کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
بيان المشهور بين الأصحاب وجوب الاستقلال في القيام و ذهب أبو الصلاح إلى جواز الاستناد على كراهة و لا يخلو من قوة و على المشهور حملوا هذه الرواية و أمثالها على استناد قليل لا يكون بحيث لو زال السناد لسقط فإن الواجب عندهم ترك هذا الاستناد لا مطلقا و يمكن حمل تلك الأخبار على النافلة و أخبار المنع على الفريضة ثم على تقدير الوجوب إذا أخل بالاستقلال عمدا بطلت صلاته و الظاهر عدم البطلان بالنسيان و أما الاستعانة بشيء حال النهوض فقد صرح بعض المتأخرين بأن حكمه حكم الاستناد و هو ضعيف فقد دلت هذه الرواية على الجواز من غير معارض.
12- كِتَابُ الْمَسَائِلِ، لِعَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرِيضِ إِذَا كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ كَيْفَ يُصَلِّي قَالَ يُصَلِّي النَّافِلَةَ وَ هُوَ جَالِسٌ وَ يَحْسُبُ كُلَّ رَكْعَتَيْنِ بِرَكْعَةٍ وَ أَمَّا الْفَرِيضَةُ فَيَحْتَسِبُ كُلَّ رَكْعَةٍ بِرَكْعَةٍ وَ هُوَ جَالِسٌ إِذَا كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ 6212 .
بيان: الظاهر أن تضعيف النافلة إذا صلاها جالسا محمول على الأفضلية.
لِمَا رَوَاهُ أَبُو بَصِيرٍ 6213 عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَمَّنْ صَلَّى جَالِساً مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَ تَكُونُ صَلَاتُهُ رَكْعَتَيْنِ بِرَكْعَةٍ فَقَالَ هِيَ تَامَّةٌ لَكُمْ.
فإن الظاهر أن الخطاب إلى الشيعة مطلقا و كون الخطاب إلى العميان و المشايخ بعيد من الخبر كما لا يخفى.
و قال الشهيد في الذكرى بعد إيراد هذه الرواية عقيب روايات التضعيف فتحمل الأخبار الأولة على الاستحباب و هذا على الجواز ثم قال و يستحب القيام بعد القراءة ليركع قائما و يحسب له بصلاة القائم و قال الشيخ في المبسوط يجوز أن يصلي النوافل جالسا مع القدرة على القيام و قد روي أنه يصلي بدل كل ركعة ركعتين و روي أنه ركعة بركعة و هما جميعا جائزان.
13- تَفْسِيرُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي
حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا صَلَّى قَامَ عَلَى أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ حَتَّى تَوَرَّمَتْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ طه بِلُغَةِ طَيِءٍ يَا مُحَمَّدُ ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى 6214 .
إيضاح رواه في الكافي 6215 بسند موثق عن أبي بصير عن أبي جعفر ع و فيه يقوم على أطراف أصابع رجليه
وَ قَالَ الطَّبْرِسِيُّ ره 6216 رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ص كَانَ يَرْفَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ لِيَزِيدَ تَعَبُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ فَوَضَعَهَا قَالَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع.
أقول لعله كان أولا الصلاة على تلك الهيئات مشروعة فنسخت و لا يجوز الآن الصلاة مع رفع إحدى الرجلين و لا مع القيام على الأصابع و المشهور وجوب الاعتماد على الرجلين و عدم جواز تباعدهما بما يخرج عن حد القيام عرفا.
14- الْعِلَلُ، وَ الْعُيُونُ، عَنِ ابْنِ عُبْدُوسٍ عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ فِيمَا رَوَاهُ مِنَ الْعِلَلِ عَنِ الرِّضَا ع قَالَ: صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى نِصْفِ صَلَاةِ الْقَائِمِ 6217 .
15- قُرْبُ الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى نَافِلَةً وَ هُوَ جَالِسٌ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ كَيْفَ يَحْسُبُ صَلَاتَهُ قَالَ رَكْعَتَيْنِ بِرَكْعَةٍ 6218 .
16- دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، رُوِّينَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ ع أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الْعَلِيلِ فَقَالَ يُصَلِّي قَائِماً فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَلَّى جَالِساً قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَتَى يُصَلِّي جَالِساً قَالَ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَقْرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَ
ثَلَاثَ آيَاتٍ قَائِماً وَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَسْجُدَ أَوْمَأَ إِيمَاءً بِرَأْسِهِ وَ جَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِساً صَلَّى مُضْطَجِعاً لِجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ وَ وَجْهُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ صَلَّى مُسْتَلْقِياً وَ رِجْلَاهُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ يُومِئُ إِيمَاءً 6219 .
وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَصَابَهُ رُعَافٌ لَمْ يَرْقَأْ صَلَّى إِيمَاءً 6220 .
وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع أَنَّهُ قَالَ: الْمَرِيضُ إِذَا ثَقُلَ وَ تَرَكَ الصَّلَاةَ أَيَّاماً أَعَادَ مَا تَرَكَ إِذَا اسْتَطَاعَ الصَّلَاةَ 6221 .
وَ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَلَّى جَالِساً تَرَبَّعَ فِي حَالِ الْقِيَامِ وَ ثَنَى رِجْلَهُ فِي حَالِ الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ وَ الْجُلُوسِ إِنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ 6222 .
وَ عَنْهُ ع أَنَّهُ قَالَ: يُجْزِي الْمَرِيضَ أَنْ يَقْرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فِي الْفَرِيضَةِ وَ يُجْزِئُهُ أَنْ يُسَبِّحَ فِي الرُّكُوعِ وَ السُّجُودِ تَسْبِيحَةً وَاحِدَةً 6223 .
باب 22 آداب القيام إلى الصلاة و الأدعية عنده و النية و التكبيرات الافتتاحية و تكبيرة الإحرام
الآيات البقرة وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ 6224 الأنعام قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ 6225 أسرى وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً 6226 الكهف وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ 6227 و قال سبحانه فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً 6228 طه إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي 6229 المدثر وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ 6230 البينة وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ 6231
الكوثر فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ تفسير وَ قُومُوا لِلَّهِ يدل على وجوب النية و الإخلاص فيها كما مر وَ نُسُكِي قيل عبادتي و تقربي كله فيكون تعميما بعد تخصيص فيدل على امتياز الصلاة عن سائر العبادات و اختصاصها بمزيد الفضل و قيل مناسك حجي و قيل ذبحي لأن المشركين كانوا يشركون فيهما الأصنام.
وَ مَحْيايَ وَ مَماتِي أي ما آتي به في حياتي و أموت عليه من الإيمان و الأعمال الصالحة و قيل العبادات و الخيرات الواقعة حال الحياة التي تقع بعد الموت بالوصية و نحوها كالتدبير و قيل نفس الحياة و الموت أي إنما أريد الحياة إذا كان موافقا لرضاه و كذا الموت أو المعنى أنهما منه تعالى و قيل طاعتي في حياتي لله و جزائي بعد موتي من الله و قيل جميع ما آتي عليه في حياتي حتى الحياة و جميع ما أموت عليه حتى الموت لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ أي أجعلها لله لأنه رب العالمين و لا يستحق العبادة غيره أو شكر المنعم واجب أو كل ذلك منه إذ العبادات بتوفيقه و هدايته و المحيا و الممات بخلقه و تدبيره أو يقال كونه لله في العبادات بمعنى أنه المستحق لأن يفعل له و في غيرها بمعنى أنه بقدرته و خلقه و على بعض الوجوه المتقدمة في المحيا و الممات لا نحتاج إلى تلك التكلفات.
لا شَرِيكَ لَهُ أي في الإلهية أو في العبادة و الإحياء و الإماتة أو لا أشرك معه في تلك الأمور أحدا وَ بِذلِكَ أُمِرْتُ أي بالإخلاص المذكور أو بالقول المذكور و الاعتقاد به أمرني ربي وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ فإن إسلام كل نبي مقدم على إسلام أمته أو لأنه ص أول من أقر في عالم الذر كما يشهد به غير واحد من الخبر و يحتمل أن يراد بالمسلمين المنقادون لجميع الأوامر و النواهي.
ثم الآية تدل على تحريم قسمي الشرك الظاهر كعبادة الأصنام و الكواكب و نحوها و الخفي كالرياء و السمعة و أنه لا يجوز إسناد شيء من ذلك إلى غيره تعالى لا مستقلا و لا مشاركا كالكواكب و الأفلاك و العقول و غيرها و أما قصد حصول
الثواب و الخلاص من العقاب فلا ينافي الإخلاص لأنهما بأمره تعالى و تكليف أكثر الخلق بإخلاص النية منهما قريب من التكليف بالمحال بل هو عينه نعم ذلك درجة المقربين من الأنبياء و الأوصياء و الصديقين صلوات الله عليهم أجمعين و من ادعى ذلك من غيرهم فلعله لم يفهم معنى النية و جعلها محض حضور البال و هو ليس من النية في شيء و النية هو الغرض الواقعي الباعث على الفعل.
و هذا مثل أن يقال في طريقك أسد و لا تخف منه و أعددنا لك مائة ألف تومان للعمل الفلاني و لا يكن باعثك على العمل ذلك و هذا إنما يصدق في دعواه إذا علم من نفسه أنه لو أيقن أن الله يدخله بطاعته النار و بمعصيته الجنة يختار الطاعة و يترك المعصية تقربا إلى الله تعالى و أين عامة الخلق من هذه الدرجة القصوى و المنزلة العليا و قد مر تحقيق ذلك و سائر ما يتعلق به في باب الإخلاص 6232 من هذا الكتاب و في بعض مؤلفاتنا العربية و الفارسية نعم يمكن أن يراد في هذه الآية ذلك بناء على أن من خوطب به ص صاحب هذه الدرجة الجليلة لكن الظاهر أن الخطاب لتعليم الأمة.
ثم اعلم أنه ربما يستدل بهذه الآية على كون الإخلاص المذكور من أحكام الإسلام و أن كل مسلم مأمور بذلك لقوله وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ فإنه يدل على أن غيره أيضا مكلف مأمور بذلك و أنه أولهم مع ما ثبت من عموم التأسي و على أن صحة الصلاة بل سائر العبادات موقوفة على الإخلاص المذكور و ما تضمنه من معرفة الله و وحدانيته و كونه ربا للعالمين أي منشئا و مربيا لهم فيستلزم ذلك وجوب العلم بكونه قادرا و عالما و حكيما إذ الإخلاص يستلزم ذلك.
و قد يناقش في استلزام وجوب الإخلاص المذكور توقف صحة العبادة على الإخلاص نفسه و ما يستلزمه من المعرفة لأن كل ما كان واجبا لشيء لا يجب أن يبطل ذلك عند عدمه بالكلية و يجاب بأنه إذا ثبت كون العبادة مأمورا بها على هذا الوجه فإذا لم يأت بها على الوجه الخاص لم يأت بالمأمور به فتكون باطلة و
يعترض عليه بأن ذلك إذا كان الأمر بالعبادة هو الذي تضمن هذا الوجه لا أن يكون بأمر على حدة و هنا كذلك.
و قيل يمكن الاستدلال بها على وجوب المعرفة و توقف الصحة عليها للأمر بذلك القول فإنه يفهم منه أنه يجب قول ذلك و معرفة القول و فهمه و صدقه مع المتعلقات متوقفة عليها و يمكن المناقشة في أكثر تلك الوجوه.
و أقول يمكن الاستدلال بالأمر بالقول على رجحان قراءة تلك الآية بل وجوبها على طريقة الأصحاب في مقدمة الصلاة كما ورد في الأخبار فتكون مؤيدة لها و لو ثبت الإجماع على عدم الوجوب لثبت تأكد الاستحباب.
وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً استدل به على وجوب التكبير في الصلاة لعدم وجوبه في غيرها اتفاقا و فيه ما فيه بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِ أي طرفي النهار فيستفتحون يومهم بالدعاء و يختمونه به أو في مجامع أوقاتهم أي يدامون على الصلاة و الدعاء كأنه لا شغل لهم غيره و قيل المراد صلاة الفجر و العصر يُرِيدُونَ وَجْهَهُ أي رضوانه و قيل تعظيمه و القربة إليه دون الرياء و السمعة و يدل على رفعة شأن الإخلاص و أن المخلصين هم المقربون و هم الذين يلزم مصاحبتهم و مودتهم و معاشرتهم فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ أي يأمل حسن لقاء ربه و أن يلقاه لقاء رضا و قبول أو يخاف سوء لقاء ربه كذا في الكشاف و قال في مجمع البيان 6233 أي يطمع في لقاء ثواب ربه و يأمله و يقر بالبعث إليه و الوقوف بين يديه و قيل معناه يخشى لقاء عقاب ربه و قيل إن الرجاء يستعمل في كلا المعنيين الخوف و الأمل و في التوحيد 6234 عن أمير المؤمنين ع يؤمن بأنه مبعوث.
فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً أي نافعا متضمنا للصلاح و الخير و في المجمع أي خالصا لله يتقرب به إليه وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً في المجمع أي أحدا غيره من ملك أو بشر أو حجر أو شجر و قيل معناه لا يرائي في عبادة ربه أحدا