کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
فَأَيْنَ 362 عَنْ طَلْحَةَ؟. قَالَ: فَابْنُ الزَّهْوِ وَ النَّخْوَةِ. قُلْتُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ؟. قَالَ: هُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ عَلَى ضَعْفٍ فِيهِ. قُلْتُ: فَسَعْدٌ؟. قَالَ: صَاحِبُ 363 مِقْنَبٍ وَ قِتَالٍ لَا يَقُومُ بِقَرْيَةٍ لَوْ حُمِّلَ أَمْرُهَا. قُلْتُ: فَالزُّبَيْرُ؟. قَالَ: وَعْقَةٌ لَقِسٌ 364 ، مُؤْمِنُ الرِّضَا كَافِرُ 365 الْغَضَبِ، شَحِيحٌ، وَ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَصْلُحُ 366 إِلَّا لِقَوِيٍّ فِي غَيْرِ عُنْفٍ، رَفِيقٍ 367 فِي غَيْرِ ضَعْفٍ، جَوَادٍ 368 فِي غَيْرِ سَرَفٍ. قُلْتُ: فَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ عُثْمَانَ 369 ؟.
قَالَ: لَوْ وَلِيَهَا لَحَمَّلَ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، وَ لَوْ فَعَلَهَا لَقَتَلُوهُ 370 .
قَالَ السَّيِّدُ رَحِمَهُ اللَّهُ 371 : وَ قَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَصْحَابِ الشُّورَى: رُوحُوا إِلَيَّ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ قَالَ: قَدْ جَاءَنِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ
يَهُزُّ عَقِيرَتَهُ 372 يَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَلِيفَةً، أَمَّا أَنْتَ يَا طَلْحَةُ أَ فَلَسْتَ الْقَائِلَ: إِنْ قُبِضَ النَّبِيُّ (ص) أَنْكِحُ 373 أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ؟! فَمَا جَعَلَ اللَّهُ مُحَمَّداً بِأَحَقَّ بِبَنَاتِ أَعْمَامِنَا 374 ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى 375 فِيكَ: (وَ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) 376 ، وَ أَمَّا 377 أَنْتَ يَا زُبَيْرُ! فَوَ اللَّهِ مَا لَانَ قَلْبُكَ يَوْماً وَ لَا لَيْلَةً، وَ مَا زِلْتَ جِلْفاً 378 جَافِياً، وَ أَمَّا أَنْتَ يَا عُثْمَانُ فَوَ اللَّهِ لَرَوْثَةٌ 379 خَيْرٌ مِنْكَ، وَ أَمَّا أَنْتَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَإِنَّكَ رَجُلٌ عَاجِزٌ تُحِبُ 380 قَوْمَكَ جَمِيعاً، وَ أَمَّا أَنْتَ يَا سَعْدُ فَصَاحِبُ عَصَبِيَّةٍ وَ فِتْنَةٍ 381 ، وَ أَمَّا أَنْتَ يَا عَلِيُّ فَوَ اللَّهِ لَوْ وُزِنَ إِيمَانُكَ بِإِيمَانِ أَهْلِ الْأَرْضِ لَرَجَحَهُمْ 382 ، فَقَامَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُوَلِّياً يَخْرُجُ 383 ، فَقَالَ عُمَرُ: وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ مَكَانَ الرَّجُلِ لَوْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ لَحَمَلَكُمْ 384 عَلَى الْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ، قَالُوا: مَنْ هُوَ؟. قَالَ: هَذَا الْمُوَلِّي مِنْ بَيْنِكُمْ. قَالُوا: فَمَا يَمْنَعُكَ مِنْ ذَلِكَ؟. قَالَ: لَيْسَ إِلَى
ذَلِكَ سَبِيلٌ 385 .
وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ رَوَاهُ الْبَلاذُرِيُّ فِي تَارِيخِهِ 386 -: أَنَّ عُمَرَ لَمَّا خَرَجَ أَهْلُ الشُّورَى مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ: إِنْ وَلَّوْهَا الْأَجْلَ حَ 387 سَلَكَ بِهِمُ الطَّرِيقَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ 388 : فَمَا يَمْنَعُكَ مِنْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟. قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَتَحَمَّلَهَا حَيّاً وَ مَيِّتاً.
فوصف كما ترى 389 كلّ واحد من القوم بوصف قبيح يمنع من الإمامة، ثم جعلها في جملتهم حتى كأنّ تلك الأوصاف تزول في حال الاجتماع، و نحن نعلم أنّ الذي ذكره إن كان مانعا من الإمامة في كلّ واحد على الانفراد فهو مانع مع الاجتماع، مع أنّه وصف عليّا عليه السلام بوصف لا يليق به و لا ادّعاه عدوّ قطّ عليه، بل هو معروف بضدّه من الركانة و البعد عن المزاح و الدعابة 390 ، و هذا معلوم ضرورة لمن سمع أخباره عليه السلام، و كيف يظنّ به ذلك،
وَ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا أَطْرَقَ هِبْنَا أَنْ نَبْتَدِئَهُ 391 بِالْكَلَامِ.
، وَ هَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ شِدَّةِ التَّزَمُّتِ 392 وَ التَّوَقُّرِ وَ مَا يُخَالِفُ الدُّعَابَةَ وَ الْفُكَاهَةَ.
و منها: أنّه قال: لا أتحمّلها حيّا و ميّتا ..
و هذا إن كان على عدوله عن
النصّ على واحد بعينه فهو قول متملّس 393 متخلّص لا يفتات على الناس في آرائهم، ثم نقض هذا بأن نصّ على ستة من بين العالم كلّه، ثم رتّب العدد ترتيبا مخصوصا يئول إلى 394 أنّ اختيار عبد الرحمن هو المقدّم، و أيّ شيء يكون من التحمّل أكبر من هذا؟ و أيّ فرق بين أن يتحمّلها بأن ينصّ على واحد بعينه و بين أن يفعل ما فعله من الحصر و الترتيب؟!.
و منها: أنّه أمر بضرب أعناق قوم أقرّ بأنّهم أفضل الأمّة
- إن تأخّروا عن البيعة أكثر من ثلاثة أيّام، و معلوم أنّ بذلك لا يستحقّون القتل، لأنّهم إذا كانوا إنّما كلّفوا أن يجتهدوا آراءهم في اختيار الإمام فربّما طال زمان الاجتهاد و ربّما قصر بحسب ما يعرض فيه من العوارض، فأيّ معنى للأمر بالقتل إذا تجاوز الأيّام الثلاثة؟.
ثم 395 أنّه أمر بقتل من يخالف الأربعة 396 ، و من يخالف العدد الذي فيه عبد
الرحمن، و كلّ ذلك ممّا لا يستحقّ به القتل 397 و ما تمسّكوا به من أنّ أمير المؤمنين عليه السلام دخل في الشورى طائعا و بايع غير مكره، فتدلّ رواياتهم على خلاف ذلك، فقد
رَوَى الطَّبَرِيُ 398 فِي تِلْكَ الْقِصَّةِ : أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ: يَا عَلِيُّ! لَا تَجْعَلَنَّ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا، فَإِنِّي نَظَرْتُ فَشَاوَرْتُ النَّاسَ فَإِذَا هُمْ لَا يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ، فَخَرَجَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ يَقُولُ:
سَيَبْلُغُ الْكِتَابُ أَجَلَهُ.
وَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِ 399 : إِنَّ النَّاسَ لَمَّا بَايَعُوا عُثْمَانَ تَلَكَّأَ 400 عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ عُثْمَانُ 401 : (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) 402 ، فَرَجَعَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى بَايَعَهُ وَ هُوَ يَقُولُ: خُدْعَةٌ وَ أَيُ 403 خُدْعَةٍ.
وَ رَوَى السَّيِّدُ 404 رَحِمَهُ اللَّهُ، عَنِ الْبَلاذُرِيِ 405 ، عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ فِي إِسْنَادٍ لَهُ: إِنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا بَايَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ 406 عُثْمَانَ كَانَ
قَائِماً فَقَعَدَ، فَقَالَ لَهُ 407 عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَايِعْ وَ إِلَّا ضَرَبْتُ 408 عُنُقَكَ، وَ لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ مَعَ أَحَدٍ 409 سَيْفٌ غَيْرَهُ، فَخَرَجَ عَلِيٌ 410 عَلَيْهِ السَّلَامُ مُغْضَباً، فَلَحِقَهُ أَصْحَابُ الشُّورَى، فَقَال ُوا: بَايِعْ وَ إِلَّا جَاهَدْنَا 411 ، فَأَقْبَلَ مَعَهُمْ يَمْشِي حَتَّى بَايَعَ عُثْمَانَ.
فأيّ رضا هاهنا؟! و أيّ إجماع؟! و كيف يكون مختارا من يهدّد بالقتل و الجهاد؟!.
و قد تكلّم في هذا اليوم المقداد و عمّار رضي اللّه عنهما و جماعة في ذلك عرضوا نصرتهم على أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: وَ اللَّهِ مَا أَجِدُ أَعْوَاناً عَلَيْهِمْ وَ لَا أُحِبُّ أَنْ أُعَرِّضَكُمْ لِمَا لَا تُطِيقُونَ 412 .
و أمّا دخوله عليه السلام في الشورى فسيأتي ما روي من العلل في ذلك، و أيّ علّة أظهر من أنّهم رووا أنّ عمر أوصى أبا طلحة في خمسين رجلا حاملي سيوفهم على عواتقهم في إحضار القوم و قتلهم لو لم يعيّنوا خليفة في الأيّام المعيّنة.
و قال السيّد 413 رضي اللّه عنه بعد إيراد بعض الروايات من طرقهم ممّا يدلّ على عدم رضاه عليه السلام بالشورى و بما 414 ترتّب عليه-: و هذه الجملة التي أوردناها قليل من كثير في أنّ الخلاف كان واقعا، و الرضا كان مرتفعا، و الأمر إنّما تمّ بالحيلة و المكر و الخداع، و أوّل شيء مكر به عبد الرحمن أنّه ابتدأ فأخرج نفسه
عن الأمر 415 ليتمكّن من صرفه إلى من يريد، و ليقال إنّه لو لا إيثاره 416 الحقّ و زهده في الولاية لما أخرج نفسه منها 417 ، ثم عرض على أمير المؤمنين عليه السلام ما يعلم أنّه لا يجيب إليه 418 و لا يلزمه 419 الإجابة إليه من السيرة فيهم بسيرة الرجلين، و علم أنّه عليه السلام لا يتمكّن من أن يقول إنّ سيرتهما لا يلزمني 420 ، لئلّا ينسب إلى الطعن عليهما، و كيف يلتزم بسيرتهما 421 و كلّ واحد منهما لم يسر بسيرة الآخر، بل اختلفا و تباينا في كثير من الأحكام، هذا بعد أن قال لأهل الشورى: و ثقوا لي 422 من أنفسكم بأنّكم ترضون باختياري إذا أخرجت 423 نفسي، فأجابوه على
مَا رَوَاهُ أَبُو مِخْنَفٍ بِإِسْنَادِهِ إِلَى مَا عَرَضَ عَلَيْهِمْ، إِلَّا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنَّهُ قَالَ: