کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
ع يَقُولُ مَنِ اتَّهَمَ أَخَاهُ فِي دِينِهِ فَلَا حُرْمَةَ بَيْنَهُمَا وَ مَنْ عَامَلَ أَخَاهُ بِمِثْلِ مَا يُعَامِلُ بِهِ النَّاسَ فَهُوَ بَرِيءٌ مِمَّنْ يَنْتَحِلُ 16195 .
بيان في دينه يحتمل تعلقه بالأخوة أو بالتهمة و الأول أظهر و على الثاني التهمة تشمل تهمته بترك شيء من الفرائض أو ارتكاب شيء من المحارم لأن الإتيان بالفرائض و الاجتناب عن المحارم من الدين كما أن القول الحق و التصديق به من الدين فلا حرمة بينهما أي حرمة الإيمان كناية عن سلبه و الحاصل أنه انقطعت علاقة الأخوة و زالت الرابطة الدينية بينهما في القاموس الحرمة بالضم و بضمتين و كهمزة ما لا يحل انتهاكه و الذمة و المهابة و النصيب و من يعظم حرمات الله أي ما وجب القيام به و حرم التفريط فيه بمثل ما عامل به الناس أي المخالفين أو الأعم منهم و من فساق الشيعة و ممن لا صداقة و أخوة بينهما و التسوية في المعاملة بأن يربح عليهما على حد سواء و لا يخص أخاه بالرعاية و المسامحة و ترك الربح أو تقليله و شدة النصيحة و حفظ حرمته في الحضور و الغيبة و المواساة معه و أمثال ذلك مما هو مقتضى الأخوة كما فصل في الأخبار الكثيرة.
فهو بريء ممن ينتحل أي من يجعل هو أو أخوه ولايتهم نحلة و مذهبا و هم الرب سبحانه و رسوله و الأئمة و الظاهر أن المستتر في ينتحل راجع إلى المعامل لا إلى الأخ تعريضا بأنه خارج من الدين فإن الانتحال ادعاء ما ليس له و لم يتصف به في القاموس انتحله و تنحله ادعاه لنفسه و هو لغيره و في أكثر النسخ مما ينتحل و هو أظهر فالمراد بما ينتحل التشيع أو الأخوة.
21- كا، الكافي عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي كَلَامٍ لَهُ ضَعْ أَمْرَ أَخِيكَ عَلَى أَحْسَنِهِ حَتَّى يَأْتِيَكَ مَا يَغْلِبُكَ مِنْهُ وَ لَا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخِيكَ سُوءاً وَ أَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مَحْمِلًا 16196 .
بيان ضع أمر أخيك أي احمل ما صدر عن أخيك من قول أو فعل على أحسن محتملاته و إن كان مرجوحا من غير تجسس حتى يأتيك منه أمر لا يمكنك تأويله فإن الظن قد يخطئ و التجسس منهي عنه كما قال تعالى إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ 16197 و قال وَ لا تَجَسَّسُوا 16198 و قوله ما يغلبك في بعض النسخ بالغين فقوله منه متعلق بيأتيك أي حتى يأتيك من قبله ما يعجزك و لم يمكنك التأويل و في بعض النسخ بالقاف من باب ضرب كالسابق أو من باب الإفعال فالظرف متعلق بيقلبك و الضمير للأحسن و قوله ع و لا تظنن تأكيد لبعض أفراد الكلام السابق أو السابق محمول على الفعل و هذه الجملة مروية في نهج البلاغة و فيه من أحد و محتملا و الحاصل أنه إذا صدرت منه كلمة ذات وجهين وجب عليك أن تحملها على الوجه الخير و إن كان معنى مجازيا بدون قرينة أو كناية أو تورية أو نحوهما لا سيما إذا ادعاه القائل.
و من هذا القبيل ما سماه علماء العربية أسلوب الحكيم كما قال الحجاج للقبعثري متوعدا له بالقيد لأحملنك على الأدهم فقال القبعثري مثل الأمير يحمل على الأدهم و الأشهب فأبرز وعيده في معرض الوعد ثم قال الحجاج للتصريح بمقصوده إنه حديد فقال القبعثري لأن يكون حديدا خير من أن يكون بليدا.
و قال الشهيد الثاني روح الله روحه و غيره ممن سبقه اعلم أنه كما يحرم على الإنسان سوء القول في المؤمن و أن يحدث غيره بلسانه بمساوي الغير كذلك يحرم عليه سوء الظن و أن يحدث نفسه بذلك و المراد بسوء الظن المحرم عقد القلب و حكمه عليه بالسوء من غير يقين فأما الخواطر و حديث النفس فهو معفو عنه كما أن الشك أيضا معفو عنه قال الله تعالى اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ 16199 فليس لك أن تعتقد في غيرك سوءا إلا إذا انكشف لك بعيان لا يحتمل التأويل و ما لم تعلمه ثم وقع في قلبك فالشيطان يلقيه فينبغي أن تكذبه فإنه أفسق الفساق و قد قال الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا
قَوْماً بِجَهالَةٍ 16200 فلا يجوز تصديق إبليس و من هنا جاء في الشرع أن من علمت في فيه رائحة الخمر لا يجوز أن تحكم عليه بشربها و لا يحده عليه لإمكان أن يكون تمضمض به و مجه أو حمل عليه قهرا و ذلك أمر ممكن فلا يجوز إساءة الظن بالمسلم
وَ قَدْ قَالَ ص إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ مِنَ الْمُسْلِمِ دَمَهُ وَ مَالَهُ وَ أَنْ يُظَنَّ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ.
فينبغي أن تدفعه عن نفسك و تقرر عليها أن حاله عندك مستور كما كان فإن ما رأيته فيه يحتمل الخير و الشر.
فإن قلت فبما ذا يعرف عقد سوء الظن و الشكوك تختلج و النفس تحدث فأقول أمارة عقد سوء الظن أن يتغير القلب معه عما كان فينفر عنه نفورا لم يعهده و يستثقله و يفتر عن مراعاته و تفقده و إكرامه و الاهتمام بسببه فهذه أمارات عقد الظن و تحقيقه
وَ قَدْ قَالَ ص ثَلَاثٌ فِي الْمُؤْمِنِ لَا يُسْتَحْسَنُ وَ لَهُ مِنْهُنَّ مَخْرَجٌ فَمَخْرَجُهُ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ أَنْ لَا يُحَقِّقَهُ.
أي لا يحقق في نفسه بعقد و لا فعل لا في القلب و لا في الجوارح أما في القلب إلى النفرة و الكراهة و في الجوارح بالعمل بموجبه و الشيطان، قد يقرر على القلب بأدنى مخيلة مساءة الناس و يلقي إليه أن هذا من فطنتك و سرعة تنبهك و ذكائك و أن المؤمن ينظر بنور الله و هو على التحقيق ناظر بغرور الشيطان، و ظلمته.
فأما إذا أخبرك به عدل فآل ظنك إلى تصديقه كنت معذورا لأنك لو كذبته لكنت جانيا على هذا العدل إذا ظننت به الكذب و ذلك أيضا من سوء الظن فلا ينبغي أن تحسن الظن بالواحد و تسيء بالآخر نعم ينبغي أن تبحث هل بينهما عداوة و محاسدة و مقت فيتطرق التهمة بسببه و قد رد الشرع شهادة العدو على عدوه للتهمة فلك عند ذلك أن تتوقف في إخباره و إن كان عدلا و لا تصدقه و لا تكذبه و لكن تقول المستور حاله كان في ستر الله عني و كان أمره محجوبا و قد بقي كما كان لم ينكشف لي شيء من أمره.
و قد يكون الرجل ظاهر العدالة و لا محاسدة بينه و بين المذكور و لكن
يكون من عادته التعرض للناس و ذكر مساويهم فهذا قد يظن أنه عدل و ليس بعدل فإن المغتاب فاسق و إذا كان ذلك من عادته ردت شهادته إلا أن الناس لكثرة الاعتياد تساهلوا في أمر الغيبة و لم يكترثوا بتناول أعراض الخلق: و مهما خطر لك خاطر سوء على مسلم فينبغي أن تزيد في مراعاته و تدعو له بالخير فإن ذلك يغيظ الشيطان، و يدفعه عنك فلا يلقي إليك الخاطر السوء خيفة من اشتغالك بالدعاء و المراعاة و مهما عرفت هفوة مسلم بحجة فانصحه في السر و لا يخدعنك الشيطان، فيدعوك إلى اغتيابه و إذا وعظته فلا تعظه و أنت مسرور باطلاعك على نقصه لينظر إليك بعين التعظيم و تنظر إليه بعين الاستصغار و ترتفع عليه بدلالة الوعظ و ليكن قصدك تخليصه من الإثم و أنت حزين كما تحزن على نفسك إذا دخل عليك نقصان و ينبغي أن يكون تركه ذلك من غير نصيحتك أحب إليك من تركه بالنصيحة و إذا أنت فعلت ذلك كنت جمعت بين أجر الوعظ و أجر الغم بمصيبته و أجر الإعانة له على دينه.
و من ثمرات سوء الظن التجسس فإن القلب لا يقنع بالظن و يطلب التحقيق فيشتغل بالتجسس و هو أيضا منهي عنه قال الله وَ لا تَجَسَّسُوا فالغيبة و سوء الظن و التجسس منهي عنها في آية واحدة و معنى التجسس أنه لا تترك عباد الله تحت ستر الله فتتوصل إلى الاطلاع و هتك الستر حتى ينكشف لك ما لو كان مستورا عنك لكان أسلم لقلبك و دينك انتهى.
باب 63 ذي اللسانين و ذي الوجهين
1- مع، معاني الأخبار لي، الأمالي للصدوق مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ الزُّهْرِيِّ عَنِ الْبَاقِرِ ع قَالَ: بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ يَكُونُ ذَا وَجْهَيْنِ وَ ذَا لِسَانَيْنِ يُطْرِي
أَخَاهُ شَاهِداً وَ يَأْكُلُهُ غَائِباً إِنْ أُعْطِيَ حَسَدَهُ وَ إِنِ ابْتُلِيَ خَذَلَهُ 16201 .
ل، الخصال ابن الوليد عن الصفار عن ابن أبي الخطاب عن علي بن النعمان مثله 16202 - ثو، ثواب الأعمال أبي عن سعد عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان مثله 16203 .
2- ثو، ثواب الأعمال بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ هُمَزَةٌ لُمَزَةٌ يُقْبِلُ بِوَجْهٍ وَ يُدْبِرُ بِآخَرَ 16204 .
3- مع، معاني الأخبار لي، الأمالي للصدوق ابْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُوسَى بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ عَوْنِ بْنِ مَعِينٍ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنِ الصَّادِقِ ع مَنْ لَقِيَ النَّاسَ بِوَجْهٍ وَ عَابَهُمْ بِوَجْهٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لَهُ لِسَانَانِ مِنْ نَارٍ 16205 .
4- ل، الخصال أَبِي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ عَنِ الْأَشْعَرِيِ مِثْلَهُ وَ فِيهِ الْمُؤْمِنِينَ بَدَلَ النَّاسِ وَ أَتَى بَدَلَ جَاءَ 16206 .
5- ل، الخصال أَبِي عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنِ ابْنِ عُلْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ذُو الْوَجْهَيْنِ دَالِعاً لِسَانُهُ فِي قَفَاهُ وَ آخَرُ مِنْ قُدَّامِهِ يَلْتَهِبَانِ نَاراً حَتَّى يَلْهَبَا جَسَدَهُ ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا ذَا وَجْهَيْنِ وَ ذَا لِسَانَيْنِ يُعْرَفُ بِذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ 16207 .
ثو، ثواب الأعمال ابن الوليد عن الصفار عن أبي الجوزاء مثله 16208 .
6- ل، الخصال الْخَلِيلُ عَنِ ابْنِ مَنِيعٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ
عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ شَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ذُو الْوَجْهَيْنِ 16209 .
7- ل، الخصال الْخَلِيلُ عَنِ ابْنِ مَنِيعٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ شَرِيكٍ عَنِ الرُّكَيْنِ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ عَمَّارٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ كَانَ لَهُ وَجْهَانِ فِي الدُّنْيَا كَانَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِسَانَانِ مِنْ نَارٍ 16210 .
8- ثو، ثواب الأعمال أَبِي عَنْ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَوْنٍ الْقَلَانِسِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ لَقِيَ الْمُسْلِمِينَ بِوَجْهَيْنِ وَ لِسَانَيْنِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لَهُ لِسَانَانِ مِنْ نَارٍ 16211 .
9- ثو، ثواب الأعمال ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ عَنِ السَّعْدَآبَادِيِّ عَنِ الْبَرْقِيِّ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنِ ابْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ رَفَعَهُ قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ يَا عِيسَى لِيَكُنْ لِسَانُكَ فِي السِّرِّ وَ الْعَلَانِيَةِ لِسَاناً وَاحِداً وَ كَذَلِكَ قَلْبُكَ إِنِّي أُحَذِّرُكَ نَفْسَكَ وَ كَفَى بِي خَبِيراً- لَا يَصْلُحُ لِسَانَانِ فِي فَمٍ وَاحِدٍ وَ لَا سَيْفَانِ فِي غِمْدٍ وَاحِدٍ وَ لَا قَلْبَانِ فِي صَدْرٍ وَاحِدٍ وَ كَذَلِكَ الْأَذْهَانُ 16212 .
10- نَوَادِرُ الرَّاوَنْدِيِّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِئْسَ الْعَبْدُ عَبْدٌ لَهُ وَجْهَانِ يُقْبِلُ بِوَجْهٍ وَ يُدْبِرُ بِوَجْهٍ إِنْ أُوتِيَ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ خَيْراً حَسَدَهُ وَ إِنِ ابْتُلِيَ خَذَلَهُ 16213 .
11- نهج، نهج البلاغة مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلَّا ظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ وَ صَفَحَاتِ وَجْهِهِ 16214 .
12- كا، الكافي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ عَوْنٍ الْقَلَانِسِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: مَنْ لَقِيَ الْمُسْلِمِينَ بِوَجْهَيْنِ وَ لِسَانَيْنِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لَهُ لِسَانَانِ مِنْ نَارٍ 16215 .
بيان قال بعض المحققين ذو اللسانين هو الذي يأتي هؤلاء بوجه و هؤلاء بوجه
و يتردد بين المتعاديين و يكلم كل واحد بكلام يوافقه و قلما يخلو عنه من يشاهد متعاديين و ذلك عين النفاق و قال بعضهم اتفقوا على أن ملاقاة الاثنين بوجهين نفاق و للنفاق علامات كثيرة و هذه من جملتها.
فإن قلت فبما ذا يصير الرجل ذا اللسانين و ما حد ذلك.
فأقول إذا دخل على متعاديين و جامع كل واحد منهما و كان صادقا فيه لم يكن منافقا و لا ذا اللسانين فإن الواحد قد يصادق متعاديين و لكن صداقة ضعيفة لا تنتهي إلى حد الأخوة إذ لو تحققت الصداقة لاقتضت معاداة الأعداء نعم لو نقل كلام كل واحد إلى الآخر فهو ذو لسانين و ذلك شر من النميمة إذ يصير نماما بأن ينقل من أحد الجانبين فإن نقل من الجانبين فهو شر من النميمة و إن لم ينقل كلاما و لكن حسن لكل واحد منهما ما هو عليه من المعاداة مع صاحبه فهذا ذو لسانين و كذلك إذا وعد كل واحد منهما أنه ينصره و كذلك إذا أثنى على كل واحد منهما في معاداته و كذلك إذا أثنى على أحدهما و كان إذا خرج من عنده يذمه فهو ذو لسانين بل ينبغي أن يسكت أو يثني على المحق من المتعاديين و يثني في حضوره و في غيبته و بين يدي عدوه.
قيل لبعض الصحابة إنا ندخل على أمرائنا فنقول القول فإذا خرجنا قلنا غيره فقال كنا نعد ذلك نفاقا على عهد رسول الله ص و هذا نفاق مهما كان مستغنيا عن الدخول على الأمير و عن الثناء عليه فلو استغنى عن الدخول و لكن إذا دخل يخاف إن لم يثن فهو نفاق لأنه الذي أحوج نفسه إليه و إن كان يستغني عن الدخول لو قنع بالقليل و ترك المال و الجاه فلو دخل لضرورة الجاه و الغنى و أثنى فهو منافق و هذا معنى قوله ص حب المال و الجاه ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل لأنه يحوج إلى الأمراء و مراعاتهم و مراءاتهم فأما إذا ابتلي به لضرورة و خاف إن لم يثن فهو معذور فإن اتقاء الشر جائز.
و قال أبو الدرداء إنا لنشكر في وجوه أقوام و إن قلوبنا لتبغضهم