کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
الرابع عشر أنه رتبه على الشرط بالفاء الدالة على عدم التراخي.
الخامس عشر أنه عبر عنها بذكر الله فوضع الظاهر موضع الضمير إن فسر بالصلاة للدلالة على أنها ذكر الله فمن تركها كان ناسيا لذكر الله غافلا عنه و إن فسر بالخطبة أيضا يجري فيه مثله.
السادس عشر تعقيبه بالأمر بترك ما يشغل عنه من البيع.
السابع عشر تعقيبه بقوله ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ و هو يتضمن وجوها من التأكيد الأول نفس تعقيب هذا الكلام لسابقه و الثاني الإشارة بصيغة البعيد المتضمن لتعظيم المشار إليه و الثالث تنكير خير إن لم نجعله اسم تفضيل لأنه أيضا للتعظيم.
الثامن عشر تعقيبه بقوله إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ و هو يتضمن التأكيد من وجوه الأول نفس هذا الكلام فإن العرف يشهد بأنه يذكر في الأمور العظام المرغب فيها إن كنت تعلم ما فيه من الخير لفعلته.
الثاني الدلالة على أن من توانى فيه فإنما هو لجهله بما فيه من الفضل ففيه تنزيل لبعض العالمين منزلة الجاهلين و دلالة على أنه لا يمكن أن يصدر الترك أو التواني فيه عن أحد إلا عن جهل بما فيه.
و الثالث أنه ترك الجزاء ليذهب الوهم كل مذهب ممكن و هو نهاية في المبالغة.
و الرابع أنه ترك مفعول العلم فإما أن يكون لتنزيله منزلة اللازم فيدل على أنه يكفي في الرغبة و المسارعة إليه و ترك ما يشغل عنه الاتصاف بمجرد العلم و الكون من أهله أو ترك إبهاما له لتعظيمه و ليذهب الوهم كل مذهب ممكن فيكون المفهوم أن كل من علم شيئا من الأشياء أسرع إليها لأن فضلها من البديهيات التي ليس شيء أجلى منها.
الرابع ما أكد الحكم به بعد هذه الآية و هو أيضا من وجوه الأول قوله فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فإنه بناء على كون الأمر للإباحة كما هو الأشهر و الأظهر هنا دل بمفهوم الشرط على عدم إباحة الانتشار قبل الصلاة.
الثاني أن أصل هذا الكلام نوع تأكيد للحكم بإزاحة علتهم في ذلك أي إن كان غرضكم التجارة فهو ميسور و مقدور بعد الصلاة فلم تتركون الصلاة لذلك.
الثالث تعليق الفلاح بما مر كما مر.
الرابع الإتيان به بلفظ الترجي ليعلموا أن تحصيل الفلاح أمر عظيم لا يمكن الجزم بحصوله بقليل من الأعمال و لا مع عدم حصول شرائط القبول فيكون أحث لهم على العمل و رعاية شرائطه.
الخامس لومهم على ترك الصلاة و التوجه إلى التجارة و اللهو أشد لؤم.
السادس بيان المثوبات المترتبة على حضور الصلاة.
السابع إجمال هذه المثوبات إيذانا بأنه لا يمكن وصفه و لا يكتنه كنهه و لا يصل عقول المخاطبين إليه.
الثامن بيان أن اللذات الأخروية ليست من جنس المستلذات الدنيوية و أنها خير منها بمراتب.
التاسع بيان أنه الرازق و القادر عليه فلا ينبغي ترك طاعته و خدمته لتحصيل الرزق فإنه قادر على أن يحرمكم مع ترك الطاعة و يرزقكم مع فعلها.
العاشر بيان أنه خير الرازقين على سبيل التنزل أي لو كان غيره رازق فهو خير منه فكيف و لا رازق سواه و يحتاج إليه كل ما عداه.
الحادي عشر تعقيب هذه السورة بسورة المنافقين إيذانا بأن تارك هذه الفضيلة من غير علة منافق كما ورد في الأخبار الكثيرة من طرق الخاصة و العامة و به يظهر سر تلك الأخبار و يشهد له الأمر بقراءتهما في الجمعة و صلوات ليلة الجمعة و يومها و تكرر ذكر الله فيهما على وجه واحد.
وَ رَوَى الْكُلَيْنِيُّ فِي الْحَسَنِ 10122 كَالصَّحِيحِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَ بِالْجُمُعَةِ الْمُؤْمِنِينَ فَسَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ ص بِشَارَةً لَهُمْ وَ الْمُنَافِقِينَ تَوْبِيخاً لِلْمُنَافِقِينَ وَ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّداً فَلَا صَلَاةَ لَهُ.
و بالجملة قوله سبحانه في الجمعة فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ و قوله إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها و قوله في المنافقين يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ أي لا يشغلكم تدبيرها و الاهتمام بها عن ذكره سبحانه وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ حيث طلبوا تجارة الدنيا الفانية و ربحها فخسروا الآخرة الباقية ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ فكل ذلك مما يورث الظن القوي بأن هذه الآية أيضا مسوقة للتهديد على ترك الجمعة أو ما يشملها و لذا أوردناها هاهنا تأييدا لا استدلالا فلا تغفل.
تفصيل و لنذكر الأحكام المستنبطة من تلك الآيات مجملا
الأول أن تلك الآيات تدل على وجوب صلاة الجمعة عينا في جميع الأزمان و لنذكر أولا الاختلافات الواقعة فيها ثم لنتعرض لوجه الاستدلال بالآيات على ما هو الحق عندي منها.
اعلم أنه لا خلاف بين الأمة في وجوب صلاة الجمعة وجوبا عينيا في الجملة و إنما الخلاف في بعض شرائطها و الكلام على وجوه تفصيلها أنه هل يشترط الإمام أو نائبه 10123 أم لا و على تقدير الاشتراط هل هو شرط الانعقاد أو شرط الوجوب
فبدونها يستحب و إن كان شرط الانعقاد فهل هو مخصوص بزمن حضور الإمام أو عام أو أنه مخصوص بإمكان الوصول بأحدهما حتى لو تعذر كفى إمام الجماعة أو عام حتى لو تعذر لم تنعقد.
فكلام الفاضلين في التحرير و المعتبر و الشهيد في الدروس و البيان صريح في أنه شرط الوجوب دون الانعقاد و هو ظاهر الشيخ في النهاية و صريح العلامة في