کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
أخرى لكن هذا الوجه يؤيده أن أصحاب التجارب شهدوا بأن أمثال هذه الحوادث في الجو تدل على حدوث حوادث في الأرض فلو لا أنها موجودات مستندة إلى تلك الاتصالات و الأوضاع لم يستمر هذا الاستدلال انتهى.
و قال بعضهم إن الله سبحانه إذا أراد أن يلطف بقوم أو يغضب عليهم بإحداث حدث في الأرض و تكوين كائن من إمطار مطر أو إرسال ريح و ما أشبههما أمر الملائكة السماوية خصوصا الملكين الموكلين بالشمس أن يفعلوا في الأرض بتوسط الملائكة الموكلين بها أفاعيل الملائكة أن يحركوا شيئا منها و يخلطوه حتى يحصل من اختلاطه ما يشاء فإن كل ما يتكون في الجو و الأرض إنما يحدث من اختلاط العناصر و الأرضيات فأول ما يحدث من ذلك قبل أن يمتزج امتزاجا تاما يحصل بسبب الكيفية الوحدانية المسماة بالمزاج هو البخار و الدخان و ذلك لأن الملائكة إذا هيجوا بإسخان السماويات الحرارة بخروا من الأجسام المائية و دخنوا من الأجسام الأرضية و أثاروا أجزاء إما هوائية و مائية مختلطين و هو البخار و إما نارية و أرضية كذلك و هو الدخان ثم حصل بتوسطهما موجودات شتى غير تامة المزاج من الغيم و المطر و الثلج و البرد و الضباب و الطل و الصقيع و الرعد و البرق و الصاعقة و القوس و الهالات و الشهب و الرياح و الزلازل و انفجارات العيون و القنوات و الآبار و النزوز كل ذلك بإذن الله سبحانه و توسط ملائكته كما قال سبحانه إشارة إلى بعض ذلك أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً الآية و التأمل في بناء الحمام و عوارضه نعم العون على إدراك ماهية الجو و كثير من حوادثه بل التدبر في ما يرتفع من أرض معدة الإنسان إلى زمهرير دماغه ثم ينزل منه في ثقب وجهه يعين على ذلك كسائر الأمور الأنفسية على الأحكام الآفاقية انتهى.
و قال بعض المحققين في تحقيق ألوان القوس توضيح المقام يستدعي مقدمتين الأولى أن سائر الألوان المتوسطة بين الأسود و الأبيض إنما تحدث عن اختلاط هذين اللونين و بالجملة الأبيض إذا رئي بتوسط الأسود أو بمخالطة
الأسود حدثت عن ذلك الألوان الأخر فإن كان النير هو الغالب رئي الأحمر و إن لم يكن غالبا رئي الكراثي و الأرجواني و غلبته في الكراثي أكثر و في الأرجواني أقل الثانية أن اللون الأسود هو بمنزلة عدم الإبصار لأنا إذا لم نر الشمس و المضيء ظننا أنا نرى شيئا أسود فالمكان من الغمام الذي يكون الأبيض فيه غالبا على الأسود نراه أحمر و المكان الذي يكون فيه الأسود غالبا نراه أرجوانيا و المكان الذي فيه الأسود بين الغالب و المغلوب نراه كراثيا.
فإذا تمهد هذا فنقول إذا رأى البصر النير بتوسط الغمام على تلك الشرائط رأى القوس على الأكثر ذات ألوان ثلاثة الأول منها و هو الدور الخارج الذي يلي السماء أحمر لقلة سواده و كثرة بياضه و الثاني و هو الذي دونه كراثي لتوسطه بين الأول و الثالث في قلة السواد و كثرته و قلة البياض و كثرته و الدور الثالث مما يلي الأرض أرجواني لكثرة سواده و قلة بياضه فأما الدور الأصفر الذي قد يرى أحيانا بين الدور الأحمر و الكراثي فإنه ليس يحدث بنحو الانعكاس فإنما يرى بمجاورة الأحمر اللون الكراثي و العلة في ذلك أن الأبيض إذا وقع على جنب الأسود رئي أكثر بياضا و لما كان الدور الأحمر فيه بياضا و الكراثي مائلا إلى السواد رئي طرف الأحمر لقربه من الكراثي أكثر بياضا من الأحمر و ما هو أكثر بياضا من الأحمر هو الأصفر فلهذا يرى طرف الدور الأحمر القريب من الكراثي أصفر و قد يظهر أحيانا قوسان معا كل واحدة منهما ذات ثلاثة ألوان على النحو الذي ذكرناه في الواحدة لكن وضع ألوان القوس الخارجة بالعكس من الداخلة يعني دورها الخارج الذي يلي السماء أرجواني و الذي يليه كراثي و الذي يتلو هذا أحمر و لا يبعد أن يكون أحد القوسين عكسا للآخر انتهى.
و أقول هذا ما ذكره القوم في هذا المقام و كلها مخالفة لما ورد في لسان الشريعة و لم يكلف الإنسان الخوض فيها و التفكر في حقائقها و لو كان مما ينفع المكلف لم يهمل صاحب الشرع بيانها و قد ورد في كثير من الأخبار النهي عن
تكلف ما لم يؤمر المرء بعلمه قال صاحب المواقف و شارحه بعد إيراد هذه المباحث ما ذكرناه كله آراء الفلاسفة حيث نفوا القادر المختار فأحالوا اختلاف الأجسام بالصور إلى استعداد في موادها و أحالوا اختلاف آثارها إلى صورها المتباينة و أمزجتها المتخالفة و كل ذلك إلى حركات الأفلاك و أوضاعها و أما المتكلمون فقالوا الأجسام متجانسة بالذات لتركبها من الجواهر الفردة و أنها متماثلة لا اختلاف فيها و إنما يعرض الاختلاف للأجسام لا في ذواتها بل بما يحصل فيها من الأعراض بفعل القادر المختار انتهى.
ثم اعلم أن ما يشاهد من انعقاد السحب في قلل الجبال و تقاطرها مع أن الواقف على قلة الجبل لا يرى سحابا و لا مطرا و لا ماء و الذين تحت السحاب ينزل عليهم المطر لا ينافي الظواهر الدالة على أن المطر من السماء بوجهين أولهما أنه يمكن أن ينزل عليهم المطر من السماء إلى السحاب رشحا ضعيفا لا يحس به أو قبل انعقاد السحاب على الموضع الذي يرتفع منه و ثانيهما أن نقول بحصول الوجهين معا و انقسام المطر إلى القسمين فمنه ما ينزل من السماء و منه ما يرتفع من بخار البحار و الأراضي الندية و يؤيده ما
رَوَاهُ شَيْخُنَا الْبَهَائِيُّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ فِي كِتَابِ مِفْتَاحِ الْفَلَاحِ حَيْثُ قَالَ نَقَلَ الْخَاصُّ وَ الْعَامُ أَنَّ الْمَأْمُونَ رَكِبَ يَوْماً لِلصَّيْدِ فَمَرَّ بِبَعْضِ أَزِقَّةِ بَغْدَادَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَطْفَالِ فَخَافُوا وَ هَرَبُوا وَ تَفَرَّقُوا وَ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي مَكَانِهِ فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ وَ قَالَ لَهُ كَيْفَ لَمْ تَهْرُبْ كَمَا هَرَبَ أَصْحَابُكَ فَقَالَ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَيْسَ ضَيِّقاً فَيَتَّسِعَ بِذَهَابِي وَ لَا بِي عِنْدَكَ ذَنْبٌ فَأَخَافَكَ لِأَجْلِهِ فَلِأَيِّ شَيْءٍ أَهْرُبُ فَأَعْجَبَ كَلَامُهُ الْمَأْمُونَ فَلَمَّا خَرَجَ إِلَى خَارِجِ بَغْدَادَ أَرْسَلَ صَقْرَهُ فَارْتَفَعَ فِي الْهَوَاءِ وَ لَمْ يَسْقُطْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ حَتَّى رَجَعَ وَ فِي مِنْقَارِهِ سَمَكَةٌ صَغِيرَةٌ فَتَعَجَّبَ الْمَأْمُونُ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا رَجَعَ تَفَرَّقَ الْأَطْفَالُ وَ هَرَبُوا إِلَّا ذَلِكَ الطِّفْلَ فَإِنَّهُ بَقِيَ فِي مَكَانِهِ كَمَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ وَ هُوَ ضَامٌّ كَفَّهُ عَلَى السَّمَكَةِ وَ قَالَ لَهُ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ فِي يَدِي فَقَالَ إِنَّ الْغَيْمَ حِينَ أَخَذَ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ تَدَاخَلَهُ سَمَكٌ صِغَارٌ فَتَسْقُطُ مِنْهُ فَيَصْطَادُهَا الْمُلُوكُ
فَيَمْتَحِنُونَ بِهَا سُلَالَةَ النُّبُوَّةِ فَأَدْهَشَ ذَلِكَ الْمَأْمُونَ فَقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الرِّضَا وَ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ وَاقِعَةِ الرِّضَا ع وَ كَانَ عُمُرُهُ ع فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَ قِيلَ عَشْرَ سَنَةٍ فَنَزَلَ الْمَأْمُونُ عَنْ فَرَسِهِ وَ قَبَّلَ رَأْسَهُ وَ تَذَلَّلَ لَهُ ثُمَّ زَوَّجَهُ ابْنَتَهُ.
أقول و قد مر في أبواب تاريخه ع و سئل السيد المرتضى الرعد و البرق و الغيم ما هو و قوله تعالى وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ و هل هناك برد أم لا فأجاب قدس سره أن الغيم جسم كثيف و هو مشاهد لا شك فيه و أما الرعد و البرق فقد روي أنهما ملكان و الذي نقوله هو أن الرعد صوت من اصطكاك أجرام السحاب و البرق أيضا من تصادمهما و قوله من جبال إلى آخره لا شبهة فيه أنه كلام الله و أنه لا يمتنع أن تكون جبال البرد مخلوقة في حال ما ينزل البرد.
[كلمة المصحّح]
بسمه تعالى إلى هنا تمّ الجزء الثالث من المجلّد الرابع عشر كتاب السماء و العالم من بحار الأنوار و هو الجزء التاسع و الخمسون حسب تجزئتنا من هذه الطبعة البهيّة.
و قد قابلناه على النسخة الّتي صحّحها الفاضل الخبير الشيخ محمّد تقيّ اليزديّ بما فيها من التعليق و التنميق و اللّه وليّ التوفيق.
محمد الباقر البهبودى
[كلمة المحقّق]
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الحمد للّه كما هو أهله و كما ينبغي لكرم وجهه و عزّ جلاله و الصلاة و السلام على رسوله و آله.
و بعد فقد بذلنا غاية مجهودنا في تصحيح هذا الجزء من كتاب «بحار الأنوار» و هو الجزء السادس و الخمسون حسب تجزئتنا في هذا الطبعة و تنميقه و التعليق عليه و مقابلته بالنسخ و المصادر.
نشكر اللّه تعالى على ما وفّقنا لذلك و نسأله أن يديم توفيقنا و يزيدنا من فضله و اللّه ذو الفضل العظيم.
قم المشرفة: محمد تقى اليزدي ربيع الأول 1380
(مراجع التصحيح و التخريج و التعليق)
قوبل هذا الجزء بعدّة نسخ مطبوعة و مخطوطة، منها النسخة المطبوعة بطهران سنة (1305) المعروفة بطبعة أمين الضرب، و منها النسخة المطبوعة بتبرير و منها النسخة المخطوطة النفيسة لمكتبة صاحب الفضيلة السيّد جلال الدين الأرمويّ الشهير ب «المحدّث» و اعتمدنا في التخريج و التصحيح و التعليق على كتب كثيرة نسرد بعض أساميها:
1- القرآن الكريم.
2- تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي المطبوع سنة 1311 في ايران
3- تفسير فرات الكوفيّ المطبوع سنة 1354 في النجف
4- تفسير مجمع البيان المطبوع سنة 1373 في طهران
5- تفسير أنوار التنزيل للقاضي البيضاويّ المطبوع سنة 1285 في استانبول
6- تفسير مفاتيح الغيب للفخر الرازيّ المطبوع سنة 1294 في استانبول
7- الاحتجاج للطبرسيّ المطبوع سنة 1350 في النجف
8- اصول الكافي للكليني المطبوع سنة- في طهران
9- الاقبال للسيّد بن طاوس المطبوع سنة 1312 في طهران
10- تنبيه الخواطر لورّام بن أبي فراس المطبوع سنة- في طهران
11- التوحيد للصدوق المطبوع سنة 1375 في طهران
12- ثواب الأعمال للصدوق المطبوع سنة 1375 في طهران
13- الخصال الأعمال للصدوق المطبوع سنة 1374 في طهران
14- الدرّ المنثور للسيوطيّ
15- روضة الكافي للكليني المطبوع سنة 1374 في طهران
16- علل الشرائع الصدوق المطبوع سنة 1378 في قم
17- عيون الأخبار للصدوق المطبوع سنة 1377 في قم
18- فروع الكافي للكلينى المطبوع سنة- في-
19- المحاسن للبرقيّ المطبوع سنة 1371 في طهران
20- معاني الاخبار للصدوق المطبوع سنة 1379 في طهران
21- مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب المطبوع سنة 1378 في قم
22- من لا يحضره الفقيه للصدوق المطبوع سنة 1376 في طهران
23- نهج البلاغة للشريف الرضي المطبوع سنة- في مصر
24- اسد الغاية لعزّ الدين ابن الأثير المطبوع سنة- في طهران
25- تنقيح المقال للشيخ عبد اللّه المامقاني المطبوع سنة 1350 في النجف
26- تهذيب الاسماء و اللغات للحافظ محيى الدين بن شرف النورى المطبوع في مصر
27- جامع الرواة للاردبيلى المطبوع سنة 1331 في طهران
28- خلاصة تذهيب الكمال للحافظ الخزرجي المطبوع سنة 132 في مصر
29- رجال النجاشى المطبوع-- في طهران
30- روضات الجنات للميرزا محمّد باقر الموسوى المطبوع سنة 1367 في طهران
31- الكنى و الألغاب للمحدّث القميالمطبوع-- في صيدا
32- لسان الميزان لابن حجر العسقلاني المطبوع-- فى حيدرآباد الدكن
33- الرواشح السماوية للسيد محمّد باقر الحسيني الشهير بالداماد المطبوع سنة 1311 في ايران
34- القبسات للسيد محمّد باقر الحسينى الشهير بالداماد المطبوع سنة 1315 في ايران
35- رسالة مذهب ارسطاطا ليس للسيد محمّد باقر الحسينى الشهير بالداماد المطبوعة بهامش القبسات