيل [له]: إن كان ذلك عن وحي فالسّمع و الطاعة، و إن كان عن رأي فليس ذلك بمنزل مكيدة، و المشهور أنّ المنزل كان ب «بدر»، و القائل [هو] حباب بن المنذر. فدلّ ذلك على أنّ الوحي لا يجوز فيه الخطأ، و قد قرّره النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و لم يسمع بأحد يطعن على قائل هذا القول و يقول: تقسيمه هذا باطل.