کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
وَ ذَهَبُوا إِلَى الصَّوْتِ فَإِذَا الصَّوْتُ مِنْ خَلْفِهِمْ فَيَذْهَبُونَ إِلَيْهِ فَيَسْمَعُونَهُ أَيْضاً مِنْ خَلْفِهِمْ فَانْصَرَفُوا وَ لَمْ يَجِدُوا إِلَيْهِ سَبِيلًا فَذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ 5006 .
بيان: قال الطبرسي بعد ذكر قصة أم جميل قيل كيف يجوز أن لا ترى النبي ص و قد رأت غيره فالجواب أنه يجوز أن يكون قد عكس الله شعاع عينيها أو صلب الهواء فلم ينفذ فيه الشعاع أو فرق الشعاع فلم يتصل بالنبي ص و روي أن النبي قال ما زال ملك يسترني عنها انتهى 5007 .
و زاد الرازي على تلك الوجوه أنه ص لعله أعرض بوجهه عنها و ولاها ظهره ثم إنها لغاية غضبها لم تفتش أو لأن الله ألقى في قلبها خوفا فصار ذلك صارفا لها عن النظر أو أن الله تعالى ألقى شبه إنسان آخر على الرسول ص كما فعل بعيسى ع 5008 .
27- يج، الخرائج و الجرائح مِنْ مُعْجِزَاتِهِ مَا هُوَ مَشْهُورٌ أَنَّهُ خَرَجَ فِي مُتَوَجِّهِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَوَى إِلَى غَارٍ بِقُرْبِ مَكَّةَ تَعْتَوِرُهُ النُّزَّالُ وَ تَأْوِي إِلَيْهِ الرِّعَاءُ فَلَا تَخْلُو مِنْ جَمَاعَةٍ نَازِلِينَ يَسْتَرِيحُونَ فِيهِ فَأَقَامَ ص بِهِ ثَلَاثاً لَا يَطْرُدُهُ بَشَرٌ وَ خَرَجَ الْقَوْمُ فِي أَثَرِهِ وَ صَدَّهُمُ اللَّهُ عَنْهُ بِأَنْ بَعَثَ عَنْكَبُوتاً فَنَسَجَتْ عَلَيْهِ فَآيَسَهُمْ مِنَ الطَّلَبِ فِيهِ فَانْصَرَفُوا وَ هُوَ نَصْبُ أَعْيُنِهِمْ.
28- يج، الخرائج و الجرائح مِنْ مُعْجِزَاتِهِ ص أَنَّهُ لَاقَى أَعْدَاءَهُ يَوْمَ بَدْرٍ وَ هُمْ أَلْفٌ وَ هُوَ فِي عِصَابَةٍ كَثُلُثِ أَعْدَائِهِ فَلَمَّا الْتَحَمَتِ الْحَرْبُ 5009 أَخَذَ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ وَ الْقَوْمُ مُتَفَرِّقُونَ فِي نَوَاحِي عَسْكَرِهِ فَرَمَى بِهِ وُجُوهَهُمْ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا امْتَلَأَتْ مِنْهُ عَيْنَاهُ وَ إِنْ كَانَتِ الرِّيحُ الْعَاصِفُ يَوْمَهَا إِلَى اللَّيْلِ لَتَعْصِفُ أَعَاصِيرَ التُّرَابِ لَا يُصِيبُ أَحَداً مِنْ عَسْكَرِهِ وَ قَدْ نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنَ وَ صَدَّقَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَ شَاهَدَ الْكُفَّارُ مَا نَالَهُمْ مِنْهُ.
29- قب، المناقب لابن شهرآشوب كَانَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ يَقُولُ عِنْدِي رَمَكَةٌ أَعْلِفُهَا كُلَّ يَوْمٍ فَرَقَ 5010 ذُرَةٍ أَقْتُلُكَ عَلَيْهَا فَقَالَ النَّبِيُّ ص أَنَا أَقْتُلُكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَطَعَنَهُ النَّبِيُّ ص يَوْمَ أُحُدٍ فِي عُنُقِهِ وَ خَدَشَهُ خَدْشَةً فَتَدَهْدَى عَنْ فَرَسِهِ وَ هُوَ يَخُورُ كَمَا يَخُورُ الثَّوْرُ فَقَالُوا لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَوْ كَانَتِ الطَّعْنَةُ بِرَبِيعَةَ وَ مُضَرَ لَقَتَلَهُمْ أَ لَيْسَ قَالَ لِي أَقْتُلُكَ فَلَوْ بَزَقَ عَلَيَّ بَعْدَ تِلْكَ الْمَقَالَةِ قَتَلَنِي فَمَاتَ بَعْدَ يَوْمٍ 5011 .
30- يج، الخرائج و الجرائح عم، إعلام الورى رُوِيَ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ طَارِئٍ 5012 بِمَكَّةَ إِبِلًا فَبَخَسَهُ أَثْمَانَهَا وَ لَوَاهُ بِحَقِّهِ فَأَتَى الرَّجُلُ نَادِيَ 5013 قُرَيْشٍ مُسْتَجِيراً بِهِمْ وَ ذَكَّرَهُمْ حُرْمَةَ الْبَيْتِ فَأَحَالُوهُ عَلَى النَّبِيِّ ص اسْتِهْزَاءً فَأَتَاهُ مُسْتَجِيراً بِهِ فَمَضَى مَعَهُ وَ دَقَّ الْبَابَ عَلَى أَبِي جَهْلٍ فَعَرَفَهُ فَخَرَجَ مَنْخُوبَ الْعَقْلِ 5014 فَقَالَ أَهْلًا بِأَبِي الْقَاسِمِ فَقَالَ لَهُ أَعْطِ هَذَا حَقَّهُ قَالَ نَعَمْ وَ أَعْطَاهُ مِنْ فَوْرِهِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ مَا لَمْ تَرَوْا رَأَيْتُ وَ اللَّهِ عَلَى رَأْسِهِ تِنِّيناً فَاتِحاً فَاهُ وَ اللَّهِ لَوْ أَبَيْتُ لَالْتَقَمَنِي 5015 .
بيان: يقال رجل نخب بكسر الخاء أي جبان لا فؤاد له و كذلك نخيب و منخوب.
أقول
روى السيد بن طاوس رحمه الله في كتاب سعد السعود من تفسير الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال أقبل عامر بن الطفيل و أربد بن قيس و هما عامريان ابنا عم يريدان رسول الله ص و هو في المسجد جالس في نفر من أصحابه قال فدخلا المسجد قال فاستبشر الناس بجمال عامر بن الطفيل و كان من أجمل الناس أعور فجعل يسأل أين محمد فيخبرونه فيقصد نحو رجل من أصحاب رسول الله ص فقال هذا عامر بن
الطفيل يا رسول الله ص فأقبل حتى قام عليه فقال أين محمد فقالوا هو ذا قال أنت محمد قال نعم فقال ما لي إن أسلمت قال لك ما للمسلمين و عليك ما للمسلمين قال تجعل لي الأمر بعدك قال ليس ذلك لك و لا لقومك و لكن ذاك إلى الله تعالى يجعل حيث يشاء قال فتجعلني على الوبر يعني على الإبل و أنت على المدر قال لا قال فما ذا تجعل لي قال أجعل لك أعنة الخيل تغزو عليها قال أ و ليس ذلك لي اليوم قم معي فأكلمك قال فقام معه رسول الله ص و أومأ لأربد بن قيس ابن عمه أن اضربه قال فدار أربد بن قيس خلف النبي ص فذهب ليخترط السيف فاخترط منه شبرا أو ذراعا فحبسه الله عز و جل فلم يقدر على سله فجعل يومئ عامر إليه فلا يستطيع سله فقال رسول الله ص اللهم هذا عامر بن الطفيل أوعر 5016 الدين عن عامر ثلاثا ثم التفت و رأى أربدا و ما يصنع بسيفه فقال اللهم اكفنيهما بم شئت و بدر بهما 5017 الناس فوليا هاربين قال أرسل الله على أربد بن قيس صاعقة فأحرقته و رأى عامر بن الطفيل بيت 5018 سلولية فنزل عليها فطعن 5019 في خنصره فجعل يقول يا عامر غدة كغدة البعير و تموت في بيت سلولية و كان يعير بعضهم بعضا بنزوله على سلول ذكرا كان أو أنثى قال فدعا عامر بفرسه فركبه ثم أجراه حتى مات على ظهره خارجا من منزلها فذلك قول الله عز و جل وَ يُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَ هُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَ هُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ 5020 يقول العقاب فقتل عامر بن الطفيل بالطعنة و أربد بالصاعقة 5021 .
و رواه الطبرسي أيضا في المجمع بهذا الإسناد مع اختصار 5022 .
باب 9 معجزاته ص في استيلائه على الجن و الشياطين و إيمان بعض الجن به
الآيات الأحقاف وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِ إلى قوله تعالى أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ الجن قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَ لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً إلى آخر السورة تفسير قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ معناه و اذكر يا محمد إذ وجهنا إليك جماعة من الجن تستمع القرآن و قيل معناه صرفناهم إليك عن بلادهم بالتوفيق و الألطاف حتى أتوك و قيل صرفناهم إليك عن استراق السمع من السماء برجوم الشهب و لم يكونوا بعد عيسى ع قد صرفوا عنه فقالوا ما هذا الذي حدث في السماء إلا من أجل شيء قد حدث في الأرض فضربوا في الأرض حتى وقفوا على النبي ص ببطن نخلة عائدا 5023 إلى عكاظ و هو يصلي الفجر فاستمعوا القرآن و نظروا كيف يصلي عن ابن عباس و ابن جبير فعلى هذا يكون الرمي بالشهب لطفا للجن فَلَمَّا حَضَرُوهُ أي القرآن أو النبي ص قالُوا أي بعضهم لبعض أَنْصِتُوا أي اسكتوا نستمع إلى قراءته فَلَمَّا قُضِيَ أي فرغ من تلاوته وَلَّوْا أي انصرفوا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ أي محذرين إياهم عذاب الله إن لم يؤمنوا قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى يعنون القرآن مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ أي لما تقدم من الكتب يَهْدِي إِلَى الْحَقِ أي إلى الدين الحق وَ إِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يؤدي بسالكه إلى الجنة.
الْقِصَّةُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ ع اشْتَدَّ الْبَلَاءُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ
ص فَعَمَدَ لِثَقِيفٍ بِالطَّائِفِ رَجَاءَ أَنْ يُؤْوُوهُ فَوَجَدَ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مِنْهُمْ هُمْ سَادَةٌ هُمْ إِخْوَةٌ عَبْدُ يَالِيلَ وَ مَسْعُودٌ وَ حَبِيبٌ بَنُو عَمْرٍو فَعَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفْسَهُ فَقَالَ أَحَدُهُمْ أَنَا أَسْرِقُ ثِيَابَ الْكَعْبَةِ إِنْ كَانَ اللَّهُ بَعَثَكَ بِشَيْءٍ قَطُّ وَ قَالَ الْآخَرُ أَ عَجَزَ اللَّهُ أَنْ يُرْسِلَ غَيْرَكَ وَ قَالَ الْآخَرُ وَ اللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ بَعْدَ مَجْلِسِكَ هَذَا أَبَداً وَ لَئِنْ كُنْتَ رَسُولًا كَمَا تَقُولُ فَلَأَنْتَ أَعْظَمُ خَطَراً مِنْ أَنْ يُرَدَّ عَلَيْكَ الْكَلَامُ وَ إِنْ كُنْتَ تَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ فَمَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أُكَلِّمَكَ بَعْدُ وَ تَهَزَّءُوا بِهِ وَ أَفْشَوْا فِي قَوْمِهِمْ 5024 مَا رَاجَعُوهُ بِهِ فَقَعَدُوا لَهُ صَفَّيْنِ عَلَى طَرِيقِهِ فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ص بَيْنَ صَفَّيْهِمْ جَعَلُوا لَا يَرْفَعُ رِجْلَيْهِ وَ لَا يَضَعُهُمَا إِلَّا رَضَخُوهُمَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى أَدْمَوْا رِجْلَيْهِ فَخَلَصَ مِنْهُمْ وَ هُمَا يَسِيلَانِ دَماً فَعَمَدَ فَجَاءَ إِلَى حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِهِمْ فَاسْتَظَلَّ فِي ظِلِّ نَخْلَةٍ 5025 مِنْهُ وَ هُوَ مَكْرُوبٌ مُوجَعٌ تَسِيلُ رِجْلَاهُ دَماً فَإِذَا فِي الْحَائِطِ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَ شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ فَلَمَّا رَآهُمَا كَرِهَ مَكَانَهُمَا لِمَا يَعْلَمُ مِنْ عَدَاوَتِهِمَا لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ فَلَمَّا رَأَيَاهُ أَرْسَلَا إِلَيْهِ غُلَاماً لَهُمَا يُدْعَى عَدَّاسٌ مَعَهُ عِنَبٌ وَ هُوَ نَصْرَانِيٌّ مِنْ أَهْلِ نَيْنَوَى فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ أَيِّ أَرْضٍ أَنْتَ قَالَ مِنْ أَهْلِ نَيْنَوَى قَالَ مِنْ مَدِينَةِ الْعَبْدِ الصَّالِحِ يُونُسَ بْنِ مَتَّى فَقَالَ لَهُ عَدَّاسٌ وَ مَا يُدْرِيكَ مَنْ يُونُسُ بْنُ مَتَّى فَقَالَ ص أَنَا رَسُولُ اللَّهِ وَ اللَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَنِي خَبَرَ يُونُسَ بْنِ مَتَّى فَلَمَّا أَخْبَرَهُ بِمَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ مِنْ شَأْنِ يُونُسَ خَرَّ عَدَّاسٌ سَاجِداً لِلَّهِ وَ مُعَظِّماً لِرَسُولِ اللَّهِ ص وَ جَعَلَ يُقَبِّلُ قَدَمَيْهِ وَ هُمَا تَسِيلَانِ الدِّمَاءَ فَلَمَّا بَصُرَ عُتْبَةُ وَ شَيْبَةُ مَا يَصْنَعُ غُلَامُهُمَا سَكَتَا فَلَمَّا أَتَاهُمَا قَالا مَا شَأْنُكَ سَجَدْتَ لِمُحَمَّدٍ وَ قَبَّلْتَ قَدَمَيْهِ وَ لَمْ نَرَكَ فَعَلْتَ ذَلِكَ بِأَحَدٍ مِنَّا قَالَ هَذَا رَجُلٌ صَالِحٌ أَخْبَرَنِي بِشَيْءٍ عَرَفْتُهُ مِنْ شَأْنِ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَيْنَا يُدْعَى يُونُسَ بْنَ مَتَّى فَضَحِكَا وَ قَالا لَا يَفْتِنَنَّكَ عَنْ نَصْرَانِيَّتِكَ فَإِنَّهُ رَجُلٌ خَدَّاعٌ فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِنَخْلَةٍ قَامَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ يُصَلِّي فَمَرَّ بِهِ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ مِنَ الْيَمَنِ فَوَجَدُوهُ يُصَلِّي صَلَاةَ الْغَدَاةِ وَ يَتْلُو الْقُرْآنَ فَاسْتَمَعُوا لَهُ.
و هذا معنى قول سعيد بن جبير و جماعة.
وَ قَالَ آخَرُونَ أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ يُنْذِرَ الْجِنَّ وَ يَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ وَ يَقْرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فَصَرَفَ اللَّهُ إِلَيْهِ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ مِنْ نَيْنَوَى فَقَالَ ص إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَى الْجِنِّ اللَّيْلَةَ فَأَيُّكُمْ يَتَّبِعُنِي فَاتَّبَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَ لَمْ يَحْضُرْ مَعَهُ أَحَدٌ غَيْرِي فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّةَ وَ دَخَلَ نَبِيُّ اللَّهِ شِعْباً يُقَالُ لَهُ شِعْبُ الْحَجُونِ وَ خَطَّ لِي خَطّاً ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَجْلِسَ فِيهِ وَ قَالَ لَا تَخْرُجْ مِنْهُ حَتَّى أَعُودَ إِلَيْكَ ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَامَ فَافْتَتَحَ الْقُرْآنَ فَغَشِيَتْهُ أَسْوِدَةٌ 5026 كَثِيرَةٌ حَتَّى حَالَتْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ حَتَّى لَمْ أَسْمَعْ صَوْتَهُ ثُمَّ انْطَلَقُوا وَ طَفِقُوا يَتَقَطَّعُونَ مِثْلَ قِطَعِ السَّحَابِ ذَاهِبِينَ حَتَّى بَقِيَ مِنْهُمْ رَهْطٌ وَ فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَعَ الْفَجْرِ فَانْطَلَقَ فَبَرَزَ ثُمَّ قَالَ هَلْ رَأَيْتَ شَيْئاً فَقُلْتُ نَعَمْ رَأَيْتُ رِجَالًا سُوداً مُسْتَثْفِرِي 5027 ثِيَابٍ بِيضٍ قَالَ أُولَئِكَ جِنُّ نَصِيبِينَ.
و روى علقمة عن عبد الله قال لم أكن مع رسول الله ص ليلة الجن و وددت أني كنت معه.
و روي عن ابن عباس أنهم كانوا سبعة نفر من جن نصيبين فجعلهم رسول الله ص رسلا إلى قومهم و قال زر بن حبيش كانوا تسعة نفر منهم زوبعة.
وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ص الرَّحْمَنَ 5028 عَلَى النَّاسِ سَكَتُوا فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْجِنُّ كَانُوا أَحْسَنَ جَوَاباً مِنْكُمْ لَمَّا قَرَأْتُ عَلَيْهِمْ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ 5029 قَالُوا لَا وَ لَا بِشَيْءٍ مِنْ آلَائِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ.
يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ يعنون محمدا ص إذ دعاهم إلى توحيده و خلع الأنداد دونه وَ آمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ أي إن آمنتم بالله و رسوله يغفر لكم وَ يُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ في هذا دلالة على أنه ع كان مبعوثا إلى الجن كما كان مبعوثا إلى الإنس و لم يبعث الله نبيا إلى الإنس و الجن قبله وَ مَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ أي لا يعجز الله فيسبقه و يفوته وَ لَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أي أنصار
يمنعونه من الله أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي عدول عن الحق ظاهر انتهى كلامه رفع مقامه 5030 .
و قال الرازي روي عن الحسن أن هؤلاء من الجن كانوا يهودا لأن في الجن مللا كما في الإنس و المحققون على أن الجن مكلفون سئل ابن عباس هل للجن ثواب قال نعم لهم ثواب و عليهم عقاب يلتقون في الجنة و يزدحمون على أبوابها ثم قال و اختلفوا في أن الجن هل لهم ثواب أم لا فقيل لا ثواب لهم إلا النجاة من النار ثم يقال لهم كونوا ترابا مثل البهائم و احتجوا بقوله تعالى وَ يُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ و هو قول أبي حنيفة و الصحيح أنهم في حكم بني آدم في الثواب و العقاب و هذا قول ابن أبي ليلى و مالك و كل دليل يدل على أن البشر يستحقون الثواب على الطاعة فهو بعينه قائم في حق الجن و الفرق بين البابين بعيد جدا 5031 .