کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
إرادته بل مع إرادة إمساكه في فمه و أيضا إن الحلو يخرج بالقيء بعد غيره و إن تناوله أولا و ما ذلك إلا بجذب المعدة اللذيذ إلى قعرها و أيضا الرحم إذا كانت خالية عن الفضول بعيدة العهد من الجماع يحس الإنسان وقت الجماع أن إحليله ينجذب إلى الداخل.
و أما إلى الماسكة فلأن الغذاء لا بد فيه من الاستحالة حتى يصير شبيها بجوهر المغتذي و الاستحالة حركة و كل حركة في زمان فلا بد من زمان في مثله يستحيل الغذاء إلى جوهر المغتذي و لأن الخلط جسم رطب سيال استحال أن يقف بنفسه زمانا فلا بد من قاسر يقسره على الوقوف و ذلك القاسر هو الماسكة و وجودها في بعض الأعضاء معلوم بالحس فإن أرباب التشريح قالوا إذا شرحنا الحيوان حال ما تناول الغذاء وجدنا معدته محتوية على الغذاء بحيث لا يمكن أن يسيل من ذلك الغذاء شيء و أيضا قالوا إذا شققنا بطن الحامل من تحت السرة وجدنا رحمها منضمة انضماما شديدا بحيث لا يسع أن يدخل فيها طرف الميل و أيضا فإن المني إذا استقر في الرحم لا ينزل عنها مع ثقله.
و أما إلى الهاضمة فلأن إحالة القوة المغيرة إنما يكون لما هو متقارب الاستعداد للصورة العضوية و إنما يكون ذلك بعد فعل القوة التي تجعله متقارب الاستعداد و تلك هي القوة الهاضمة.
و مراتب الهضم أربع أولها في المعدة فإن الغذاء يصير فيها كيلوسا أي جوهرا شبيها بماء الكشك الثخين إما بمخالطة المشروب و ذلك في أكثر الحيوانات و إما بلا مخالطة المشروب كما في جوارح الصيد و ابتداء ذلك الهضم في الفم و لهذا كانت الحنطة الممضوغة تفعل في إنضاج الدماميل ما لا تفعله المطبوخة و لا المدقوقة المخلوطة باللعاب و ثانيها في الكبد فإن الكيلوس إذا تم انهضامه في المعدة انجذبت لطائفه بالعروق المسماة بالماساريقا إلى الكبد و تداخلت في العروق المتصغرة المتضائلة المنتشرة في جميع أجزاء الكبد بحيث يلاقي الكبد بكليته الكيلوس فينهضم هناك انهضاما ثانيا و تنخلع صورته النوعية الغذائية و يستحيل إلى الأخلاط و يسمى
كيموسا و ابتداء هذا الهضم في الماساريقا و ثالثها في العروق و ابتداؤه من حين صعود الخلط في العرق العظيم الطالع من حدبة الكبد و رابعها في الأعضاء و ابتداؤه من حين ما ترشح الدم من فوهات العروق.
و أما إلى الدافعة فلأنه ليس غذاء يصير بتمامه جزءا من المغتذي بل يفضل منه ما يضيق المكان و يمنع ما يرد من الغذاء عن الوصول إلى الأعضاء و يوجب ثقل البدن بل يفسد و يفسد فلا بد من قوة تدفع تلك الفضلات و وجودها ظاهر عند الحس في حال التبرز و القيء و إراقة البول.
و قد تتضاعف هذه القوى لبعض الأعضاء كما للمعدة فإن فيها الجاذبة و الماسكة و الهاضمة و الدافعة بالنسبة إلى غذاء جميع البدن و فيها أيضا هذه القوى بالنسبة إلى ما تغتذي 11035 به خاصة.
ثم اعلم أن الحكماء عدوا من القوى المولدة القوة المصورة و أنكرها جماعة منهم المحقق الطوسي قدس سره و الفخر الرازي و الغزالي و غيرهم قال في المقاصد المولدة هي قوة شأنها تحصيل البزر 11036 و تفصيله إلى أجزاء مختلفة و هيئات مناسبة و ذلك بأن يفرز جزءا من الغذاء بعد الهضم التام ليصير مبدأ لشخص آخر من نوع المغتذي أو جنسه ثم يفصل ما فيه من الكيفيات المزاجية فيمزجها تمزيجات بحسب عضو عضو ثم يفيده بعد الاستحالات الصور و القوى و الأعراض الحاصلة للنوع الذي انفصل عنه البزر أو لجنسه كما في البغل و المحققون على أن هذه الأفعال مستندة إلى قوى ثلاث بينوا حالها على ما عرفت في الإنسان و كثير من الحيوانات الأولى التي تجذب الدم إلى الأنثيين و تتصرف فيه إلى أن يصير منيا و هي لا تفارق الأنثيين و تخص باسم المحصلة.
و الثانية التي تتصرف في المني فتفصل كيفياتها المزاجية و تمزجها تمزيجات بحسب عضو عضو فتعين للعصب مثلا مزاجا خاصا و للشريان مزاجا خاصا و للعظم مزاجا خاصا و بالجملة تعد مواد الأعضاء و تخص هذه باسم المفصلة و المغيرة الأولى تمييزا عن المغيرة التي هي من جملة الغاذية.
و الثالثة التي تفيد تمييز الأجزاء و تشكيلها على مقاديرها و أوضاع بعضها عن بعض و كيفياتها و بالجملة تلبس كل عضو صورته الخاصة به يستكمل وجود الأعضاء و هذه تخص باسم المصورة و فعلها إنما يكون في الرحم انتهى.
و قال المحقق الطوسي قدس سره و المصورة عندي باطلة لاستحالة صدور هذه الأفعال المحكمة المركبة عن قوة بسيطة ليس لها شعور أصلا انتهى.
و الغزالي بالغ في ذلك حتى أبطل القوى مطلقا و ادعى أن الأفعال المنسوبة إلى القوى صادرة عن ملائكة موكلة بهذه الأفعال تفعلها بالشعور و الاختيار كما هو ظاهر النصوص الواردة في هذا الباب.
و قال الشارح القوشجي بعد إيراد الكلام المتقدم يرد عليه أنا لا نسلم أن المصورة قوة واحدة بسيطة لم لا يجوز أن تكون وحدتها بالجنس كما أن المغيرة واحدة بالجنس مختلفة بالنوع و لو سلم فلم لا يجوز أن يكون صدور هذه الأفعال عنها بحسب استعداد المادة فإن المني إنما يحصل من فضلة الهضم الرابع في الأعضاء ففضلة هضم كل عضو إنما تستعد لصورة ذلك العضو.
لكن الإنصاف أن تلك الأفعال المتقنة المحكمة على النظام المشاهد من الصور العجيبة و الأشكال الغريبة و النقوش المؤتلفة و الألوان المختلفة و ما روعي فيها من حكم و مصالح لقد تحيرت فيها الأوهام و عجزت عن إدراكها العقول و الأفهام قد بلغ المدون منها كما علم في علم التشريح و منافع خلقة الناس خمسة آلاف مع أن ما لم يعلم منها أكثر مما قد علم كما لا يخفى على ذي حدس كامل كما لا يكاد يذعن العقل بصدورها عن القوة التي سموها مصورة و إن فرضنا كونها مركبة و المواد
مختلفة بل يحكم بأن أمثال تلك الأمور لا يمكن أن تصدر إلا عن حكيم عليم خبير قدير.
ثم أطال الكلام في الاعتراض على دلائلهم في إثبات تلك القوى و تعددها تركناها مخافة الإطناب و الإسهاب.
باب 47 ما به قوام بدن الإنسان و أجزائه و تشريح أعضائه و منافعها و ما يترتب عليها من أحوال النفس
1- الْعِلَلُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ 11037 بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَرَاوِذِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَرْثِ بْنِ سُفْيَانَ 11038 السَّمَرْقَنْدِيِّ عَنْ صَالِحِ بْنِ سَعِيدٍ التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ وُجِدَ فِي التَّوْرَاةِ صِفَةُ خَلْقِ آدَمَ ع حِينَ خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ ابْتَدَعَهُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِنِّي خَلَقْتُ آدَمَ وَ رَكَّبْتُ جَسَدَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ ثُمَّ جَعَلْتُهَا وِرَاثَةً فِي وُلْدِهِ تَنْمِي فِي أَجْسَادِهِمْ وَ يَنْمُونَ عَلَيْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ رَكَّبْتُ جَسَدَهُ حِينَ خَلَقْتُهُ مِنْ رَطْبٍ وَ يَابِسٍ وَ سُخْنٍ وَ بَارِدٍ وَ ذَلِكَ أَنِّي خَلَقْتُهُ مِنْ تُرَابٍ وَ مَاءٍ ثُمَّ جَعَلْتُ فِيهِ نَفْساً وَ رُوحاً فَيُبُوسَةُ كُلِّ جَسَدٍ مِنْ قِبَلِ التُّرَابِ وَ رُطُوبَتُهُ مِنْ قِبَلِ الْمَاءِ وَ حَرَارَتُهُ مِنْ قِبَلِ النَّفْسِ وَ بُرُودَتُهُ مِنْ قِبَلِ الرُّوحِ ثُمَّ خَلَقْتُ فِي الْجَسَدِ بَعْدَ هَذَا الْخَلْقِ الْأَوَّلِ أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ وَ هُنَّ مِلَاكُ الْجَسَدِ وَ قِوَامُهُ بِإِذْنِي لَا يَقُومُ الْجَسَدُ إِلَّا بِهِنَّ وَ لَا تَقُومُ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ إِلَّا بِالْأُخْرَى مِنْهَا الْمِرَّةُ السَّوْدَاءُ وَ الْمِرَّةُ الصَّفْرَاءُ وَ الدَّمُ وَ الْبَلْغَمُ ثُمَّ أَسْكَنَ بَعْضَ هَذَا الْخَلْقِ فِي بَعْضٍ فَجَعَلَ مَسْكَنَ الْيُبُوسَةِ فِي الْمِرَّةِ
السَّوْدَاءِ وَ مَسْكَنَ الرُّطُوبَةِ فِي الْمِرَّةِ الصَّفْرَاءِ وَ مَسْكَنَ الْحَرَارَةِ فِي الدَّمِ وَ مَسْكَنَ الْبُرُودَةِ فِي الْبَلْغَمِ فَأَيُّمَا جَسَدٍ اعْتَدَلَتْ بِهِ 11039 هَذِهِ الْأَنْوَاعُ الْأَرْبَعُ الَّتِي جَعَلْتُهَا مِلَاكَهُ وَ قِوَامَهُ وَ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَرْبَعاً لَا تَزِيدُ وَ لَا تَنْقُصُ كَمُلَتْ صِحَّتُهُ وَ اعْتَدَلَ بُنْيَانُهُ فَإِنْ زَادَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ عَلَيْهِنَّ فَقَهَرَتْهُنَّ وَ مَالَتْ بِهِنَّ [وَ] دَخَلَ عَلَى الْبَدَنِ السُّقْمُ مِنْ نَاحِيَتِهَا بِقَدْرِ مَا زَادَتْ وَ إِذَا كَانَتْ نَاقِصَةً نقل 11040 [تَقِلُ] عَنْهُنَّ حَتَّى تَضْعُفَ مِنْ طَاقَتِهِنَّ وَ تَعْجِزَ عَنْ مُقَارَنَتِهِنَ 11041 وَ جَعَلَ عَقْلَهُ فِي دِمَاغِهِ وَ شَرَهَهُ 11042 فِي كُلْيَتِهِ وَ غَضَبَهُ فِي كَبِدِهِ وَ صَرَامَتَهُ 11043 فِي قَلْبِهِ وَ رَغْبَتَهُ فِي رِئَتِهِ وَ ضَحِكَهُ فِي طِحَالِهِ وَ فَرَحَهُ وَ حَزَنَهُ وَ كَرْبَهُ فِي وَجْهِهِ وَ جَعَلَ فِيهِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَ سِتِّينَ مَفْصَلًا قَالَ وَهْبٌ فَالطَّبِيبُ الْعَالِمُ بِالدَّاءِ وَ الدَّوَاءِ يَعْلَمُ مِنْ حَيْثُ يَأْتِي السُّقْمُ مِنْ قِبَلِ زِيَادَةٍ تَكُونُ فِي إِحْدَى هَذِهِ الْفِطَرِ 11044 الْأَرْبَعِ أَوْ نُقْصَانٍ مِنْهَا وَ يَعْلَمُ الدَّوَاءَ الَّذِي بِهِ يُعَالِجُهُنَّ فَيَزِيدُ فِي النَّاقِصَةِ مِنْهُنَّ أَوْ يَنْقُصُ مِنَ الزَّائِدَةِ حَتَّى يَسْتَقِيمَ الْجَسَدُ عَلَى فِطْرَتِهِ وَ يَعْتَدِلَ الشَّيْءُ بِأَقْرَانِهِ ثُمَّ تَصِيرُ هَذِهِ الْأَخْلَاقُ الَّتِي رَكَّبَ عَلَيْهَا الْجَسَدَ فِطَراً عَلَيْهِ تُبْنَى أَخْلَاقُ بَنِي آدَمَ وَ بِهَا تُوصَفُ فَمِنَ التُّرَابِ الْعَزْمُ وَ مِنَ الْمَاءِ اللِّينُ وَ مِنَ الْحَرَارَةِ الْحِدَّةُ وَ مِنَ الْبُرُودَةِ الْأَنَاةُ فَإِنْ مَالَتْ بِهِ الْيُبُوسَةُ كَانَ عَزْمُهُ الْقَسْوَةَ وَ إِنْ مَالَتْ بِهِ الرُّطُوبَةُ كَانَتْ لِينُهُ مَهَانَةً وَ إِنْ مَالَتْ بِهِ الْحَرَارَةُ كَانَتْ حِدَّتُهُ طَيْشاً وَ سَفَهاً وَ إِنْ مَالَتْ بِهِ الْبُرُودَةُ كَانَتْ أَنَاتُهُ رَيْباً وَ بَلَداً فَإِنِ اعْتَدَلَتْ أَخْلَاقُهُ وَ كُنَّ سَوَاءً وَ اسْتَقَامَتْ فِطْرَتُهُ كَانَ حَازِماً فِي أَمْرِهِ لَيِّناً فِي عَزْمِهِ حَادّاً فِي لِينِهِ مُتَأَنِّياً فِي حِدَّتِهِ لَا يَغْلِبُهُ خُلُقٌ مِنْ أَخْلَاقِهِ وَ لَا يَمِيلُ بِهِ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ اسْتَكْثَرَ
وَ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ أَقَلَّ وَ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ عَدَلَ وَ يَعْلَمُ كُلُّ خُلُقٍ مِنْهَا إِذَا عَلَا عَلَيْهِ بِأَيِّ شَيْءٍ يَمْزُجُهُ وَ يُقَوِّمُهُ فَأَخْلَاقُهُ كُلُّهَا مُعْتَدِلَةٌ كَمَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فَمِنَ التُّرَابِ قَسْوَتُهُ وَ بُخْلُهُ وَ حَصْرُهُ وَ فَظَاظَتُهُ وَ بُرْمُهُ وَ شُحُّهُ وَ بَأْسُهُ وَ قُنُوطُهُ وَ عَزْمُهُ وَ إِصْرَارُهُ وَ مِنَ الْمَاءِ كَرَمُهُ وَ مَعْرُوفُهُ 11045 وَ تَوَسُّعُهُ وَ سُهُولَتُهُ وَ تَوَسُّلُهُ 11046 وَ قُرْبُهُ وَ قَبُولُهُ وَ رَجَاؤُهُ وَ اسْتِبْشَارُهُ فَإِذَا خَافَ ذُو الْعَقْلِ أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ أَخْلَاقُ التُّرَابِ وَ يَمِيلَ بِهِ أَلْزَمَ كُلَّ خُلُقٍ مِنْهَا خُلُقاً مِنْ أَخْلَاقِ الْمَاءِ يَمْزُجُهُ بِهِ بِلِينِهِ يُلْزِمُ الْقَسْوَةَ اللِّينَ وَ الْحَصْرَ التَّوَسُّعَ وَ الْبُخْلَ الْعَطَاءَ وَ الْفَظَاظَةَ الْكَرَمَ وَ الْبَرَمَ التَّرَسُّلَ 11047 وَ الشُّحَّ السَّمَاحَ وَ الْيَأْسَ الرَّجَاءَ وَ الْقُنُوطَ الِاسْتِبْشَارَ وَ الْعَزْمَ الْقَبُولَ وَ الْإِصْرَارَ الْقُرْبَ ثُمَّ مِنَ النَّفْسِ حِدَّتُهُ وَ خِفَّتُهُ وَ شَهْوَتُهُ وَ لَهْوُهُ وَ لَعِبُهُ وَ ضَحِكُهُ وَ سَفَهُهُ وَ خِدَاعُهُ وَ عُنْفُهُ وَ خَوْفُهُ وَ مِنَ الرُّوحِ حِلْمُهُ وَ وَقَارُهُ وَ عَفَافُهُ وَ حَيَاؤُهُ وَ بَهَاؤُهُ وَ فَهْمُهُ وَ كَرَمُهُ وَ صِدْقُهُ وَ رِفْقُهُ وَ كِبْرُهُ وَ إِذَا خَافَ ذُو الْعَقْلِ أَنْ تَغْلِبَ عَلَيْهِ أَخْلَاقُ النَّفْسِ وَ تَمِيلَ بِهِ أَلْزَمَ كُلَّ خُلُقٍ مِنْهَا خُلُقاً مِنْ أَخْلَاقِ الرُّوحِ يُقَوِّمُهُ بِهِ يُلْزِمُ الْحِدَّةَ الْحِلْمَ وَ الْخِفَّةَ الْوَقَارَ وَ الشَّهْوَةَ الْعَفَافَ وَ اللَّعِبَ الْحَيَاءَ وَ الضَّحِكَ الْفَهْمَ وَ السَّفَهَ الْكَرَمَ وَ الْخِدَاعَ الصِّدْقَ وَ الْعُنْفَ الرِّفْقَ وَ الْخَوْفَ الصَّبْرَ ثُمَّ بِالنَّفْسِ سَمِعَ ابْنُ آدَمَ وَ أَبْصَرَ وَ أَكَلَ وَ شَرِبَ وَ قَامَ وَ قَعَدَ وَ ضَحِكَ وَ بَكَى وَ فَرِحَ وَ حَزِنَ وَ بِالرُّوحِ عَرَفَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ وَ الرُّشْدَ مِنَ الْغَيِّ وَ الصَّوَابَ مِنَ الْخَطَاءِ وَ بِهِ عَلِمَ وَ تَعَلَّمَ وَ حَكَمَ وَ عَقَلَ وَ اسْتَحْيَا وَ تَكَرَّمَ وَ تَفَقَّهَ وَ تَفَهَّمَ وَ تَحَذَّرَ وَ تَقَدَّمَ ثُمَّ يَقْرِنُ إِلَى أَخْلَاقِهِ عَشَرَةَ خِصَالٍ أُخْرَى الْإِيمَانَ وَ الْحِلْمَ وَ الْعَقْلَ وَ الْعِلْمَ وَ الْعَمَلَ وَ اللِّينَ وَ الْوَرَعَ وَ الصِّدْقَ وَ الصَّبْرَ وَ الرِّفْقَ فَفِي هَذِهِ الْأَخْلَاقِ الْعَشْرِ جَمِيعُ الدِّينِ كُلِّهِ وَ لِكُلِّ خُلُقٍ مِنْهَا عَدُوٌّ فَعَدُوُّ الْإِيمَانِ الْكُفْرُ وَ عَدُوُّ الْحِلْمِ الْحُمْقُ وَ عَدُوُّ الْعَقْلِ الْغَيُّ وَ عَدُوُّ الْعِلْمِ الْجَهْلُ وَ عَدُوُّ الْعَمَلِ الْكَسَلُ وَ عَدُوُّ اللِّينِ الْعَجَلَةُ وَ عَدُوُّ الْوَرَعِ الْفُجُورُ