کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
الماء موافقا للصاع من الحنطة و الشعير و شبههما فلذا كان الصاع و المد و الرطل المعتبر في الوضوء و الغسل و أمثالهما أثقل مما ورد في الفطرة و النصاب و أشباههما لكون الماء أثقل من تلك الحبوب مع تساوي الحجم كما هو المعلوم عند الاعتبار فظهر أن هذا أوجه الوجوه في الجمع بين الأخبار.
الثاني ما ذكره والدي العلامة رفع الله مقامه حيث حمل خبر المروزي على الصاع الذي اغتسل به رسول الله ص مع زوجته إذ هو قريب من صاعين بالتحديد المشهور و يكون النقص للاشتراك.
و يؤيده ما رواه
الصَّدُوقُ 2113 فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: اغْتَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص هُوَ وَ زَوْجَتُهُ مِنْ خَمْسَةِ أَمْدَادٍ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ فَقَالَ زُرَارَةُ كَيْفَ صَنَعَ فَقَالَ بَدَأَ هُوَ وَ ضَرَبَ يَدَهُ فِي الْمَاءِ قَبْلَهَا فَأَنْقَى فَرْجَهُ ثُمَّ ضَرَبَتْ هِيَ فَأَنْقَتْ فَرْجَهَا ثُمَّ أَفَاضَ هُوَ وَ أَفَاضَتْ هِيَ عَلَى نَفْسِهَا حَتَّى فَرَغَا فَكَانَ الَّذِي اغْتَسَلَ بِهِ النَّبِيُّ ص ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ وَ الَّذِي اغْتَسَلَتْ بِهِ مُدَّيْنِ وَ إِنَّمَا أَجْزَأَ عَنْهُمَا لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعاً وَ مَنِ انْفَرَدَ بِالْغُسْلِ وَحْدَهُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ صَاعٍ.
وَ رَوَى الْكُلَيْنِيُّ فِي الصَّحِيحِ 2114 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ وَقْتِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ كَمْ يُجْزِي مِنَ الْمَاءِ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَغْتَسِلُ بِخَمْسَةِ أَمْدَادٍ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ صَاحِبَتِهِ وَ يَغْتَسِلَانِ جَمِيعاً مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ.
وَ رَوَى الشَّيْخُ فِي الصَّحِيحِ 2115 عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَغْتَسِلُ بِصَاعٍ وَ إِذَا كَانَ مَعَهُ بَعْضُ نِسَائِهِ يَغْتَسِلُ بِصَاعٍ وَ مُدٍّ.
فقد ظهر من الأول و الثالث أن النقصان من الصاعين لأجل الاشتراك بل نقول الثلاثة الأمداد التي اغتسل بها رسول الله لا تتفاوت مع الصاع المشهور بكثير و يمكن الجمع بين خبر سماعة و سائر الأخبار أيضا بهذا الوجه إذ التفاوت بين الثلاثة الأمداد التي وقعت في هذا الخبر و بين الصاع الذي يظهر من خبر سماعة ليس إلا بقدر سبعة مثاقيل شرعية على بعض الوجوه و مثل هذا التفاوت لا يعتد به في أمثال تلك المقامات التي بنيت على التخمين و التقريب بل قلما لا تتفاوت
المكاييل و الموازين و المياه خفة و ثقلا بمثل هذه الأقدار و الله يعلم حقائق الأحكام و حججه الأخيار.
الثالث حمل خبر المروزي على الفضل و الاستحباب.
ثم اعلم أن الصاع و الرطل و غيرهما بنى الأصحاب تحديدها على وزن الشعير و هو يختلف كثيرا بحسب البلاد بل في البلد الواحد و لذا بناه الوالد قدس الله لطيفه على المتفق عليه من النسبة بين الدينار و الدرهم و عدم تغيير الدينار في الجاهلية و الإسلام على ما ذكره المؤالف و المخالف فيكون الصاع ستمائة مثقال و أربعة عشر مثقالا و ربع مثقال بالمثقال الصيرفي فيزيد على المن التبريزي أعني نصف المن الشاهي بأربعة عشر مثقال و ربع و منه يظهر لك تقدير الرطل و المد بمعانيهما بما عرفت من النسبة بينهما.
و قد بسطنا الكلام في تلك الأوزان و تحقيقها على كل قول و كل خبر في رسالتنا المعمولة لذلك و لذا اختصرنا هاهنا فمن أراد غاية التحقيق فليرجع إليها فإنا قد تكلمنا فيه بما لا مزيد عليه.
باب 9 من نسي أو شك في شيء من أفعال الوضوء و من تيقن الحدث و شك في الطهارة و العكس و من يرى بللا بعد الوضوء و قد أوردنا بعض أحكام البلل في باب الاستنجاء
1- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ وَ نَسِيَ غَسْلَ يَسَارِهِ قَالَ يَغْسِلُ يَسَارَهُ وَحْدَهَا وَ لَا يُعِيدُ وُضُوءَ شَيْءٍ غَيْرِهَا 2116 قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ يَكُونُ عَلَى وُضُوءٍ وَ يَشُكُّ عَلَى وُضُوءٍ هُوَ أَمْ لَا قَالَ إِذْ ذَكَرَ وَ هُوَ فِي صَلَاتِهِ انْصَرَفَ وَ تَوَضَّأَ وَ أَعَادَهَا وَ إِنْ ذَكَرَ وَ قَدْ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ 2117 قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ يَتَّكِئُ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَدْرِي نَامَ أَمْ لَا هَلْ عَلَيْهِ وُضُوءٌ قَالَ إِذَا شَكَّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ 2118 .
بيان: قوله و لا يعيد وضوء شيء غيرها أي مما تقدم مع الحمل على عدم الجفاف و يمكن أن يقال المراد بالوضوء الغسل و هو أقرب إلى المعنى اللغوي فلا يحتاج إلى القيد الأول و ربما يحمل على التقية لموافقته لمذاهبهم قوله ع انصرف و توضأ لعله محمول على الاستحباب بقرينة
الحكم بالإجزاء بعد الصلاة 2119 و أما الحكم الثالث فلا خلاف أن الشك في الحدث بعد تيقن الطهارة غير موجب للوضوء.
2- الْخِصَالُ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْيَقْطِينِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع مَنْ كَانَ عَلَى يَقِينٍ فَشَكَّ فَلْيَمْضِ عَلَى يَقِينِهِ فَإِنَّ الشَّكَّ لَا يَنْقُضُ الْيَقِينَ 2120 .
بيان: يدل على وجوب الوضوء مع تيقن الحدث و الشك في الطهارة و لا خلاف فيه أيضا.
3- الْعُيُونُ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَبْقَى مِنْ وَجْهِهِ
إِذَا تَوَضَّأَ مَوْضِعٌ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ فَقَالَ يُجْزِيهِ أَنْ يَبُلَّهُ مِنْ بَعْضِ جَسَدِهِ 2121 .
بيان: حمل على تحقق الجريان بالمسح.
4- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَبُولُ وَ يَنْتَفِضُ وَ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَجِدُ الْبَلَلَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ شَيْئاً إِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الْحَبَائِلِ 2122 .
بيان: الظاهر أن الانتفاض كناية عن الاستبراء و يحتمل الاستنجاء قال في النهاية فيه أبغني أحجارا أستنفض بها أي أستنجي بها و هو من نفض الثوب لأن المستنجي ينفض عن نفسه الأذى بالحجر أي يزيله و يدفعه و منه حديث ابن عمر أنه كان يمر بالشعب من مزدلفة فينتفض و منه الحديث أتي بمنديل فلم ينتفض به أي لم يتمسح به.
5- كِتَابُ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَرَى الْبَلَلَ عَلَى طَرَفِ ذَكَرِهِ فَقَالَ يَغْسِلُهُ وَ لَا يَتَوَضَّأُ.
بيان: لعل الغسل محمول على الاستحباب.
6- فِقْهُ الرِّضَا، قَالَ ع إِنْ وَجَدْتَ بِلَّةً فِي أَطْرَافِ إِحْلِيلِكَ وَ فِي ثَوْبِكَ بَعْدَ نَتْرِ إِحْلِيلِكَ وَ بَعْدَ وُضُوئِكَ فَقَدْ عَلِمْتَ مَا وَصَفْتُهُ لَكَ مِنْ مَسْحِ أَسْفَلِ أُنْثَيَيْكَ وَ نَتْرِ إِحْلِيلِكَ ثَلَاثاً فَلَا تَلْتَفِتْ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُ وَ لَا تَنْقُضْ وُضُوءَكَ لَهُ وَ لَا تَغْسِلْ عَنْهُ ثَوْبَكَ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْحَبَائِلِ وَ الْبَوَاسِيرِ فَإِنْ شَكَكْتَ فِي الْوُضُوءِ وَ كُنْتَ عَلَى يَقِينٍ مِنَ الْحَدَثِ فَتَوَضَّأْ وَ إِنْ شَكَكْتَ فِي الْحَدَثِ وَ كُنْتَ عَلَى يَقِينٍ مِنَ الْوُضُوءِ فَلَا يَنْقُضُ الشَّكُّ الْيَقِينَ إِلَّا أَنْ تَسْتَيْقِنَ وَ إِنْ كُنْتَ عَلَى يَقِينٍ مِنَ الْوُضُوءِ وَ الْحَدَثِ وَ لَا تَدْرِي أَيُّهُمَا سَبَقَ فَتَوَضَّأْ وَ إِنْ تَوَضَّأْتَ وُضُوءاً تَامّاً وَ صَلَّيْتَ صَلَاتَكَ أَوْ لَمْ تُصَلِّ ثُمَّ شَكَكْتَ فَلَمْ تَدْرِ أَحْدَثْتَ أَمْ لَمْ تُحْدِثْ فَلَيْسَ عَلَيْكَ وُضُوءٌ لِأَنَّ الْيَقِينَ لَا يَنْقُضُهُ الشَّكُ 2123 .
توضيح و تنقيح اعلم أن الخبر يشتمل على أحكام الأول أن الاستبراء مشتمل على مسحتين لا ثلاث كما عرفت.
الثاني عدم انتقاض الوضوء بما يراه من البلل بعد الاستبراء و لا خلاف فيه بين الأصحاب لكن حملوه على المشتبه إذ مع العلم بكونه بولا ينقض و مع العلم بكونه ماء آخر يلزمه حكمه و لفظ البواسير 2124 كأنه زيد من النساخ أو المراد به البلل الذي يرى من الدبر لكن لا دخل للاستبراء فيه إلا مع حمله على بلل لا يعلم خروجه من القبل أو الدبر و في حكمه إشكال.
الثالث يدل بمفهومه على الانتقاض بالبلل المشتبه مع عدم الاستبراء و لا خلاف فيه أيضا ظاهرا و نقل ابن إدريس عليه الإجماع.
الرابع أنه إذا تيقن الحدث و شك في الوضوء يجب عليه الوضوء و الظاهر أنه إجماعي لكن في يقين الحدث و ظن الوضوء إشكال 2125 و الأحوط عدم اعتباره كما هو الأشهر.
الخامس أنه إذا تيقن الوضوء و شك في الحدث لا يلزمه الطهارة و ادعى عليه المحقق و جماعة الإجماع و لا فرق بين أن يكون الحدث مشكوكا أو مظنونا كما صرح به المحقق في المعتبر و العلامة في المنتهى و غيره و هو الظاهر من الأخبار و ربما يستشكل فيه.
السادس أنه يجب عليه الوضوء مع تيقنهما و الشك في المتأخر و قد اعترف المتأخرون بعدم النص فيه و إنما تمسكوا بالعمومات و الأدلة العقلية فالأشهر بينهم وجوب الوضوء كما هو مدلول الخبر.