کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
سَبْعِينَ سُورَةً، وَ إِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ لَذُو ذُؤَابَةٍ يَلْعَبُ مَعَ 1623 الْغِلْمَانِ، وَ اللَّهِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ إِلَّا وَ أَنَا أَعْلَمُ فِي أَيِّ شَيْءٍ نَزَلَ، وَ مَا أَحَدٌ أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي، وَ لَوْ أَعْلَمُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنِّي بِكِتَابِ اللَّهِ تَبْلُغُنِيهِ الْإِبِلُ لَأَتَيْتُهُ 1624 . قَالَ: ثُمَّ اسْتَحْيَا مِمَّا قَالَ، فَقَالَ: وَ مَا أَنَا بِخَيْرِكُمْ.
قَالَ شَقِيقٌ: فَقَعَدْتُ فِي الْحَلَقِ فِيهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ فَمَا سَمِعْتُ أَحَداً أَنْكَرَ 1625 عَلَيْهِ وَ لَا رَدَّ مَا قَالَ.
وَ رَوَى فِي جَامِعِ الْأُصُولِ 1626 ، عَنِ الْبُخَارِيِ 1627 وَ مُسْلِمٌ 1628 وَ التِّرْمِذِيُ 1629 ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ يَقُولُ: خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، مِنْ: عَبْدِ اللَّهِ، وَ سَالِمٍ، وَ مُعَاذٍ، وَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ 1630 .
اسْتَقْرِءُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، مِنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ فَبَدَأَ بِهِ-، وَ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَ مُعَاذٍ، وَ أُبَيٍّ.
وَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ] وَ سَلَّمَ: خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، مِنِ: ابْنِ مَسْعُودٍ، وَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ.
و روي من الصحاح أكثر الأخبار السالفة بأسانيد، فهذا ما رووه في ابن مسعود و أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر الناس بأخذ القرآن منه، و صرّح بأنّ قراءته مطابقة للقرآن المنزل، فالمنع من قراءته و إحراق مصحفه ردّ على الرسول صلّى اللّه عليه و آله و محادّة للّه عزّ و جلّ، و مع التنزّل عن مخالفة النصّ أيضا نقول كان على عثمان أن يجمعهم على قراءة عبد اللّه دون زيد، إذ قد روي في فضل عبد اللّه ما سمعت و لم يذكروا لزيد بن ثابت فضلا يشابه ما روي في عبد اللّه سندا و لا متنا، و قد رووا ما يقدح فيه و لم يذكر أحد منهم قدحا في عبد اللّه، و الإطناب في ذلك يوجب الخروج عمّا هو المقصود من الكتاب، و من أراد ذلك فليرجع إلى الإستيعاب 1631 و غيره 1632 ليظهر له ما ذكرنا.
و قال في الإستيعاب 1633 : كان زيد عثمانيّا و لم يكن فيمن شهد شيئا من مشاهد عليّ عليه السلام مع الأنصار.
فظهر أنّ السبب الحامل لهم على تفويض جمع القرآن إليه أوّلا، و جمع الناس على قراءته ثانيا تحريف الكلم عن مواضعه، و إسقاط بعض الآيات الدالّة على فضل أهل البيت عليهم السلام و النصّ عليهم، كما يظهر من الأخبار المأثورة عن الأئمّة الأطهار عليهم السلام، و لو فوّضوا إلى غيره لم يتيسّر لهم ما حاولوا.
و من جملة القراءات التّي حظرها و أحرق المصحف المطابق لها قراءة أبيّ بن كعب و معاذ بن جبل، و قد عرفت في بعض الروايات السابقة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمر بالأخذ عنهما. هذا سوق الطعن على وجه الإلزام و بناء الكلام على الروايات العاميّة، و أمّا إذا بني الكلام على ما روي عن أهل البيت عليهم السلام
فتوجّه الطعن أظهر و أبين، كما ستطّلع عليه في كتاب القرآن 1634 إن شاء اللّه.
توضيح:
قوله: فَسُقِطَ في نفسي .. يقال للنّادم المتحسِّر على فعل فعله: سُقِطَ في يده و هو مسقوط في يده 1635 ، قال اللّه تعالى: (لَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ) 1636 و لعلّه هنا أيضا بهذا المعنى. و قال بعض شرّاح الحديث من العامّة: سقط ببناء مجهول- ..
أي ندمت و وقع في خاطري من تكذيب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما لم أقدر على وصفه، ففاعل سقط محذوف .. أي سقط في نفسي ما لم يسقط مثله في الإسلام و لا في الجاهليّة، لأنّه كان في الجاهليّة غافلا أو متشكّكا، و كان من أكابر الصحابة، و ما وقع له فهو من نزغة الشيطان و زال ببركة يد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله.
و قال النووي في شرح صحيح مسلم 1637 : أي وقع في نفسي من تصويب قراءة الرجلين أشدّ ممّا كنت في الجاهليّة، لأنّه كان إمّا جاهلا أو متشكّكا و وسوس له الشيطان الجزم بالتكذيب 1638 .
قوله: فَفِضْتُ بكسر الفاء-، قوله 1639 : عرقا، تمييز، كقولهم تصيّب الفرس عرقا. و قال الكرماني: إسناد الفيضان إلى نفسه و إن كان مستدركا بالتميّز فإنّ فيه إشارة إلى أنّ العرق فاض منه حتّى كأنّ النفس فاضت معه، و مثله قولهم: سالت
عيني دمعا ..
الثامن:
إنّه كان يؤثر أهل بيته بالأموال العظيمة من بيت مال المسلمين، نحو ما روي 1640 أنّه دفع إلى أربعة من قريش زوّجهم بناته أربعمائة ألفي دينار، و أعطى مروان مائة ألف عند فتح إفريقية، و يروى 1641 خمس إفريقية.
وَ رَوَى السَّيِّدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 1642 ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: قَدِمَتْ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ عَلَى عُثْمَانَ فَوَهَبَهَا لِلْحَارِثِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ 1643 .
وَ رُوِيَ أَيْضاً أَنَّهُ وَلَّى الْحَكَمَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ صَدَقَاتِ قُضَاعَةَ فَبَلَغَتْ ثَلَاثَمِائَةِ
أَلْفٍ فَوَهَبَهَا لَهُ حِينَ أَتَاهُ بِهَا 1644 .
وَ قَدْ 1645 رَوَى أَبُو مِخْنَفٍ وَ الْوَاقِدِيُّ جَمِيعاً: أَنَّ النَّاسَ أَنْكَرُوا عَلَى عُثْمَانَ إِعْطَاءَهُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ 1646 مِائَةَ أَلْفٍ 1647 ، فَكَلَّمَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ الزُّبَيْرُ وَ طَلْحَةُ وَ سَعْدٌ وَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّ لِي قَرَابَةً وَ رَحِماً. فَقَالُوا: أَ مَا كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ قَرَابَةٌ وَ ذُو رَحِمٍ؟!. فَقَالَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ كَانَا يَحْتَسِبَانِ فِي مَنْعِ قَرَابَتِهِمَا، وَ أَنَا أَحْتَسِبُ فِي إِعْطَاءِ قَرَابَتِي 1648 ، قَالُوا: فَهُدَاهُمَا 1649 وَ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ هُدَاكَ.
وَ قَدْ رَوَى أَبُو مِخْنَفٍ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ عَلَى 1650 عُثْمَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدِ 1651 بْنِ أَبِي الْعَاصِ مِنْ مَكَّةَ وَ نَاسٌ مَعَهُ أَمَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بِثَلَاثِمِائَةِ أَلْفٍ وَ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ 1652 مِنَ الْقَوْمِ بِمِائَةِ أَلْفٍ 1653 ، وَ صَكَّ بِذَلِكَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ وَ كَانَ خَازِنَ بَيْتِ الْمَالِ فَاسْتَكْثَرَهُ وَ برد 1654 الصَّكَّ بِهِ، وَ يُقَالُ إِنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهِ 1655 بِذَلِكَ كِتَابَ دَيْنٍ فَأَبَى ذَلِكَ، وَ امْتَنَعَ ابْنُ الْأَرْقَمِ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ إِلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ:
إِنَّمَا أَنْتَ خَازِنٌ لَنَا فَمَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ؟. فَقَالَ ابْنُ الْأَرْقَمِ: كُنْتُ أَرَانِي 1656 خَازِناً لِلْمُسْلِمِينَ وَ إِنَّمَا خَازِنُكَ غُلَامُكَ، وَ اللَّهِ لَا أَلِي لَكَ بَيْتَ الْمَالِ أَبَداً، وَ جَاءَ 1657 بِالْمَفَاتِيحِ فَعَلَّقَهَا عَلَى الْمِنْبَرِ، وَ يُقَالُ: بَلْ أَلْقَاهَا إِلَى عُثْمَانَ، فَدَفَعَهَا عُثْمَانُ إِلَى نَائِلٍ مَوْلَاهُ 1658 .
وَ رَوَى الْوَاقِدِيُّ أَنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَنْ يَحْمِلَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ فِي عَقِيبِ هَذَا الْفِعْلِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا دَخَلَ بِهَا عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَرْسَلَ إِلَيْكَ يَقُولُ لَكَ 1659 : إِنَّا قَدْ شَغَلْنَاكَ عَنِ التِّجَارَةِ وَ لَكَ ذُو رَحِمٍ أَهْلُ حَاجَةٍ، فَفَرِّقْ هَذَا الْمَالَ فِيهِمْ، وَ اسْتَعِنْ بِهِ عَلَى عِيَالِكَ.
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَرْقَمِ: مَا لِي إِلَيْهِ حَاجَةٌ وَ مَا عَمِلْتُ لِأَنْ يُثِيبَنِي عُثْمَانُ؟ وَ اللَّهِ لَئِنْ كَانَ هَذَا مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ مَا بَلَغَ قَدْرُ عَمَلِي أَنْ أُعْطَى ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَ لَئِنْ كَانَ مِنْ مَالِ عُثْمَانَ مَا أُحِبُّ أَنْ أزرأ 1660 مِنْ مَالِهِ شَيْئاً 1661 .
وَ رَوَى الْوَاقِدِيُ 1662 ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: أَغْزَانَا عُثْمَانُ سَنَةَ 1663 سَبْعٍ وَ عِشْرِينَ إِفْرِيقِيَةَ فَأَصَابَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ غَنَائِمَ جَلِيلَةً، فَأَعْطَى عُثْمَانُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ تِلْكَ الْغَنَائِمَ.
وَ رَوَى الْوَاقِدِيُ 1664 ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ، قَالَتْ: لَمَّا بَنَى مَرْوَانَ دَارَهُ بِالْمَدِينَةِ دَعَا النَّاسَ إِلَى طَعَامِهِ وَ كَانَ الْمِسْوَرُ مِمَّنْ دَعَاهُ فَقَالَ مَرْوَانُ وَ هُوَ يُحَدِّثُهُمْ-: وَ اللَّهِ مَا أَنْفَقْتُ فِي دَارِي هَذِهِ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ دِرْهَماً فَمَا فَوْقَهُ. فَقَالَ الْمِسْوَرُ: لَوْ أَكَلْتَ طَعَامَكَ وَ سَكَتَّ كَانَ خَيْراً لَكَ، لَقَدْ غَزَوْتَ مَعَنَا إِفْرِيقِيَةَ وَ إِنَّكَ لَأَقَلُّنَا مَالًا وَ رَقِيقاً وَ أَعْوَاناً وَ أَخَفُّنَا ثِقْلًا، فَأَعْطَاكَ ابْنُ عَمِّكَ 1665 خُمُسَ إِفْرِيقِيَةَ وَ عَمِلْتَ عَلَى الصَّدَقَاتِ فَأَخَذْتَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ 1666 .