کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
قال آمينا.
فأجلت فيما أملاه نظري و رددت فيما أسداه بصري و جعلت أطيل فيه فكري و أديم به ذكري فوجدته أنضد من لبوس و أزين من عروس و أعذب من الماء و أرق من الهواء قد ملك أزمة القلوب و سخي ببذل المطلوب.
لقد وافت فضائلك المعالي
تهز معاطف اللفظ الرشيق
فضضت ختامهن فخلت أني
فضضت بهن عن مسك فتيق
و جال الطرف منها في رياض
كسين محاسن الزهر الأنيق
شربت بها كئوسا من معاني
غنيت لشربهن عن الرحيق
و لكني حملت بها حقوقا
أخاف لثقلهن من العقوق
فشربا يا نعيم بي رويدا
فلست أطيق كفران الحقوق
و حمل ما أطيق به نهوضا
فإن الرفق أليق بالصديق .
و لعمري قد جاد و أجاد و بذل المطلوب كما أريد منه و أراد و لقد أحيا و أشاد بما رسم و أفاد رسوما قد اندرست و طولا قد عفت و معاهد قد عطلت و قباب مجد قوضت و أركان فضل قد هدت و انهدمت و أبنية سودد قد أنقضت و انقضت فلله دره فقد وجب على العالمين شكره و بره فكم أحيا بجميل ذكره ما قد مات و رد بحسن الثناء ما قد غبر و فات و كم له في ذلك من النعم و الأيادي على الحاضر و البادي و من الفواضل البوادي على المحفل و النادي فقد نشر فضائل العلماء و الفقهاء و ذكر محاسن الأدباء و الأزكياء و نوه بذكر سكان زوايا الخمول و أنار منار فضل من أشرف ضوؤه على الأفول فكأني بمدارس العلم لذلك قد هزت و ربت و بمجالس الفضل له قد أزلفت و زفت و بمحافل الأدب قد أسست و آنست و كأني بسكان الثرى و رهائن القبور قد ارتقوا مدارج الطور و ألبسوا ملابس البهاء و النور و تباشروا بالتهنية و السرور و طفقوا بلسان الحال ينشدون مادحهم هذا المقال.
رباعي
أحييتنا بثنائك السلسال
فاذهب بنعماها رخي البال
في النشأتين لك المهنأ و الهنا
نيل المنى و الفوز بالآمال .
انتهى و هو أعلى الله مقامه من الذين ينبغي التأسي بفعالهم و النسج على منوالهم.
و لما من الله تعالى على عباده في هذا القرن الذي قد مد الضلال باعه و أسفر الظلم قناعه و دعا الشيطان المغوي أتباعه و أجهد ولاة الكفر و البدع في ترويج مذهبهم بكل طريق و دعوا و رغبوا الناس إليها من كل فج عميق من عليهم بوجود السلطان المؤيد و الخاقان المسدد رافع ألوية البسالة باسط بساط العدل و الجلالة حامي مذهب الأئمة الاثني عشر ع و ماحي صولات من تمرد و كفر حارس بيضة الإسلام المنصور من عند الملك العلام السلطان ناصر الدين شاه القاجار 11250 مد الله ظلال سلطنته و أدام أيام ملكه و عدالته فألبس الملة البيضاء
ثوب العزة و البهاء و أسبل عليها ستور النضرة و السناء و أحيا معالم الدين بعد البلى.
صار نشر معالم الشرع شائعا في بلاد أهل الإيمان و تعظيم شعائر الله و تكريم مشاعره محبوب كل مخلص باليد و القلب و اللسان فإن الناس على دين ملوكهم فأخذ كل مؤمن من ذلك حظه و حاز منه قسطه.
إلى أن نهض صاحب الفتوة و معدن المروة مخزن المكارم و مفزع الأعاظم المؤيد بالتأييد السبحاني و اللطف الرباني الحاج محمد حسن الأصفهاني الملقب بالأمين أنجح الله تعالى له الأماني فأخذ منه الحظ المتكاثر الأسنى و النصيب المتوافر الأهنى و قذف الله في قلبه جمع مجلدات البحار الذي هو في كتب الإمامية كالشمس في رائعة النهار ثم طبعها و نشرها في البوادي و الأمصار لينتفع منه الغني و الفقير و الوضيع و الشريف و البعيد و القريب.
فسألني أخ إيماني و خليل روحاني لا يسعني رده و لا يمكنني صده أن أترجم حال صاحبه العلم العلام أداء لبعض حقوقه على أهل الإسلام و أذكر مناقبه و فضائله و أجمع كتبه و رسائله و أشير إلى آبائه و عشيرته و نسله و ذريته و مشايخه و تلامذته من الذين شيدوا أركان الدين القويم و ساقوا الناس إلى الصراط المستقيم فاستخرت الله و أجبت مسئوله و سميته الفيض القدسي في ترجمة العلامة المجلسي ره و رتبته على فصول
الفصل الأول في شطر من مناقبه و فضائله
قال المحقق الألمعي الحاج محمد الأردبيلي 11251 في كتاب جامع الرواة محمد باقر بن محمد تقي بن المقصود علي الملقب بالمجلسي مد ظله العالي أستادنا و شيخنا و شيخ الإسلام و المسلمين خاتم المجتهدين الإمام العلامة المحقق المدقق جليل القدر عظيم الشأن رفيع المنزلة وحيد عصره فريد دهره ثقة
ثبت عين كثير العلم جيد التصانيف و أمره في علو قدره و عظم شأنه و سمو رتبته و تبحره في العلوم العقلية و النقلية و دقة نظره و إصابة رأيه و ثقته و أمانته و عدالته أشهر من أن يذكر و فوق ما يحوم حوله العبارة و بلغ فيضه و فيض والده رحمهما الله تعالى دينا و دنيا بأكثر الناس من الخواص و العوام جزاه الله تعالى أفضل جزاء المحسنين.
له كتب نفيسة جيدة قد أجازني دام بقاه و تأييده أن أروي عنه جميعها.
قلت لم يوفق أحد في الإسلام مثل ما وفق هذا الشيخ المعظم و البحر الخضم و الطود الأشم من ترويج المذهب و إعلاء كلمة الحق و كسر صولة المبدعين و قمع زخارف الملحدين و إحياء دارس سنن الدين المبين و نشر آثار أئمة المسلمين بطرق عديدة و أنحاء مختلفة أجلها و أبقاها التصانيف الرائقة الأنيقة الكثيرة التي شاعت في الأنام و ينتفع بها في آناء الليالي و الأيام العالم و الجاهل و الخواص و العوام و المشتغل المبتدي و المجتهد المنتهى و العجمي و العربي و أصناف الفرق المختلفة و أصحاب الآراء المتفرقة.
قال العالم الفاضل الألمعي آغا أحمد 11252 بن المحقق النحرير آقا محمد علي
ابن الأستاد الأكبر البهبهاني أعلى الله مقامهم في كتاب مرآة الأحوال إنه ليس بلد في بلاد الإسلام و لا بلاد الكفر خاليا من تصانيفه و إفاداته.
قال ره و وقعت سفينة في الطوفان فبلغوا أهلها أنفسهم بعد جد و جهد و تعب عظيم إلى جزيرة من جزائر الكفار و لم يكن فيها أثر من آثار الإسلام فصاروا ضيافا في بيت رجل من أهلها و علموا في أثناء الكلام أنه مسلم فقالوا إن جميع أهل هذه القرية كفار و أنت لم تخرج إلى بلاد المسلمين فما الذي أرغبك في الإسلام و أدخلك فيه فذهب إلى بيت و أخرج كتاب حق اليقين و قال أنا و أهل بيتي صرنا مسلمين ببركة هذا الكتاب و إرشاده.
قال رحمه الله و حدثني بعض الثقات عن والده الجليل المولى محمد تقي رحمة الله عليه أنه قال إن في بعض الليالي بعد الفراغ من التهجد عرضت لي حالة عرفت منها أني لا أسأل من الله تعالى شيئا حينئذ إلا استجاب لي و كنت أتفكر فيما أسأله عنه تعالى من الأمور الأخروية و الدنيوية و إذا بصوت بكاء محمد باقر في المهد فقلت إلهي بحق محمد و آل محمد ص اجعل هذا الطفل مروج دينك و ناشر أحكام سيد رسلك ص و وفقه بتوفيقاتك التي لا نهاية لها.
قال ره و خوارق العادات التي ظهرت منه لا شك أنها من آثار هذا الدعاء فإنه كان شيخ الإسلام من قبل السلاطين في بلد مثل أصفهان و كان يباشر
بنفسه جميع المرافعات و طي الدعاوي و لا تفوته الصلاة على الأموات و الجماعات و الضيافات و العبادات و بلغ من كثرة ضيافته أن رجلا كان يكتب أسامي من أضافه فإذا فرغ من صلاة العشاء يعرض عليه اسمه و أنه ضيف عنده فيذهب إليه.