کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
وَ قَالَ ع إِنَّ الْوُصُولَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ سَفَرٌ- لَا يُدْرَكُ إِلَّا بِامْتِطَاء اللَّيْلِ مَنْ لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يَمْنَعَ لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يُعْطِيَ-.
وَ قَالَ ع لِلْمُتَوَكِّلِ- لَا تَطْلُبِ الصَّفَا مِمَّنْ كَدَرْتَ عَلَيْهِ وَ لَا النُّصْحَ مِمَّنْ صَرَفْتَ سُوءَ ظَنِّكَ إِلَيْهِ فَإِنَّمَا قَلْبُ غَيْرِكَ لَكَ كَقَلْبِكَ لَهُ.
باب 30 مواعظ القائم ع و حكمه
1- الدُّرَّةُ الْبَاهِرَةُ مِنَ الْأَصْدَافِ الطَّاهِرَةِ، مِمَّا كَتَبَهُ ع جَوَاباً لِإِسْحَاقَ بْنِ يَعْقُوبَ إِلَى الْعَمْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَمَّا ظُهُورُ الْفَرَجِ فَإِنَّهُ إِلَى اللَّهِ وَ كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ وَ أَمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِيهَا إِلَى رُوَاةِ حَدِيثِنَا فَإِنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُمْ وَ أَنَا حُجَّةُ اللَّهِ وَ أَمَّا الْمُتَلَبِّسُونَ بِأَمْوَالِنَا فَمَنِ اسْتَحَلَّ مِنْهَا شَيْئاً فَأَكَلَ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ النِّيرَانَ وَ أَمَّا الْخُمُسُ فَقَدْ أُبِيحَ لِشِيعَتِنَا وَ جُعِلُوا مِنْهُ فِي حِلٍّ إِلَى وَقْتِ ظُهُورِ أَمْرِنَا لِتَطِيبَ وِلَادَتُهُمْ وَ لَا تَخْبُثَ وَ أَمَّا عِلَّةُ مَا وَقَعَ مِنَ الْغَيْبَةِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ 21694 إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ آبَائِي إِلَّا وَ قَدْ وَقَعَتْ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِطَاغِيَةِ زَمَانِهِ وَ إِنِّي أَخْرُجُ حِينَ أَخْرُجُ وَ لَا بَيْعَةَ لِأَحَدٍ مِنَ الطَّوَاغِيتِ فِي عُنُقِي وَ أَمَّا وَجْهُ الِانْتِفَاعِ بِي فِي غَيْبَتِي فَكَالانْتِفَاعِ بِالشَّمْسِ إِذَا غَيَّبَهَا عَنِ الْأَبْصَارِ السَّحَابُ وَ إِنِّي أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ كَمَا أَنَّ النُّجُومَ أَمَانٌ لِأَهْلِ السَّمَاءِ.
باب 31 وصية المفضل بن عمر لجماعة الشيعة
1- ف 21695 ، تحف العقول أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً وَ ابْتَغُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَ اخْشَوْا سَخَطَهُ وَ حَافِظُوا عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَ لَا تَتَعَدَّوْا حُدُودَ اللَّهِ وَ رَاقِبُوا اللَّهَ فِي جَمِيعِ أُمُورِكُمْ وَ ارْضَوْا بِقَضَائِهِ فِيمَا لَكُمْ وَ عَلَيْكُمْ أَلَا وَ عَلَيْكُمْ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ أَلَا وَ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْكُمْ فَزِيدُوهُ إِحْسَاناً وَ اعْفُوا عَمَّنْ أَسَاءَ إِلَيْكُمْ وَ افْعَلُوا بِالنَّاسِ مَا تُحِبُّونَ أَنْ يَفْعَلُوهُ بِكُمْ أَلَا وَ خَالِطُوهُمْ بِأَحْسَنِ مَا تَقْدِرُونَ عَلَيْهِ وَ إِنَّكُمْ أَحْرَى أَنْ لَا تَجْعَلُوا عَلَيْكُمْ سَبِيلًا عَلَيْكُمْ بِالْفِقْهِ فِي دِينِ اللَّهِ وَ الْوَرَعِ عَنْ مَحَارِمِهِ وَ حُسْنِ الصِّحَابَةِ لِمَنْ صَحِبَكُمْ بَرّاً كَانَ أَوْ فَاجِراً أَلَا وَ عَلَيْكُمْ بِالْوَرَعِ الشَّدِيدِ فَإِنَّ مِلَاكَ الدِّينِ الْوَرَعُ صَلُّوا الصَّلَوَاتِ لِمَوَاقِيتِهَا وَ أَدَّوُا الْفَرَائِضَ عَلَى حُدُودِهَا أَلَا وَ لَا تُقَصِّرُوا فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَ بِمَا يَرْضَى عَنْكُمْ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ تَفَقَّهُوا فِي دِينِ اللَّهِ وَ لَا تَكُونُوا أَعْرَاباً فَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِي دِينِ اللَّهِ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ فِي الْغِنَى وَ الْفَقْرِ وَ اسْتَعِينُوا بِبَعْضِ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ اسْتَعِينُوا بِبَعْضِ هَذِهِ عَلَى هَذِهِ وَ لَا تَكُونُوا كَلًّا عَلَى النَّاسِ عَلَيْكُمْ بِالْبِرِّ بِجَمِيعِ مَنْ خَالَطْتُمُوهُ وَ حُسْنِ الصَّنِيعِ إِلَيْهِ أَلَا وَ إِيَّاكُمْ وَ الْبَغْيَ فَإِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع كَانَ يَقُولُ إِنَّ أَسْرَعَ الشَّرِّ عُقُوبَةً الْبَغْيُ أَدُّوا مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الصَّلَاةِ وَ الصَّوْمِ وَ سَائِرِ فَرَائِضِ اللَّهِ وَ أَدُّوا الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ إِلَى أَهْلِهَا فَإِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ يَا مُفَضَّلُ قُلْ لِأَصْحَابِكَ يَضَعُونَ الزَّكَاةَ فِي أَهْلِهَا وَ إِنِّي ضَامِنٌ لِمَا ذَهَبَ لَهُمْ- عَلَيْكُمْ بِوَلَايَةِ آلِ مُحَمَّدٍ ص- أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً تَزَاوَرُوا وَ تَحَابُّوا وَ لْيُحْسِنْ بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَ تَلَاقَوْا وَ تَحَدَّثُوا وَ لَا يُبْطِنَنَّ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ 21696 وَ إِيَّاكُمْ وَ التَّصَارُمَ
وَ إِيَّاكُمْ وَ الْهِجْرَانَ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ وَ اللَّهِ لَا يَفْتَرِقُ رَجُلَانِ مِنْ شِيعَتِنَا عَلَى الْهِجْرَانِ إِلَّا بَرِئْتُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَ لَعَنْتُهُ وَ أَكْثَرُ مَا أَفْعَلُ ذَلِكَ بِكِلَيْهِمَا فَقَالَ لَهُ مُعَتِّبٌ 21697 جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا الظَّالِمُ فَمَا بَالُ الْمَظْلُومِ قَالَ لِأَنَّهُ لَا يَدْعُو أَخَاهُ إِلَى صِلَتِهِ سَمِعْتُ أَبِي وَ هُوَ يَقُولُ إِذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ مِنْ شِيعَتِنَا فَفَارَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَلْيَرْجِعِ الْمَظْلُومُ إِلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَقُولَ لَهُ يَا أَخِي أَنَا الظَّالِمُ حَتَّى يَنْقَطِعَ الْهِجْرَانُ فِيمَا بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى حَكَمٌ عَدْلٌ يَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ- لَا تُحَقِّرُوا وَ لَا تَجْفُوا فُقَرَاءَ شِيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ ع وَ أَلْطِفُوهُمْ وَ أَعْطُوهُمْ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُمْ فِي أَمْوَالِكُمْ وَ أَحْسِنُوا إِلَيْهِمْ- لَا تَأْكُلُوا النَّاسَ بِآلِ مُحَمَّدٍ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ افْتَرَقَ النَّاسُ فِينَا عَلَى ثَلَاثِ فِرَقٍ فِرْقَةٍ أَحَبُّونَا انْتِظَارَ قَائِمِنَا لِيُصِيبُوا مِنْ دُنْيَانَا فَقَالُوا وَ حَفِظُوا كَلَامَنَا وَ قَصَّرُوا عَنْ فِعْلِنَا فَسَيَحْشُرُهُمُ اللَّهُ إِلَى النَّارِ وَ فِرْقَةٍ أَحَبُّونَا وَ سَمِعُوا كَلَامَنَا وَ لَمْ يُقَصِّرُوا عَنْ فِعْلِنَا لِيَسْتَأْكِلُوا النَّاسَ بِنَا فَيَمْلَأُ اللَّهُ بُطُونَهُمْ نَاراً يُسَلِّطُ عَلَيْهِمُ الْجُوعَ وَ الْعَطَشَ وَ فِرْقَةٍ أَحَبُّونَا وَ حَفِظُوا قَوْلَنَا وَ أَطَاعُوا أَمْرَنَا وَ لَمْ يُخَالِفُوا فِعْلَنَا فَأُولَئِكَ مِنَّا وَ نَحْنُ مِنْهُمْ وَ لَا تَدَعُوا صِلَةَ آلِ مُحَمَّدٍ ع مِنْ أَمْوَالِكُمْ مَنْ كَانَ غَنِيّاً فَبِقَدْرِ غِنَاهُ وَ مَنْ كَانَ فَقِيراً فَبِقَدْرِ فَقْرِهِ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ اللَّهُ لَهُ أَهَمَّ الْحَوَائِجِ إِلَيْهِ فَلْيَصِلْ آلَ مُحَمَّدٍ وَ شِيعَتَهُمْ بِأَحْوَجِ مَا يَكُونُ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ- لَا تَغْضَبُوا مِنَ الْحَقِّ إِذَا قِيلَ لَكُمْ وَ لَا تُبْغِضُوا أَهْلَ الْحَقِّ إِذَا صَدَعُوكُمْ بِهِ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَغْضَبُ مِنَ الْحَقِّ إِذَا صُدِعَ بِهِ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَرَّةً وَ أَنَا مَعَهُ يَا مُفَضَّلُ كَمْ أَصْحَابُكَ فَقُلْتُ وَ قَلِيلٌ فَلَمَّا انْصَرَفْتُ إِلَى الْكُوفَةِ أَقْبَلَتْ عَلَيَّ الشِّيعَةُ فَمَزَّقُونِي كُلَّ مُمَزَّقٍ يَأْكُلُونَ لَحْمِي وَ يَشَمُّونَ عِرْضِي حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ اسْتَقْبَلَنِي فَوَثَبَ فِي وَجْهِي وَ بَعْضُهُمْ قَعَدَ لِي فِي
سِكَكِ الْكُوفَةِ يُرِيدُ ضَرْبِي وَ رَمَوْنِي بِكُلِّ بُهْتَانٍ حَتَّى بَلَغَ ذَلِكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَيْهِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ كَانَ أَوَّلَ مَا اسْتَقْبَلَنِي بِهِ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ عَلَيَّ أَنْ قَالَ يَا مُفَضَّلُ مَا هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي أَنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ لَكَ وَ فِيكَ قُلْتُ وَ مَا عَلَيَّ مِنْ قَوْلِهِمْ قَالَ أَجَلْ بَلْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ أَ يَغْضَبُونَ بُؤْسٌ لَهُمْ إِنَّكَ قُلْتَ إِنَّ أَصْحَابَكَ قَلِيلٌ- لَا وَ اللَّهِ مَا هُمْ لَنَا شِيعَةً وَ لَوْ كَانُوا شِيعَةً مَا غَضِبُوا مِنْ قَوْلِكَ وَ مَا اشْمَأَزُّوا مِنْهُ لَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ شِيعَتَنَا بِغَيْرِ مَا هُمْ عَلَيْهِ وَ مَا شِيعَةُ جَعْفَرٍ إِلَّا مَنْ كَفَّ لِسَانَهُ وَ عَمِلَ لِخَالِقِهِ وَ رَجَا سَيِّدَهُ وَ خَافَ اللَّهَ حَقَّ خِيفَتِهِ وَيْحَهُمْ أَ فِيهِمْ مَنْ قَدْ صَارَ كَالْحَنَايَا مِنْ كَثْرَةِ الصَّلَاةِ أَوْ قَدْ صَارَ كَالتَّائِهِ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ أَوْ كَالضَّرِيرِ مِنَ الْخُشُوعِ أَوْ كَالضَّنِيِّ مِنَ الصِّيَامِ أَوْ كَالْأَخْرَسِ مِنْ طُولِ الصَّمْتِ وَ السُّكُوتِ أَوْ هَلْ فِيهِمْ مَنْ قَدْ أَدْأَبَ لَيْلَهُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ وَ أَدْأَبَ نَهَارَهُ مِنَ الصِّيَامِ أَوْ مَنَعَ نَفْسَهُ لَذَّاتِ الدُّنْيَا وَ نَعِيمَهَا خَوْفاً مِنَ اللَّهِ وَ شَوْقاً إِلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ أَنَّى يَكُونُونَ لَنَا شِيعَةً وَ إِنَّهُمْ لَيُخَاصِمُونَ عَدُوَّنَا فِينَا حَتَّى يَزِيدُوهُمْ عَدَاوَةً وَ إِنَّهُمْ لَيَهِرُّونَ هَرِيرَ الْكَلْبِ وَ يَطْمَعُونَ طَمَعَ الْغُرَابِ أَمَا إِنِّي لَوْ لَا أَنَّنِي أَتَخَوَّفُ عَلَيْهِمْ أَنْ أُغْرِيَهُمْ بِكَ لَأَمَرْتُكَ أَنْ تَدْخُلَ بَيْتَكَ وَ تُغْلِقَ بَابَكَ ثُمَّ لَا تَنْظُرَ إِلَيْهِمْ مَا بَقِيتَ وَ لَكِنْ إِنْ جَاءُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَهُمْ حُجَّةً عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ احْتَجَّ بِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ- لَا تَغُرَّنَّكُمُ الدُّنْيَا وَ مَا تَرَوْنَ فِيهَا مِنْ نَعِيمِهَا وَ زَهْرَتِهَا وَ بَهْجَتِهَا وَ مُلْكِهَا فَإِنَّهَا لَا تَصْلُحُ لَكُمْ فَوَ اللَّهِ مَا صَلَحَتْ لِأَهْلِهَا.
باب 32 قصة بلوهر و يوذاسف
1- ك 21698 ، إكمال الدين عَنْ أَبِي عَلِيٍّ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَّانِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيِ 21699 قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا أَنَّ مَلِكاً مِنْ مُلُوكِ الْهِنْدِ كَانَ كَثِيرَ الْجُنْدِ وَاسِعَ الْمَمْلَكَةِ
مَهِيباً فِي أَنْفُسِ النَّاسِ مُظَفَّراً عَلَى الْأَعْدَاءِ وَ كَانَ مَعَ ذَلِكَ عَظِيمَ النَّهْمَةِ 21700 فِي شَهَوَاتِ الدُّنْيَا وَ لَذَّاتِهَا وَ مَلَاهِيهَا مُؤْثِراً لِهَوَاهُ مُطِيعاً لَهُ وَ كَانَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْهِ وَ أَنْصَحُهُمْ لَهُ فِي نَفْسِهِ مَنْ زَيَّنَ لَهُ حَالَهُ وَ حَسَّنَ رَأْيَهُ وَ أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيْهِ وَ أَغَشُّهُمْ لَهُ فِي نَفْسِهِ مَنْ أَمَرَهُ بِغَيْرِهَا وَ تَرَكَ أَمْرَهُ فِيهَا- وَ كَانَ قَدْ أَصَابَ الْمُلْكَ فِيهَا فِي حَدَاثَةِ سِنِّهِ وَ عُنْفُوَانِ شَبَابِهِ وَ كَانَ لَهُ رَأْيٌ أَصِيلٌ وَ لِسَانٌ بَلِيغٌ وَ مَعْرِفَةٌ بِتَدْبِيرِ النَّاسِ وَ ضَبْطِهِمْ فَعَرَفَ النَّاسُ ذَلِكَ مِنْهُ فَانْقَادُوا لَهُ وَ خَضَعَ لَهُ كُلُّ صَعْبٍ وَ ذَلُولٍ وَ اجْتَمَعَ لَهُ سُكْرُ الشَّبَابِ وَ سُكْرُ السُّلْطَانِ وَ الشَّهْوَةُ وَ الْعُجْبُ ثُمَّ قَوِيَ ذَلِكَ مَا أَصَابَ مِنَ الظَّفَرِ عَلَى مَنْ نَاصَبَهُ وَ الْقَهْرِ لِأَهْلِ مَمْلَكَتِهِ وَ انْقِيَادِ النَّاسِ لَهُ فَاسْتَطَالَ عَلَى النَّاسِ وَ احْتَقَرَهُمْ ثُمَّ ازْدَادَ عُجْباً بِرَأْيِهِ وَ نَفْسِهِ لَمَّا مَدَحَهُ النَّاسُ وَ زَيَّنُوا أَمْرَهُ عِنْدَهُ فَكَانَ لَا هِمَّةَ لَهُ إِلَّا الدُّنْيَا وَ كَانَتِ الدُّنْيَا لَهُ مُؤَاتِيَةً لَا يُرِيدُ مِنْهَا شَيْئاً إِلَّا نَالَهُ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ مِئْنَاثاً 21701 لَا يُولَدُ لَهُ ذَكَرٌ- وَ قَدْ كَانَ الدِّينُ فَشَا فِي أَرْضِهِ قَبْلَ مُلْكِهِ وَ كَثُرَ أَهْلُهُ فَزَيَّنَ لَهُ الشَّيْطَانُ عَدَاوَةَ الدِّينِ وَ أَهْلِهِ وَ أَضَرَّ بِأَهْلِ الدِّينِ فَأَقْصَاهُمْ مَخَافَةً عَلَى مُلْكِهِ وَ قَرَّبَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ وَ صَنَعَ لَهُمْ أَصْنَاماً مِنْ ذَهَبٍ وَ فِضَّةٍ وَ فَضَّلَهُمْ وَ شَرَّفَهُمْ وَ سَجَدَ لِأَصْنَامِهِمْ فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ مِنْهُ سَارَعُوا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَ الِاسْتِخْفَافِ بِأَهْلِ الدِّينِ ثُمَّ إِنَّ الْمَلِكَ سَأَلَ يَوْماً عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بِلَادِهِ كَانَتْ لَهُ مِنْهُ مَنْزِلَةٌ حَسَنَةٌ وَ مَكَانَةٌ رَفِيعَةٌ وَ كَانَ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى بَعْضِ أُمُورِهِ وَ يَحْبُوَهُ وَ يُكْرِمَهُ فَقِيلَ لَهُ أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّهُ قَدْ خَلَعَ الدُّنْيَا وَ خُلِّيَ مِنْهَا وَ لَحِقَ بِالنُّسَّاكِ فَثَقُلَ ذَلِكَ عَلَى الْمَلِكِ وَ شَقَّ عَلَيْهِ ثُمَّ إِنَّهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأُوتِيَ بِهِ- فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ فِي زِيِّ النُّسَّاكِ وَ تَخَشُّعِهِمْ
زَبَرَهُ وَ شَتَمَهُ 21702 وَ قَالَ لَهُ بَيْنَا أَنْتَ مِنْ عَبِيدِي وَ عُيُونِ أَهْلِ مَمْلَكَتِي وَ وَجْهِهِمْ وَ أَشْرَافِهِمْ إِذْ فَضَحْتَ نَفْسَكَ وَ ضَيَّعْتَ أَهْلَكَ وَ مَالَكَ وَ اتَّبَعْتَ أَهْلَ الْبِطَالَةِ وَ الْخَسَارَةِ حَتَّى صِرْتَ ضُحْكَةً وَ مَثَلًا وَ قَدْ كُنْتُ أَعْدَدْتُكَ لِمُهِمِّ أُمُورِي وَ الِاسْتِعَانَةِ بِكَ عَلَى مَا يَنُوبُنِي فَقَالَ لَهُ أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْكَ حَقٌّ فَلِعَقْلِكَ عَلَيْكَ حَقٌّ فَاسْتَمِعْ قَوْلِي بِغَيْرِ غَضَبٍ ثُمَّ أْمُرْ بِمَا بَدَا لَكَ بَعْدَ الْفَهْمِ وَ التَّثْبِيتِ فَإِنَّ الْغَضَبَ عَدُوُّ الْعَقْلِ وَ لِذَلِكَ يَحُولُ مَا بَيْنَ صَاحِبِهِ وَ بَيْنَ الْفَهْمِ قَالَ لَهُ الْمَلِكُ قُلْ مَا بَدَا لَكَ قَالَ النَّاسِكُ فَإِنِّي أَسْأَلُكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَ فِي ذَنْبِي عَلَى نَفْسِي عَتَبْتَ عَلَيَّ أَمْ فِي ذَنْبٍ مِنِّي إِلَيْكَ سَالِفٍ قَالَ الْمَلِكُ إِنَّ ذَنْبَكَ إِلَى نَفْسِكَ أَعْظَمُ الذُّنُوبِ عِنْدِي وَ لَيْسَ كُلَّمَا أَرَادَ رَجُلٌ مِنْ رَعِيَّتِي أَنْ يُهْلِكَ نَفْسَهُ أُخَلِّي بَيْنَهُ وَ بَيْنَ ذَلِكَ وَ لَكِنِّي أَعُدُّ إِهْلَاكَهُ لِنَفْسِهِ كَإِهْلَاكِهِ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ أَنَا وَلِيُّهُ وَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَ لَهُ فَأَنَا أَحْكَمُ عَلَيْكَ لِنَفْسِكَ وَ آخَذُ لَهَا مِنْكَ إِذْ ضَيَّعْتَ أَنْتَ ذَلِكَ- فَقَالَ لَهُ النَّاسِكُ أَرَاكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ لَا تَأْخُذُنِي إِلَّا بِحُجَّةٍ وَ لَا نَفَاذَ لِحُجَّةٍ إِلَّا عِنْدَ قَاضٍ- وَ لَيْسَ عَلَيْكَ مِنَ النَّاسِ قَاضٍ لَكِنْ عِنْدَكَ قُضَاةٌ وَ أَنْتَ لِأَحْكَامِهِمْ مُنْفِذٌ وَ أَنَا بِبَعْضِهِمْ رَاضٍ وَ مِنْ بَعْضِهِمْ مُشْفِقٌ قَالَ الْمَلِكُ وَ مَا أُولَئِكَ الْقُضَاةُ قَالَ أَمَّا الَّذِي أَرْضَى قَضَاءَهُ فَعَقْلُكَ وَ أَمَّا الَّذِي أَنَا مُشْفِقٌ مِنْهُ فَهَوَاكَ قَالَ الْمَلِكُ قُلْ مَا بَدَا لَكَ وَ اصْدُقْنِي خَبَرَكَ وَ مَتَى كَانَ هَذَا رَأْيَكَ وَ مَنْ أَغْوَاكَ قَالَ أَمَّا خَبَرِي فَإِنِّي كُنْتُ سَمِعْتُ كَلِمَةً فِي حَدَاثَةِ سِنِّي وَقَعَتْ فِي قَلْبِي فَصَارَتْ كَالْحَبَّةِ الْمَزْرُوعَةِ ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تَنْمِي حَتَّى صَارَتْ شَجَرَةً إِلَى مَا تَرَى وَ ذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ قَدْ سَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ يَحْسَبُ الْجَاهِلُ الْأَمْرَ الَّذِي هُوَ لَا شَيْءَ شَيْئاً وَ الْأَمْرَ الَّذِي هُوَ الشَّيْءُ لَا شَيْءَ وَ مَنْ لَمْ يَرْفَضِ الْأَمْرَ الَّذِي هُوَ لَا شَيْءَ لَمْ يَنَلِ الْأَمْرَ الَّذِي هُوَ شَيْءٌ وَ مَنْ لَمْ يُبْصِرِ الْأَمْرَ الَّذِي هُوَ الشَّيْءُ لَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ بِرَفْضِ الْأَمْرِ الَّذِي هُوَ لَا شَيْءَ وَ الشَّيْءُ هُوَ الْآخِرَةُ وَ لَا شَيْءَ هُوَ الدُّنْيَا فَكَانَ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ عِنْدِي قَرَارٌ لِأَنِّي وَجَدْتُ الدُّنْيَا حَيَاتَهَا مَوْتاً وَ غَنَاهَا فَقْراً وَ فَرَحَهَا تَرَحاً وَ صِحَّتَهَا سُقْماً وَ