کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
الثاني أن المقام يقتضي المدح و التشريف لمن نزلت الآية فيه حيث جللهم بالكساء و لم يدخل فيه غيرهم و خصصهم بدعائه فقال اللهم هؤلاء أهل بيتي و حامتي على ما سبق في الأخبار و كذا التأكيد في الآية حيث أعاد التطهير بعد بيان إذهاب الرجس و المصدر بعده منونا بتنوين التعظيم و قد أنصف الرازي في تفسيره حيث قال في قوله تعالى لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أي يزيل عنكم الذنوب وَ يُطَهِّرَكُمْ أي يلبسكم خلع الكرامة انتهى 7151 و لا مدح و لا تشريف فيما دخل فيه الفساق و الكفار.
الثالث أن الآية على ما مر في بعض الروايات إنما نزلت بعد دعوة النبي لهم و أن يعطيه ما وعده فيهم و قد سأل الله أن يذهب عنهم الرجس و يطهرهم لا أن يريد ذلك منهم و يكلفهم بطاعته فلو كان المراد هذا النوع من الإرادة لكان نزول الآية في الحقيقة ردا لدعوته ص لا إجابة لها و بطلانه ظاهر.
و أجاب المخالفون عن هذا الدليل بوجوه الأول أنا لا نسلم أن الآية نزلت فيهم بل المراد بها أزواجه لكون الخطاب في سابقها و لاحقها متوجها إليهن و يرد عليه أن هذا المنع بمجرده بعد ورود تلك الروايات المتواترة من المخالف و المؤالف غير مسموع و أما السند 7152 فمردود بما ستقف عليه في كتاب القرآن مما سننقل من روايات الفريقين أن ترتيب القرآن الذي بيننا ليس من فعل المعصوم حتى لا يتطرق إليه الغلط مع أنه
روى البخاري 7153 و الترمذي و صاحب جامع الأصول عن ابن شهاب عن خارجة بن زيد بن ثابت أنه سمع زيد بن ثابت يقول فقدت آية في سورة الأحزاب حين نسخت الصحف قد كنت أسمع رسول الله يقرأ بها فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فألحقناها في سورتها من المصحف.
فلعل آية التطهير أيضا وضعوها في موضع زعموا أنها تناسبه أو أدخلوها في سياق مخاطبة الزوجات لبعض مصالحهم الدنيوية و قد ظهر من الأخبار عدم ارتباطها بقصتهن فالاعتماد في هذا الباب على النظم و الترتيب ظاهر البطلان.
و لو سلم عدم التغيير في الترتيب فنقول سيأتي أخبار مستفيضة بأنه سقط من القرآن آيات كثيرة 7154 فلعله سقط مما قبل الآية و ما بعدها آيات لو ثبتت لم يفت الربط الظاهري بينها و قد وقع في سورة الأحزاب بعينها ما يشبه هذا فإن الله سبحانه بعد ما خاطب الزوجات بآيات مصدرة بقوله تعالى يا نساء النبي إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا الآية عدل إلى مخاطبة المؤمنين بما لا تعلق له بالزوجات بآيات كثيرة ثم عاد إلى الأمر بمخاطبتهن و عيرهن 7155 بقوله سبحانه يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَ بَناتِكَ وَ نِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ و قد عرفت اعتراف الخصم فيما رووا أنه كان قد سقط منها آية فألحقت فلا يستبعد أن يكون الساقط أكثر من آية و لم يلحق غيرها.
وَ رَوَى الصَّدُوقُ فِي كِتَابِ ثَوَابِ الْأَعْمَالِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع سُورَةُ الْأَحْزَابِ فِيهَا فَضَائِحُ الرِّجَالِ وَ النِّسَاءِ مِنْ قُرَيْشٍ وَ غَيْرِهِمْ يَا ابْنَ سِنَانٍ إِنَّ سُورَةَ الْأَحْزَابِ فَضَحَتْ نِسَاءَ قُرَيْشٍ مِنَ الْعَرَبِ وَ كَانَتْ أَطْوَلَ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَ لَكِنْ نَقَصُوهَا وَ حَرَّفُوهَا 7156 .
و لو سلم عدم السقوط أيضا كما ذهب إليه جماعة قلنا لا يرتاب من راجع التفاسير أن مثل ذلك كثير في الآيات غير عزيز إذ قد صرحوا في مواضع عديدة في سورة مكية أن آية أو آيتين أو أكثر من بينها مدنية و بالعكس و إذا لم يكن ترتيب الآيات على وفق نزولها لم يتم لهم الاستدلال بنظم القرآن على نزولها في شأن الزوجات مع أن النظم و السياق لو كانا حجتين فإنما يكونان حجتين لو بقي الكلام على أسلوبه السابق و التغيير فيها لفظا و معنى ظاهر إما لفظا فتذكير الضمير و إما معنى فلان مخاطبة الزوجات مشوبة بالمعاتبة و التأنيب 7157 و التهديد و مخاطبة أهل البيت ع محلاة بأنواع التلطف و المبالغة في الإكرام و لا يخفى بعد إمعان النظر المباينة التامة في السياق بينها و بين ما قبلها و ما بعدها على ذوي الأفهام.
الثاني أن الآية لا تدل على أن الرجس قد ذهب بل إنما دل على أن الله
سبحانه أراد إذهابه عنهم فلعل ما أراده لم يتحقق و قد عرفت جوابه في تقرير الدليل 7158 مع أن الإرادة بالمعنى الذي يصح تخلف المراد عنه إذا أطلق عليه تعالى يكون بمعنى رضاه بما يفعله غيره أو تكليفه إياه به و هو مجاز لا يصار إليه إلا بدليل.
الثالث أن إذهاب الرجس لا يكون إلا بعد ثبوته و أنتم قد قلتم بعصمتهم من أول العمر إلى انقضائه و دفع بأن الإذهاب و الصرف كما يستعمل في إزالة الأمر الموجود يستعمل في المنع عن طريان أمر على محل قابل له كقوله تعالى كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ و تقول في الدعاء صرف الله عنك كل سوء و أذهب عنك كل محذور على أنا نقول إذا سلم الخصم منا دلالة الآية على العصمة في الجملة كفى في ثبوت مطلوبنا إذ القول بعصمتهم في بعض الأوقات خرق للإجماع المركب.
الرابع أن لفظة يُرِيدُ من صيغ المضارع فلم تدل على أن مدلولها قد وقع و أجيب بأن استعمال المضارع فيما وقع غير عزيز في الكلام المجيد و غيره بل غالب ما استعملت الإرادة على صيغة المضارع في أمثاله في القرآن إنما أريد به ذلك كقوله تعالى يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَ يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ 7159 و غير ذلك و ظاهر سياق الآية النازلة على وجه التشريف و الإكرام قرينة عليه على أن الوقوع في الجملة كاف كما عرفت 7160 .
الخامس أن قوله تعالى لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ لا يفيد العموم لكون المعرف بلام الجنس في سياق الإثبات و أجيب بأن الكلام في قوة النفي إذ لا معنى لإذهاب الرجس إلا رفعه و رفع الجنس يفيد نفي جميع أفراده.
باب 6 نزول هل أتى 7161
1- لي، الأمالي للصدوق الطَّالَقَانِيُّ عَنِ الْجَلُودِيِّ عَنِ الْجَوْهَرِيِّ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ وَاقِدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ بَهْرَامَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ يَحْيَى الْجَلُودِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ ع فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ قَالا مَرِضَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ع وَ هُمَا صَبِيَّانِ صَغِيرَانِ فَعَادَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ ص وَ مَعَهُ رَجُلَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا يَا أَبَا الْحَسَنِ لَوْ نَذَرْتَ فِي ابْنَيْكَ نَذْراً إِنِ اللَّهُ عَافَاهُمَا فَقَالَ أَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ شُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَذَلِكَ قَالَتْ فَاطِمَةُ ع وَ قَالَ الصَّبِيَّانِ وَ نَحْنُ أَيْضاً نَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَ كَذَلِكَ قَالَتْ جَارِيَتُهُمْ فِضَّةُ فَأَلْبَسَهُمَا اللَّهُ عَافِيَتَهُ فَأَصْبَحُوا صِيَاماً وَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ طَعَامٌ فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ ع إِلَى جَارٍ لَهُ مِنَ الْيَهُودِ يُقَالُ لَهُ شَمْعُونُ يُعَالِجُ الصُّوفَ فَقَالَ هَلْ لَكَ أَنْ تُعْطِيَنِي جِزَّةً مِنْ صُوفٍ تَغْزِلُهَا لَكَ ابْنَةُ مُحَمَّدٍ بِثَلَاثَةِ أَصْوُعٍ 7162 مِنْ شَعِيرٍ قَالَ نَعَمْ فَأَعْطَاهُ فَجَاءَ بِالصُّوفِ وَ الشَّعِيرِ وَ أَخْبَرَ فَاطِمَةَ ع فَقَبِلَتْ وَ أَطَاعَتْ ثُمَّ عَمَدَتْ 7163 فَغَزَلَتْ ثُلُثَ الصُّوفِ ثُمَّ أَخَذَتْ صَاعاً مِنَ الشَّعِيرِ فَطَحَنَتْهُ وَ عَجَنَتْهُ وَ خَبَزَتْ مِنْهُ خَمْسَةَ أَقْرَاصٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ قُرْصاً وَ صَلَّى عَلِيٌّ ع مَعَ النَّبِيِّ ص الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ فَوُضِعَ الْخِوَانُ وَ جَلَسُوا خَمْسَتُهُمْ فَأَوَّلُ لُقْمَةٍ كَسَرَهَا عَلِيٌّ ع إِذَا مِسْكِينٌ قَدْ وَقَفَ بِالْبَابِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ أَنَا مِسْكِينٌ مِنْ مَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ أَطْعِمُونِي مِمَّا تَأْكُلُونَ أَطْعَمَكُمُ اللَّهُ عَلَى مَوَائِدِ الْجَنَّةِ فَوَضَعَ اللُّقْمَةَ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ قَالَ-
فَاطِمُ ذَاتَ الْمَجْدِ وَ الْيَقِينِ -
يَا بِنْتَ خَيْرِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ -
أَ مَا تَرَيْنَ الْبَائِسَ الْمِسْكِينَ -
جَاءَ إِلَى الْبَابِ لَهُ حَنِينٌ 7164 -
يَشْكُو إِلَى اللَّهِ وَ يَسْتَكِينُ -
يَشْكُو إِلَيْنَا جَائِعاً حَزِينٌ 7165 -
كُلُّ امْرِئٍ بِكَسْبِهِ رَهِينٌ -
مَنْ يَفْعَلِ الْخَيْرَ يَقِفْ سَمِينٌ -
مَوْعِدُهُ فِي جَنَّةٍ دَهِينٌ -
حَرَّمَهَا اللَّهُ عَلَى الضَّنِينِ -
وَ صَاحِبُ الْبُخْلِ يَقِفْ حَزِينٌ -
تَهْوِي بِهِ النَّارُ إِلَى سِجِّينٍ -
شَرَابُهُ الْحَمِيمُ وَ الْغِسْلِينُ -
فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ ع تَقُولُ-
أَمْرُكَ سَمْعٌ يَا ابْنَ عَمِّ وَ طَاعَةٌ -
مَا بِيَ مِنْ لُؤْمٍ وَ لَا رَضَاعَةٍ -
غَدَّيْتُ بِاللُّبِّ وَ بِالْبَرَاعَةِ 7166 -
أَرْجُو إِذَا أَشْبَعْتُ مِنْ مَجَاعَةٍ -
أَنْ أَلْحَقَ الْأَخْيَارَ وَ الْجَمَاعَةَ -
وَ أَدْخُلَ الْجَنَّةَ فِي شَفَاعَةٍ -
وَ عَمَدَتْ إِلَى مَا كَانَ عَلَى الْخِوَانِ فَدَفَعَتْهُ إِلَى الْمِسْكِينِ وَ بَاتُوا جِيَاعاً وَ أَصْبَحُوا صِيَاماً لَمْ يَذُوقُوا إِلَّا الْمَاءَ الْقَرَاحَ ثُمَّ عَمَدَتْ إِلَى الثُّلُثِ الثَّانِي مِنَ الصُّوفِ فَغَزَلَتْهُ ثُمَّ أَخَذَتْ صَاعاً مِنَ الشَّعِيرِ وَ طَحَنَتْهُ 7167 وَ عَجَنَتْهُ وَ خَبَزَتْ مِنْهُ خَمْسَةَ أَقْرِصَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ قُرْصاً وَ صَلَّى عَلِيٌّ الْمَغْرِبَ مَعَ النَّبِيِّ ص ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ فَلَمَّا وُضِعَ الْخِوَانُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ جَلَسُوا خَمْسَتُهُمْ فَأَوَّلُ لُقْمَةٍ كَسَرَهَا عَلِيٌّ ع إِذَا يَتِيمٌ مِنْ يَتَامَى الْمُسْلِمِينَ قَدْ وَقَفَ بِالْبَابِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ 7168 أَنَا يَتِيمٌ مِنْ يَتَامَى الْمُسْلِمِينَ أَطْعِمُونِي مِمَّا تَأْكُلُونَ أَطْعَمَكُمُ اللَّهُ عَلَى مَوَائِدِ الْجَنَّةِ فَوَضَعَ عَلِيٌّ ع اللُّقْمَةَ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ قَالَ-
فَاطِمُ بِنْتَ السَّيِّدِ الْكَرِيمِ -
بِنْتَ نَبِيٍّ لَيْسَ بِالزَّنِيمِ -
قَدْ جَاءَنَا اللَّهُ بِذَا الْيَتِيمِ -
مَنْ يَرْحَمِ الْيَوْمَ هُوَ الرَّحِيمُ 7169 -
مَوْعِدُهُ فِي جَنَّةِ النَّعِيمِ -
حَرَّمَهَا اللَّهُ عَلَى اللَّئِيمِ -
وَ صَاحِبُ الْبُخْلِ يَقِفْ ذَمِيمٌ -
تَهْوِي بِهِ النَّارُ إِلَى الْجَحِيمِ -
شَرَابُهُ الصَّدِيدُ وَ الْحَمِيمُ -
فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ ع وَ هِيَ تَقُولُ-
فَسَوْفَ أُعْطِيهِ وَ لَا أُبَالِي -
وَ أُوثِرُ اللَّهَ عَلَى عِيَالِي -
أَمْسَوْا جِيَاعاً وَ هُمْ أَشْبَالِي -
أَصْغَرُهُمْ 7170 يُقْتَلُ فِي الْقِتَالِ -
بِكَرْبَلَاءَ يُقْتَلُ بِاغْتِيالٍ -
لِقَاتِلِيهِ الْوَيْلُ مَعْ وَبَالٍ -
يَهْوِي بِهِ 7171 النَّارُ إِلَى سَفَالٍ -
كُبُولُهُ زَادَتْ عَلَى الْأَكْبَال -
ثُمَّ عَمَدَتْ فَأَعْطَتْهُ ع جَمِيعَ مَا عَلَى الْخِوَانِ وَ بَاتُوا جِيَاعاً لَمْ يَذُوقُوا إِلَّا الْمَاءَ الْقَرَاحَ 7172 وَ أَصْبَحُوا صِيَاماً وَ عَمَدَتْ فَاطِمَةُ ع فَغَزَلَتِ الثُّلُثَ الْبَاقِيَ مِنَ الصُّوفِ وَ طَحَنَتِ الصَّاعَ الْبَاقِيَ وَ عَجَنَتْهُ وَ خَبَزَتْ مِنْهُ خَمْسَةَ أَقْرَاصٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ قُرْصاً وَ صَلَّى عَلِيٌّ ع الْمَغْرِبَ مَعَ النَّبِيِّ ص ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ فَقَرَّبَ إِلَيْهِ الْخِوَانَ وَ جَلَسُوا خَمْسَتُهُمْ فَأَوَّلُ لُقْمَةٍ كَسَرَهَا عَلِيٌّ ع إِذَا أَسِيرٌ مِنْ أُسَرَاءِ الْمُشْرِكِينَ قَدْ وَقَفَ بِالْبَابِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ تَأْسِرُونَنَا وَ تَشُدُّونَنَا وَ لَا تُطْعِمُونَنَا فَوَضَعَ عَلِيٌّ ع اللُّقْمَةَ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ قَالَ-
فَاطِمُ يَا بِنْتَ النَّبِيِّ أَحْمَدَ -
بِنْتَ نَبِيٍّ سَيِّدٍ مُسَوَّدٍ -
قَدْ جَاءَكِ الْأَسِيرُ لَيْسَ يَهْتَدِي -
مُكَبَّلًا فِي غُلِّهِ مُقَيَّدٌ -
يَشْكُو إِلَيْنَا الْجُوعَ قَدْ تَقَدَّدَ -
مَنْ يُطْعِمِ الْيَوْمَ يَجِدْهُ فِي غَدٍ -
عِنْدَ الْعَلِيِّ الْوَاحِدِ الْمُوَحَّدِ -
مَا يَزْرَعُ الزَّارِعُ سَوْفَ يَحْصُدُ -
فَأَعْطِيهِ لَا تَجْعَلِيهِ يُنْكَدُ -
فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ ع وَ هِيَ تَقُولُ
لَمْ يَبْقَ مِمَّا كَانَ غَيْرُ صَاعٍ -
قَدْ دَبِرَتْ كَفِّي مَعَ الذِّرَاعِ -
شِبْلَايَ وَ اللَّهِ هُمَا جِيَاعٌ -
يَا رَبِّ لَا تَتْرُكْهُمَا ضَيَاعٌ 7173 -
أَبُوهُمَا لِلْخَيْرِ ذُو اصْطِنَاعٍ -
عَبْلُ الذِّرَاعَيْنِ طَوِيلُ الْبَاعِ 7174 -
وَ مَا عَلَى رَأْسِيَ مِنْ قِنَاعٍ -
إِلَّا عَبَا نَسَجْتُهَا بِصَاعٍ -