کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
نبذة فيما يتعلق ببقعته ع
كان الشافعي يقول قبر موسى الكاظم الترياق المجرب و في جامع التواريخ تأليف رشيد الدين فضل الله الوزير بن عماد الدولة أبي الخير أن في يوم الاثنين سابع عشر من ذي الحجة سنة ستمائة و اثنتين و سبعين وفاة الخواجة نصير الدين الطوسي في بغداد عند غروب الشمس و أوصى أن يدفن عند قبر موسى و الجواد عليهما السلام فوجدوا هناك ضريحا مبنيا بالكاشي و الآلات فلما تفحصوا تبين أن الخليفة الناصر لدين الله قد حفره لنفسه مضجعا و لما مات دفنه ابنه الظاهر في الرصافة مدفن آبائه و أجداده.
و من عجائب الاتفاق أن تاريخ الفراغ من إتمام هذا السرداب يوافق يومه مع يوم ولادة الخواجة يوم السبت حادي عشر جمادى الأولى سنة خمسمائة و سبع و تسعون تمام عمره خمس و سبعون سنة و سبعة أيام.
و ممن فاز بحسن الجوار هو أبو طالب يحيى بن سعيد بن هبة الدين علي بن قزغلي بن زيادة من أمراء بني العباس يقال له الشيباني و أصله من واسط ولد في بغداد سنة خمسمائة و اثنين و عشرين و توفي سنة خمسمائة و أربع و تسعين و دفن بجنب روضة الإمام موسى ع ذكره ابن خلكان في تاريخه و كان شيعي المذهب حسن الأخلاق محمود السيرة.
و ممن فاز بحسن الجوار بعد الممات الأمير توزن الديلمي من أمراء رجال الديالمة في عصر المتقي العباسي و عصى عليه و خالفه حتى فر الخليفة منه إلى الموصل ثم استماله و أرجعه إلى بغداد توفي الأمير المزبور سنة خمسمائة و ثمان و ستين و دفن في داره ثم نقل إلى مقابر قريش.
و من جملة المدفونين بجنب الإمامين الهمامين الكاظمين عليهما السلام القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم أحد صاحبي أبي حنيفة و الآخر هو محمد بن الحسن الشيباني كانت ولادة القاضي المذكور سنة مائة و ثلاث عشرة و توفي وقت الظهر خامس ربيع الأول سنة مائة و ست و ستين و قبره بجنب مشهدهما ع معلوم.
و ممن فاز أيضا بقرب الجوار بعد الموت النواب فرهاد ميرزا معتمد الدولة خلف المرحوم عباس ميرزا بن فتح علي شاه القاجاري و ولي عهده السابق و كان النواب المذكور من فحول فضلاء الدورة القاجارية معروفا بوسعة التتبع و الاستحضار خصوصا في فني التأريخ و الجغرافيا و اللغة الإنكليسية.
و له مآثر مأثورة منها كتابه الموسوم بجام جم في تاريخ الملوك و العالم و كتاب القمقام الذخار و الصمصام البتار في المقتل و كتاب الزنبيل يجري مجرى الكشكول و شرح خلاصة الحساب بالفارسية و هداية السبيل و كفاية الدليل رحلة زيارته بيت الله الحرام.
و من أعظم آثاره تعمير صحن الإمام موسى بن جعفر ع و تذهيب رءوس منائره الأربع كما هو المشاهد الآن و مدة التعمير ست سنين و فرغ من تعميره سنة ألف و مائتين و تسع و تسعين و توفي سنة ألف و ثلاثمائة و خمس في طهران و حمل نعشه إلى الكاظمين ع و دفن بباب الصحن الشريف الكاظمي حيث لا يخفى.
نبذة فيما يتعلق بالإمام علي بن موسى ع.
قيل لم يعرف له ولد سوى ابنه الإمام محمد بن علي ع كما هو في الإرشاد و الأصح أن له أولادا و قد ذكر غير واحد من العامة له خمسة بنين و ابنة واحدة و هم محمد القانع و الحسن و جعفر و إبراهيم و الحسين و عائشة و في بعض كتب الأنساب مذكور العقب من بعضهم فلاحظ.
و في قوچان مشهد عظيم يعرف بسلطان إبراهيم بن علي بن موسى الرضا ع و من عجيب ما يوجد في ذلك المشهد من الآثار بعض الأوراق من كلام الله المجيد هي بخط بايسنقر بن شاهرخ بن أمير تيمور الگوركاني يقال إن السلطان نادر شاه الأفشاري جاء بها من سمرقند إلى هذا المشهد و طول الصفحة في ذراعين و نصف و عرضها في ذراع و عشرة عقود و طول السطر في ذراع و عرضه خمسة عقود و الفاصل ما بين السطرين ربع ذراع بقلم غليظ في عرض ثلاث أصابع.
و السلطان ناصر الدين شاه القاجاري لما سافر إلى خراسان لزيارة الرضا ع جاء بورقتين منها إلى طهران جعلهما في متحفه الملوكي.
خاتمة شريفة في فضيلة بقعة الرضا صلوات الله عليه.
اعلم أن من جملة الأخبار الدالة على فضيلة تلك الأرض المقدسة و البقعة المباركة مَا رَوَاهُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي بَابِ الزِّيَارَاتِ مِنَ التَّهْذِيبِ أَنَّ الرِّضَا ع قَالَ إِنَّ فِي أَرْضِ خُرَاسَانَ بُقْعَةً مِنَ الْأَرْضِ يَأْتِي عَلَيْهَا زَمَانٌ تَكُونُ مَهْبَطاً لِلْمَلَائِكَةِ فَفِي كُلِّ وَقْتٍ يَنْزِلُ إِلَيْهَا فَوْجٌ إِلَى يَوْمِ نَفْخِ الصُّورِ فَقِيلَ لَهُ ع وَ أَيُّ بُقْعَةٍ هَذِهِ فَقَالَ هِيَ أَرْضُ طُوسَ وَ هِيَ وَ اللَّهِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ إِلَخْ رُوِيَ أَيْضاً عَنِ الصَّادِقِ ع أَرْبَعَةُ بِقَاعٍ مِنَ الْأَرْضِ ضَجَّتْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَيَّامِ طُوفَانِ نُوحٍ مِنِ اسْتِيلَاءِ الْمَاءِ عَلَيْهَا فَرَحِمَهَا اللَّهُ تَعَالَى وَ أَنْجَاهَا مِنَ الْغَرَقِ وَ هِيَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ فَرَفَعَهَا اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ الْغَرِيُّ وَ كَرْبَلَاءُ وَ طُوسُ.
قال في الوافي و لما ضجت تلك البقاع كان ضجيجها إلى الله من جهة عدم وجود من يعبد الله على وجهها فجعلها الله مدفن أوليائه فأول مدفن بنيت في تلك الأرض المقدسة سناباد بناها إسكندر ذو القرنين صاحب السد و كانت دائرة إلى زمان بناء طوس.
قال في معجم البلدان طوس مدينة بخراسان بينها و بين نيسابور نحو عشرة فراسخ و تشتمل على مدينتين يقال لأحدهما الطابران و للآخر نوقان و لهما أكثر من ألف قرية فتحت في أيام عثمان و بها قبر علي بن موسى الرضا و بها أيضا قبر هارون الرشيد.
و قال المسعر بن المهلهل و طوس أربع مدن منها اثنتان كبيرتان و اثنتان صغيرتان و بهما آثار أبنية إسلامية جليلة و بها دار حميد بن قحطبة و مساحتها
ميل في مثله و في بعض بساتينها قبر علي بن موسى الرضا ع و قبر الرشيد انتهى.
و كان حميد بن قحطبة واليا على طوس من قبل هارون فبنى في سناباد بنيانا و محلا لنفسه متى خرج إلى الصيد نزل فيه و حميد هذا هو الذي قتل في ليلة واحدة ستين سيدا من ذرية الرسول بأمر هارون الرشيد كما هو في العيون.
قال ابن عساكر في تاريخه حميد بن قحطبة و اسمه زياد بن شبيب بن خالد بن معدان الطائي أحد قواد بني العباس شهد حصار دمشق و كان نازلا على باب توماء و يقال على باب الفراديس و ولي الجزيرة للمنصور ثم ولي خراسان في خلافة المنصور و أمره المهدي عليها حتى مات و استخلف ابنه عبد الله و ولي مصر في خلافة المنصور في شهر رمضان سنة ثلاث و أربعين و مائة سنة كاملة ثم صرف عنها و كانت وفاة المترجم سنة تسع و خمسين و مائة انتهى.
و أما أصل بناء القبة المنورة فالظاهر أنه كان في حياته ع مشهورة بالبقعة الهارونية كما هو مروي في العيون من أنه دخل دار حميد بن قحطبة الطائي و دخل القبة التي فيها قبر هارون الرشيد.
وَ أَيْضاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ جَهْمٍ قَالَ حَضَرْتُ مَجْلِسَ الْمَأْمُونِ يَوْماً عِنْدَهُ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا وَ قَدِ اجْتَمَعَ الْفُقَهَاءُ وَ أَهْلُ الْكَلَامِ وَ ذَكَرَ أَسْئِلَةَ الْقَوْمِ وَ سُؤَالَ الْمَأْمُونِ عَنْهُ ع وَ جَوَابَاتِهِ وَ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ فَلَمَّا قَامَ الرِّضَا ع تَبِعْتُهُ فَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَ قُلْتُ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لَكَ مِنْ جَمِيلِ رَأْيِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مَا حَمَلَهُ عَلَى مَا أَرَى مِنْ إِكْرَامِهِ لَكَ وَ قَبُولِهِ لِقَوْلِكَ فَقَالَ ع يَا ابْنَ الْجَهْمِ لَا يَغُرَّنَّكَ مَا أَلْفَيْتَهُ عَلَيْهِ مِنْ إِكْرَامِي وَ الِاسْتِمَاعِ مِنِّي فَإِنَّهُ سَيَقْتُلُنِي بِالسَّمِّ وَ هُوَ ظَالِمٌ لِي أَعْرِفُ بِعَهْدٍ مَعْهُودٍ إِلَيَّ مِنْ آبَائِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَاكْتُمْ عَلَيَّ هَذَا مَا دُمْتُ حَيّاً قَالَ الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ فَمَا حَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَى أَنْ مَضَى الرِّضَا ع بِطُوسَ مَقْتُولًا بِالسَّمِ
و بالجملة فالظاهر أن سناباد كانت بلدة صغيرة بطوس و كانت لحميد بن قحطبة فيها دارا و بستانا و لما مات هارون الرشيد في طوس دفن في بيت حميد ثم بنى المأمون قبة على تربة أبيه و لما توفي الإمام ع دفن بجنب هارون في تلك القبة التي بناها المأمون فلا وجه لما هو الشائع على الألسنة أن قبته المباركة من بناء ذي القرنين.
و لعل وجه الشبهة أن مرو شاهجان الذي هو من أعظم بلاد خراسان هو من بناء ذي القرنين كما ذكره ياقوت الحموي في معجم البلدان و كان فيها سرير سلطنته و من حسن هوائه كان يسميه بروح الملك بكسر اللام و باعتبار تقديم المضاف إليه اشتهر بشاه جان. 2951
فِيهِ أَيْضاً وَ قَدْ رُوِيَ عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحَصِيبِ أَحَدِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ص أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَا بُرَيْدَةُ إِنَّهُ سَيُبْعَثُ بُعُوثٌ فَإِذَا بُعِثَتْ فَكُنْ فِي بَعْثِ الْمَشْرِقِ ثُمَّ كُنْ فِي بَعْثِ خُرَاسَانَ ثُمَّ كُنْ فِي بَعْثِ أَرْضٍ يُقَالُ لَهَا مَرْوُ إِذَا أَتَيْتَهَا فَانْزِلْ مَدِينَتَهَا فَإِنَّهُ بَنَاهَا ذُو الْقَرْنَيْنِ وَ صَلَّى فِيهَا عُزَيْرٌ أَنْهَارُهَا تُجْرِي الْبَرَكَةَ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَكٌ شَاهِرٌ سَيْفَهُ يَدْفَعُ عَنْ أَهْلِهَا السُّوءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
و قال بعض هي خير بقاع الأرض من بعد الجنات الأربع التي هي سغد سمرقند و نهر أبلة و شعب بوان و غوطة دمشق من حيث طيب الفواكه و الغلة و جمال النساء و الرجال و الخيل الجياد التي توجد فيها و سائر الحيوانات.
و كانت مرو دار الإمارة للملوك من آل طاهر و من المحتمل أن إسكندر من حيث كان من المقربين عند الله ألهم من عالم الغيب أنه يدفن في هذه البقعة من الأرض أحد الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين فبنى هذه البلدة و سماها سناباد كما رواه الصدوق رحمه الله في إكمال الدين و فيه يقتله عفريت متكبر و يدفن في المدينة التي بناها العبد الصالح ذو القرنين و يدفن إلى جنب شر خلق الله و لنعم ما قاله دعبل الخزاعي رضي الله عنه.
أربع بطوس على قبر الزكي إذا
ما كنت ترفع من دين على فطر
قبران في طوس خير الناس كلهم
و قبر شرهم هذا من العبر
ما ينفع الرجس من قبر الزكي و ما
على الزكي بقرب الرجس من ضرر
هيهات كل امرئ رهن بما كسبت
به يداه فخذ ما شئت أو فذر .
و عليه فإن إسكندر لم يبن القبة بل إنما هو الممصر لتلك البلدة.
وَ فِي الْخَرَائِجِ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبَّادٍ وَ كَانَ كَاتِبَ الرِّضَا ع قَالَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَ قَدْ عَزَمَ الْمَأْمُونُ بِالْمَسِيرِ إِلَى بَغْدَادَ فَقَالَ يَا ابْنَ عباس [عَبَّادٍ] مَا نَدْخُلُ الْعِرَاقَ وَ لَا نَرَاهُ فَبَكَيْتُ وَ قُلْتُ فَآيَسْتَنِي أَنْ آتِيَ أَهْلِي وَ وُلْدِي قَالَ ع أَمَّا أَنْتَ فَسَتَدْخُلُهَا وَ إِنَّمَا عَنَيْتُ نَفْسِي فَاعْتَلَّ وَ تُوُفِّيَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى طُوسَ وَ قَدْ كَانَ تَقَدَّمَ فِي وَصِيَّتِهِ أَنْ يُحْفَرَ قَبْرُهُ مِمَّا يَلِي الْحَائِطَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ قَبْرِ هَارُونَ ثَلَاثُ أَذْرُعٍ.
و قد كانوا حفروا ذلك الموضع لهارون فكسرت المعاول و المساحي فتركوه و حفروا حيث أمكن الحفر فقال احفروا ذلك المكان فإنه سيلين عليكم و تجدون صورة سمكة من نحاس و عليها كتابة بالعبرانية فإذا خوتم لحدي فعمقوه و ردوها مما يلي رجلي.
فحفرنا ذلك المكان و كان المحافر تقع في الرمل اللين و وجدنا السمكة مكتوبا عليها بالعبرانية هذه روضة علي بن موسى و تلك حفرة هارون الجبار فرددناها و دفناها في لحده عند موضع قاله.
و من المعلوم أن حفر الأرض و عمل سمكة من نحاس و كتابه لا يكون إلا من إنسان و بالجملة فالظاهر أن الحفر المزبور من آثار إسكندر ذي القرنين دون القبة المنورة.