کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
إن شاء الله تعالى.
ثم اعلم أنه ورد في كثير من الروايات مسيرة يوم و اعتبره المحقق في المعتبر و العلامة في المنتهى و غيرهما و قيدوه بسير الإبل السير العام فيجوز التعويل على كل منهما في القصر و لو اعتبرت المسافة بهما و اختلفا فمنهم من اكتفى ببلوغ أحدهما و احتمل الشهيد الثاني ره تقديم السير و ربما لاح من الذكرى تقديم التقدير و لعله أقوى لأنه تحقيق و الآخر تقريب و إن كان الأول لا يخلو من قوة و الأحوط حينئذ فيما به الاختلاف الجمع.
ثم إنه نقل جماعة من الأصحاب اتفاق العلماء على أن الفرسخ ثلاثة أميال و هو مروي في الأخبار
وَ أَمَّا الْمِيلُ فَقَدْ رَوَى الصَّدُوقُ 9852 مُرْسَلًا عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّهُ أَلْفٌ وَ خَمْسُ مِائَةِ ذِرَاعٍ.
و هو متروك و الظاهر أنه سقط من النساخ شيء و يرشد إليه
16 أَنَّ فِي الْكَافِي 9853 رُوِيَ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَ خَمْسُ مِائَةٍ.
فالظاهر سقوط الثلاثة من الفقيه و يؤيده أيضا أنه قال في المعتبر و في بعض أخبار أهل البيت ثلاثة آلاف و خمس مائة ذراع و قد قطع الأصحاب بأن قدره أربعة آلاف ذراع.
و في الشرائع الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذي طوله أربعة و عشرون إصبعا تعويلا على المشهور بين الناس أو مد البصر من الأرض و فيه إشعار بنوع تردد في التفسير المشهور و في السرائر أسند ذلك إلى المسعودي في مروج الذهب 9854 و في القاموس الميل قدر مد البصر و منار يبنى للمسافر أو مسافة من الأرض متراخية بلا حد أو مائة ألف إصبع إلا أربعة آلاف إصبع أو ثلاثة أو أربعة آلاف ذراع بحسب اختلافهم في الفرسخ هل هو تسعة آلاف بذراع القدماء أو اثنا عشر ألف ذراع بذراع المحدثين انتهى و منه يظهر وجه جمع بين المشهور و بين ما وقع في رواية الكليني بأن يكون
الاختلاف مبنيا على اختلاف الأذرع.
و قال أحمد بن محمد المقري في المصباح المنير الميل بالكسر في كلام العرب مقدار مدى البصر من الأرض قاله الأزهري و الميل عند القدماء من أهل الهيئة ثلاثة آلاف ذراع و عند المحدثين أربعة آلاف ذراع و الخلاف لفظي فإنهم اتفقوا على أن مقداره ستة و تسعون ألف إصبع و الإصبع ست شعيرات بطن كل واحد إلى ظهر الأخرى و لكن القدماء يقولون الذراع اثنتان و ثلاثون إصبعا و المحدثون أربع و عشرون إصبعا فإذا قسم الميل على رأي القدماء كل ذراع اثنتين و ثلاثين كان المتحصل ثلاثة آلاف ذراع و إن قسم على رأي المحدثين أربعا و عشرين كان المتحصل أربعة آلاف ذراع و الفرسخ عند الكل ثلاثة أميال انتهى.
و قدر الأكثر الشعير بسبع شعرات من شعر البرذون و ضبط مد البصر في الأرض بأنه ما يميز به الفارس من الراجل للمبصر المتوسط في الأرض المستوية و بالجملة الجمع بين هذه التقديرات و العلم بحصول كل منها في المسافات لا تخلو من عسر و إشكال و الأولى رعاية الاحتياط فيما اشتبه من ذلك بالجمع بين القصر و التمام.
ثم اعلم أنه ذكر غير واحد من الأصحاب أن مبدأ التقدير من آخر خطة البلد في المعتدل و آخر محلته في المتسع عرفا و لم نطلع على دليله و قيل مبدأ التقدير مبدأ سيره بقصد السفر و قالوا البحر كالبر و إن قطع المسافة في ساعة واحدة لأن التقدير بالأذرع كاف في ثبوت الترخص قال في المنتهى لا نعرف في ذلك خلافا.
و لو تردد يوما في ثلاثة فراسخ ذاهبا و جائيا فإن بلغ في الرجوع إلى موضع الأذان و مشاهدة الجدران فالظاهر أنه لا خلاف في عدم القصر و إن لم يبلغ فالمقطوع به في كلام الأصحاب أنه لم يجز القصر و خالف فيه العلامة في التحرير.
و الأول لعله أقوى إذ الظاهر من أخبار المسافة كون ذلك في جهة واحدة
و إنما اعتبرنا في خصوص الأربعة الإياب مع الذهاب للأخبار الكثيرة الدالة عليه فلا يتعدى عنه و إن أمكن أن يقال إذا ظهر بتلك الأخبار كون الإياب محسوبا مع الذهاب فهو كاف في ذلك.
و لو كان لبلد طريقان أحدهما يبلغ المسافة فإن سلك الأبعد لا لعلة الترخص قصر إجماعا و إن كان للترخص لا غير فالمشهور أنه يقصر أيضا و قال ابن البراج يتم لأنه كاللاهي بصيده و هو كما ترى.
و لو شك في بلوغ المسافة القدر المعتبر في القصر فالمقطوع به في كلام الأصحاب أنه يتم و هو قريب و هل يجب الاعتبار مع الجهل بالبلوغ فيه وجهان و العدم أقوى.
5- تَفْسِيرُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع سِتَّةٌ لَا يُقَصِّرُونَ الصَّلَاةَ الْجُبَاةُ الَّذِينَ يَدُورُونَ فِي جِبَايَتِهِمْ وَ التَّاجِرُ الَّذِي يَدُورُ فِي تِجَارَتِهِ مِنْ سُوقٍ إِلَى سُوقٍ وَ الْأَمِيرُ الَّذِي يَدُورُ فِي إِمَارَتِهِ وَ الرَّاعِي الَّذِي يَطْلُبُ مَوَاضِعَ الْقَطْرِ وَ مَنْبِتَ الشَّجَرِ وَ الرَّجُلُ يَخْرُجُ فِي طَلَبِ الصَّيْدِ يُرِيدُ لَهْوَ الدُّنْيَا وَ الْمُحَارِبُ الَّذِي يَقْطَعُ الطَّرِيقَ 9855 .
مقصد الراغب، عنه ع مرسلا مثله.
6- الْخِصَالُ، جَعْفَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ ع قَالَ: سَبْعَةٌ لَا يُقَصِّرُونَ الصَّلَاةَ الْجَابِي الَّذِي يَدُورُ فِي جِبَايَتِهِ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْواً مِمَّا مَرَّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ وَ الرَّاعِي وَ الْبَدَوِيُّ الَّذِي يَطْلُبُ وَ الرَّجُلُ الَّذِي يَطْلُبُ الصَّيْدَ يُرِيدُ بِهِ وَ فِي آخِرِهِ يَقْطَعُ السُّبُلَ 9856 .
6 وَ مِنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ السَّعْدَآبَادِيِ
عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: خَمْسَةٌ يُتِمُّونَ فِي سَفَرٍ كَانُوا أَوْ فِي حَضَرٍ الْمُكَارِي وَ الْكَرِيُّ وَ الْأَشْتَقَانُ وَ هُوَ الْبَرِيدُ وَ الرَّاعِي وَ الْمَلَّاحُ لِأَنَّهُ عَمَلُهُمْ 9857 .
5 وَ مِنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْكُمُنْدَانِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: أَرْبَعَةٌ يَجِبُ عَلَيْهِمُ التَّمَامُ فِي سَفَرٍ كَانُوا أَوْ فِي حَضَرٍ الْمُكَارِي وَ الْكَرِيُّ وَ الْأَشْتَقَانُ وَ الرَّاعِي لِأَنَّهُ عَمَلُهُمْ قَالَ الصَّدُوقُ ره الْأَشْتَقَانُ الْبَرِيدُ 9858 .
تفصيل و تبيين
اعلم أن المشهور بين الأصحاب وجوب الإتمام على المسافر الذي سفره أكثر من حضره و هذا التعبير شائع في ألسنة الفقهاء و لم يرد في الأخبار هذا اللفظ بل إنما ورد فيها وجوب الإتمام على جماعة مخصوصة عملهم و صناعتهم السفر 9859 و لذا
أول جماعة كلامهم بهذا المعنى و الظاهر قصر الحكم على الجماعة المذكورين في تلك الأخبار و ظاهر ابن أبي عقيل القول بوجوب التقصير على كل مسافر و الأول أقوى لما مضى من الأخبار و غيرها.
و الكري فسره أكثر اللغويين بالمكاري و يحتمل تخصيص الكري بالجمال
و المكاري بغيره أو تعميم المكاري و تفسير الكري بمن يكري نفسه للسفر كالبريد قال في الذكرى المراد بالكري في الرواية المكتري و قال بعض أهل اللغة قد يقال الكري على المكاري و الحمل على المغايرة أولى بالرواية لتكثر الفائدة و لأصالة عدم الترادف انتهى. و لعل مراده بالمكتري من يكري نفسه و قيل الذي يأخذ الكري من المكاري
أو من صاحب المتاع و يكون دائما مع المكاري ملازما له.
و الأشتقان سمعنا من مشايخنا أنه معرب دشتبان أي أمين البيادر يذهب من بيدر إلى بيدر و لا يقيم مكانا واحدا و فسره الصدوق بالبريد قال في المنتهى الأشتقان هو أمين البيدر ذكره أهل اللغة و قيل البريد.
و قال في النهاية في الحديث إني لا أحبس البرد قال الزمخشري البرد يعني ساكنا جمع بريد و هو الرسول و البريد كلمة فارسية يراد بها في الأصل البغل و أصلها بريدة دم أي محذوف الذنب لأن بغال البريد كانت محذوفة الأذناب كالعلامة لها فأعربت و خففت ثم سمي الرسول الذي يركبه بريدا و المسافة التي بين السكتين بريدا.
و السكة موضع كان يسكنه الفيوج المرتبون من بيت أو قبة أو رباط و كان يرتب في كل سكة بغال و كان بعد ما بين السكتين فرسخا و قيل أربعة و منه الحديث لا تقصر الصلاة في أقل من أربعة برد و هي ستة عشر فرسخا و الفرسخ ثلاثة أميال و الميل أربعة آلاف ذراع انتهى.
و يستفاد من تعليل رواية ابن أبي عمير 9860 أن كل من كان السفر عمله و صنعته يجب عليه الإتمام
16 وَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ 9861 قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَلَّاحِينَ وَ الْأَعْرَابِ هَلْ عَلَيْهِمْ تَقْصِيرٌ قَالَ لَا بُيُوتُهُمْ مَعَهُمْ.
فيستفاد منها أن كل من شأنه أن يتحرك مع بيته و رحله فعليه التمام.